الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

أحمد عبدالرازق أبوالعلا يكتب: ثورة يوليو والمسرح

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قامت ثورة 23 يوليو 1952 وحددت مجموعة من المبادئ عكست فكر رجالها وأيديولوجيتهم، وعُرفت بالمبادئ الستة "القضاء على الإقطاع، والاستعمار، وسيطرة رأس المال على الحكم، وإقامة حياة ديمقراطية سليمة، وجيش وطني قوي، وعدالة اجتماعية" وتلك المبادئ آمن بها - في تلك الفترة - معظم كتاب المسرح، وكانوا شبانا، تحمسوا لفكر الثورة، وزعيمها، فكتبوا أعمالا وعالجوا أفكارا لم تبتعد كثيرا عن تلك الأفكار التي طرحتها الثورة، فشاهدنا أعمالا لسعد الدين وهبة تدين الإقطاع وتتحدث عن الفساد الإداري، وشاهدنا أعمالا أخري تدين الاحتلال وتدعو إلى التحرر الوطني، وكتب نعمان عاشور عن واقع مصر الاجتماعي قبل الثورة وواقعها الذي يحلم به بعدها، واستحضر كثير من كتاب المسرح نماذج الانتهازيين الذين أرادوا ارتداء قميص الثورة نفاقا، وليس إيمانا بها وانتقدوهم في أعمالهم.
وهناك بعض الكتاب ومنهم "يوسف إدريس" عارضوا فكر الثورة، والنظام الذي اعتبره شموليا، وكان سببا من أسباب هزيمة 67، في تلك الأجواء التي آمنت بالتغيير، وسعت إليه، ظهرت أعمال مسرحية كثيرة لعدد من الكتاب نعرفهم بجيل الستينيات، ومن أهمهم: "سعد الدين وهبة – نعمان عاشور – يوسف إدريس – عبد الرحمن الشرقاوي – ميخائيل رومان – محمود دياب – نجيب سرور – الفريد فرج – رشاد رشدي".. كل هؤلاء قدموا أعمالا عكست الفكر الجديد، فكر المجتمع الاشتراكي - إيمانا به أو نقدا له - أو الذي كان يطمح للتحول الاشتراكي، الذي أجهضته هزيمة 67، فسقط الحلم "حلم التغيير" وبالتالي ظهرت في أعمال هؤلاء الكُتاب نزعة المواجهة، أو جلد الذات، أو إدانة النظام، وكلها توجهات فرضتها ظروف الهزيمة، تلك التي أحس بها جيل الستينيات وشعر أنه كان شريكا للنظام حين صدق نواياه، خاصة فيما يتعلق بالمبدأ الخامس من مبادئ الثورة - التي أشرت إليها - والخاص بإقامة جيش وطني قوي، فكيف لهذا الجيش الوطني القوي أن يُهزم؟ كان هذا هو السؤال الكبير الذي أثر على توجهات كتاب المسرح بعد ذلك، بل وأثر تأثيرا كبيرا على المسرح المصري ربما حتى هذه اللحظة التي أحدثك فيها!!.
أما عن الفرق المسرحية التي ظهرت بعد الثورة فهي فرق كثيرة ومتنوعة، بما يكشف أن الثورة كانت تؤمن بدور المسرح وأهميته، وقدرته على مواكبة التغيير، ودفعه للأمام، فكان المسرح الحديث، والكوميدي، ومسرح الحكيم، والمسرح العالمي، ومسرح الجيب، ومسرح القاهرة للعرائس، ومسرح الأطفال، والمسرح الغنائي، وكلها مسارح لم تكن موجودة قبل الثورة، فيما عدا المسرح القومي الذي تغير اسمه إلى هذا الاسم في عام 1958، وهو الوحيد الذي أنشئت فرقته وتكونت في عام 1935، وكان لهذا المسرح دورا كبيرا في تقديم كل الأعمال التي كتبها كتاب مسرح الستينيات، هذا فضلا عن وجود بعض فرق القطاع الخاص، لكنها لم تعمل بالشكل اللافت الذي يمكنها من منافسة مسرح الدولة، "فرقة إسماعيل ياسين – فرقة تحية كاريوكا – فرقة الريحاني – فرقة الفنانين المتحدين، وهي الفرقة التي استمرت فيما بعد، وانتهزت فرصة تراجع المسرح المصري الرسمي عن دوره بعد الهزيمة، فراجت الكوميديا لهذا السبب.
هذا بالإضافة إلى فرق التلفزيون المسرحية التي قدمت أعمالها منذ عام 1961، وتخرج منها معظم نجوم الكوميديا الذين تبناهم مسرح القطاع الخاص، حين لقي رواجا كبيرا في السبعينيات، حتى بعد انتصار أكتوبر 73.