الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الصوفية.. والعمل السياسي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يتبادر لدى ذهن كثير من مترقبي المشهد الصوفي السياسي في مصر خاصة فيما بعد ثورة الـ30 من يونيو على وجه التحديد تساؤل مشروع مفاده: لماذا زج بالصوفية إلى حلبة السياسية وهم الزاهدون عنها لعقود طويلة؟
وقد لا يعلم هؤلاء أن الصوفية على مر التاريخ كان لهم تدخلات وأدوار فاعلة وقوية في الحراك السياسي لمصر وكثير من الدول، لكن تلك التدخلات دائماً ما كانت تصب للصالح العام وليس لأهداف شخصية أو عقائدية أو طائفية أو حزبية، حيث نجد أن مشاركتهم إما في نضال وطني ضد مستعمر أو ثورات على حكومات أتى بها المستعمر كما كان له دور بسيط في المشاركة في وضع دساتير بعض الدول.
ومع مرور الوقت اضطر بعض المنتمين للبيت الصوفي اقتحام عالم السياسية خوفا من صعود التيارات المتشددة المعروفة بعدائها المباشر لآل البيت والمنهج الوسطي الذي عليه عموم المسلمين (سلفية وإخوان) إلى سدة الحكم في كثير من الدول ومنها مصر.
وبالعودة لتاريخ التصوف المصري مع العمل السياسي وتحديدا خلال حقبة التسعينيات كانت السلطة الحاكمة لها دور قوي في دخول الصوفية إلى هذا المعترك من أجل توفير الظهير الشعبي والسياسي لها ودعمها بعد أن قامت بصنع فزاعة الفصيل المناوئ للتصوف على الساحة السياسية بعد أن كان ذلك الفصيل ممنوعاً من ممارسة السياسة في مصر.
كان هذا المدخل سببا رئيسياً في بحث الصوفية عن دور سياسي ليس بالمشاركة الفعلية في الحياة السياسية وإنما اقتصر الأمر على مساندة ودعم كل من يظهر تعاطفه لهم، واستغل كثيرون هذا الخوف الذي يعتري الصوفية في أن يكسب دعمهم في كافة الاستحقاقات الدستورية من بينها انتخابات مجلسي الشعب والشورى، مروراً بالانتخابات النقابات العمالية والمهنية .
وفي أعقاب ثورتي ٢٥ يناير و٣٠ يونيو، وخفوت بريق تلك الجماعات المناوئة للتصوف والمعادية لمنهج الوسطية، كان على الصوفية أن يعيدوا تقييم تجاربهم السابقة وما حصدوه، فإما أن تعود الصوفية لساحتها وأفكارها ومبادئها التي فقدت الكثير منها؛ وإما أن تكمل المسيرة وتتحول من مفعول به إلى فاعل حقيقي في الحقل السياسي، لكن وبلا أدنى تعقل وجد من داخل البيت الصوفي أصواتاً تخرج لأول مرة تطلب بأن يكون للصوفية أحزاباً سياسية وبنفس الشعارات التي كان يسوقها النظام السابق بزعم التصدي للجماعات المتشددة والعمل لمصلحة الصوفية ولكن للأسف فشلت هذه الأحزاب التي خرجت من رحم الصوفية لعدم خبرتها بدروب السياسة وعدم انفتاحها على المجتمع .
ومع اقتراب انتخاب مجلسي الشيوخ والنواب 2021، وجب على جميع أفراد البيت الصوفي أن يحسنوا مراجعة التجربة السياسية فإما أن تكون اختياراتهم عن تعقل وروية فيمن سوف يستحق الدعم دون النظر إلى انتمائه حزبياً كان أم طائفياً وقبلياً وأن يكون دورهم السياسي مقتصراً على مساندة الدولة ودعمها كي تمر من أزماتها فما عهدناه عن الصوفية قديماً هو إرث لا ينبغي التفريط فيه ونحن في تلك المرحلة الأخطر في تاريخ مصر. 
أود من خلال مخاطبتي الضمائر كافة والصوفية خاصة أن يكون عنوان المرحلة المهمة في تاريخ بلدنا ونحن نسترجع أنفاسنا "مصر الحديثة.. مستقبل على خطى الماضي العريق" وأن نكون على مستوى الحدث فلا الناخب أو المنتخب ببراء من التبعات التي قد ندفع ثمنها حال إهدار الفرصة السانحة أمامنا في التقدم بمصر نحو الأمام أو البقاء محلك سر، نريد ممن يجدون في أنفسهم الصلاحية في خدمة هذا الوطن وهذا الدين بصدق ودون مصلحة شخصية أن يتقدم الصفوف، وأن يكون الناخب شريكاً في صناعة مستقبل لا حزباً للكنبة كما عهدنا السماع خلال الفترة الأخيرة كثيراً.. حفظ الله مصر وحفظ شعبها ووفق أبناءها في أن ينالوا الاستقرار والأمن.