الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

التعليم لوجه الله

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كانت هذه العبارة متداولة في تراثنا وحضارتنا التي تعطي ولا تأخذ، تسير بجريان نهر النيل الذي يخصّب الأرض، ويحيي الأرض الخراب، لكن التعليم الآن أصبح في المدارس والجامعات على كل لون، وأصبحت المؤسسات التعليمية تتفنن وتتصنع في جلب الأموال فلم يعد التعليم كالماء والهواء بل أصبح يُباع عبر الهواء من خلال الإنترنت، والمنصات التعليمية.
إن غياب الأنشطة المدرسية مثل النشاط الفني والرياضي والتركيز على كيفية الحصول على المعلومة من خلال جهاز "التابليت" أمر صعب، فقد ركزنا على مصدر واحد بديلا عن المكتبة والبحث فيها لكن أين باقي الأنشطة؟! فقد رأيت طلابا يجلسون في "كافيه" ومعهم "التابليت" المدرسي ويقومون بحل الأسئلة، فتوجهت إليهم: سألتهم عن عدم ذهابهم إلى المدرسة فنظروا إليّ كأني قادم مع أهل الكهف فقال: أحدهم وهو باسط ذراعيه على الأريكة، وهل هناك شيء اسمه المدرسة؟ وقال آخر: وهو يقلب كفيه مشيرا إلى "التابليت" هذا هو المدرسة، وقال ثالث: ضاحكا ساخرا هنا يوجد كل شيء، فانصرفت إلى مكاني ونظراتهم ترمقني وكأنهم يقولون: ابنوا عليه سدا.
إن التعليم وإدارة المدارس تحتاج إلى منظومة جديدة تتماشى مع هذا التطور، فقد اهتممنا بجزء وضاعت منا أجزاء، فقد استطعنا أن نوفر الجهد على الطالب، ونسينا أن نعلمه كيف نخرج به من طاقات رياضية وفنية واكتفينا بأعمال العقل، ونسينا اكتساب المهارات، في حين أن المهارات جزء أساسي في تشكيل بنية لمتعلم. 
لقد خرج أدباء مصر بجميع طوائفهم من خلال النشاط المدرسي والبيئة التربوية التي تهذب الوجدان وتعلو من قيمة الفكر والأداء.
إن التعليم ليس مهمته الإجابة عن الأسئلة بل الأهم من ذلك أن يطرح الطالب الأسئلة ويحاول الإجابة عليها، ويكتشف ويبحث ويفكر، هذا الأسئلة تجعل منه مفكرا وأديبا وشاعرا وفنانا، لتكتمل رمانة ميزان التعليم بالإضافة لتحصيل العلم. 
إذن فما الفرق بين الطالب الذي يذاكر في منزله ويذهب ليختبر والطالب المنتظم في المدرسة؟! ليس هكذا يكون التطوير، وهذا يسمى بالنظرية التربوية الفرق بين (الكفاءة والفاعلية)، فمن الممكن أن يتحصل الطالب على التعليم والمعلومات ولا يستطيع أن يوظفها وكذلك هناك فرق بين التعلم والتعلم، فالأول نظري وأما الثاني توظيف العلم بالممارسة.
إن الدول العربية التي سبقتنا في نظام تحديث المناهج لم تلغ مهارات المسرح ولا الشعر، فمازالت المدرسة لها دورها الفعال، ومازال بها المنهج المسرحي يدرس في الفصول لم تكتف المدرسة بعرض مسرحية طول العام، بل تدرس أشكال المسرح وأشكال الأداء وكذلك النشاط الموسيقى وتهتم بتفجير المواهب والطاقات لبناء شخصية متميزة. فاجعلوا التعليم تعليما لوجه الله.