السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

نصب "المستريحين" يهدر عرق وفلوس "الشقيانين".. خسائر بالملايين فاتورة النصب.. وخبراء: عمليات ممنهجة وراء انتشار الظاهرة.. البداية مع التحول للانفتاح الاقتصادى.. والسبب: الرغبة في الثراء السريع

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يسأل أحد الأشخاص "فين فلوسى"، ليرد الأخر: فلوسك ماتت؛ يعاود الأول السؤال "هو في فلوس بتموت!"، فيرد عليه: يعنى هو فيه فلوس بتولد.. ما سبق ليس حوار متخيل، لكنه حوار جرى بالفعل بعد مطاردات للعديد من المواطنين الذين فقدوا أموالهم مع ما يسمى ظاهرة "المسترحين"، والتى انتشرت في قرى الصعيد والدلتا، وسط حيل مختلفة للنصب والاحتيال.
"يتواجد النصاب في بيئة يملؤها الطمع"، هذا هو حال المصريين مع كل ظهور لـ"مستريح" جديد على الساحة، ومع كل قضية لا يتعظ هؤلاء المودعين لأموالهم مع أشخاص أو شركات بغرض الحصول على ربح عالي بدون جهد أو عناء في فترة قصيرة، ولكن تذهب أحلامهم مع الريح، بعد إختفاء أو هروب "المستريح" بأموال المودعين، حيث يدخل القرية ويدعى نشاط اقتصادى وهمى ويبدأ في تجميع أموال الأهالى بفائدة تتراوح من 20 إلى 25% ويعطى فوائد بشكل شهرى بشكل منتظم حتى يكسب ثقة الأهالى ويزداد أعداد المودعين حتى يصل لمبلغ معين ويقرر المغادرة تاركًا خلفه أهالى وشقايا بروايات عديدة ما بين تحويشة العمر أو صيغة الزوجة أو حصيلة شغل الخليج يندبون حظهم على ما فاتهم.

الظاهرة في حالة ازدياد، ورغم الملاحقات الأمنية والمتابعات بشكل سريع، إلا أن بين الحين والأخر يظهر لنا مستريح أخر حتى بلفت فاتورة نصب 8 مستريحين مليون جنيه خلال 5 سنوات، ولعل أخرهم مستريحة بني سويف المُختفية بعد أن قامت بإنشاء شركة لتوظيف الأموال، واستولت على الملايين مقابل صرف أرباح تصل لـ 60%.

هناك العديد من النماذج الأخرى التى تنتشر بين ربوع قرى الصعيد والدلتا ولكن يبقى الخيط المشترك في فكرة توظيف الأموال والتركيز على أوتار الطمع والجشع مستغلًا قلة الوعى أو القدرة على الاستثمار والرغبة في المكسب السريع بحسب أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس الدكتور عبد الرحمن عليان، ويضيف: بدأت فكرة توظيف الأموال بشراسة عقب الانفتاح الاقتصادى في الفترة مابين 1983 و1985 وظهور شركات مثل الريان وغيرها التى لاقت انتشارًا واسعًا في هذا التوقيت وجذبت كل الطوائف بدء من المواطن العادى حتى أستاذ الجامعة بسبب رفع الفائدة والرغبة في المكسب السريع ما يؤثر على الأنشطة الاقتصادية ويكون بذرة لعمليات نصب كبيرة.
وتابع عليان: أنه وفقًا لما نسميه في الدراسات الإنسانية والاقتصادية مجموعة متغيرات وهى بداية من وجود فائض من الأموال لدى الناس الذين لا يعرفون كيفية الاستثمار أو المجال الاستثمارى المربح بسبب قلة الخبرة أو عدم الوعى أو الجهل وذات معلومات معدومة في مجال الاستثمار وهنا يتضح توجه "المستريح " أو النصاب إلى القرى أو النجوع.
ولكن ليس الجهل مقياس بقدر خبرة في مجال الاستثمار الاقتصادى خاصة أنه عند ظهور شركات توظيف الأموال في الثمانينيات وحدوث عمليات النصب الكبرى وجدنا أساتذة جامعة ذات خبرة محدود في المجال الاستثمار الاقتصادى ضمن قائمة الضحايا والمودعين.
والعامل الأخطر، عامل الجشع لدى المودع الذى يستهدف الحصول على نسبة 20 إلى 25%، وهنا يتبادر سؤال للأذهان إذا كان 25% للمودع فما العائد على القائم على النشاط الاقتصادى وهل بالأصل يوجد نشاط يدر هذه الأرباح ما يظهر بالأخير أنها عمليات نصب ممنهجة ينصب "المستريح شباكها لضحايا حجب الطمه والجشع رؤيتهم للحقيقة والمنطق، ما يعنى أنها عدم فهم وإدراك لحقيقة العملية الاقتصادية برمتها.
وأردف"عليان": هناك قاعدة اقتصادية تقول: حجم المخاطرة واحتمالات الخسارة تتناسب طرديًا مع معدلات الفائدة أو العكس معدلات الفائدة تتناسب طريًا مع ارتفاع احتمالات الخسارة" بمعنى كلما ارتفع مخاطرة الاستثمار قد يدر عليك أرباح لدرجة عالية، ما يعنى أن توصيف تنامى ظاهرة المستريح تأتى مقومات من غياب الوعى والجشع والكسل ومصيدة النصب عن طريق احداث نوع من الخداغ بغرض الحصول على ثقتك كما نحتاج لمناقشة الظاهرة في أعمال درامية على قدر عقولهم للنجاح في التأثير عليهم.


ومن جهته يقول الدكتور على عبد الراضي، استشاري الطب النفسي، إن بعض المصريين لديهم الرغبة في تحقيق الثراء السريع، ويعيشون في مستويات معينة وخاصةً بعد انتشار السوشيال ميديا "فيسبوك" وإنستجرام" وغيره، لنشر الصور على هذه المواقع من أجل التباهي أمام الآخرين. 
وتابع عبد الراضي، في تصريح خاص لـ"البوابة نيوز"، أن بعض المصريين دومًا ما يتسائلون عن إمكانيات الآخرين المادية المستريحة، ويسعون إلى الوصول في نفس أوضاعهم بأسرع وقت ممكن دون بذل مجهود كبير، لافتًا إلى أن الأمر قد يصل إلى الحصول على رشوى أو عمل شركات وهمية من أجل الحصول على أموال المواطنين، وهو ما يسمي بالتسويق الشبكي حاليًا والحصول على الأموال على الإنترنت والنصب إلكترونيًا، قد تكون في منتجات غير معروفة، والتي قد تفتح بابًا للتجارة غير المشروعة والتمويل الإرهابي، والأفكار العنيفة أو منتجات مضرة بصحة الإنسان، وتأتي هذه فكرة الثراء السريع بعد تفكير المواطنين في إمكانيات من حولهم من الأخرين.