على ما يبدو أن نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يعيش أعلى حالات الانفصال عن الواقع، والإصرار على دخول خط المواجهة، مع اليونان، طمعًا في غاز شرق المتوسط، ويصر على عمليات الاستفزاز بكل ما تحمله الكلمة من معنى، متخطيًا كل الخطوط، والدفع بقوة في اتجاه إشعال حرب في المنطقة، وفتح قنوات صراع عدة، مع التمدد في كل مكان.
وفي تحد جديد وفي ظل تنظيم مناورات لقوات جوية وبرية وبحرية تركية وقوات تابعة لشمال قبرص، نقلت وسائل إعلام أن الجيش التركي نقل عدة دبابات في اتجاه الحدود مع اليونان، في حالة تصعيد عالية، وصفها مراقبون بأنها أعلى درجات الاستفزاز.
وبهذا يفتح أردوغان جبهة برية جديدة مع اليونان، بخلاف الجبهة المفتوحة مع سوريا، وتواجد قواته في ليبيا، بشكل مباشر وغير مباشر، وذلك في تحد للقوانين والمواثيق الدولية، في ظل انتهاك متكرر للسيادة اليونانية والقبرصية على مياههما وحدودهما البحرية.
وهذا الاستفزاز المستمر هو ما دفع اليونانيين، وفق آخر نتائج استطلاع رأي، للمطالبة بالمواجهة العسكرية لوقف العدوان التركي، كما دفع هذا أيضا خروج وزير التنمية اليوناني، "أدونيس جورجاديس" ليؤكد أن بلاده لا تخشى تركيا، وأنها ليست قوة عظمى كبيرة كما يحاول أن يوحي أردوغان بذلك، موضحا أن هذا الرجل يعيش في وهم دائم لأنه يفكر في إحياء الإمبراطورية العثمانية، بل "أعتقد أن أردوغان يعيش فعلا في وهم دائم".
وما يفعله أردوغان بالخروج والتهديد بالحروب وأنهار الدماء في فرنسا، لا يتوقف عن كونه مصدر قلق كبير لدول أوروبية فقط، بل للمواطنين الأتراك أنفسهم، لأنه يتجاوز كل الأعراف والحدود الدبلوماسية والسياسية، بل هو ما دفع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأن يقطع عهدًا على بلاده بالوقوف الكامل وراء قبرص واليونان في مواجهة انتهاكات نظام أردوغان لسيادتهما، لتبدأ حاملة الطائرات الفرنسية شارل ديجول مهمة في شرق البحر المتوسط، في مسعى لردع الأطماع التركية بالمنطقة.
كل هذا وغيره مؤشر يؤكد على أن ما يعيشه ويفعله نظام أردوغان، لا يخرج عن توصيفه بأنه بمثابة قرصنة على حقوق ومصادر دول مجاورة،.. ويبقى أن يخطو العالم خطوة أوسع تتخطي المساندة الدولية لليونان وقبرص، إلى فرض عقوبات على تركيا، والتعاون في حصر هذا "العثمانلي" داخل حدوده، ووقف كل تمدد له.