الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

غزو ناعم.. المساجد الطريق للتغلغل في أوروبا

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لجأ الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، إلى التوسع في بناء المساجد والمبانى الدينية العملاقة في عدد كبير من دول العالم، في محاولة بائسة منه لبسط نفوذه، ويعد بناء المساجد خارج حدود تركيا وسيلة تأمل من خلالها أنقرة أن تلعب دورا قياديا في العالم الإسلامي.
وفى سبيل هذا الدور المشبوه تجاهل أردوغان الأزمة المالية والمشكلات الاقتصادية الكبيرة، التى تضرب تركيا إذ بلغت ميزانية رئاسة الشئون الدينية التركية، العام الماضى ١.٧ مليار دولار متفوقة على نفقات ٧ وزارات، ألا وهى وزارة الداخلية ووزارة الخارجية ووزارة الطاقة والموارد الطبيعية ووزارة الثقافة والسياحة ووزارة الصناعة والتكنولوجيا ووزارة البيئة والتخطيط العمراني، كما تفوقت على نفقات رئاسة الجمهورية التى بلغت مليار دولار، مما يؤكد أهمية هذه المؤسسة للنظام التركي. الدول الأوروبية انتبهت لمخطط أردوغان وغرضه الأساس من التوسع في بناء المساجد وباتت تضيق الخناق على نشاط أنشطتها داخل أراضيها، ووفق معهد جاتستون لدراسة السياسات الدولية، فإن تركيا توظف ديانت، كما لو كانت وكالة استخبارات مسئولة، عن جمع المعلومات في الخارج، عبر الأئمة الموظفين في ٣٨ دولة، خاصة ضد أتباع حركة الخدمة.
وبحسب تقرير جاتستون، المنشور في أكتوبر ٢٠١٩، فإن ألمانيا أول من تنبه لتلك الأنشطة؛ إذ أجرت تحقيقات مع عدد من مسئولى المؤسسة لديها، في معلومات، حول ممارسة أنشطة تجسس تخريبية، كما أن النائب في البرلمان الأسترالى «بيتر بيلز»، أعلن حصوله على وثيقة، تثبت وجود شبكة دولية لمخبرين، يعملون لحساب تركيا، في عدة دول، منها أستراليا؛ لجمع معلومات عن المعارضين للحزب الحاكم في تركيا، مقابل رواتب سخية.
أمام هذه الانتهاكات والجرائم، فتحت عدة دول أوروبية، تحقيقات في شبكة تجسس الأئمة الأتراك، ومن تلك الدول «ألمانيا والمجر، النمسا، هولندا، سويسرا، بلجيكا والسويد»، ورصدت التحقيقات، قيام الأئمة بالتجسس على المواطنين الأتراك، المقيمين في دول أوروبية، وجمع البيانات، عن المعادين لنظام أردوغان، وخاصةً الموالين للمعارض فتح الله جولن.
ففى عام ٢٠١٧، كشف السياسى النمساوى البارز «بيتر بيلز»، فضائح التجسس لنظام أردوغان، قائلًا:«لقد فوجئنا، عندما رأينا، أن تركيا أردوغان، قد بنت شبكة تجسس قوية من اليابان إلى هولندا، ومن كينيا إلى المملكة المتحدة، داخل كل دولة، توجد شبكة تجسس ضخمة، تتكون من مؤسسات وأندية ومساجد، يتم استغلالها من قبل السفارة، والملحق الديني، وضابط المخابرات المحلي؛ من أجل التجسس على منتقدى أردوغان، على مدى الساعة». بعد ذلك، بدأت تتحدث السلطات، في العديد من الدول الأوروبية علنا أو سرا، عن خطط مماثلة، وقد اكتشفت مؤامرات لاختطاف معارضى النظام على أراضيها. من بين المنظمات التى تستخدم لأغراض خبيثة، حركة مللى جوروش، أو «الرؤية الوطنية»، والتى أُنشِئت أواخر ستينيات القرن الماضي، من قبل نجم الدين أربكان، معلِم أردوغان، وهى منظمة إسلامية، تعمل في الغرب، وتتبنى العديد من مواقف وأهداف وتكتيكات جماعة الإخوان؛ لغسل عقول الجماهير، وحققت هذه السياسات نتائج إيجابية؛ إذ حققت أهداف أردوغان، منها، إقناع قطاع كبير من الأتراك في أوروبا، بالتصويت لصالح الحزب الحاكم.
ففى انتخابات الرئاسة الأخيرة، في يونيو ٢٠١٨، حصل أردوغان على أكثر من ٦٠٪، من أصوات الناخبين، في جميع أنحاء أوروبا، ونجحت هذه الإستراتيجية، إلى حد كبير، ورجحت كفة الحزب، في النتيجة النهائية للانتخابات. وتعمل الحركة، منذ فترة طويلة في أوروبا؛ حيث تضم ما يقدر بنحو ٣٠٠ ألف عضو ومتعاطف معها، وتتحكم في مئات المساجد، معظمها داخل ألمانيا، وتعبر السلطات في شتى أنحاء أوروبا، عن قلقها باستمرار حيال تلك المنظمة، وتحديدًا ألمانيا. يشار أن الرئيس التركى أحكم قبضته على «ديانت»، التى تأسست عام ١٩٢٤، بعد إلغاء الخلافة العثمانية، بمسرحية الانقلاب الفاشل، يوليو ٢٠١٦، ووسع من مهامها لتصبح معبرة عن أجندته السياسية والأيديولوجية، بعد أن كانت تتمتع بشبه حكم ذاتي، وأصبحت تمارس نشاطها حاليا، في الكثير من دول العالم، تحت ستار تقديم الخدمات الدينية للمجتمعات الإسلامية، التى تتمثل في تنظيم رحلات الحج، وتوعية الدعاة الجدد، ونشر الكتب الإسلامية، وترجمة القرآن الكريم إلى اللغات المختلفة، وتقديم منح دراسية للطلاب، لدراسة الشريعة الإسلامية في تركيا.