الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

أردوغان وتميم.. الأحمق والساذج في مهمة غير مقدسة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في رواية "دون كيشوت" للكاتب الإسباني "سارفانتس"، كان البطل ألونسو كيكسانو، ثريا صاحب مزرعة ولديه ما يكفيه من الممتلكات والأموال ليعيش سعيدا مرفها لا يخشى فقرا أو حاجة في يوم من الأيام.
هذه الحياة الناعمة جعلته يقضي معظم وقته في القراءة، واستبدت برأسه كتب الخيال التي تروي حكايات الفرسان في العصور الوسطى، أولئك الذين يركبون الخيل، يقطعون الجبال والغابات ويصارعون التنانين فيقضون عليها ويشعلون النار فيها لكي لا تبعث من جديد فتهدد حياة البشر.
كان "ألونسو كيكسانو" مولعا بهؤلاء الفرسان والقادة والأمراء الذين يخطفون قلوب الأميرات، ويتزوجون بهن بعد انتهاء الصراعات والمعارك في نهاية كل القصص والأساطير التي قرأها، فأصبح يحلم بأن يكون فارسًا جوالا، وحتما ولابد، وفق هذه الحواديت التي ملأت رأسه، ستكون إحدى الأميرات في انتظاره ليقبل يدها ويرفعها أمامه فوق ظهر الحصان ويمضي بها إلى حيث الرفاء والبنين.
وبعد أن سيطر عليه حلم اليقظة وأفقده عقله، قرر "كيكسانو" أن يصبح فارسًا، فجهز نفسه للمهمة المقدسة وارتدي درعًا وخوذة من الحديد وأحضر سيفا ورثه عن أجداده وأطلق على نفسه اسم "دون كيشوت".
ولأن مهمته السامية ومغامراته المنتظرة تحتاج إلى رفيق يساعده في تحقيقها، اختار "دون كيشوت"، الفلاح الساذج "سانشو بانسا" وأغراه بتنصيبه حاكما على إحدى الجزر أو المقاطعات، عندما يفتح الله عليهما؛ فترك "بانسا" امرأته وأولاده وتبعه بحماره الهزيل حاملا سيفه الصديء.
خرج "المغاوران" رافعين شعار الدفاع عن الضعفاء، وبدآ يجوبان القرى بمقاطعة لامانش الإسبانية بحثًا عن المغامرات والانتصارات والأميرات الحسناوات؛ وبعد مسيرة أيام لم يكن هناك تنانين ولا عمالقة أشرار يمكن تحقيق النصر عليهم؛ رأي "دون كيشوت" من بعيد غبار قطيع من الاغنام يملأ الأفق، فتخيل أنه زحف جيش الأعداء فاندفع بجواده ليخوض المعركة التي اتاحها له القدر ليثبت فيها شجاعته ويخلد بها اسمه بين الفرسان في كتب التاريخ، إلا أن المعركة أسفرت عن قتل عدد من الأغنام وسقوط "دون كيشوت" أسيرا في يد الرعاة الذين أوسعوه ضربا وكسروا أسنانه.
وبعد سلسلة من المعارك الكوميدية التي يتعرض فيها للضرب المبرح هو وتابعه المسكين، يري "الفارس" من بعيد طواحين الهواء، يتوهم أنها مجموعة من العمالقة بأذرعها الطويلة، وعليه أن يقاتلها، ولابد أن ينتصر فهي معركته الأخيرة بعد سلسلة من الهزائم التي يفسرها دائما لتابعه الساذج بأنها في إطار مؤامرة من السحرة الأشرار لتقويض مهمتهما المقدسة.
يسرع "دون كيشوت" إلى قتال طواحين الهواء، فينكسر رمحه ويسقط مع حصانه مهزوما مهشم العظام.
أشفق الناس على "الفارس المخبول" 
فحملوه وعادوا به إلى داره لعلاجه من الجنون الذي أصابه.
قطعا لم يكن "كيكسانو" أو "دون كيشوت"، الذي مات محموما وهو يهذي، يعلم حقيقة أن زمانه يختلف عن الأزمان السالفة وأن عليه اختيار بطولات عصرية تمكنه من قلوب الأميرات شريطة أن تتوافق مع قدراته.
"كيكسانو" المخبول لا يختلف كثيرا عن ذلك الخليفة العثماني الذي يعيش في القرن الواحد والعشرين، متوهما إمكانية استعادة مجد أجداده المزيف بصحبة تابعه الساذج في إمارة قطر المغلوبة على أمرها.
أردوغان الأحمق سيعود يوما مع رفيقه الساذج تميم، صفر اليدين خالي الوفاض لا يحمل إلا حزنًا أسود وهزيمة مرة بسبب ضعف قواه العقلية التي دفعته إلى استعادة الأساطير من كتب أجداده الدمويين في القسطنطينية.
أردوغان وتابعه تميم اللذان يبحثان عن أي انتصارات ويتوهمان إمكانية إحكام السيطرة على المنطقة تحت مزاعم واهية يحتاجان الآن لمن يشفق عليهما، قبل فوات الأوان.