الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

تعرف على القديسة مريم العذراء في الكنيسة السريانية الأرثوذكسية

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كتب الراحل البطريرك مار إغناطيوس زكا الأول عيواص بطريرك الكنيسة السريانية الأرثوذكسية، عن القديسة مريم العذراء في الكنيسة السريانية الأرثوذكسية، بانها كانت تتوق إلى أن تنطلق إلى السماء لتكون مع ابنها يسوع، وقد رقدت بالرب بسلام، ولم يتّفق المؤرّخون على سنة وفاتها، وكم بلغت من السنين، ويُرجّح أنها انتقلت إلى السماء سنة 56 للميلاد، وقد بلغت السبعين من عمرها، كما أن موضوع انتقالها إلى السماء نفسًا وجسدًا لم تقرّه الكنيسة السريانية كعقيدة إيمانية، إنما هو تقليد أبوي إيماني، نستند به خاصة إلى قصة مار توما الرسول السريانية الموضوعة، وفيها نقرأ عن اختطاف الرسل بالروح واجتماعهم في أورشليم لتجنيز العذراء مريم وتأخّر توما، ومقابلته العذراء في الهواء وهي صاعدة إلى السماء، وأخذه منها زنارها الذي أتى به إلى الرسل، وطلب منهم فتح ضريحها، ولما فعلوا ولم يجدوا جسدها الطاهر، أعلن لهم توما حقيقة صعودها إلى السماء بالجسد الممجّد، وأنه رأى موكبها، وأخذ منها زنارها كشهادة لذلك، فصدّقوه. ويحدّثنا التقليد السرياني عن الزنار الذي أخذه الرسول توما معه إلى الهند. وإن توما استشهد على أيدي كهّان الوثنية. وعندما نُقِلَ رفاته إلى الرها في القرن الرابع نقل معها الزنار، وأخيرًا وصل إلى كنيسة العذراء في حمص التي دُعيت منذ ذلك التاريخ كنيسة أم الزنار، واكتشف الزنار عام 1852 على عهد مطرانها مار يوليوس بطرس (بعدئذ البطريرك مار إغناطيوس بطرس الرابع) ووضع في موضعه في المذبح، واكتشف ثانية على يد المثلث الرحمات البطريرك أفرام الاول برصوم عام 1953، وهو الآن موضوع في تلك الكنيسة في حمص يتبرّك منه المؤمنون.
وأضاف الراحل البطريرك مار إغناطيوس زكا الأول عيواص خلال مقاله المنشور على الصفحة الرسمية للكنيسة السريانية الأرثوذكسية، والبوابة نيوز تعيد نشره في ذكري احتفال الكنيسة غدا السبت، بعيد صعود جسد السيدة العذراء مريم، قائلًا عن إمكانية انتقال العذراء إلى السماء، قلنا أنَّ التقليد يذكر أنها انتقلت إلى السماء، فهل انتقلت بروحها إلى الفردوس كسائر الأبرار والأتقياء؟ أم أنها انتقلت نفسًا وجسدًا إلى السماء؟.. إن انتقالها إلى السماء بالجسد الممجّد ليس غريبًا عن روح الكتاب المقدس والحقائق الإيمانية المسيحية السمحة. فإذا كان أخنوخ قد أخذه الله إلى عنده لأنه سار مع الله (تك 5: 24) وإذا كان إيليا النبي قد صعد حيًا إلى السماء بمركبة نارية (2مل 2: 11) فهل كثيرًا على والدة اللّه مريم التي حملت الإله تسعة أشهر في حشاها، وولدته وأرضعته لبنها، أن يحفظ جسدها بلا فساد؟ وأن يتحول إلى جسد روحاني؟ وان تصعد السماء نفسًا وجسدًا لتتنعم مع ابنها الحبيب الرب يسوع المسيح؟ قال مار يعقوب السروجي الملفان (521+) في ميمره السرياني في وفاة العذراء: «ولما دنت وفاة العذراء انحدر إليها بأمر اللّه الملائكة والأبرار والأنبياء والآباء، وقدم الرسل الإثنا عشر والمبشّرون… ودفنوها في مغارة صخرية، وعمّ المجد السماء والأرض، حينما شاهد الملائك نفسها صاعدة، وطائرة إلى المنازل النورانية». وجاء في الكتاب المنسوب إلى ديونيسيوس الأريوباغي أسقف أثينا (ت 95): «إنه عند وفاة مريم اجتمع جميع الرسل بسرعة من جميع أقطار الأرض حيث كانوا يبشّرون، إلى أورشليم إلى بيت هذه المباركة، وحينئذ أتى يسوع مع ملائكته. وأخذ نفسها وأحضرها إلى ميخائيل رئيس الملائكة. وفي اليوم التالي وضع الرسل الجسد في القبر وحرسوه منتظرين ظهور الرب. فظهر المسيح ثانية ونقل جثتها المقدسة إلى السماء على سحابة، وهناك اتحد أيضًا الجسد بالنفس، وفاز بالسعادة الأبدية».
وتابع الراحل البطريرك مار إغناطيوس زكا الأول عيواص: شفاعة العذراء، فالكنيسة السريانية تتشفّع بالسيدة العذراء مريم، وإن العجائب التي اجترحتها العذراء للكنيسة وللمؤمنين، لا تحصى. أما زنارها فهو موضع تكريم ومصدر بركة، ولا عجب فإذا كانت الثياب توضع على جسم الرسول بولس ثم تؤخذ فتوضع على المرضى فينالون الشفاء، فكم بالحري زنار سيدتنا العذراء الذي نسجته بيديها الطاهرتين، وتمنطقت به، بل على الأغلب قد لامس أيضًا جسد الفادي بالذات!؟
واختتم الراحل البطريرك مار إغناطيوس زكا الأول عيواص، مقاله قائلًا: لا نعبد إلاّ اللّه، قلنا إننا نتشفّع بالعذراء وقد مرّ بك ترجمة بعض الصلوات التي ترفع إلى اللّه وتتضمّن الشفاعة بالعذراء مريم ولكننا لا نعبدها، بل لا نعبد إلاّ اللّه وحده. ونستنكر خرافة عبادة مريم، فليس في السماء ولا على الأرض ولا تحت الأرض اسم سوى اسم يسوع، له تجثو الركب كافة، لأنه مخلّص العالم. أما العذراء فهي بشر، ومن عبدها كفر (أع 14: 11 ـ 16) وهي تقول عن نفسها: «تبتهج روحي باللّه مخلصي، لأنه نظر إلى تواضع أمته فهوذا منذ الآن تعطيني الطوبى جميع الأجيال، لأن القدير صنع بي عظائم»(لو 1: 49) فعلينا أن نطوّبها بالاقتداء بفضائلها بحفظ كلام اللّه والتفكّر به في قلبها بصلاة عقلية حقيقية، فهي المثال الصالح للبتوليين والبتولات والمتزوّجين والمتزوّجات، وللآباء والأمهات بتربية الأولاد التربية الصالحة، بالمحافظة على شريعة الرب والقيام بفرائضه، فليبارك الرب كل من تشفّع بالعذراء مريم واقتدى بسيرتها الطاهرة. وإن خير ما نختم به حديثنا عنها طلبة لمار يعقوب السروجي القائل ما ترجمته: «صلاتك معنا أيتها المباركة، صلاتك معنا. إن الرب يستجيب إلى صلواتك ويغفر لنا. فتضرعي أيتها الممتلئة نعمة والتمسي ممن هو مملوء رحمة ليرحم النفوس التي تطلب الرحمة آمين».