الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

إثيوبيا تبدأ حرب التصريحات الإعلامية بشأن ملء سد النهضة.. ومصر تطالب بتوضيح الحقيقة أمام الرأي العام.. وخبراء يوضحون السيناريوهات المطروحة أمام مصر.. ومطالبات بانتظار نتائج اجتماع الاتحاد الأفريقي

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
عقب ظهور صور التقطتها الأقمار الصناعية، والتي نشرتها وكالة "أسوشيتدبرس"، مؤخرًا، عن زيادة منسوب المياه في خزان سد النهضة، أعلن وزير الري الإثيوبي "سيليشي بيكيلي" البدء في عملية تعبئة سد النهضة، بالرغم من تعثر الاتفاق مع كلًا من "مصر والسودان" حول المشروع وآليات ملئه وتشغيله دون التأثير على حصة البلدين من المياه.



قال وزير الري الإثيوبي، إن هذه المرحلة التي وصل إليها سد النهضة في إثيوبيا، تمكن من بدء عملية التخزين الأولي المقدر بـ4.9 مليار متر مكعب، مضيفًا أن ما وصلت إليه أعمال البناء في السد تتيح بدء الملء لبحيرة السد بشكل طبيعي، قائلا إن المفاوضات التي اختتمت بين الدول الثلاث؛ إثيوبيا والسودان ومصر وبحضور مراقبين وخبراء أفارقة، شهدت اتفاقا حول بعض النقاط، وتحفظ بلاده على بعض النقاط، موضحًا أن عمليتي بناء وتعبئة السد تسيران بشكل طبيعي.
يأتي هذا الإعلان في ظل تعثر أكثر من جولة مباحثات مع مصر والسودان، حول عدد من الجوانب الفنية والقانونية المرتبطة بالمشروع، حيث أرسلت السودان تقريرها النهائي إلى رئاسة الاتحاد الأفريقي بشأن المفاوضات التي بدأت في 3 يوليو الجاري واستمرت حتى 13 يوليو، والتي تمت الإشارة فيها إلى التقدم المحدود في القضايا العالقة وبعض المقترحات من السودان لحل هذه القضايا.
بعد خروج الإعلان الإثيوبي بشأن ملء سد النهضة، أعلنت وزارة الخارجية أن مصر طلبت إيضاحًا رسميًا عاجلًا من الحكومة الإثيوبية بشأن مدى صحة ما تردد إعلاميًا عن بدء إثيوبيا ملء خزان السد، حيث أكد المستشار أحمد حافظ المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، أن مصر تواصل متابعة تطورات ما يتم إثارته في الإعلام حول هذا الموضوع.



ومن جانبه، يرى الدكتور رمضان قرني، الخبير في الشئون الأفريقية بالهيئة العامة للاستعلامات، أن ما أثارته إثيوبيا على مدى هذا الأسبوع على وجه التحديد من تضارب البيانات والمعلومات والتصريحات الخاصة بملء سد النهضة، قد نشرت بعض وكالات الأبناء العالمية صورًا لوجود مياه خلف جسم السد يكشف تخزين مياه بشكل أو بأخر، وخرج وزير الخارجية الإثيوبي ونفى هذا الكلام، ثم جاءت تصريح وزير الري الإثيوبي وأعلن عن بدء ملء سد النهضة وأعلنت الإذاعة الإثيوبية التراجع عن هذه التصريحات، مضيفًا أن تصريحات التليفزيون الإثيوبي نقلًا عن وزير الري الإثيوبي يتحدث عن تحقيق أمال الشعب الإثيوبي وأن هذه المرحلة من مراحل الأمطار الغزيرة، وهذه مسألة مهمة لبدء تخزين المياه.
وتابع قرني، في تصريح خاص لـ"البوابة نيوز"، أن جملة هذه التصرفات تؤكد فكرة ومنهج المراوغة لدى الطرف الإثيوبي بشكل أو بأخر، حتى وإن كان لديهم الضرورات الفنية أو الطبيعية، إلا أن خروج هذه التصريحات في هذا التوقيت، خاصةً بعد مرور 11 يوم لجولة المفاوضات برعاية الاتحاد الأفريقي وبعض الشركاء الدوليين وتقديم كل دولة تقريرها الخاص لرئاسة الاتحاد الأفريقي تمهيدًا لعمل قمة مصغرة لمناقشة هذا الأمر، وهذه التصريحات لا تعني إلا استفزازًا للرأي العام المصري والسوداني بشكل كبير، وضرب عرض الحائط لكافة الجولات بما يؤكد المنهج الإثيوبي للتسويف وغياب مبدأ حسن النية باعتباره أحد المبادئ الأساسية في القانون الدولي التي تضمن عملية التفاوض بين الدول.
وأوضح، أن عملية التفاوض لها آلية تنظيمية وترتبط بشكل كبير بمبدأ وعرف أساسي بالقانون الدولي وهو حسن النية لدى الأطراف المتفاوضة، لافتًا إلى أن الاتحاد الأفريقي تحدث عن أن المفاوضات الأخيرة خلال الأسبوعين الماضيين تحدثت لن تحدث أي اختراق في أي من الملفات المطروحة سواء كانت ملفات فنية أو قانونية، متسائلًا: "ما هو التفسير للسلوك السياسي لدى إثيوبيا؟ فهل هو تفسير يتعلق بالبعد السياسي لديها أم يتعلق بضوء البحث عن الدور الإقليمي؟، أم يتعلق بحالة التأزيم السياسي الداخلي لنظام أبي أحمد؟"، متصورًا أن هذه الأمور تؤكد بشكل كبير التعثر الداخلي السياسي، ومحاولة بشكل كبير المتاجرة بقضية سد النهضة وخلق حالة من الاصطفاف الوطني حول النظام لمواجهة أي إشكالات، بجانب حالة استغلال الأوضاع الإقليمية والدولية بشكل كبير.
وأشار إلى أنه هناك استمرار في الحالة الإثيوبية لاستغلال حالات إقليمية ودولية لفرض سياسات الأمر الواقع، أو بالأحرى هى نوع من الانتهازية السياسية بشكل كبير، مؤكدً أن التطورات في أزمة سد النهضة أن مصر أمامها خيارين أساسيين وهم الأول: هو استمرار مسار مجلس الأمن الدولي، خاصةً بعد نجاح مصر في الجلسة التي عقدها المجلس في تقديم مشروع قرار برفض الملء أو الإجراءات الأحادية من قبل إثيوبيا بشكل كبير، متصورًا أن مجلس الأمن في إطار التصريحات التي خرجت خلال ساعات تحدث عن استعداد المجلس لمناقشة القضية مجددًا، وبناء على طلب الدول أصحاب الأزمة، ومجلس الأمن سيكون لديه سيناريوهين محتملين الأول: تشكيل لجنة فنية لدراسة القضية بشكل دقيق ومتوازن لبحث الآثار المختلفة أو يطلب فتوى من محكمة العدل الدولية، وفي كلا المسارين سواء الفني أو القانوني يتصور سيكون في صالح المفاوض المصري بشكل كبير، والخيار الثاني أمام مصر هو احترام الآلية الأفريقية والدخول في القمة المصغرة التي دعت إليها رئاسة الاتحاد الأفريقي، والمشاركة المصرية تتطلب أهمية وجود ضمانات مكتوبة من قبل إثيوبيا وعرض هذه النقطة بشكل كبير أمام الاتحاد، حتى تُضع إثيوبيا أمام استحقاقات حقيقية أفريقية مكتوبة لعدم المتاجرة بالقضية مع دول القارة الأفريقية وعدم الشروع في إجراءات أحادية، خاصةً بعد الحرب الإعلامية التي أثيرت من جانب الطرف الإثيوبي لاستفزاز الرأي العام بشكل أو بآخر.



ويضيف السفير طلعت حامد، الأمين العام المساعد للبرلمان العربي والمستشار السابق للأمين العام لجامعة الدول العربية، أنه منذ الاتفاق الذي تم بين الدول الثلاثة "مصر- إثيوبيا- السودان" في واشنطن فبراير الماضي والتوقيع على ما تم الاتفاق عليه وما تم التوصل إليه في هذا الاجتماع، تستنزف إثيوبيا الوقت حتى تقوم بملء خزان سد النهضة، فهي تتبع لعبة "الشد والجذب"، موضحًا أن هذه اللعبة لا تخفى عن المفاوض المصري الذي اكتشفها خلال المفاوضات مع إسرائيل على أرض سيناء بعد حرب أكتوبر 1973، التي نجحت مصر فيها في نهاية الأمر.
وأكد حامد، في تصريح خاص لـ"البوابة نيوز"، أن الموقف المصري بشأن أزمة سد النهضة لن يتزحزح عن ما تم الاتفاق عليه في واشنطن، فإن مياه نهر النيل حق مصري تاريخي، متسائلًا: "لماذا أقدمت إثيوبيا على هذا الإجراء المنفرد؟"، وماذا ستقدم لرئيس الاتحاد الأفريقي؟، وماذا سيفعل رئيس الاتحاد الأفريقي أمام المماطلة الإثيوبية؟"، لافتًا إلى أن السياريوهات المطروحة أمام مصر هم اثنين: الأول: الاتحاد الأفريقي وعقد اجتماع قريب بين الرئيس السيسي والسوداني ورئيس وزراء إثيوبيا ومشاركة بعض الدول الأفريقية والمراقبين الدوليين، وانتظار نتائج هذا الاجتماع، وفي حالة الوصول إلى طريق مسدود سيكون الملف أمام مجلس الأمن، فمن المفترض الانتظار حتى تظهر نتائج الاجتماع القريب برئاسة الاتحاد.