بات جليا للجميع أن قيادات العالم يمكن بكل بساطة تصنيفها إلى عدة أصناف واضحة الخصال وذلك من خلالها خطابها السياسي لشعوبها وشعوب العالم.
أولها: الضعيف الذي يملأ الدنيا ضجيجا ولربما ساقه عقله الصغير إلى أن يقذف الناس بالحجارة ويقذف الدول بالصواريخ وإن كان ليس معه إلا واحدا بلاستيكيا أو بالستيا.. هدفه في ذلك لفت النظر إلى أنه موجود على رقعة الأرض مثل دويلة "قطر".
النوع الثاني من قيادات الدول: القوى المتهور الذي يمتلك كل مقومات وأدوات القوة لكنه لا يدرك الحكمة من ذلك فيوظفها في غير موضعها وينتهي به المآل إلى حال ذلك الضعيف وإن خدعته النتائج الوهمية وخدع نفسه بإطالة معاركه لكنه في النهاية مهزوم لا محالة.. مثل "إيران وتركيا".. وتتعدد النماذج في هذا النوع مرورا بإسرائيل وصولا إلى أمريكا.
النوع الثالث الحكيم وهي الصفة التي تعد كترمومتر داخلي إن وجد داخل الشخص بات قائدا من نوع فريد.. وتتعدد نماذج هذا النوع ومن الممكن أن يندرج تحتها قيادات لدول كثيرة مثل الصين وروسيا والعديد من الدول الأوربية وغيرهم من دول العالم الطموحة.
والسؤال أين نحن؟ أو بالأدق أي صنف تنتمي إليه قيادة مصر الحالية المتمثلة في الرئيس عبد الفتاح السيسي؟.
ونحن قد سقنا كل ما سبق لنصل به إلى خطاب الرئيس عبد الفتاح السيسي أول أمس، في افتتاحات مدينة الروبيكي وهو يتحدث عن سد النهضة وعدة ملفات أخرى.
والمتفحص يجد أن الخطاب هذه المرة جاء مختلفا تماما وإن كان تبسيطا للعوام استخدم عدة كلمات بلغتهم لطمأنتهم أننا أقوياء: "الأسد محدش ياكل أكله"، وتناقل الكثير هذه الكلمات كتعبير عن ملخص الخطاب، لكن لمن أراد أن يرى من منظور مختلف عليه أن يعاود مشاهدة خطاب الرئيس ليدرك أن مصر في مرحلة القوة المنضبطة.
ومن أروع ما جاء في الخطاب أن يعيد مع شعبه توزيع المسؤوليات وكأنه يدلي بهذا الخطاب بعد حلفه اليمين فيقول للشعب هذا دورك: "كل ما تقلق اشتغل.. اشتغل أكتر علشان تبقى قوي وجامد"، ثم يستعرض مسؤوليته كرئيس: "واخدين بالنا من بدري.. التفاوض هيطول.. خايف ما تقعدش تتكلم وتهدد وتقول كلام مالوش لازمة.. خلي كل واحد أسد صغير في مكانه.. بحترم كل رأي".
ويختتم ونختتم: "محدش يشكك في قيم الشرف، لو كنا ظالمين أو معتدين ماكانش ربنا وفّقنا، لازم يكون النجاح جائزتنا".