الأربعاء 17 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

كشف المستور.. فساد حكومة «السراج» الإخوانية يعصف بالاقتصاد الليبى لصالح «أردوغان».. نائب «السراج» يتهمه بالانفراد بالسلطة والاستيلاء على اختصاصات «النواب»

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تعيش ليبيا تحت وطأة حكومة السراج، أسوأ أيامها، على الأصعدة كافة، ففى الوقت الذى يعانى فيه الليبيون من ويلات الحرب المستمرة، التى تشنها ميليشيات حكومة الوفاق، التى يسيطر عليها قادة جماعة الإخوان الإرهابية، تتواصل المؤامرة المدبرة، من أجل استنزاف الاقتصاد الوطنى الليبي، لإفقار الدولة، وتحويلها إلى لقمة سائغة يلتهمها الرئيس التركى أردوغان.
اتهامات الفساد، وإهدار المال العام، ونهب الثروة الليبية، لم تعد قاصرة على مجرد انتقادات يوجهها مسئولون هنا أو هناك، يمكن الطعن في ولائهم، وإنما وصلت إلى حد إثباتها بتقارير رقابية رسمية، لا تقبل الشك أو التأويل.
تقارير الرقابة الإدارية، الصادرة العام الماضي، بشأن تقييم أداء حكومة فايز السراج، جاءت مكتظة بعشرات الوقائع، التى تثبت فساد مجالس إدارات الشركات التابعة لهذه الحكومة.


الشركة العامة للكهرباء، مثّلت أولى حلقات مسلسل الفساد، حيث كشف التقرير عن إهدارها 2.9 مليون دينار، في أعمال صيانة سيارات وآليات الشركة، بالإضافة إلى التأخر في تحصيل مستحقاتها لدى الجهات الأخرى.
وتضمن التقرير حصول مدير عام شركة الصناعات الكهربائية، على مكافأة مالية مقطوعة بقيمة 30 ألف دينار، رغم أنه موظف بشركة الكهرباء، ويتقاضى راتبه منها، مع عدم وجود قرار ندب له، ما يعنى أنه لا يستحق تلك المكافأة وفقًا للقانون.
«حكومة السراج تؤدى عملها دون إصدار هيكل تنظيمى لها، ودون خطة عمل معتمدة محددة الأولويات».. هذا ما أكدته التقارير الرقابية، التى أشارت إلى تقاعس هذه الحكومة، عن حصر وتدقيق الديون المتأخرة، بالإضافة إلى إصدارها قرارات بالتعاقد مع شركات محلية وأجنبية بطريق التكليف المباشر، رغم مخالفة ذلك لأحكام لائحة العقود الإدارية.
التقارير تضمنت أيضًا إصدار بعض القرارات، التى يترتب عليها التزام مالي، غير مدرجة ضمن تقديرات الميزانية التسييرية، بالإضافة إلى التوسع في شراء أجهزة هواتف وأثاث وأجهزة حاسب، دون أخذ الإذن المسبق من المراقب المالي، بالإضافة للشراء من محال تجارية، رغم وجود موزعين ووكلاء معتمدين.
التقارير الرقابية كشفت عن مخصصات مالية متكررة، إلى جهات عامة، خصمًا من بند المتفرقات، دون الإشارة في ديباجتها لمراسلة الجهة المستفيدة، بما يفيد في تقدير القيمة وأوجه صرفها، والتوسع في إصدار قرارات المناقلة بين الأبواب في الترتيبات المالية، الأمر الذى يفيد بعدم وجود دراسة دقيقة ومنضبطة، لتقدير المصروفات والالتزامات المالية لكل جهة.
التقارير الرقابية كشفت كذلك عن مخالفات المصرف المركزى بطرابلس، واستمرار الإنفاق الاستهلاكى في الأبواب الأول، والثاني، والرابع، مما سيطر على مجمل الإنفاق العام، خلال النصف الأول، من العام المنصرم، بنسبة بلغت نحو خمسة وتسعين بالمائة من إجمالى الإنفاق، في حين بلغت نسبة الإنفاق التنموى نحو خمسة بالمائة فقط.
الأمر لم يقتصر على بيانات التقارير، التى أشارت إلى وجود عجز في نسبة تحصيل إيرادات الدولة من الضرائب، وإنما وصل إلى هجوم حاد ضد السراج، شنه أعضاء بحكومته ونواب له، ومنهم أحمد معيتيق، الذى انتقد بشدة، في خطاب رسمي، انفراد السراج بالسلطة، كرئيس لمجلس أمناء المؤسسة الليبية للاستثمارات.
«معيتيق» قال إن قانون إنشاء المؤسسة، ينص على أن سلطة مجلس أمنائها مشتركة، لا ينفرد بها رئيسه، إلا في اختصاصات بعينها، وأن تعيين هذا المجلس لا بد أن يحظى بموافقة مجلس النواب، وهو ما لم يحدث.



مؤامرة العوز
ويرى الدكتور فتحى العفيفي، أستاذ الفكر الاستراتيجي، بجامعة الزقازيق، أن حكومة السراج تعمل على تدمير الاقتصاد الليبي، حتى تدخل بالدولة فيما يمكن أن يوصف بـ«مؤامرة العوز»، حتى تكون مضطرة للرضوخ للأوامر التركية، وحتى يتمكن أردوغان من إحكام سيطرته على مقدرات البلاد، دون مقاومة تذكر من الليبيين.
وأشار أستاذ الفكر الاستراتيجي، بجامعة الزقازيق، إلى أن انتقادات أحمد معيتيق، نائب السراج، لحكومة الوفاق فيما يتعلق بانفراد السراج بالسلطة، والقرارات المتعلقة بمؤسسة الاستثمار، ترتبط بكواليس تشير إلى وجود مؤامرة لنهب أموال الليبيين.
ولفت «العفيفي»، إلى أن مجلس أمناء هذه المؤسسة، يبحث حاليًا تعيين شركة دولية لإجراء مراجعة خارجية مستقلة كاملة لأصولها ومحافظها، خلال السنوات الثلاث الماضية، وهو ما دفع السراج إلى الإسراع بتعيين مجلس إدارة جديد لها، لعرقلة نتائج هذه المراجعة، وضمان ألا تخرج عن الإطار الذى يمكن أن يمنع حكومته من الهيمنة على أموال هذه المؤسسة المهمة بالنسبة للاقتصاد الليبي.
وأشار، إلى أن شركة «ديلويت» الدولية، التى وقع عليها الاختيار لتنفيذ أعمال المراجعة، ستعيد تهيئة القوائم المالية للمؤسسة، وإعدادها لتكون جاهزة للمراجعة والتدقيق من قبل الشركة التى وقع عليها الاختيار.
كانت المؤسسة انتهت من إنجاز خطة شاملة، لإعداد القوائم المالية المجمعة، لجميع الشركات والمحافظ والصناديق الاستثمارية المنتشرة عبر العالم، وسيتم توحيد المعلومات المحاسبية الواردة في السنة المالية المنتهية في ديسمبر 2019.
المصادر الليبية تشير، وفقًا لتأكيدات «العفيفي»، إلى أن حكومة السراج قبلت عملية الهيكلة لمؤسسة الاستثمار، بضغوط دولية، ضمن أعمال المراجعة، التى تشرف عليها الأمم المتحدة، لما تم إنفاقه من عائدات النفط، قبل إغلاق الآبار في يناير الماضي، وأيضًا ضمن أعمال المراجعة على المصرفين المركزيين في البلاد، التابع لحكومة شرق البلاد بمدينة البيضاء، والتابع لحكومة السراج، ويقوده القيادى الإخوانى الصديق الكبير.

ابتزاز علني
في الوقت ذاته؛ قال الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية، بجامعة القاهرة، إن الليبيين يتعرضون لحالة ابتزاز مستمرة، من قبل الرئيس التركى أردوغان، بمساندة تامة من فايز السراج، رئيس حكومة الوفاق الإخوانية.
وأشار «بدر الدين»، إلى أن صحيفة «زمان» التركية الشهيرة، اعترفت في تقرير نشرته الأسبوع الماضي، بأن أردوغان يستغل علاقته الوثيقة مع السراج، من أجل استنزاف موارد ليبيا، لصالح الاقتصاد التركي.
وأضاف: «الصحيفة أوضحت في تقريرها، أن مسئولين بحكومة السراج، ورجال أعمال مقربين من أردوغان، أقروا بأن الأخير يستولى على الموارد الليبية، عن طريق دفع المرتزقة والجهاديين الموجودين في ليبيا، إلى الضغط على السراج، لإجباره على الرضوخ لمطالب أنقرة المالية، واصفين ما يجرى بـ«الابتزاز العلني».

مأساة أمنية
وأشار أستاذ العلوم السياسية، بجامعة القاهرة، إلى أن الأزمة الاقتصادية التى يعيشها الليبيون، لا تنفصل عن المأساة الأمنية، المتمثلة في هيمنة المرتزقة المسلحين على مقدرات الحياة والأمن، في العاصمة طرابلس، مما جعل أهالى المدينة وضواحيها يعيشون حالة احتقان شديد.
ولفت «بدر الدين»، إلى أن المرتزقة الأجانب أصبحوا يسيطرون على كل شيء في المدينة، سواء كانوا المرتزقة السوريين، الذين جلبتهم تركيا، لمساندة ميليشيات السراج، أو التشاديين أو السودانيين، الذين يجلبهم الإرهابى أسامة جويلي، قائد ما يُعرف بالمنطقة الغربية، في ميليشيات السراج.
من جانبها، ألقت وزارة الداخلية في حكومة السراج، التى يقودها فتحى باشاغا، مؤسس ميليشيات مصراتة الإرهابية، باللوم فيما يتعلق بالتدهور الأمني الخطير داخل طرابلس، على عاتق المرتزقة التشاديين التابعين لجويلي؛ مشيرةً إلى أنها ألقت القبض على عدد منهم، بعد شكاوى المواطنين من التعرض لعمليات سطو على منازلهم، وشروع المرتزقة في تكوين عصابات متمردة، بعد فقدان جويلى السيطرة عليهم.
وألقى «بدر الدين»، الضوء على المعلومات الواردة، والتى تشير إلى أن المرتزقة التشاديين، الذين يقاتلون في صفوف حكومة السراج، يحصل كل منهم 3000 دينار ليبي، وأن ما دفعهم إلى الاتجاه للنشاط الإجرامي، هو التخفيض الذى حلّ برواتبهم؛ بحيث أصبح كل منهم يحصل على 200 دينار ليبى فقط، يدفعها لهم أسامة الجويلي، للدفاع عن تنظيم الإخوان الإرهابي.
وشدد أستاذ العلوم السياسية، بجامعة القاهرة، على أن حكومة السراج تقود ليبيا إلى خراب ودمار محققيّن، اقتصاديًا وأمنيًا، وهو ما يستدعى التدخل الحاسم، قبل أن يتحول البلد إلى دولة فاشلة، يصعب الخلاص من تأثير أزماتها على منطقة الشرق الأوسط والعالم، فضلًا عن تحولها إلى بؤرة ساخنة، ينطلق منها الإرهاب.