الجمعة 27 سبتمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

الكاتب الجزائري عبدالرزاق بوكبة يمول النشاط الثقافي بطريقة مثيرة للجدل

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ليس غريبا على الكاتب والإعلامي والناشط الثقافي عبد الرزاق بوكبّة "1977" أن يطرح في كل مرة مبادرات وبرامج وأفكارا ثقافية تحرك المياه الراكدة جزائريا وعربيا. فهو أطلق قبل سنتين مقهى ثقافيا في مدينة برج بوعريريج؛ شرقي الجزائر العاصمة، فبات رمزا للحضور الثقافي الحي ميدانيا وافتراضيا، تحت شعار "نحو حراك ثقافي واعٍ"، لكنه فاجأ هذه الأيام الجميع بمشروع لا يُنتَظر في العادة من الشخصيات المعروفة والعامة. 
أطلق بوكبة طاولة لبيع الخضر والفواكه تمويلا لنشاطات مشروع المقهى الثقافي والجمعية المشرفة عليه "فسيلة الإبداع الثقافي"، في مسعى البحث عن مصادر تمويل ذاتية تضمن للمقهى الثقافي الديمومة والاستمرار. 
وقال عبد الرزاق بوكبة في تصريحات خاصة لـ"البوابة نيوز"، إن مبادرة طاولة الخضار ومشاريع شبيهة قادمة تمويلا لمشاريعنا الثقافية ليست موجهةً ضد شخص أو طرف أو هيئة. هي خطوة منسجمة مع طبيعة مشروعنا الثقافي التطوعي القائم على روح المبادرة والاعتماد على النفس. لدينا برامج ومشاريع كثيرة لا يكفيها الدعم الحكومي حتى وإن كان موجودا؛ لذلك سنحاول إطلاق مبادرات للتكفل بها".
وأضاف صاحب المجموعة القصصية "كفن للموت" التي نشرتها "دار العين" في مصر، إن الفعل الثقافي كما نفهمه هو فعل اجتماعي واقتصادي أيضا. وإن مشروع جمعية فسيلة يتعدى كونها جمعية تنتظر الدعم لتتحرك، إلى كونها بديلا ثقافيا حتى من زاوية مصادر التمويل. نؤمن بحقنا في التمويل الحكومي؛ وفق الأطر التي تقرها قوانين الجمهورية، لكننا لن نكتفي به؛ إن وجد، مصدرا وحيدا لإنعاش وتغذية مشروعنا."
ويضيف "بوكبّة"، أثارت مبادرة طاولة الخضار انتباه الوسط العام في الجزائر واتصل بنا فاعل خير ثقافي مقترحا علينا إنجاز "بوكافيه" أي مقهى يتضمن مكتبة بسجل تجاري تعود ريوعه إلى الأفعال الثقافية التي تقوم بها الجمعية. كما سننتج عروضا مسرحية للكبار والأطفال يكون الدخول إليها بمقابل مادي. 
ويرى الكاتب والإعلامي الجزائري أن عقودا من اعتماد النخبة المثقفة في الجزائر على الدعم الحكومي أفرز واقعا ثقافيا ضعيفا واتكاليا ومرهونا بهذا الدعم الذي لا يأتي في وقته ولا يأتي بالكمية الكافية، ويوزع حسب منطق التوازن الجغرافي لا حسب منطق التواجد الميداني، كما أدى إلى ظهور واجهات ثقافية كثيرة وجدت فقط للحصول على هذا الدعم، فإذا حصلت عليه غرقت في سباتها من غير رقيب أو حسيب. متسائلًا: هل يعقل أن يتوقف المشهد الثقافي ولو افتراضيا في عز حاجة المواطن إلى مرافقة ثقافية في حجره المنزلي الذي فرضه عليه وباء كورونا لو كنا نملك نسيجا جمعويا حقيقيا وصحيا؟ 
كما يلفت صاحب عمود "فنجان ساخن" الانتباه إلى أن عدم الاستثمار الحقيقي في الإنسان، من خلال مشروع ثقافي وحضاري مؤسس وواضح وموكول إلى الكفاءات الحقيقية العارفة بطبيعة مثل هذه الرهانات، والتركيز على الاستثمار في الجدران، أوصل البلاد إلى واقع شعبي مبرمج على الاتكال حتى على مستوى إصلاح المصابيح في سلالم العمارات. 
ويضيف صاحب كتاب "مسافر في البيت": "إنه واقع يفرض على الحكومة والمجتمع المدني معا تجديد الرؤية إلى مفهوم الثقافة والنشاط الثقافي والناشط الثقافي والمؤسسة الثقافية، وصولا إلى ميثاق وطني للعمل الثقافي يربطه بفن العيش ونبض الشارع وبصناعة الوعي المواطناتي والحضاري والإنساني والجماعي، لا بتحقيق الفرجة ومواكبة المواسم والمناسبات العابرة". 
تجدر الإشارة إلى أن عبد الرزاق بوكبة بدأ من خلال صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك في كتابة مناخات وتفاصيل تجربته مع طاولة الخضار أسماها "يوميات خضّار". يقول: "تبقى تجربة إنسانية. وهي جديرة بأن تُستثمر أدبيا. وأرى أن فن اليوميات أقرب الأجناس الأدبية إلى القدرة على استيعابها". 
سألناه إن تسبب له الأمر في الإحساس بالخجل من مواجهة الشارع في البداية باعتباره شخصية مشهورة؛ فقال: إذا كان هناك من يجب عليه أن يخجل فهو المسئول والعامل في القطاع الثقافي الحكومي مقابل مرتب شهري ثابت وامتيازات كثيرة، من غير أن يكون له أثر ملموس في الميدان".