تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
في لحظات أصبحت بيروت، مدينة منكوبة بسبب الانفجار الغامض في مينائها الشهير وأدى إلى تدمير جزء كبير من العاصمة ومبانيها ومئات من القتلى والمفقودين والجرحى، في مشهد فاق كل الكوارث والحوادث والحروب التى شهدها هذا البلد الذى كان يوصف بسويسرا الشرق.
ويأتى هذا الانفجار ليزيد همًا جديدًا على هموم لبنان الكثيرة.. الآن تعيش بيروت حالة استثنائية، طوارئ، حظر تجوال، مبان مهدمة، توقف للنشاط التجارى، ونقص في المواد الغذائية، مستشفيات ميدانية، وتحقيقات موسعة لمعرفة أسباب هذا الحادث الذى أدانه الجميع وتبرأ منه الجميع.
مرفأ بيروت مثل مطارها الدولى عنوان لحيوية لبنان واللبنانيين، واستهدافه بمثل هذا العمل غير المسبوق استهداف للبنان ومحاولة لعرقلة جهود اللبنانيين لتصحيح أوضاعهم السياسية والاقتصادية وإشعال حرب أهلية جديدة لا تزال أحداثها الدامية ماثلة في أذهان اللبنانيين، ولعل الجدل الدائر الآن حول هوية المسئول عن هذه الجريمة، أعاد حالة الاستقطاب السياسى بين القوى والأحزاب في البلاد، ومن الحكمة أن يترك الأمر للدولة اللبنانية بأجهزتها للتحقيق الكامل والشفاف لمعرفة من يقف وراء هذا العمل. ونعتقد أن الخطوات التى اتخذتها الحكومة اللبنانية والإجراءات التى شملت وقف العاملين في الميناء وفتح تحقيق سريع وعاجل لمعرفة الأسباب الحقيقية لوجود مستودع في الميناء يحوى أطنانًا من المواد المتفجرة أو القابلة للاشتعال لمدة ست سنوات كاملة، هى بداية جادة لمعرفة من قام بهذا العمل.
قد يعود الأمر لإهمال، وقد يكون مخططًا من قوى خارجية وهى عديدة استخدمت عناصر تابعة لها نفذت هذه الجريمة، فكل الاحتمالات مفتوحة وعلى اللبنانيين ألا ينجروا للتفسيرات ذات الطابع الطائفى أو التى تنطلق من أهداف سياسية وحزبية مسبقة.
لبنان الآن وسط هذا التعاطف العربى والدولى لا يحتاج لعودة هذا الجدل ولا للمكايدات السياسية والحزبية والطائفية، لبنان يحتاج لعملية إنقاذ سريعة، ورغم تحرك العديد من العواصم الدولية وفى مقدمتها باريس، وهذا أمر محمود، فإننا نرى أن لبنان مسئوليةً عربية في الأساس ومواقف دول عربية مثل مصر، ودولة الإمارات، والسعودية، والكويت وغيرهما من الدول الشقيقة عقب الحادث المروع جديرة بالإشادة، فإنقاذ لبنان وشعبها من شبح الخراب والاقتتال والفشل هو جزء من حماية استقرار وأمن المنطقة ومنع القوى التى تحاول إشعال نار الحرب بأطماعها التوسعية والمذهبية من تحقيق أهدافها، ولا يبقى في النهاية إلا دعوتنا للشعب اللبنانى بأن يدرك أن وحدته وتجاوزه الخلافات الداخلية هو أساس إنقاذ بلاده من مخطط يحاك ضده.