الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوادث وقضايا

"التريند" يقود الوعى الجمعى.. وغريزة القطيع تدمر الأخلاق

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
شد وجذب وجدل واسع النطاق لعب دور البطولة المطلقة فيه رواد التواصل الاجتماعي على مدى الفترة الماضية، رافعين شعار التقليد الأعمى لأى شىء، حتى ولو كان مما تستهجنه النفوس البشرية السوية.

ولم يكن بمنأى عن هذه الصراعات التى برزت بين متابعى مواقع التواصل الاجتماعي، موجة من الانفلات الأخلاقى المُغلفة بالتنمر تارة والترويج للمثلية الجنسية تارة أخرى، وهو ما فتح باب التساؤلات مؤخرا حول الدور السلبى الذى تتبناه مواقع التواصل الاجتماعي بهدف تغيير السلوك الإنسانى والعقيدة الصحيحة لدى أفراد المجتمع بصورةٍ جذرية.


ولم تخل مواقع التواصل الاجتماعي من العديد من حالات التنمر التى ألقت وسائل الإعلام الضوء عليها، لكون التنمر ضد الآخرين من بين أشد السلوكيات الإنسانية المشينة التى لاقت استهجانًا بالغًا، والتى برزت كواحدةٍ من أكثر السلوكيات المقيتة إيذاءً للنفس، فلا تفرقة هنا بين جنس أو لون أو ديانة، فالجميع عُرضة للتنمر لا محالة.

ومنذ أيام قليلة، ظهر الفنان شريف منير، في مقطع فيديو له وهو يتوسط بناته عبر حسابه الشخصى بموقع تبادل الصور والفيديوهات إنستجرام، ليوجه رسالة لكل المنتقدين والمتنمرين الذين انتقدوه على صورة بناته التى نشرها منذ أيام، ليعلن أنه سيقوم ار الرأى العام، ليخرج على إثرها عدد من الفنانين ليعلنوا تضامنهم مع "منير" ضد ما لاقاه من إساءة.بالتصعيد القضائى ضد كل من أقدم على الإساءة إلى بناته وممارسة التنمر ضدهن، وهى الواقعة التى جذبت أنظ
وقبلها بأيام قليلة كانت هناك واقعة تنمر أخرى ضحيتها إيمان رمضان، شقيقة الفنان محمد عقب حفل زفافها، وذلك بعدما سخر بعض رواد السوشيال ميديا من صورها في حفل زفافها، ما أثار استياء عدد كبير من الجمهور الذى أبدى تعاطفه معها.
ورجوعا بالذاكرة إلى الوراء قليلا، لم يسلم لاعب المنتخب المصرى على غزال، هو الآخر من التنمر، وعلى وجه التحديد حينما نشر اللاعب صاحب البشرة السمراء صورته مع ابنته الشقراء، والتى تشبه والدتها البلجيكية التى تزوج منها غزال منذ فترة، وتعرض لبعض التعليقات المثيرة للاستياء من الجماهير المصرية على حسابه على تويتر، لتجتاح موجة من التعليقات الغاضبة مواقع التواصل الاجتماعي منددةً بذلك السلوك الذى تعرض له لاعب المنتخب الوطني.



حرب على المشاهير

تعليقا على ذلك الأمر، يقول المخرج تامر الخشاب إن الفنانين هم الفئة الأكثر تعرضا للتنمر لأنهم رموز عادةً ما تلجأ لهم الدولة في مخاطبة شرائح المجتمع، على سبيل المثال الفنان شريف منير يخاطب جيلًا معينا له لغته الخاصة، وعلى نفس الحال نجد الفنان محمد رمضان هو الآخر يخاطب جيلًا آخر ذا طبيعة مختلفة ولغة مختلفة.
ليضيف قائلا إن هناك حربا تُمارس ضد الفنانين والمشاهير على الساحة بصفة عامة وهى حرب مقصودة بهدف ضرب القوى الناعمة في مقتل، وقد يكون خلفها لجان إلكترونية تهدف إلى منع الجمهور من التعاطف مع الفنان الذى يريد إيصال رسائل معينة إليهم، وهذه اللجان هنا تلعب دورا في تحريك غريزة القطيع من خلال نشر ثقافة التعدى على الرموز وهدم الثقة عند الأجيال الجديدة، فنجد على النحو الآخر أن بعض الفنانين البعيدين عن الأضواء لم يتعرضوا مسبقا التنمر لأنهم ببساطة لم يمارسوا أى تأثير يُذكر في المجتمع، فالمستهدف هنا الفنان الذى له قاعدة جماهيرية واسعة، وتأثير في صفوف المجتمع بما يقدمه من رسائل عبر أعماله الفنية. 



عودة الحق بالقانون

أما الخبير القانوني، محمد كساب، فيقول إن كل متضرر من التنمر يمكنه استرجاع حقه بالقانون وذلك من خلال تحرير محضر إثبات حالة، فإذا كان من خلال فيس بوك مثلا يتم أخذ "سكرين شوت" لإرفاقها في المحضر، ويُذكر فيه اسم صاحب الصفحة الذى قام بالتنمر أو الإساءة، وهو ما يندرج تحت وصف السب والقذف، ثم تكون الخطوة التالية متمثلة في شيئين أولهما تقديم طلب للمحامى العام للتحقيق في الموضوع لأن النيابة الجزئية غالبا ما تقوم بحفظ القضية ثم يباشرها بعد ذلك المحامى العام أو رئيس النيابة.

أما الحل الثانى فيتمثل في رفع جنحة مباشرة بالسب والقذف وهو المفترض اتباعه، وقبل فتح التحقيق في القضية يتم التواصل مع مباحث الإنترنت لعمل التحريات اللازمة وتحديد هوية صاحب الصفحة ومرتكب الجريمة لتقديمه لاحقا إلى المحاكمة.

وفيما يخص عقوبة التنمر، ذكر الخبير القانونى انها مماثلة لعقوبة السب والقذف ولكنها تكون خاضعة للسلطة التقديرية للمحكمة، وتتراوح العقوبة بين الغرامة أو الحبس لمدة سنة أو ستة أشهر فيما تصل الغرامة إلى ٢٠٠ جنيه في هذه الحالة.



أنواع التنمر

بدورها قالت الدكتورة رحاب العوضى أستاذ علم النفس، إن أى إنسان معرض للخروج إلى للمجتمع ينبغى أن يدرك أنه سيكون عرضة للانتقادات، سواء كان فنانا له جمهوره، أومدرسا في الفصل أو دكتورا جامعيا، والتنمر هو فكرة السخرية من الطرف الآخر بهدف إخراجه عن وعيه، والشائع أننا نردد كلمة التنمر دون فهم معناها، فالتنمر ينقسم إلى انواع منها العدوان اللفظى الذى يقوم به الإنسان الذى يعانى من عقدة النقص خصوصا ضد الأشخاص المعروفين في المجتمع، حسدًا فيما يمتلكون من ثراء أو راحة مادية أو شهرة، ومع التقدم التكنولوجى صارت مواقع التواصل الاجتماعي منصة للعدوان اللفظى والتقليل من شأن الآخرين كما أصبح مرتعًا للمرضى النفسيين والسيكوباتيين الذين يهدفون إلى إلحاق الأذى بالآخرين، لتعقب موجهةً التحية للفنان شريف منير مع قراره بالتصعيد القضائى لاسترجاع حقه مما تعرض له هو وأسرته.
وأضافت أن من أهم أسباب التنمر غياب دور المدرسة في التربية والتعليم، بجانب الدوافع النفسية التى تتمثل في غياب الوعى الدينى والثقافى وانعدام الثقة بالنفس والشعور بالغيرة تجاه الآخرين والشعور بالعدوان تجاه المجتمع دون سبب واضح معين، دون إغفال الدور الذى تمارسه الأعمال الفنية الهابطة التى يقوم بها بعض الفنانين، دون الالتفات إلى أن محتوى هذه الأعمال يحث على التنمر والسخرية من الآخرين.



انفلات أخلاقى
الانفلات الأخلاقى امتد عبر مواقع التواصل الاجتماعي من خلال الضجة التى أثيرت عقب إلقاء القبض على "منة عبد العزيز" أو ما تسمى بفتاة التيك توك، والتى كانت قد ظهرت في أحد المقاطع المصورة لتعلن تعرضها للاغتصاب من قبل شاب بمساعدة صديقاتها، قبل أن تتراجع عن هذه الاتهامات التى كانت سببا مباشرا في إلقاء القبض عليها وحبسها، قبل أن يصدر النائب العام المستشار حمادة الصاوي، قرارا باستبدال عقوبة حبس المتهمة إلى إيداعها أحد مراكز التأهيل، وهو القرار الذى أثار تساؤلات قانونية عديدة.
الدكتور شوقى السيد، الفقيه الدستوري، يقول حول ذلك الأمر، إن حيثيات القرار الصادر من النائب العام قد تكون قائمة على التقرير الطبى بأن المتهمة لا تستحق العقوبة ولكنها تحتاج للتأهيل النفسى وهذا قرار إنسانى من الدرجة الأولى.
وفيما يتعلق بوجوب اتخاذ هذا القرار مع باقى الفتيات اللائى تم القبض عليهن مؤخرا بذات الااتهام، أجاب بأن ذلك يرجع إلى الظروف النفسية والعقلية لكل متهمة على حدى، فإذا ما ثبت أن إصابتهن باضطراب نفسى أو عقلى ففى هذه الحالة لا يكون العقاب مُجديًا، فالعقاب لا تستقيم معه المحاكمة بقدر التأهيل النفسي.
وأشار الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع، إلى أن ما يحدث مؤخرا عبر صفحات التواصل الاجتماعي ما هو إلا مخالفة لثقافة وعادات وتقاليد الشعب ولكنه بعيد عن أى جريمة، وقرار النائب العام في هذه الحالة صائب، فمن الممكن أن تكون هناك بعض الدوافع النفسية والاجتماعية لدى الفتيات محل التهمة، وهو ما سيتضح فور انتهاء التحقيقات، مضيفا أن أى إجراء آخر يتمثل في فصل الفتيات من الجامعة لن يُجدي، فدور الجامعة هو التقويم مع التعليم.
بدوره، أوضح اللواء علاء عبد المجيد، مساعد وزير الداخلية الأسبق أن كل قرار له ظروف ويخضع إلى التقييم من قبل جهات التحقيق، والنيابة العامة تكون هى صاحبة القرار في تحديد كل قرار لكل حالة بما يتناسب معها، وأن قرار إحالة منة عبد العزيز لمركز التأهيل قد يكون له أبعاد أخرى، فمن الواضح من خلال المقاطع المصورة أنها تعانى من أعراض نفسية قد تصل إلى درجة الانفصام والاضطراب السلوكي، وبالتالى لا بد من إعادة تأهيلها نظرا لكون تصرفاتها لا تصدر عن إنسان طبيعي.



تشريع صارم
وفيما يخص استخدامات مواقع التواصل الاجتماعي بشكل خاطئ من قبل البعض، طالب مساعد وزير الداخلية الأسبق بسن تشريع صارم وفرض الرقابة على وسائل التواصل الاجتماعي بجميع برامجها الموجودة عليها لأن النهارده وسائل التواصل الاجتماعي، لما تمارسه اليوم من أدوار إعلامية موازية لأى وسيلة إعلامية واسعة الانتشار.
في سياق متصل، شدد محمد العقبى المتحدث باسم وزارة التضامن الاجتماعي، على دعم قرار النائب العام، والثقة التامة في قراراته النابعة من منطلق الحرص على مصلحة المواطن وهو ينوب عن كل الشعب بمهام عمله، وأن مراكز التأهيل تساعد في استرجاع الشخص إلى صورته السوية نفسيًا، فهو يتم تأهيله من إخصائيين نفسيين واجتماعيين لإعادة شخصيته القويمة مرة أخرى. 
لم يختلف مع السابق في الرأى الدكتور جمال فرويز الاستشارى النفسي، الذى قال إن قرار النائب العام تربوى وأبوى ينم عن إنسانية صاحب القرار، فمتخذ مثل هذا القرار شخص مسئول يتحدث من منطلق أبوى وليس من منطلق العقاب فقط، فهو يتحدث أيضا بصورة حرصه البالغ على حماية مستقبل الفتيات، مراعاة لظروفهن الاجتماعية أو النفسية لهن.
ويضيف: قد تكون إحدى الفتيات محل الاتهام قد فقدت التواصل مع أسرتها وبالتالى تكون فقدت حقها في الحصول على التربية السليمة، وهنا تأتى أهمية مراكز التأهيل لمدى قدرتها على إحداث تغييرات جذرية في السلوكيات وتعديل الشخصيات نحو الأفضل، فمن يخضع للتأهيل يكون تحت رعاية الأطباء وملاحظاتهم بصفة دورية وهو الأمر الذى يلعب دورا كبيرا في حماية الأشخاص من أى اضطرابات نفسية.



تطبيق face app
في سياق متصل شهدت مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية، تداول تطبيق face app الذى يتيح لمستخدميه إمكانية تحويل صور الرجل إلى امرأة والعكس على نطاق واسع، ما أثار الكثير من الجدل والتساؤلات حول توقيت استخدام التطبيق، حتى أن البعض ربط بينه وبين التعاطف مع مروجى المثلية الجنسية.
حول ذلك الأمر، عقب الدكتور جمال فرويز، الخبير النفسي، قائلا إن مستخدمى فيس بوك وعلى وجه التحديد الفئات الشبابية يمتلكون حالة من الاندفاع اللافت نحو ما يسمى بركوب "التريند" وفى الوقت الحالى على سبيل المثال لاحظنا موجة من التعاطف مع المثليين وفى المقابل يتم التهجم على كل من يتناول ذلك الأمر بالسلب، ومن ناحية أخرى يتعاطف رواد التواصل الاجتماعي مع المنتحر، ولكن بعد فترة قصيرة ينتقدون ظاهرة الانتحار، وهو ما يبرهن على اندفاع رواد مواقع التواصل الاجتماعي لكون العاطفة هى المسيطرة عليهم أكثر من أى شىء آخر.
وأردف: لهذا السبب لا يمكن اعتبار فيس بوك مقياسا لأى اتجاهات متعلقة بالرأى العام، لأن كلها تكون نابعة عن قرارات اندفاعية لحظية ولا تستمر لأكثر من يومين أو ثلاثة ثم تختفي، وعلى النقيض فإن أى استبيان رسمى مكتوب يحمل في سياقه اتجاهات الرأى العام نظرا لتضمنه لآراء كثيرة جدا تمثل تيارات فكرية متنوعة.
كما أضاف "فرويز": لا شك أن انتشار التريند وموجة التقليد الأعمى يعكس حالة من عدم إدراك الأشخاص بالأزمات المطروحة، ولابد من ربط ما يحدث من دعم للمثلية على سبيل المثال بقيام عدد من الشركات في مختلف المجالات حول العالم بإشهار علم المثليين، حتى أن بعض الألعاب صارت تروج لها هى الأخرى، وذلك يتم بهدف تغيير وعى العالم وخلق حالة من التعاطف مع المثلية من خلال عمل "غسيل مخ" للجمهور المتلقي، وهو أسلوب نفسى متبع لتغيير عقيدة الناس والتأثير على فئات الأطفال عن طريق تشكيل مفاهيمهم بصورة خاطئة وتغيير الصورة الذهنية بأن المثلية شىء طبيعى وليست منافية النفسية السوية والتعاليم الدينية.
بدورها أشارت الدكتورة رحاب العوضي، خبيرة علم النفس والاجتماع أنه من الصعوبة تغيير السلوك الإنسانى من خلال تطبيق معين وهو أمر من وحى الخيال، ولكن قد يكون المقصود اختيار توقيت معين للترويج لـ"الأبلكيشن" بالتزامن مع الجدل المثال عقب انتحار سارة حجازي، وقد يكون له هدف محدد بتقبل فطرة مزدوجين الهوية الجنسية، بالتوازى أيضا مع جلوس الناس في منازلهم بفترة الحجر الصحى وبالتالى يكونون عرضة لمثل هذه المحتويات المصنوعة خصيصا لقياس ميول المجتمع سواء الثقافية أو الجنسية، كما يتم من خلال هذه التطبيقات قياس الفئات الأكثر زيارةً لها من بين الذكور أو الإناث.
واختتمت حديثها: دول العالم كلها مستهدفة والمُراد هنا فرض السيطرة الفكرية على جميع الشعوب، وهو ما يساعد في الترويج إليه مثل هذه التطبيقات سريعة الانتشار بين مستخدمى مواقع التواصل الاجتماعي.