الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

الأب جون جبرائيل: لا يجوز إدانة نص قبل قراءته وفحصه

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
استخدم أحد الأشخاص المنتمين إلى إحدى الطوائف المسيحية، حسابه الشخصى على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» والسوشيال ميديا والتكنولوجيا الحديثة، للهجوم على بعض المؤلفات التى تحتوى على جزء من تفسير الكتاب المقدس في رؤية شرقية، وكذلك ترجمة العهد الجديد في سياق عربى والتى صدرت منذ نحو أكثر من 15 سنة في منطقة الشرق الأوسط، والتى عمل على نشرها عدد من دور النشر اللبنانية.
والغريب أن هذه الترجمات وتفسيرات العهد الجديد صدرت منذ فترة طويلة، ولم يلتفت إليها أحد، وقد أثارت العديد من الجدل الدائر الآن، بين رافض أو مؤيد، وغالبية لم تعلم بوجود هذه الترجمات من الأصل.
وقد توالت ردود الفعل الكنسية الرافضة لهذه الترجمة، وصدر عن اللجنة التنفيذية لسنودس النيل الإنجيلى بيان برفض ترجمة العهد الجديد في مجلدين تحت اسم «المعنى الصحيح لإنجيل المسيح» و«البيان الصريح لحوارى المسيح».
واحتوت هذه الترجمة على أربعة كتب، بالإضافة إلى مجلدين آخرين لم تلفت إليهم جميع البيانات الصادرة من دار الكتاب المقدس، والكنيسة الأرثوذكسية والكنيسة الكاثوليكية وبعض المذاهب الإنجيلية الأخرى، والتى تعتبر تكملة لباقى العهد الجديد.
وقد تناولت «البوابة نيوز» ملف الترجمات في 2018، وبعدما ثارت هذه الضجة من جديد، نعيد فتح الملف مرة أخرى للرأى والرأى الآخر، وحاورت «البوابة نيوز» الأب جون جبرائيل راهب دومنيكاني للحديث حول تلك القضية.

من جانبه رفض الفريق المعارض للترجمات الحديثة - والذين قاموا بالهجوم عبر صفحات التواصل الاجتماعي مقتطفين بعض النصوص الواردة بالترجمات -، والتعقيب على الأمر مؤكدين أن في ذلك إضرارًا بقضيتهم «والبوابة» ترحب بهم وتضع لهم حق الرد في أى وقت.
وإلى نص الحوار
قال الأب جون جبرائيل، راهب دومنيكاني، بشأن ثلاثة من الكتب التى أُثيرت حولها ضجّة كبيرة الأيام الماضية، وهى «القراءة الصوفية لإنجيل يوحنا»، و«المعنى الصحيح لإنجيل المسيح»، و«الإنجيل قراءة شرقية»، إنه اشتراها من العراق بمعرض الكتاب عام ٢٠١٠، وهى كتب موجّهة إلى العرب بمختلف ثقافاتهم، وتستخدم لغة عربية فصحى.
وأضاف «جبرائيل» أنّ القائمين على الترجمة هم من خلفيات وثقافات مختلفة، ويشبه ذلك أمر الرهبان والمسيحيّين الدارسين للإسلام من أجل العلم ومن أجل فهم الإسلام من المسلمين أنفسهم، وليس من كتب تتحدّث عن الإسلام، وهذا هو أساس حوار الأديان والثقافات واحترامهم أن نصغى إلى الآخر يقول مَن هو، لا أن نسمع عنه.
وأضاف الأب جون جبرائيل أن الذين قاموا بالترجمات والتفاسير هم أساتذة جامعيّون ومتخصّصون في مجالات متعددة ومتنوعة منهم من تونس والمغرب وغيرها، ويبدو من أسمائهم أنهم مسلمون، والبعض منهم مسيحيّون.
أما بالنسبة للبيانات الرافضة والتى أدانت الترجمات، والقلق الذى انتاب البعض فيرجع إلى أن لغة الترجمة ومفرداتها لم يعتد عليها المسيحيون في مصر.
أمّا بالنسبة للكنائس التى أعلنت رفضها للترجمة أو عدم اعترافها بها، فذلك لأن هذه الكتب غير صادرة عن أى مؤسسة دينية مسيحية مصرية، وذلك جعل البعض يظنّون أنّ هذه الترجمات تهاجم المسيحية والوحي، وهذا غير صحيح.
الحق في الترجمة
يجب العلم بأنّ من حقّ أيّ إنسان متخصّص أن يقترح ترجمة أو يفسر نصوصًا من الكتاب المقدس ومع ذلك من حق الكنيسة دائمًا بل ومن واجبها أن تقول إنها ترفضها أو لا تعتمدها أو تقول إنّها ترجمة علميّة ودقيقة.
وعن الرد على ما أُثير بأنّ الترجمات تحمل أخطاء لاهوتية أو تقلّل من شخص المسيح أو تنكر الثالوث، كما قال البعض، فقال الراهب الدومنيكانى إن ذلك غير صحيح بالنسبة للكتب الثلاثة التى قرأها. فهى لا تحمل أيّ أخطاء لاهوتية ولا يوجد فيها أيّ تقليل من شخص المسيح وفقًا للإيمان المسيحيّ. 
وأرجع سبب هذه الضجة والإثارة حول الترجمات، إلى المشكلات التى تواجه البعض تجاه اللغة العربية، واستخدام ألفاظ وكلمات كانت مستخدمة في المسيحية من قبل واستخدمها المسيحيون العرب في شبه الجزيرة العربية.
وردًا على التساؤل عن الترجمات الموجودة والمعتمدة حاليًا مثل ترجمة الڤاندايك والترجمات الكاثوليكية، قال «جبرائيل» إنه لا يوجد ترجمة كاملة تخلو من بعض الشوائب أو الأخطاء أو تخلو من القيام بشيء على حساب آخر.
وأكمل: «هناك مثل لاتينى يقول «المترجم خائن»، ولتوضيح الموضوع أحب أن أستشهد بعلماء المسلمين فهم لا يضعون على غلاف طبعات القرآن الكريم باللغات غير العربيّة لفظة «ترجمة» ويعنونونها «بترجمة معانى القرآن الكريم»، وذلك لوعيهم لصعوبة أن تصل الكلمات العربيّة بنفس الجمال والقوّة والأسلوب في لغة أخرى غير اللغة الأصليّة.
فعندما نتحدث عن هذه الترجمات المسيحية العربية الجديدة نرى أنها قراءة لمعانى وتفسيرات الكلمة المقدسة «الوحي» وقد يقبلها البعض أو لا يقبلها ويرفضها لكن لا نقلل من شأنها.
أما عن بعض المصطلحات التى استُخدمت في هذه الترجمات مثل سيدنا عيسى أو الابن الروحى أو المصطلحات الأخرى، فقال «جبرائيل»: هى مثلما يقول الكاتب للتفسير أو من قام بالترجمة فلان رضى الله عنه أو عليه السلام أو كرّم الله وجهه أو مثل هذه الكلمات والمصطلحات التى كانت مستخدمة من قبل، واستخدمها الكتاب العرب والمسيحيون الأوائل واستخدمت أيضا في العصور الوسطى وهى أيضا بالضرورة استخدمت قبل ظهور الإسلام في منطقة شبه الجزيرة العربية.
وكذلك، عندما يقول «عيسى بن الله بالروح» فإنه هنا لا يخالف الإيمان المسيحى كما رأى البعض، أى حاشا لله أن يقال عليه أنه يكون له ولادة جسدية من زوجة، كما لا يوجد إنكار للثالوث مثلما ردد البعض.
ورجح الراهب الدومنيكانى أن حالة التشكيك والخوف ترجع لأن الأغلب لم يقرأ النص، بالإضافة لاستخدام لغة غير معروفة جعلت البعض يتشكك.
إيجابيات الترجمة
وعن إيجابيات الترجمة، قال «جبرائيل»: « أؤكد أن هذه الترجمات والتفسيرات التى قرأتها في الكتب الثلاثة استخدمت اللغة العربية بطريقة جيدة وقوية جدا ويفهمها أى شخص عربى بغض النظر عن خلفيته الدينية والثقافية».
وأضاف: «أحب أن أقول من حق أى كنيسة ألا تعترف بهذه الترجمة لكن لا يجوز أن ندين نصا ونتهمه قبل أن يفحصه متخصصون في الكتاب المقدس والترجمات واللاهوت واللغة والأدب والشعر، لذلك قامت الكنيسة الإنجيلية بتكوين لجنة للنظر في الترجمات والتفسيرات للإبداء بالرأى فيها، بينما الكنيسة الكاثوليكية اكتفت بأنها قالت إنها لا علاقة ارتباط للكنيسة بهذه الترجمة وأنها غير معتمدة لديها، ولا تقوم باتهام الترجمات أو التفاسير أو تكفر أو تدين من قاموا بها.
واختتم: «بالنسبة للقارئ، اطلب منه ألا يردد نقد الآخرين للنص ويجب علينا أن نقرأ كل النص بدون أن نستقطع أجزاء من سياقها، لأننا لسنا في العصور الوسطى والكتاب المقدس هو تراث للإنسانية ككل وتراث أدبى ومن حق كل إنسان أنه يسعى للترجمة وللكنيسة الحق أنها تقول رأيها في هذه الترجمة».