الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

عيون مصر الساهرة.. والعين "الحمرا"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
رسمت مصر خطا أحمر لأمنها القومي في وسط ليبيا، وأظهرت لأعدائها "العين الحمرا" بجاهزية جيشها الفائقة للقتال دفاعا عن حقها، فكانت النتيجة انتصارا سياسيا لإعلان القاهرة الذي أطلقته لحل الأزمة الليبية المتفاقمة منذ سنوات.

‏بكل ثقة في جيشه وإمكانياته وكفاءته، فرض الرئيس عبدالفتاح السيسي الخط الأحمر في سرت والجفرة الليبيتين لمنع أي تقدم لميليشيا حكومة الغرب المدعومة من تركيا عسكريا بتمويل قطري، فأصاب الجميع بالشلل.
أجهض السيسي أحلام وريث السلطنة العثمانية البائدة وكفيله في الخليج العربي، ودفع الأطراف الليبية المتصارعة لإعلان الجلوس على مائدة التفاوض لرسم خريطة طريق تحافظ على كامل التراب الليبي وتعيد البلاد لأصحابها دون وصاية من أحد، بوصفه هدف مصر الأسمي في إطار استراتيجيتها التاريخية بالحفاظ على الأمن القومي العربي الذي هو جزء لا يتحزأ من أمن مصر القومي على مر العصور.
فرضت مصر السلام في ليبيا على كافة الأطراف الداخلية والقوي الإقليمية والدولية التي تقف وراءها بـ "القوة"، وما كان للإرادة المصرية أن تنتصر لولا قوة الجيش، الذي يسابق الزمن منذ سنوات بالتحديث والتسليح والتدريب، فقفز إلى المرتبة التاسعة بين جيوش العالم.
ما كان لمصر أن تفرض كلمة الحق في القضية الليبية ما لم تمتلك هذا الجيش الحديث الذي أصبح أقوي جيوش المنطقة برا وبحرا وجوا.
وما كان لها أن تتقاسم البحر المتوسط وتحمي ثرواتها النفطية ما لم تقتطع من قوتها لامتلاك أحدث الأسلحة والأليات والتقنيات العسكرية.
‏ولأن القوات المسلحة المصرية باتت قوة لايستهان بها، فرضت "مصر العظمي" الخط الأحمر على أرض الواقع وعلي مسافة تبعد نحو الف كيلومتر من حدودها الغربية، دون أن تحرك قواتها المتأهبة للقتال في كل لحظة، فلم يجرؤ أحد على تجاوز الخط، ولم تجرؤ قوة على تخطيه.
الرسالة كانت واضحة والخط الأحمر المصري كان دعوة للسلام بقدر ما كان تحذيرا صارما لكل من يتجاوز المنطقة المحرمة في سرت والجفرة.
امتلكت القيادة السياسية في مصر، الحق والقوة جنبا إلى جنب فألزمت العالم كله "كبيره وصغيره" بالرضوخ لإعلان القاهرة، فكان إعلان وقف إطلاق النار وبدء الاستعدادات للتسوية السياسية.
حتى الآن الوضع على الأرض قد لا يبشر فمازالت الاتفاقيات الموقعة بين حكومة الوفاق وتركيا سارية ولازالت الميليشيات المسلحة في مواقعها، ولكن نحن في انتظار ما تتمخض عنه الأيام المقبلة وتحقيق ما تم إعلانه، مع الأخذ في الاعتبار أن معيار نجاح وقف إطلاق النار هو الالتزام الصارم بإعلان القاهرة ومخرجات مؤتمر برلين، الذي يشترط تفكيك المليشيات وطرد المرتزقة ووقف التدخل الخارجي ودعم الجيش الوطني الليبي في مكافحة الإرهاب.
الموقف شديد الوضوح والشروط محددة، والخط الأحمر لا زال قائما تراقبه عيون القوات المسلحة والقيادة السياسية المصرية التي لا تعرف النوم، وليس أمام جميع الأطراف سوي الالتزام؛ فالسلام لن يتحقّق إلا بخروج المستعمِر التركي والمرتزقة من كافة الأراضي الليبية.
ومع كل ذلك يبقي الحذر من "لعبة تركية"، في إطار الخداع الاستيراتيجي تستهدف كسب الوقت لترسيخ أقدام الميليشيات التابعة لها، وإن عادوا عدنا بما لا يتوقعه أحد.