الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

الأنبا دانيال لطفي يكتب: متى أكون حرا؟

الأنبا دانيال لطفي
الأنبا دانيال لطفي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أنـا حـرّ عـندما أؤمـن بإلـه خـلـق كـلّ شيء بحـرّيـة... أؤمن أن الله سبحانه وتعالى هو المصدر الحقيقي للحرية، وضع الحرية في المخلوقات، بنسب معينة ولحكمة لديه وحده، بهدف استمرار الحياة وتحقيق التوازن الطبيعي والوجودي للحياة.
أمّا في الانسان، كمخلوقٍ على صورة الله ومثاله، إذ أنه تاج الخليفة وعلى قمتها، فوضع الحرية فيه ملازمة لكيانه وكينونته. رجل وامرأة خلقهما أحرارًا، الرجل والمرأة في مسئولية متبادلة كلٌّ تجاه الآخر. وسلّطهما على الخليقة، بمعنى انه جعل الإنسان مسئولا على المخلوقات، من هنا افهم ان الله مصدر الحرية ووضعها في الإنسان في شكل المسئولية، أي الحرية المسئولة وليست بمعني الأهواء أو الانفلات.
أنـا حـرّ عـندما أقـبل حـرّية الآخـرين...
قبول الآخر، الإنسان وكل إنسان بأجناسه وثقافاته وعاداته ولغاته ودياناته. ليست الحرية شعارًا نرفعه او أغنية نتغنّاها! بل واقع في مجتمع نعيشه. منذ نعومة اظافرنا، في المدرسة، المعهد والجامعة قبول الزملاء، آرائهم اختلافاتهم. مع جيران السكن، في الاستخدامات المشتركة بيننا، احترام وقت راحتهم، احترام الانتماءات المختلفة دينيًا، سياسيًا، رياضيًا، فنيًا...الخ.
كيف أسعى لأكون حرًا دون الإيمان بحرية الآخر؟
أنـا حـرّ عـندما تكـون حـرّيتى أثـمن مـن المـال...
لا شك أن المال مطلب ضروري للإنسان ليأكل ويلبس ويسكن ويتعلم، ويتزوج ويتعالج اذا مرض. ولكن تبقى الحرية الداخلية تجاه المال شاهدة لكرامة الإنسان ونزاهته. الجميع في تجربة مع المال نظرًا للاحتياجات المادية وضرورة توفيرها، لكن يبقى مبدأ " ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، بل بكلمة الله، أي بمشيئته وإرادته. نحتاج المال ولا نتكل عليه. اغراءات جلب المال غير الشرعي كثيرة وسهلة، ولكن الفقير النزيه اكثر حرية من غني اغتنى بالسرقة او الرشوة. الحرية تجاه المال تعني الكرم والسخاء ومد يد العون للمحتاج والمعوز واعمال الرحمة والخير.
أنـا حـرّ عـندما أؤمـن أن لا شئ مستـحـيل.
من أعداء الحرية اليأس، والإنسان الحر لا يعرف اليأس ولا المستحيل، يقبل الفشل وخيبات الأمل، لكن لا يستسلم لهما. يسقط ويقوم، يتعلم من فشله وسقطاته. نظره للأمام ولا يتوقف عند ماضيه حتى وان كان مشّرفًا، لانه يرى الغد اكثر حرية من اليوم.
أكون حرًا كلما كنتُ ممتلئًا بالرجاء في نفسي وفي الآخر. لا مستحل لي ولا للآخر، معًا نعمل ونبني اليوم لنحيا غدًا أفضل وليس الأفضل.
أنـا حـرّ عـندما أنجـح فى أكون إنسانًا
خُلق الإنسان ليكون إنسانًا، وليس ملاكًا. أي ان يحيا ليحقق طبيعته الإنسانية، وان يترك البصمة الإنسانية في كلّ معاملاته. تذكر انك انسان حين تتعامل مع الانسان الآخر، مع النبات والحيوان والطير.. اترك بصمتك كإنسان في معاملاتك، حتى يقولون حقًا إنه إنسان ويتعامل بإنسانية. لأن الخالق وضع فينا العقل، الحكمة، الرحمة، الإبداع، الطمانينة، الفرح.
أنـا حـرّ عـندما لا يكـون المـوت فى نظـرى سوى عـبور إلى مـلء الحيـاة وتمامهـا...
إن الحقيقة المؤكدة في حياة الإنسان هي الموت، لأنه كأس يتذوقه كلُ بشرٍ، قد يبدو للبعض إنه نهاية المطاف، وللبعض الأخر انه بداية جديدة لحياة يكتمل فيها معنى وهدف وجودنا على الأرض. كلما بحثنا عن معنى لحياتنا، وعشنا ملء اللحظة الحاضرة بإنسانية ورقي وحب وإيمان، حينذ أكون حرًا ولا اخشى الموت، بل سيكون لي ولغيري عبورًا إلى ملء الحياة وتمامها.