الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

محمد السيد عيد يكتب: "وداعًا حسن عطية"

حسن عطية
حسن عطية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
عرفت حسن عطية عام 1975، عندما أكتب بمجلة السينما والمسرح، التي يرأس تحريرها يوسف جوهر، وأتنقل بين المسارح لمشاهدة العروض والكتابة عنها، وكان عطية موظفًا بمركز ثقافة القرية التابع للثقافة الجماهيرية، قبل أن ينتقل لمعهد الفنون المسرحية.
كنت ألقاه في كل موقع يقدم أعمالًا مسرحية، حتى لو كانت هذه الأعمال مجرد تجارب للهواة. قال لي إنه كان متفوقًا في دراسته، ويستحق أن يعين معيدًا، لكن الأكاديمية لم تعينه. والمهم أنه ظل في الثقافة الجماهيرية حتى عاد إلى بيته في معهد الفنون المسرحية.
لاحظت منذ أن تعارفنا أنه لايهتم بالمسرح وحده، بل يقرأ في الرواية، والقصة القصيرة، والشعر، وكل مايقع تحت يده، ولاحظت أيضًا أنه يصاحب الأدباء والشعراء كما يصاحب المسرحيين. والتحق بكلية الإعلام للحصول على دبلومة في الإعلام، وكأنه يسابق الزمن في تحصيل المعرفة.
أرسلته أكاديمية الفنون في بعثة إلى أسبانيا، فتعلم اللغة الإسبانية، واهتم بالسينما، واقترب من سينما أمريكا اللاتينية بالذات. ومنذ أن عاد من البعثة ملأ الدنيا نشاطًا وحركة. كان قاسمًا مشتركًا أعظم بين كل الأنشطة المسرحية. ونجح في أن يكون رمزًا مسرحيًا.
رغم أني ابتعدت عن متابعة العروض والكتابة عنها، بعد عملي بالثقافة الجماهيرية، إلا أننا بقينا على صلة دائمة، فقد أصدرت في هذه الفترة العديد من الكتب عن النصوص المسرحية، كما حققت عدة مسرحيات كادت أن تضيع لولا أن وفقني الله لنشرها.
ثم جمعتنا الثقافة الجماهيرية، فقد انتدبنا حسن عطية لتولي مهمة مدير عام المسرح، لكن بعض كارهي النجاح سعوا حثيثًا لتطفيشه، ونجحوا في تحقيق هدفهم. ولم تتأثر علاقتنا ببعده عن الثقافة الجماهيرية، فقد التقينا في مجال التلفزيون، إذ انتبهت كل جهات الإنتاج الدرامي لحسن عطية، وقدرته على الحكم الموضوعي على النصوص، فاستعانت به، وكان من حسن حظي أن قام بقراءة عدد من مسلسلاتي: قاسم أمين، ومشرفة، وعلي مبارك، والإمام الغزالي. وأذكر أن أحد أساتذته كان يقرأ معه مسلسل الإمام الغزالي، ورفض الأستاذ المسلسل لأسباب لا أعلمها، ووافق عليه الدكتور حسن، وحين عُرض المسلسل تأكد للجميع أن الأستاذ لم يكن منصفًا ولا محايدًا، وأن حكم حسن عطية كان هو الصواب.
ولابد أن أذكر أن الدكتور حسن عطية رفض مسلسلات لكتاب مشاهير، ولم يخش في ذلك لومة لائم، ودافع عن وجهة نظره، وأذكر أن أحد هؤلاء الكتاب وكان ملء السمع والبصر، كان يقول له: إمتي ترضي عننا؟ لأن حسن رفض له عدة أعمال رأى أنها تافهة.
والتقينا في اتحاد الكتاب، وسافرنا معًا إلى سوريا لتمثيل مصر في ندوة مشتركة عن الدراما، فكان نعم الصديق. وجمعتنا لجنة النصوص الدرامية بالإذاعة في السنوات الأخيرة، وكنا نلتقي بانتظام، قبل أن تسوء حالة الدراما الإذاعية وتتوقف تمامًا. وأذكر أنه كان حريصًا على الحضور للقاء الأصدقاء أعضاء اللجنة رغم متاعبه الصحية.
كانت نقطة ضعف حسن عطية -في رأيي- إنسانيته الشديدة، كان يتبني تلاميذه، يفتح لهم قلبه وبيته ومكتبته وعقله، وأحيانًا كان بعض التلاميذ يستغلون طيبته فيغدرون به. ومع هذا لايتحدث عنهم بسوء، بل لايذكر إساءاتهم إلا عرضًا.
وقد يلاحظ بعض المتابعين أن حسن عطية لم يترك كتبًا كثيرة، لكن من المهم أن يعرف الجميع أن ماتركه حسن عطية لايقل أهمية عن الكتب. ترك تلاميذ يحملون هموم المسرح المصرى على أكتافهم، وينشرون علوم المسرح في الوطن العربي، كما كان طرفًا مسؤولًا عن إجازة أعمال نستمتع بها حتى الآن في المسرح والتلفزيون ولإذاعة.
رحم الله أخي وصديقي وعشرة عمرى حسن عطية.