السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

«جزيرة الزمالك القيمة والتراث».. كتاب يوثق تاريخ مصر العريق

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يسلط الجهاز القومى للتنسيق الحضارى من خلال كتابه الصادر حديثا بعنوان "جزيرة الزمالك.. القيمة والتراث"، عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، الضوء على المناطق ذات القيمة، لأن التراث هو ذاكرة التاريخ الذى لا ينضب، وهو أيضا الركيزة الأساسية التي يمكن من خلالها استشراف المستقبل، ومحاولة لتوثيق ونشر تراث بلدنا العريق.
يعد الكتاب باكورة سلسلة "ذاكرة المدينة"، والذى يحتوى على مجموعة من الصور النادرة التي توثق تراث جزيرة الزمالك، فيقول المهندس محمد أبوسعدة، رئيس الجهاز القومى للتنسيق الحضارى، إن المناطق التراثية فى مصر هى درة التاج في الأحياء والمدن المصرية، والشاهدة على تراكم حضارات وثقافات تتابعت خلال عقود مضت، ودليل على أن المصريين تمكنوا من التعامل مع كل الثقافات والمدارس المعمارية التي مرت عليهم، وتمكنوا من تمصيرها، حتى تظل صروحا نعتز بها ونفخر بوجودها على أرض الوطن.
يرصد لنا الكتاب مجتمع الثقافة والآداب والفنون بحي الزمالك، الذي استقبل الشاعر والروائى البريطانى الشهير لورنس داريل، عندما أتى للقاهرة فى أبريل ١٩٤١، مع زوجته وساعده أحد أصدقائه اليونانيين بالعثور على شقة بهذا الحى، وقد عاش أيضا بهذا الحي الكاتب والمترجم إدوار الخراط فى ٤٥ شارع أحمد حشمت، والذى صار عنوانا له منذ ١٩٥٨، بل ظل الحي مقصدا لعشرات بل ومئات المثقفين المصريين والعرب من بينهم السيناريست الكبير أبوالسعود الإبيارى فى ١٩١٠، والكاتب الكبير بهاء طاهر، وكان هذا الحي حاضرا في الأدب العالمى، حيث سطرت الروائية الإنجليزية مارى كوريلى روايتها الشهيرة "زيسكا ٢٠٦"، المصنفة ضمن روايات الرعب، والأكثر مبيعا حتى وقتنا هذا، حيث أعيد نشرها أكثر من خمسين مرة في أنحاء العالم وكان آخرها فى ٢٠١٨، التى تدور أحداثها فى فندق قصر الجزيرة، الذي جعلته المؤلفة مسرحا لعديد من الأحداث فى روايتها، وكان مقرا للسائحين الإنجليز في مصر، وقد نشرت هذه الرواية لأول مرة في ١٨٩٧.
كذلك شهد حى الزمالك أيضا أول صالون ثقافى نسائى بعنوان "صالون زينب صدقى"، أو ما كان يطلق عليه صالون "شكسبيرة الزمالك"، وكانت صاحبته الممثلة المسرحية المصرية ذات الأصول التركية الفنانة زينب صدقى التي أقامته فى مقر إقامتها بحي الزمالك فى فترة توهجها السينمائى، وكان يعقد مرة كل أسبوع، بحضور كوكبة من الأدباء، والنقاد، والمسرحيين، وكانت محبة ومتحمسة لشكسبير وأدبه فتردد مقولاته ومقاطع تمثيلية من مسرحياته، حتى أن سخرت منها بعض المجلات الفنية ونعتتها بـ"شكسبيرة الزمالك" مما أدى بها إلى إغلاق صالونها الفنى، ومن المؤسسات الثقافية المهمة التي تقع فى حى الزمالك، وتشكل جزءًا من مجتمعه مجمع اللغة العربية الذي يقع في ١٥ شارع عزيز أباظة، والذى تأسس فى ٣٠ يناير ١٩٣٤، باسم مجمع فؤاد الأول للغة العربية، واستقر فى مكانه الحالى في أكتوبر ١٩٨١، وكان محله المعهد العالى للفنون المسرحية الذى تغير مكانه من ١١ فبراير ١٩٥٩، ثم هدمت هذه الفيلا وحل محلها مجمع اللغة العربية حاليا.
وكان المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية الذى أصبح المجلس الأعلى للثقافة فى الفيلا رقم ٩ شارع حسن صبرى بالزمالك، بعد أن صدر قرار بإنشائه عام ١٩٥٦، وكانت الفيلا سكنا للأميرة شكرية حليم، تمت مصادرتها فى ٢٣ يوليو ١٩٥٢، ويشغلها الآن المركز القومى للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية من ١٩٩٩، وكانت هذه الفيلا مقرا مؤقتا لاتحاد الكتاب عندما بدأ نشاطه فى نوفمر ١٩٧٥، ثم انتقل فى فبراير ١٩٧٦، وفي أوائل سبتمبر ١٩٨٢، منحه رئيس مجلس الوزراء المقر الحالى رقم ١١ (أ) شارع حسن صبرى بالزمالك، وهو جزء من قصر الأمير سعيد طوسون، وكذلك الجمعية المصرية للدراسات التاريخية، التى صدر مرسوم ملكى بإنشائها فى ٣٠ يوليو ١٩٤٥، واستقرت فى ١ مارس ١٩٥٠، بمبنى معروضات مصلحة السجون مع الجمعية الزراعية بجوار جمعية الفنون الجميلة حتى ١٩٥٨، جاورت الجمعية المصرية للدراسات التاريخية.
يوضح لنا الكتاب بين دفتيه تاريخ جزيرة الزمالك، التى تعد إحدى الجزر النيلية الواقعة أمام مدينة القاهرة، وتحتل قلب إقليم القاهرة الكبرى الحالى، والتى ظهرت على صفحة نهر النيل منذ العصر المملوكى في زمن حكم السلطان الكامل شعبان بن الناصر محمد بن قلاوون، وكذلك تطور عمران الزمالك التى أصبحت قسما من أقسام محافظة القاهرة من القسم الشمالى الذي يطلق عليه الحى السكنيدى ، والجنوبى الذي قام الخديو إسماعيل بإنشاء كوبرى معدنى يصل القاهرة بجنوب الزمالك، بالإضافة إلى قراءة فى التراث المعمارى للزمالك، وكذلك رصد مجموعة كبيرة من المعماريين من بينهم: "دومينيكو لمونجيلى، أنطونيو لاشياك، على لبيب جبر، مصطفى فهمى باشا" وغيرهم، مرورا بمجتمع الزمالك الذى يتمتع بطابع متميز يتصل فى جميع أركانه بالتراث المعمارى إلى جانب المجتمع البريطانى فى الزمالك، الذى بدأ بالتواجد البريطانى في الجزيرة عندما استخدمت كأحد معسكرات الجيش البريطانى، ومع مرور الوقت أصبحت الجزيرة المكان المفضل للعائلات البريطانية، نظرًا لجوها المتمز وبساطة منازلها مقارنة بحى جاردن سيتى، منتهيا بجهود الجهاز القومى للتنسيق الحضاري فى الحفاظ على جزيرة الزمالك، الذي وضع تصورا لفراغات بعض الميادين، والحفاظ على الحدائق التراثية والمبانى، وقد أطلق الجهاز أيضا مبادرتين تنويريتين تمثلتا فى مشروعر "عاش هنا"، "حكاية شارع".