الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

الجماعة الإرهابية تدخل نفق النسيان بعد حلها في الأردن.. وقياداتها يزعمون: ليس في مصلحة الوطن.. خبراء: تونس أخر معاقلها المهمة.. والشعوب العربية رفضت وجودها على الساحة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أدخل قضاء محكمة التمييز الأردنية، بحل جماعة الإخوان المسلمين في البلاد، بما يفقدها شخصيتيها القانونية والاعتبارية، لعدم تصويب أوضاعها القانونية، الجماعة الإرهابية، نفق النسيان، بعد أن تهاوت في معقل جديد لها، لم يكن قادتها يتصورون أن يفقدوه بهذه السهولة.
الحكم الذى أصدرته المحكمة المذكورة، وهى أعلى هيئة قضائية في المملكة الأردنية الهاشمية، جاء بناء على دعوى رفعتها جماعة الإخوان نفسها، أمام دائرة الأراضى والمساحة، تطالب إبطال نقل ملكية أراضيها وعقاراتها إلى «جمعية الإخوان المسلمين»، وهى جمعية أنشئت في ٢٠١٥، بواسطة منشقين عن الجماعة الأم، وهى جمعية مرخصة، لكنها غير ممثلة في البرلمان، ولا تتبع نهجا معارضا للمملكة، فما تأثير هذا الحكم على مستقبل الجماعة ليس بالأردن وحده، وإنما في المنطقة العربية بأسرها؟


رد الجماعة
رد فعل جماعة الإخوان على الحكم جاء في المرة الأولى على لسان الشيخ حمزة منصور رئيس مجلس الشورى، وهو أعلى هيئاتها، الذى علق بقوله إن الجماعة عنصر مهم لتعزيز الأمن والوحدة الوطنية، وحلها لن يكون في مصلحة الوطن، الأمر الذى اعتبره البعض، تهديدا مبطنا للسلطات الأردنية.
مجلس شورى الجماعة، الذى يضم ٥٥ عضوا، بخلاف رئيسه، تجاهل الحكم تماما، وأجرى انتخاباته التى فاز فيها عبد الحميد الذنيبات، بمنصب المراقب العام بالتزكية، وهى ولايته الثانية التى تستمر ٤ سنوات.
أما المتحدث الرسمى للجماعة معاذ الخوالدة، فتعمد أن يُبقى الأمر في إطار السجال القانونى، قائلا إن هذا الحكم غير قطعى، كما أشار إلى أن الفريق القانونى للجماعة، مجتمع من أجل تقديم الدفوعات والأوراق القانونية للاستئناف على الحكم. وأضاف: «الجماعة لن تذوب لمجرد صدور قرار إدارى بحلها، نحن نمارس أعمالنا في مقرات بديلة مستأجرة، في ظل أننا جماعة مرخصة منذ عام ١٩٤٦، بموافقة من رئاسة الوزراء، وعدلنا وضعنا القانونى عام ١٩٥٣، من جمعية إلى جماعة وبموافقة من رئاسة الوزراء أيضا، ومنذ ذلك الحين، نمارس أدوارنا بمختلف المجالات السياسية والدعوية والتربوية والقانونية، ووصلنا لمجلس النواب والأعيان، ولنا وزراء في حكومات مختلفة، وسُمح لها بالتملك طوال تلك السنوات».
وشدد الخوالدة على أن الجماعة ليست خارجة عن القانون، ومستعدة لتطوير الوضع القانونى لها ضمن صيغة يمكن الاتفاق عليها، على حد وصفه، مدعيا أن الجانب الرسمى موصد الأبواب.
تاريخ العلاقة
العلاقة بين جماعة الإخوان، والسلطات الأردنية متأزمة منذ وقت طويل، ولا سيما بعد أن منحت السلطات ترخيصا لجمعية أطلق عليها «الإخوان المسلمين»، عام ٢٠١٥، وهو ما اعتبرته الجماعة محاولة لشق صفها من قبل السلطات.
وتشكل الجماعة عبر ذراعها السياسية حزب «جبهة العمل الإسلامى»، القوة المعارضة الرئيسة في البلاد، والتى توترت علاقتها مع النظام خلال فترة ما يعرف بالربيع العربى عام ٢٠١١ ـ الذى شهد انتعاشا للتيار الإسلامي، وشعور قادة الجماعة بأنهم يستطيعون أن يفرضوا آراءهم على الدولة، وهو ما واجهته السلطات حينها بالرفض القاطع.


نفق النسيان
ويرى طه على، الباحث في شئون الجماعات المتطرفة، أن حكم القضاء الأردنى بحل جماعة الإخوان، يشير إلى أنها بدأت تدخل نفق النسيان، في واحد من معاقلها المهمة بالمنطقة، بعد أن سقطت في معظم الدول التى كانت تتمتع بالقوة فيها، وعلى رأسها مصر، والسودان.
وأشار إلى أن الجماعة لم يعد لها وجود مؤثر إلا في تونس، التى يبدو أن شعبها بدأ أيضا مسيرة التخلص من نفوذها، وإسقاطها من فوق عرش السياسة.
وأوضح "على" أن جماعة الإخوان لم يعد لها مستقبل بين الشعوب العربية، بعد أن انكشفت جرائمها وخيانتها لدولها، خاصة بعدما جرى منها في مصر، وما يجرى حاليا في ليبيا.
وأشار إلى أن قرار حل الجماعة في الأردن، يضاعف من عزلتها بالمنطقة، لا سيما بعد أن فقدت وجودها كاملا تقريبا معظم دول المنطقة، ولم يبق لها سوى تركيا، التى سرعان ما ستضحى بها إذا أطاحت الانتخابات المقبلة بأردوغان، أو تغيرت بوصلة مصالحه، في اتجاه يناقض أهداف الجماعة.


صدمة شعبية
بدوره قال الدكتور طارق فهمى أستاذ العلاقات الدولية، إن موقف جماعة الإخوان في الأردن، لم يكن أحسن حالا من موقف الفروع الأخرى للجماعة في باقى البلدان العربية، مشيرا إلى أن ما جرى في مصر، سوريا، وليبيا، والسودان، من تطورات كشفت عن ولاء الجماعة لذاتها، وعملها ضد الأوطان، أصاب الشعوب العربية بصدمة، وجعلها غير مستعدة لمساندة الجماعة، أو حتى القبول ببقائها في المشهد العام.
ولفت إلى أن الصراع الذى دخلته الجماعة مع السلطات الأردنية، خلال السنوات العشر الماضية، ومحاولاتها المستميتة تعطيل العمل في البلاد، ووأد محاولات الإصلاح والتطوير التى تنفذها الدولة الأردنية، عزز من الغضب الشعبى ضد الإخوان، وصنع المناخ المناسب لتنفيذ حكم محكمة التمييز.
وشدد فهمى على أن الجماعة ستخوض المعركة القضائية أولا، وحين تدرك أنها ستخسرها، ستتحول إلى الحشد في الميادين، والضغط على الدولة من أجل العودة إلى الحياة مرة أخرى، متوقعا أن تفشل هذه المرة، في ظل حالة الكراهية التى تسيطر على الأردنيين ضدها، بعدما تابع الشعب ما يجرى من الجماعة في البلدان المجاورة.


المهم هو الوعى
من جانبه قال الدكتور فتحى العفيفى، أستاذ الفكر الاستراتيجى بجامعة الزقازيق، إن وعى الشعب الأردنى هو الفيصل في إنهاء وجود الجماعة بالبلاد، مشيرا إلى أن الأردنيين يتمتعون بذكاء اجتماعي وسياسى عالى المستوى، وهو ما سيجعل محاولات الجماعة للإفلات من مصيرها المحتوم في الأردن، بعد حكم حلها، فاشلة.
ولفت العفيفى إلى أن تصريحات الشيخ حمزة منصور رئيس مجلس شورى الجماعة التى لمّح فيها إلى تهديد أمن الأردن، في حال تنفيذ الحكم بالحل، يعد استمرار للنهج المعتاد لهذه الجماعة الإرهابية، التى تلجأ للعنف في حال فشلها في السيطرة وتحقيق أطماعها السياسية.
وقال العفيفى: «تصريح حمزة منصور، عن أن تنفيذ هذا الحكم ليس في مصلحة الوطن، بقدر ما يشير إلى تهديد مبطن باللجوء للعنف، يشير أيضا إلى أن الجماعة لم يعد لديها وسائل تواجه بها هذا الموقف العصيب، إذ إن التلميح لاستخدام العنف، يعنى أنها لم يعد لديها أى بدائل سياسية، وأن قادتها باتوا يشعرون بضيق الخناق حول أعناقهم»، متوقعا أن تنتقل المواجهة قريبا إلى ملعب الأمن الأردني، القادر على حسم هذه المواجهة بأسرع وسائل ودون أن يسمح بالمساس بأمن الدولة.

الدكتور أكرم الزغبى، أستاذ القانون الدولى، أكد أن الموقف القانوى للجماعة في غير صالحها، مشيرا إلى أن تصريحات معاذ الخوالدة الناطق الرسمى باسمها، حول استئناف الحكم يأتى من قبيل تهدئة قواعد الجماعة وعدم إرباكها.
وأشار الزغبى إلى أن محكمة التمييز الأردنية تعد أعلى هيئة قضائية في البلاد، وبالتالى فإن أحكامها نهائية، ما يعنى أن المعركة القضائية حُسمت ضد الجماعة، التى لم يعد أمامها إلا الانصياع للإرادة الأردنية، المدعومة من شعوب المنطقة العربية بأسرها، بعد أن ذاقوا الويلات بسبب رعونة الجماعة، وتواطئها مع أعداء الأمة، وكارهى الأوطان. وشدد على أن جماعة الإخوان دخلت مرحلة الأفول بالمنطقة العربية، وحتى وإن كانت تتلقى الدعم من بعض الدول مثل: قطر وتركيا، إلا أنها فقدت الحاضنة الشعبية، وأصبحت منبوذة، وهو ما يعنى أنها ستنتهى خلال سنوات قليلة مقبلة.