السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

سقوط مدوٍ لـ«إخوان الأردن».. رفض الشارع العمانى للكيان «المريب» بعد صدور حكم قضائى بحل التنظيم الإرهابى.. عدم توفيق التنظيم لأوضاعه القانونية وشبهات في أنشطته وتحركاته أهم الحيثات

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كل الطرق مسدودة أمام جماعة الإرهاب، لم يعد أمام الإخوان في كثير من الدول العالم، وبخاصة الدول العربية، إلا الاختباء في الجحور بعد مطاردات سلطات الأمن لها بتهمة تأسيس كيانات غير شرعية ودعم الإرهاب والغرق والتورط والمشاركة في أنشطة مشبوهة وخطط دموية، فيما رفع الجميع شعار، الحصار للجماعة ووقف خطرها، هكذا الحال الآن في الاردن، التي قررت فجأه اسقاط بيت الجماعة وحصارها وطردها من البلاد.
قبل أيام أصدر القضاء الأردني قرارا بحلّ تنظيم الإخوان المسلمين، وتحديدا في ١٥ يوليو بسبب عدم توفيق التنظيم لأوضاعه القانونية. وقد جاء هذا القرار بعد دعوى قضائية رفعها التنظيم الأم ضد جمعية الإخوان المسلمين بهدف إيقاف نقل ملكية أراضيه ومؤسساته إلى التنظيم الجديد. ولكنّ المحكمة أكدت سلمية إجراءاتها الهادفة واعتبرت التنظيم منحلًا بحكم القانون.


تاريخ التنظيم:
يكشف التاريخ، أن علاقة تنظيم الإخوان بالدولة الأردنية مرت بتطورات عدة منذ نشأة التنظيم في الأربعينيات من القرن الماضي. وحتى منتصف الثمانينيات، اتسمت العلاقة بين تنظيم الإخوان والدولة الأردنية بالتعايش، لدرجة أن نظام الأردن قام بدعم إخوان سوريا ضد نظام البعث السوري الذي كان يقوده حافظ الأسد آنذاك.
وفي التسعينيات، بدأ غزو صدام حسين للكويت، هذا الأمر كان له أثر كبير على تغيير التوجهات السياسية للأردن؛ حيث اعتقد القائمون على صناعة القرار آنذاك أن تهدئة العلاقة مع القوى المعارضة، وعلى رأسهم الإخوان، أمر ضروري خاصة في ظل التوترات التي كان يمر بها العالم العربي في ذلك الوقت. بالفعل، تم اشراك تنظيم الإخوان وتم منحهم ٥ مقاعد وزارية. ولكن، بعد انتهاء حرب الخليج، تراجعت الدولة عن فكرة إشراك المعارضة في الحكم، خاصة أن الأردن كان قد بدأ في اتخاذ إجراءات تتعلق بخصخصة القطاع العام، قبل أن يقوم الأردن لاحقا بالدخول في مفاوضات سلام مع إسرائيل.
غضب الملك:
بمجرد تولي الملك عبد الله الحكم في نهاية التسعينيات، طرد قادة حماس من الأردن في محاولة لتحجيم دور الجماعة في الشأن العام، خاصة أن تنظيم الإخوان قد استغل القضية الفلسطينية في زيادة شعبيته على المستوى الداخلي الأردني.
في عام ٢٠٠٦، سيطرت حماس على المجلس التشريعي الفلسطيني، الأمر الذي أثار مخاوف في الأردن من احتمالية تأثير ذلك على الشأن الداخلي الأردني. لكنّ انتخابات ٢٠٠٧ النيابية لم تلق قبولا من التنظيم، الأمر الذي دفع التنظيم للانسحاب من الانتخابات البلدية لاحقا.
فيما شكلت ثورات الربيع العربي نقطة محورية في العلاقة بين الطرفين، حيث اندفع التنظيم وطالب بإجراء إصلاحات سياسية. كما تبنى التنظيم مفهوم" الشراكة مع النظام بدلا من المشاركة" بهدف تقييد صلاحيات الملك.
صحيح أن التنظيم لم يتبن مطلب اسقاط النظام في خطابه الرسمي، لكنّ أفعاله على الواقع كانت تؤكد محاولته استغلال وصول الإخوان للحكم في مصر من أجل إجبار ملك الأردن على إشراكهم في الحكم بصورة غير مسبوقة. علاوة على ذلك، ظهر في هذه الفترة جيل من الشباب لم يقبل بالمشاركة الهامشية التي لا تؤثر في صناعة القرار أو مخرجات العملية السياسية.
وبعد ثورة ٣٠ يونيو في مصر، تدهورت العلاقة بين الإخوان والملك، خاصة أن الأردن كان من أوائل الدول التي دعمت الثورة، لدرجة أن أول زيارة رسمية خارجية لمصر كانت من ملك الأردن.
على النقيض من ذلك، لم يقبل التنظيم بموقف الدولة الرسمي، ووصلت الثقة بين الطرفين إلى درجة منخفضة للغاية. وقد تصاعدت الأزمة في مارس ٢٠١٥، حينما قام المراقب العام السابق للتنظيم بتسجيل جمعية جديدة تحمل اسم" جمعية الإخوان المسلمين". وقد حصلت هذه الجمعية على الترخيص القانوني، قبل أن ينقل لها القضاء ممتلكات الجماعة الأم، لتصبح الجماعة الأم في وضع قانوني صعب للغاية.


دوافع الحل:
في يوليو ٢٠٢٠، صدر قرار من القضاء الأردني بحل التنظيم لعدم حصوله على الترخيص اللازم. ردت الجامعة أنها قد حصلت على الترخيص في الخمسينيات من القرن الماضي، كما اعتبرت ما قامت به الحكومة محاولة للقضاء على المعارضة.
تمتلك الحكومة الأردنية دوافع متعددة لحل الجماعة، أولها أن علاقة الجامعة بالتنظيم في مصر لازالت قائمة نظريا، حتى إن لم يكن هناك اتصالات عملية، الأمر الذي يشكل تهديدا حقيقيا لسيادة الدولة الأردنية. علاوة على ذلك، وفر السياق الإقليمي الرافض لأي دور لتنظيمات الإسلام السياسي مبررا كافيا على المستوى الرسمي والشعبي من أجل منع التنظيمات الإسلاموية من ممارسة أي نشاط سياسي.
تطورات القضية:
ولا يخفي علينا أن التطورات في القضية الفلسطينية قد لعبت دورا كبيرا في دفع الحكومة الأردنية للتعجيل بقرار حلّ الجامعة الأم؛ حيث أعلن الاحتلال الإسرائيلي عن رغبته في ضم أجزاء من الضفة الغربية، الأمر الذي قد يدفع التنظيم للتصعيد من خطابه ضد الاحتلال، ما قد يضع الدولة في مأزق حقيقي. بعبارة أخري، سوف يعمل التنظيم على استغلال الأزمة لرفع شعبيته بين المواطنين، وفي نفس الوقت ضرب شعبية الملك من خلال رفع سقف المطالب التي يجب على الدولة اتخاذها كرد ضد الاحتلال. ولأن المتغيرات الإقليمية قد تفرض على الأردن اتخاذ إجراءات محددة في سياق زمني معين، فإن كل المطالب التي قد يرفعها التنظيم قد تقبل بالرفض في البداية، الأمر الذي قد يدفع شعبية الملك للتراجع بعد إظهاره بغير القادر على اتخاذ قرارات مصيرية تتعلق بوحدة وسيادة الأردن.


الانشقاقات:
على صعيد آخر، لعبت الانشقاقات دورا هاما للغاية في دفع الأردن للقيام بحل الجامعة الأم؛ حيث لا تزال جمعية الإخوان المسلمين (أسهها المنشقون عن التنظيم) قائمة وتمارس مهامها السياسية والمجتمعية في ضوء التفاهمات مع الدولة.
فيما لا زال الإبهام يسيطر على مستقبل التنظيم داخل الأردن، وليس واضحا إذا ما كانت الأردن سوف تحاول إيقاف نشاط التنظيم بشكل كامل، أم أن قرار الحل يهدف لمنع التنظيم من المشاركة السياسية بأي شكل. كما لا يزال الجدل قائما حول حزب العمل الإسلامي المنبثق عن الجماعة الأم.
وفي ضوء ماسبق، وبحسب مراقبين هناك عدد من السيناريوهات قد تكون مطروحة في العلاقة بين المملكة والجماعة المنحلة بينها:
١- الحل الشامل:
ويقصد من ذلك أن قرار الحل الهدف منه ايجاد أطر قانونية من أجل القبض على كل منتسب للجماعة بهدف تفكيكها بشكل كامل. وفقا لهذا السيناريو، سوف تقوم الحكومة الأردنية بفرض قيود على حزب العمل الإسلامي اعتقادا منها أن قيادات التنظيم الأم سوف يلجأون إلى الحزب من أجل اتخاذه كغطاء لممارسة العمل السياسي. ومن ثم، قد نشهد قانونيا منظما للأحزاب السياسية خلال الفترة المقبلة بهدف منع أي حزب ذات مرجعية غير مدنية من الاندماج في الحياة السياسية.
٢- المواجهة الجزئية:
ويقصد من ذلك أن مواجهة الدولة الأردنية سوف تكون بالأساس مع التنظيم الأم من أجل القضاء عليه نهائيا ودفعه للحل الذاتي بعد الحل القانوني. وفي الوقت ذاته، سوف تمنح الحكومة الأردنية الفرصة لحزب العمل لممارسة العمل السياسي والمشاركة في الانتخابات كوسيلة لإجبار التنظيم على الاعتراف بشرعية النظام الحاكم ودفعه للعمل وفق خطوط محددة ترسمها الدولة.
٣- ترسيخ المنظمة الجديدة:
وفق لهذا السيناريو، سوف تعمل الحكومة الأردنية إلى دفع عدد أكبر من منتسبي التنظيم الأم للإنشقاق والهجرة نحو جميعة الإخوان المسلمين التي أنشأها المنشقين في عام ٢٠١٥. وتهدف الحكومة الأردنية من ذلك إلى تحقيق منفعة مزدوجة؛ أولها القضاء على التنظيم الأم المعارض للدولة، وثانيها السماح للتنظيم الجديد بالنمو داخل المجتمع الأردني من خلال استخدام شعبية الأعضاء الجديد. وبذلك تكون الدولة الأردنية قد قضت على شعبية التنظيم دون أن تحدث غضبا شعبيا.
في النهاية، علينا أن نشير أن التنظيم الأم سوف يحاول التفاوض مع الدولة وتقديم تنازلات بهدف السماح له بالحفاظ على كيانه حتى دون أي مشاركة سياسية. وسوف يعتمد التنظيم على تجربة التنظيم الأم في مصر؛ حيث كان محظورا في عهد مبارك، ولكنه في الوقت ذاته تمكن من الحفاظ على كيانه. ولا شك أن الأردن يدرك ذلك جيدا، وسوف يعمل على عدم تكراره.