الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

ننشر رسالة "أولجا" إلى "تشيخوف" بعد وفاته

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تحتفي الأوساط الثقافية والفنية، اليوم الأربعاء، بذكرى وفاة الكاتب المسرحي الروسي الشهير أنطون تشيخوف، الذي يعد رائدا ومبدعا لفن القصة القصيرة وأستاذا للمسرحيات التقليدية وفنان الدراما الواقعية، ويحتل المرتبة الثانية بعد وليم شكسبير من حيث الشهرة وتكرار عروص نصوصه، والذي عرف بفن "الفودفيل" ومؤلفا مسرحيا ماهرا.
ووجهت زوجته أولجا رسالة إلى زوجها أنطون تشيخوف عبر زيارتها لقبره بعد وفاته كانت بعنوان "من أولجا إلى تشيخوف بعد وفاته"، والتي نشرت في كتاب بعنوان "أنطون تشيخوف.. رسائل إلى العائلة" صادر عن وزارة الثقافة والفنون والتراث بالدوحة، ترجمة ياسر شعبان، قائلة: "أخيرا أصبحت قادرة على الكتابة إليك يا عزيزي، وأنا أشعر بك قريبا جدا رغم أنك بعيد للغاية، لا أعرف أين أنت الآن، ولقد انتظرت طويلا اليوم الذي أستطيع أن أكتب لك فيه، واليوم ذهبت إلى موسكو وزرت قبرك، كم هو رائع، لو تعلم فبعد الجفاف المنتشر في الجنوب، كل شيء هنا مورق ومثمر وعبق وفواح للغاية، تفوح رائحة الأرض والعشب الطازج، وللأشجار ذلك الحفيف الناعم، لا أستطيع أن أصدق أنك لست بين الأحياء، أنا في حاجة ماسة للكتابة إليك، لأخبرك بكل شيء مررت به منذ احتضارك وتلك اللحظة التي توقف عندها قلبك عن الخفقان، قلبك المسكين والمريض والواهن جدا".
وتابعت: "بينما أكتب إليك الآن، ويبدو الوضع غريبا لكن تسيطر عليك رغبة عارمة في القيام بذلك، وبينما أكتب إليك، وأشعر أنك على قيد الحياة، هناك في مكان ما، تنتظر تك الرسالة يا أعلى الأحباب يا حبيبي، دعني أتفوه ببعض الكلمات الشاعرية، أمسد شعرك الناعم المنساب، وأنظر في عينيك اللامعتين العزيزتين، آه لو عرفت ما إذا كنت قد استشعرت أنك تحتضر، أظن أنك استشعرت ذلك، ربما بشكل مبهم لكنك يقينا استشعرت ذلك".
في اليوم التالي لزيارته فقلت: "عزيزي.. لقد عدت توا من لقاء بأخيك إيفان، وأزعجته بسرد تفاصيل الأيام الأخيرة في حياتك، لكنني استشعرت أنه استفاد من ذلك رغم انزعاجه وضجره، وبوسعي أن أحكي عن كل شيء، بوسعي أن أحكي للأبد عن بادنفايلر، وعنك، وعن شيء ما عظيم وهائل حدث في تلك المدينة الثرية ذات اللون الأخضر الزمردي والموجودة في الغابة السوداء، هل تذكر كم أحببنا جولاتنا على عربة نقل الحقائب التي أطلقنا عليها اسم "جولة سياحية "، لقد كنت ودودا للغاية، كم تفهمتك في أوقات مثل تلك، هل تتذكر كيف كنا نتجول، كنت تعتصر يدي بتؤدة، وعندها كنت أسألك عما إذا كنت بخير حال، ولم تكن تعلق بشيء، فقط تومئ برأسك، وتمنحني ابتسامة على سبيل الإجابة، ورغبة مني في التعبير عن احترامك، كنت أحيانا أُقبل يدك".
تابعتك: "كنت تمسك بيدي طويلا، ثم نستمر في التقدم عبر غابة الصنوبر الفواحة، كم كنت تفضل تلك البقعة المعشوشبة التي تغمرها الشمس، وكيف كان الطريق يصبح وعرا بامتداد أحد الخنادق، وعندئذ كنت تداوم على توجيه السائق بالتزام القيادة بمزيد من البطء، كم كنت تبتهج لرؤية أشجار الفاكهة الممتدّة عى مساحة شاسعة دون أسوار حولها، ودون أن تسرق منها ولو حبة كرز أو كمثرى، كنت تتذكر وطننا، روسيا البائسة، هل تتذكر الطاحونة الرائعة، وكم كانت منخفضة لدرجة احتجابها وسط الأعشاب الكثيفة، ولا يدل على وجودها سوى بريق قطرات الماء على عجلتها الدوارة، كم كنت تهوى القرى النظيفة والمريحة والحدائق الصغيرة، حيث تمتد صفوف منتظمة من الزنابق البيضاء، وأحواض الزهور، والحدائق المزروعة بالخضروات والفاكهة وكم كنت متألما وأنت تقول: "عزيزتي.. متى يعيش فلاحونا في منازل صغيرة مثل هذه"، حبيبي الغالي، أين أنت الآن؟