الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

"البوابة نيوز" تكشف خطة أردوغان لتنفيذ "الولايات المتحدة التركية"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
العثمانلى يضع خريطة توسعات تشمل "العراق وسوريا وليبيا"
الخطة وضعتها المخابرات التركية بالتعاون مع وزير داخلية أردوغان
"ولايات أردوغان" تسعى للاستحواذ على 1200 تريليون متر من الغاز و2 مليار برميل بترول
8 مليارات دولار تمويل قطرى لحفر قناة بين البحرين "الأسود ومرمرة"
ترسيم مصر الحدود البحرية مع "اليونان وقبرص" يحبط خطط "الأتراك" للسيطرة على طاقة شرق المتوسط
أردوغان يسعى لإنهاء اتفاقية لوزان وفرض واقع دولى جديد
مليارات قطر تمويل أردوغان.. والصومال قاعدة تهديد لملاحة في السويس

حصلت "البوابة نيوز" على معلومات بشأن الخطة التى وضعها الرئيس التركى رجب طيب أردوغان للسيطرة على عدد من البلدان العربية ونهب ثرواتها، تحت مسمى" الولايات المتحدة التركية".


وجاءت خطة أردوغان التى شملت خريطة جديدة لتوسيع نفوذه في العراق وسوريا وليبيا عام 2017، بعد فشل تنظيم "داعش" في تأسيس دولته المزعومة وفقدان التنظيم لمناطق واسعة من نفوذه، سعت المخابرات التركية إلى ملء الفراغ الذى تركه التنظيم وحلت بديلا عنه في مناطق نفوذه، ومع تزايد النفوذ الإيرانى والروسى في سوريا، والانقلاب الفاشل عام 2016، ومحاولات الأحزاب الكردية في العراق للانفصال 2017.

وأعدت المخابرات بالتعاون مع وزير الداخلية سليمان صويلو خطة أطلقت عليها المخابرات التركية 
(Sinirlarin dişında oynama)، وقام بإعداها كل من هاكان فيدان وشوكت اكور كوتلو وعلى يائووز إحدى أذرع أردوغان، وإسماعيل جودت جيابوك والأخير المساعد الخاص لوزير الداخلية (سليمان صويلو)، وهو أحد أبرز مسئولى، ملف العلاقات بين الداخلية التركية وجماعات الإخوان المسلمين أطلق عليها (الولايات المتحدة التركية -Abd-iMilli).

وهى خريطة قديمة أعاد هذا الفريق ترتيبها وتركيبها من جديد عقب ما يسمى "الربيع العربى" وسيطرة جماعة الإخوان المسلمين على عدد من الدول العربية، لكى تتماشى هذه الخريطة مع المساعى التركية في المنطقة العربية.

حرب طاقة المتوسط 
تظهر الخريطة بشكل واضح، أن أطماع أردوغان في البحر المتوسط تتضمن عدة حقول لغاز كانت ضمن نطاق خريطة ولايات أردوغان، في شرق البحر الأبيض المتوسط، تلك الحقول التى عرضها المدير العام للحدود البحرية والجوية في الخارجية التركية "تشاغطاى أرجياس". 
كما سعت لأن تطلب شركة البترول التركية "TPAO" رخصة جديدة للاستكشاف في الحقول التى تقع في هذه المياه اليونانية والقبرصية، وحقول ضمن "الجرف القارى الآسيوي" شرقى البحر المتوسط الذى لم يتم ترسيمه مع اليونان وقبرص، بينما رسمت الدولتان مع مصر حدودها البحرية التى قضت على أحلام أردوغان، حيث يقدر حجم الغاز الطبيعى فيها بنحو 1200 تريليون متر مكعب، بينما يقدر حجم البترول بنحو 2 مليار برميل وهى ثروة كبيرة يسعى أردوغان للاستيلاء عليها.
يفسر المراقبون تدخل أردوغان في ليبيا لصالح حكومة السراج، لأسباب أبرزها الاستيلاء على ثروة ليبيا البترولية، حيث وقعت السلطات التركية وحكومة الوفاق الليبية اتفاق ترسيم الحدود البحرية في 27 نوفمبر 2019 في إسطنبول بحضور، أردوغان وفايز السراج الأمر الذى يعطى تركيا الحقوق على منطقة اقتصادية، ممتدة من ساحلها الجنوبى إلى ساحل ليبيا الشمالى، الأمر الذى يضر بكل من قبرص واليونان والاتحاد الأوروبى ومصر.


وبموجب الخريطة فإن بإمكان تركيا استغلال الحقول النفطية في سوريا والموصل بالإضافة إلى التنقيب عن النفط في البحر المتوسط، وتنضم إلى قائمة الدول المنتجة للنفط، إلى جانب تحصيل رسوم من السفن المارة عبر مضيق البوسفور، وحفر قناة جديدة تربط بين البحر الأسود وبحر مرمرة، تمهيدا للبدء في تحصيل الرسوم من السفن المارة، والتى تعهد قطر بتمويلها بتكلفة تقدر بـ8 مليارات دولار. 
مخاوف أردوغان من هزيمة قوات الوفاق، جعلته يرسل مدير المخابرات هاكان فيدان إلى زيارة سرية لطرابلس ولقاءه بعدد من القيادات وناقش أسباب الهزائم التى تعرضت لها قوات الوفاق، وأن فيدان والجنرال اينال اكسين ومجموعة من الضباط الذين أشرفوا على توجيه وتدريب عناصر داعش في سوريا هم من كان يقود المعارك الأخيرة في صبراته وعدد من مدن غرب ليبيا. 

قاعدتا الريان ومقديشيو
وشيدت تركيا أكبر قاعدة عسكرية لها بالقرب من العاصمة الصومالية مقديشو في منطقة "مركا" تستوعب أكثر من 2000 عسكرى، بينما أرسلت 200 ضابط، وأنشأت مدارس ومستشفيات وبنية تحتية وخصصت منح للصوماليين للدراسة في تركيا، وزاد التعامل التجارى سريعا بين البلدين، وفى عام 2010 بلغت الصادرات التركية للصومال 5.1 مليون دولار فقط. ولكن بحلول العام الماضى ارتفعت بشكل كبير إلى 123 مليون دولار. وخلال فترة ست سنوات أصبحت تركيا خامس أكبر دولة مصدرة إلى الصومال بعد أن كانت في المركز الـ20.
وتتيح القاعدة في الصومال، للقوات التركية السيطرة والمراقبة في بحر العرب وبالتالى السيطرة على الملاحة في باب المندب الذى شكل مع جماعة الحوثى المرتبطة بإيران، التى ترى في النفوذ التركى فرصة لتقاسم النفوذ مع تركيا، وبهذه القاعدة إنشاءات تركية مهددة لأمن وسلامة البحر الأحمر وقناة السويس. 
بينما جاءت قاعدة الريان في قطر، التى تم إنشاؤها بموجب توقيع اتفاقية تعاون عسكرى في 28 أبريل 2014 بين وزارة الدفاع القطرية ووزارة الدفاع التركية، حيث يتواجد في القاعدة 1850 جنديا تابعين لفرقة طارق بن زياد التركية برفقة مدرعاتهم، وتستوعب القاعدة 3000 جندى، وأيضا نحو سربى طائرات حربية و20 طائرة مروحية، لتساهم في حماية عرش تميم خلال الفترة الماضية وكان آخرها في شهر رمضان الماضى، حيث تدخلت قوات تركية وأنقذت "تميم" بعد الحديث عن انقلاب داخل العائلة المالكة.

تاريخ عثمانى أسود"
يحاول أردوغان عبر أحلام الدولة العثمانية الجديدة، (الولايات المتحدة التركية) إعادة تاريخ طويل من التهجير القسرى للسكان الذى مارسته الإمبراطورية العثمانية، وسياسية التتريك وسرقة ثروات الدول التى احتلتها ما ترك بصمة لا يمكن إزالتها في شمالى سوريا والعراقى خصوصا وباقى دول شمال أفريقيا.
فقد هجرت الدولة العثمانية الأولى، سكان من مناطق الأناضول التركية إلى البلقان في القرن الخامس عشر من أجل ترسيخ الحكم العثمانى، وهرب اللاجئون المسلمون في شمال العراق وسوريا، بسبب التطهير العرقى والمحاكمات التى تمارسها الإمبراطورية العثمانية البلقان والقوقاز والقرم.
وهرب ما بين 2 إلى 5 ملايين من سكان شمال أفريقا (مصر وتونس وليبيا والسودان) من الأراضى الخاضعة للسيطرة العثمانية. ثم استخدمتهم السلطة العثمانية مرة أخرى في لعبتها بعدما اعتبرتهم "مسلمين مخلصين" وقامت بتهجيرهم قسريا وتغيير التركيبات السكانية، ما ارتكبته الإمبراطورية العثمانية بحق الأرمن وما وصل إلى حد الإبادة وليس التهجير فقط، حيث قُتل أكثر من مليون من الأرمن. 
استمر التاريخ التركى من التهجير وتغيير التركيبات السكانية عبر التاريخ الحديث، ويتم ذلك حاليا ضد الأكراد في سوريا والعراق وإيران، نرى دليلا على ذلك حاليا، كما كان في التسعينيات. يمكن القول إن التغيير في التركيبة السكانية كان إحدى الاستراتيجيات التركية لمواجهة حزب العمال الكردستانى في عامى 2015 و2016، وقامت أنقرة بتهجّر ملايين المواطنين في سوريا والعراق، واستخدمتهم كورقة ضغط على أوروبا عبر قوراب المهاجرين.
وأحرقت ميليشيات أردوغان آلاف القرى الكردية، في سوريا والعراق وتركيا بعد انتهاء اتفاق لوقف إطلاق النار، مع حزب العمال عام 2015، وحال اندلاع المعارك في مدن الجنوب الشرقى التركى، وقدر عدد المهجرين من سوريا في أدلب وحلب والقماشلى ودير الوزر، والعراق في الموصل سنجار وصلاح الدين وكركوك إلى نحو 6 ملايين شخص تم تهجيرهم في مخيمات جنوب تركيا أو إلى أوروبا.
بينما قدر عدد المهجرين في ليبيا بسبب الأعمال العسكرية بنحو 1،5 واستثمرت ميليشيات الوفاق، وجود الآلاف من المهاجرين الأفارقة وأرسلتهم عبر مئات القوراب إلى أوروبا في محاولة حركة أردوغان لإخافة أوروبا ولى ذراعها. 
اتفاقية لوزان 1923 غصة في حلق أردوغان 
دائما يتردد السؤال المهم (لماذا يتدخل أردوغان بهذا الشكل السافر واللا أخلاقى في دول العربية؟)، وللإجابة عن ذلك يمكن قراءة خريطة الولايات الأردوغانية الجديدة، هى في ذات الحدود التى تنازلت عنها الدولة العثمانية حسب اتفاقية "لوزان 1923 – الثانية" التى تضمنت ترسيم لحدود الإمبراطورية العثمانية التى كانت الدول الغربية تسميها آنذاك “الرجل المريض”، والتى أسست لقيام الدولة التركية الحديثة بقيادة مصطفى كمال أتاتورك، وتضمنت 143 مادة موزعة على 17 وثيقة ما بين “اتفاقية” و”ميثاق” و”تصريح” و”ملحق”، وتناولت ترتيبات الصلح بين الأطراف الموقعة على المعاهدة، وإعادة تأسيس العلاقات الدبلوماسية بينها “وفقا للمبادئ العامة للقانون الدولي”.

ووضعت إطارا قانونيا لاستخدام المضايق المائية التركية، وقواعد المرور والملاحة فيها زمن الحرب والسلم، ونصت على شروط الإقامة والتجارة والقضاء في تركيا، وإعادة النظر بوضعية الدولة العثمانية ومآل الأراضى التى كانت تابعة لها قبل هزيمتها في الحرب العالمية الأولى خلال 1914-1918 وأبطلت لوزران معاهدة سيفر، وتخلت تركيا بموجبها عن السيادة على قبرص وليبيا ومصر والسودان والعراق وبلاد الشام، باستثناء مدن كانت تقع في سوريا مثل أورفا وأضنة وغازى عنتاب وكلس ومرعش، وبتنازل الدولة العثمانية عن حقوقها السياسية والمالية المتعلقة بمصر والسودان، وافقت تركيا على خسارة قبرص (التى كانت مؤجرة للإمبراطورية البريطانية إثر مؤتمر برلين في 1878، ولكنها ظلت قانونيًا أرضًا عثمانية حتى الحرب العالمية الأولى) وكذلك مصر والسودان الأنجلو-مصرى (الذى احتلته قوات بريطانية بحجة “إخماد ثورة عرابى واستعادة النظام” في 1882، ولكنهما ظلتا “قانونيًا” أراضى عثمانية حتى الحرب العالمية الأولى)، والتى ضمتها بريطانيا بشكل أحادى في 5 نوفمبر 1914.
ترك مصير محافظة الموصل العراقية وحلب السورية، ليتحدد عبر عصبة الأمم، التى أقرت الاستفتاء الأهلى المحافظتين، والتى جاءت عكس رغبة تركيا، ظلت الأراضى إلى الجنوب من سوريا والعراق والجزيرة العربية تحت السيطرة التركية، حين وُقـِّعت هدنة مدروس في 30 أكتوبر 1918 والتى لم تتعامل نصوصها معها بوضوح، إلا أن تعريف الحدود الجنوبية لتركيا في الفقرة 3 كان يعنى أيضًا أن تركيا قد تخلت عنها، وكانت تضم المملكة المتوكلية اليمنية، وعسير وأجزاء من الحجاز مثل المدينة المنورة، التى احتفظت بها القوات التركية حتى 23 يناير 1919.
كما تخلت تركيا عن امتيازاتها في ليبيا التى تحددهم الفقرة 10 من معاهدة أوتشى في 1912 (حسب الفقرة 22 من معاهدة لوزان في 1923) وهو ما يفسر إصرار أردوغان على التدخل المباشر في ليبيا.
ينظر أردوغان إلى الاتفاقية، أن “خصوم تركيا” أجبروها على توقيع “معاهدة سيفر” عام 1920، وتوقيع “معاهدة لوزان” عام 1923، وبسبب ذلك تخلت تركيا عن مناطق واسعة من الدولة العثمانية وفقدت تركيا هيبتها وأجبرتها على التنازل عن مساحات شاسعة من الأراضى التى كانت واقعة تحت نفوذها.
ويمكننا فهم بعض أوجه الخلافات المستمرة بين تركيا والغرب بأن الدول الغربية تخشى مع انتهاء المعاهدة أن تجد تركيا ما يبرر تدخلها في الموصل العراقية وحلب السورية، التى كانت تابعة لتركيا طوال 4 قرون حتى فقدتها في الحرب العالمية الأولى.
وهنا يمكن تفسير أن واقع الحال، من عدوان مباشر على شمال العراق واستقطاع وتهجير وتدمير مئات، القرى في الموصل وسنجار واحتلال أدلب وريف حلب من قبل قوات أردوغان، كل ذلك يهيأ الأجواء حتى عام 2023، حتى تمر 100 عام على المعاهدة التى يمكن لأردوغان أن يعتبرها انتهت من حيث الالتزام المتبادل مع الموقعين عليها وهذا تخشاه فرنسا وألمانيا وبريطانيا. 
بات واضحا لدى الجميع الدور القوى، الذى تلعبه تركيا في الأحداث العاصفة التى تشهدها الدول العربية وتهديد أمنها واستقرارها، واستكمالا للدور الذى يحلم الوصول إليه الخليفة العثمانلى أردوغان ليكمل حلم الخلافة والدولة العثمانية، التى يريد أن يعيد أمجادها من جديد بأى شكل وبأى ثمن في مقابل موقف مصرى شجاع ومن خلفه موقف عربى أثبت قوته من خلال قرار الجامعة العربية الأخير الذى قضى على أحلام دولة الرجل المريض الجديدة.