الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

خبراء يضعون خريطة لتطبيق قانون التصالح في المباني.. "حسنين": 8 مقترحات لإنفاذ القانون وحماية الثروة العقارية.. "جاب الله": التبوير والبناء المخالف أمور مٌجرمة.. والدولة تملك الرد المناسب على المخالفين

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تصاعد النقاش على مدى الأسابيع الماضية على تعديلات قانون التصالح مع مخالفات البناء، كما أثير الجدل حول من يتحمل قيمة المخالفات سواء مالك العقار أم الساكن، في الوقت الذي بدأت المحافظات في تلقى طلبات التصالح على مخالفات البناء من المواطنين الذين تقدموا بملفاتهم خلال الفترة الماضية للاستفادة من المهلة التي حددتها الدولة حتى 30 سبتمبر المقبل.

وناقشت "البوابة نيوز"، عدد من المختصين ومهندسي التخطيط العمراني، والخبراء الاقتصاديين، والذي وضعوا خريطة مقترحات للتطبيق المرن للقانون الجديد، بما يقلق من مخاطر التطبيق دون ضوابط، وحماية أصحاب الحق، ومحاسبة المخطئين.
قال الدكتور سعيد حسنين، استشاري تخطيط عمراني، إن هناك جدل كبير حول قانون التصالح في المخالفات فالقانون جاء بعد فترة اقتصادية وسياسية عصيبة وما جرى في 25 يناير 2011 والذي أدى إلى انهيار أدوات السيطرة على العمران لدرجة أدت إلى نمو عمراني غير رسمي وغير مسبوق واستفحلت المخالفات وانتشرت في جميع المدن والقري القائمة، وكادت أن تصل إلى العديد من المدن الجديدة أو حولها وحدث كل هذا وكانت الدولة كله تمر بفترة سياسية عصيبة واقتصاد منهار وبنية أساسية لا تتحمل هذا النمو الهائل بعد الثورة، وبعد ثورة 30 يوليو بدأ البعد الأمني يفرض السيطرة على النمو العشوائي وأن كانت العشوائية لم تنتهي نهائيًا.
وأضاف، بدأت الدولة في زيادة قدرات المرافق وتدعيمها في كل القطاعات، ومع هذا استمرت العشوائية والمخالفات في الانتشار حيث ظهرت في 2017 مشكلة وجود أكثر من ربع الوحدات السكنية بالدولة المصرية شاغرة ولم تسكن، وهو الأمر الذي كان نتيجة طبيعية للنمو الهائل في العمران غير الرسمي (12 مليون وحدة)، وبدأ ينذر بكارثة إنسانية نتيجة عدم تحمل المرافق وانهيارها في حالة استغلال ذلك الشقق.
وقال د. حسنين: من هنا ظهرت الحاجة إلى قانون يساهم في الحد من ظاهرة العشوائية واللارسمية في البناء ويحد أيضًا من تدمير مقدرات البلد والأفراد بإزالة المباني المخالفة، وهو الأمر المدمر لاقتصاد البلد قبل اقتصاد الفرد القائم بالمخالفة، وكذلك يوفر أمولًا تساهم في رفع كفاءة المرافق لتتحمل الوضع الحالي والمقترح وكذلك توفير بعض الخدمات الضرورية للصحة والتعليم.

ملاحظات مهمة
وأضاف: وظهرت الحاجة إلى ضرورة إصدار قانون يوفر آلية للتصالح في المخالفات تسمح للمخالفيين بالتقدم إلى الجهات المعنية للتصالح مع الدولة في بعض المخالفات التي نص عليها القانون وبما يراعي القانون الموحد للبناء ويتم تعديله حاليًا، ويقوم المخالف بدفع مبالغ معينة تحسب حسب نوع المخالفات والمكان الموجود فيه المبنى (مدينة - قرية - محافظة) وقد صدر القانون عام 2017، وأصدرت اللائحة التنفيذية له عام 2019.
وأشار إلى أن البعض يرون أن الشاري للوحدات كان يعلم أن الوحدة غير مرخصة ومخالفة وفي أغلب الاحيان اشتراها من المطور بسعر أقل من السوق في هذا الوقت ولذلك فهو يتحمل الجزء الأكبر من الجرم (المخالفة) فهو ليس ساذجًا.
وأوضح حسنين، أن في ضوء الأسباب التي أدت إلى الانهيار العمراني الذي حدث من 2011 وحتي الآن، نخرج بعدة ملاحظات، أولًا الدولة تتحمل جزء من المسئولية عن ذلك بالتراخي في منع المخالفات وعدم تفعيل قانون التصالح قبل ذلك بفترة كافية، ثانيًا الإجراءات الحالية للحصول على تراخيص البناء تستهلك جهدًا كبيرًا وزمنًا طويلًا وتكاليف ليست بالقليلة (رسمية وغير رسمية) يتحملها المطور بما يدفع الكثير من المطورين للمخالفة والاسراع في البناء، وتدخل العديد من الجهات للاعتماد ضمن إجراءات إصدار التراخيص وأحيانًا يمكن أن تأخذ سنة أو أكثر بسبب تلك الإجراءات، ثالثًا هناك تأكيد كبير أن أغلب مهندسي الأحياء يقومون بعمل الإجراءات الإدارية السليمة قانونًا والتي تحفظهم من المساءلة مثل محاضر المخالفة/ قرارات الازالة/ قرارات عدم تنفيذ الازالات، وغيرها، لكنهم لا يقومون بتكملة الإجراءات في بعض الاحيان مثل تنفيذ القرار بالقوة على حساب المالك المخالف أو أحيانًا تأجيل توصيل القرارات إلى الجهات التي تشارك في إزالة المخالفة مثل الشرطة أو المحافظة.
ورابع الملاحظات تلك العلاقة الفاسدة بين المطور الفاسد والمهندسين الفاسدين وتكون على أساس ترك المالك يبني حتى ينتهي البناء ويتم تسكين بعض الشقق ( حتى لو صوريا) خصوصًا في الأدوار العليا النهائية للمبنى، خامسًا يجب الاعتراف أن أي ازالة تتم لمباني هي نوع التدمير لمقدرات المواطنين والدولة، وهذا يجب منعه والتفكير في آليات أخرى، سادسًا قانون التصالح في مخالفات البناء جاء في وقت متأخر حيث كان يجب أن يكون مباشر بعد ثورة 30 يونيو أن لم يكن قبل ذلك.

مقترحات لتفعيل القانون
واقترح استشاري التخطيط العمراني مجموعة إجراءات للتطبيق المرن للقانون، أولًا تطبيق القانون يجب أن يتم بحزم خصوصًا في المخالفات على الأراضي الزراعية والأدوار العالية المخالفة أو المباني التي تتم على ملكيات الغير، ثانيًا يجب أن يكون هناك آلية للتأكد من السلامة الانشائية للمباني ولهذا يجب اشراك نقابة المهندسين مع عمل مؤتمر عام للتناقش حول تلك الآليات، ثالثًا التأكيد على نزع ملكية المباني المخالفة على أراضي الزراعية بعد 2017 وأراضي وضع اليد أو التعديات على أملاك الدولة أو الأفراد أو الجهات المختلفة الأخري مثل الأوقاف والآثار.
أما رابع تلك الإجراءات، التبسيط من إجراءات وحدة التراخيص وإلغاء بعض الإجراءات منها خصوصًا التي تحتاج مدد طويلة للاعتماد، خامسًا، تحميل مسئولية تطبيق قانون البناء وبنودة والسلامة الانشائية على مهندس المشروع (النقابيين) أو المكتب القائم بالتصميم والمهندس المشرف على التنفيذ، سادسًا تكون الأحياء والجهات الإدارية ومنسوبيهم ومهندسيهم مسئولين فقط عن الإجراءات الإدارية لتوصيل المرافق بعد متابعة المباني أثناء البناء للتأكد من عدم المخالفة وتدعيم النقابيين والمهندسين والاستشاريين والمكاتب الهندسية بأي اشتراطات يلزم تطبيقها مع الاسراع بتوصيل المرافق للمباني الصادرة لها تراخيص ومنعها كليًا عن المباني التي ليس لها ترخيص أو التي لها ترخيص وبها مخالفات جسيمة مثل تجاوز الارتفاعات أو تعديات على الشارع، سابعًا الدولة لن تستطيع تتبع المطوريين ولهذا أعتقد أن شاغر الشقة (صاحبها الحالي) هو المسئول أمام الدولة عن دفع قيمة التصالح مع مراعاة البعد الاقتصادي والاجتماعي للسكان حسب كل منطقة، ثامنًا يتم محاسبة المهندسين بالأحياء عن العمارات المخالفة التي ليست لها ترخيص وتم بناؤها ولم يتم الإبلاغ عنها أو ايقاف العمال بها فور حدوث المخالفة.

جرائم
وقال الدكتور وليد جاب الله، خبير اقتصادي، إن التصدي للتبوير وللبناء المخالف بكافة صورة هي أمور مٌجرمة بالفعل ولها عقوبات وتمارس الدولة دورها بشأنها ولكن مع تداعيات كورونا تصور البعض أن يد الدولة سترتخي بصورة تسمح لهم بالمخالفة والإفلات دون عقاب وطلب التصالح بعد ذلك، لافتًا إلى أن الدولة المصرية لديها من القوة حاليًا للتصدي للمخالفين.
وأشار جاب الله إلى أن جرائم إقامة الأعمال دون مراعاة الأصول الفنية المقررة قانونًا في التصميم أو التنفيذ أو الإشراف على التنفيذ أو في متابعته، وعدم مطابقة التنفيذ للرسومات والبيانات والمستندات التي مُنح الترخيص على أساسها، وكذلك الغش في استخدام مواد البناء أو استخدام مواد غير مطابقة للمواصفات المقررة، وإقامة مبانٍ أو منشآت على الأراضي الزراعية أو اتخاذ أي إجراءات لتقسيمها لإقامة مبانٍ عليها أو الشروع في ذلك، مضيفًا إلى جرائم إقامة مصانع أو قمائن الطوب في الأراضي الزراعية، وترك مالكي الأراضي الزراعية أو نوابهم أو مستأجريها أو الحائزين لتلك الأراضي غير المنزرعة لسنة من تاريخ آخر زراعة رغم توافر مقومات صلاحيتها لذلك ومستلزمات إنتاجها.
وشدد المهندس محمد البستاني، رئيس مجلس إدارة جمعية مطوري القاهرة الجديدة، على أن مصر بها ثروة عقارية كبيرة واستثمارات يجب المحافظة عليه، بما لا يخالف القانون، لافتًا إلى أن قانون التصالح يحقق إيرادات قيمتها 700 مليار جنيه.
وطالب "البستانى" باستخدام هذا المبلغ في تطوير البنية التحتية للبلاد، موضحًا أن القانون سوف يساهم في إعادة رسم خريطة القطاع العقارى في مصر، وفتح صفحة جديدة مع المواطنين، وتحويل شريحة كبيرة من العقارات المخالفة إلى وحدات سكنية قانونية.
وكشف "البستانى"، أن هذه الخطوة من الدولة ستؤدى لانتعاش مؤقت في السوق العقاري، عن طريق طرح وحدات سكنية كانت تصنف بأنها "عشوائية وغير شرعية" وقد يؤدى ذلك إلى تحسين الأسعار أو ثباتها على الأقل.


المباني غير الآمنة
وقال الدكتور حسين جمعة، رئيس جمعية الثروة العقارية المصرية، إن قانون التصالح مع مخالفات البناء، لا يشمل المباني غير الآمنة إنشائيًا، والمباني البعيدة عن خط التنظيم، أو حالات البناء على أراضي الدولة، أو البناء بارتفاع يتعارض مع الطيران المدني، خاصة أن الطيران المدني يمنع البناء بالقرب من المطارات بمسافة تصل لـ5 كيلو مترات، وفي هذه الحالات سيمنع التصالح، وستتم الإزالة الفورية.
وأضاف جمعة، أن أي شخص يضع يده على أراضي الدولة ستقوم الدولة بقطع يده على الفور، لأن هذه الأراضي ملك الشعب، والدولة لن تسمح بسرقة أموال الشعب، موضحًا أن هناك حرم للنيل أو البحر يمنع البناء عليه، كما أنه لا يجوز البناء خارج الأحوزة العمرانية، مشددًا على ضرورة عدم تكرار مثل هذه المخالفات في المستقبل.
وأشار رئيس جمعية الثروة العقارية المصرية إلى أن إجراء تعديلات على قانون مخالفات البناء بعد صدوره بـ6 أشهر، يدل على وجود ثغرة في القانون، نتيجة عدم حصوله على حقه في الدراسة، ولذلك أجرت لجنة الإسكان مؤخرًا تعديلات على هذا القانون بهدف التيسير على المواطنين، ومن ضمن هذه التعديلات مد فترة التقدم للتصالح لـ6 شهور، وإعطاء الحق لرئيس الوزراء بتمديد فترة التقدم للتصالح مرة أخرى، موضحًا أن قانون التصالح اشتراط للتصالح طلاء الواجهات، لكنه استبعد هذا الشرط في القرى، وهذه الأمر حدث في التعديلات الأخيرة.
من ناحية أخرى، أكد المهندس فتح الله فوزي، رئيس لجنة التشييد والبناء بجمعية رجال الأعمال، أن رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، اشترط دفع مبالغ معينة لمقدم طلبات التصالح على مخالفات البناء، كجدية على تقديم الطلب، لافتًا إلى أن أكثر شيء جيد في قانون التصالح هو تحقيقه الرهبة من القيام بأي مخالفة في المستقبل، موضحًا أن قانون التصالح سينظم عمليات البناء في المستقبل، والشخص الملزم بالتصالح هو مرتكب المخالفة وليس الساكن الذي اشترى الوحدة المخالفة.
ولفت إلى أن جمعية رجال الأعمال تقدمت بمذكرة لمجلس الوزراء، بسبب وقف البناء للحاصلين على تراخيص بناء لمدة 6 شهور، وطالبت باستكمال البناء، خاصة غير المخالفين للرسومات التراخيص أو اشتراطات البناء، مؤكدًا أن الدولة لها الحق في إزالة أي مباني مخالفة للترخيص، وإلزامها بأي اشتراطات جديدة، أما الملتزمين فهناك ضرورة لاستكمال أعمالهم، وهذا كان طلب الجمعية من مجلس الوزراء، لكن للأسف لا توجد أي استجابة حتى الآن.