بعد ستة أعوام أصدرت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في مدينة لاهاي الهولندية حكمها في قضية إغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري في فبراير عام 2005.المحكمة التي تم تشكيلها بعد عامين من عملية الاغتيال، بدأت عملها عام 2014، وأدانت بوضوح أحد المتهمين الضالعين في الجريمة ووصفته بأنه أحد أعضاء حزب الله في لبنان، لتزيح الستار ولأول مرة في تاريخ لبنان الحديث عن منفذ عملية اغتيال سياسي، التي عادة ما يتم إخفاء أسرارها ومن يقف خلفها طالما تتم لصالح حزب أو تتمتع بغطاء سياسي أو طائفي ما!.
قرار المحكمة تزامن مع تداعيات جريمة تفجير ميناء بيروت، وأعاد الحديث القديم عن عودة سلطة الدولة، وفساد ما يطلق عليه بالطبقة السياسية في البلاد، وسلاح الميليشيات، واختطاف القرار السياسي من قبل تنظيمات حزبية طائفية، وارتباط هذه التنظيمات بقوى إقليمية تستخدم لبنان كساحة للصراع مع أطراف إقليمية ودولية أخري.
ومع تدهور الأوضاع الاقتصادية وخسائر تفجير الميناء والخوف من تصنيف لبنان كدولة فاشلة، ربط المجتمع الدولي مشروعه لإنقاذ لبنان بشروط أبرزها إصلاح النظام السياسي، ومحاربة الفساد، وحظر إمتلاك أية قوى حزبية للسلاح وقصر ذلك على الجيش اللبناني، في إشارة واضحة لسلاح حزب الله الذي أصبح قوي موازية للجيش اللبناني، فضلا لتحولة لدولة داخل الدولة اللبنانية بميليشياتة المسلحة ومؤسساتة الاقتصادية والإجتماعية في الضاحية الجنوبية للعاصمة وعلي إمتداد الجنوب اللبناني !
لقد سيطر حزب الله على الحياة السياسية والحزبية في البلاد، وتسبب في تدمير مدن وقرى عديدة إعترف أمينة العام، انه لو كان يعلم ما ستسببه عملياته في الجنوب من تخريب وتدمير للمدن اللبنانية ما كان يُقدم على القيام بها! ولا يخفي الحزب ولائة الفكري والطائفي لنظام الملالي في إيران، ويعرف اللبنانيون من نظم حملة الاغتيالات ضد قيادات سياسية وحزبية طالت رموز تنتمي لكل التوجهات في البلاد ولم يستطع أحد فتح ملفاتها، حتى لا يتكرر مشهد حصار بيروت من قبل ميليشيات الحزب وتهديد أمينة العام بإلقاء (قادة البلد في الحبس، أو طردهم عبر البحر من لبنان).
لبنان الآن في مفترق طرق وعليه أن يختار بين تعليق مصيره في أيدي ميليشيات تأتمر بأوامر خارجية، وقوى ترتبط مصيرها ووجودها في يد عواصم خارجية، أو يعود إلى لبنان المستقل، المزدهر، المتعايش بين جميع مكوناته، ليسترد مكانته الحضارية التي نعرفها عنه.
"البوابة"