الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

مطران الكاثوليك بالمنيا: أوضاع الأقباط تحسنت كثيرًا في عهد السيسي.. الدين المسيحي واحد والاختلاف في الطقوس وطرق العبادة.. اتهامات خطف الرعايا بين الطوائف "حقيقية" والأزمة في تشويه السمعة

الأب بطرس فهيم
الأب بطرس فهيم
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

كرس حياته لخدمة الإنسانية، مما جعله يتميز بقداسة السيرة التى تظهر ثمارها في التعفف والتقوى والنسك واحتمال الآلام مما عاشه خلال رحلته الحياتية التى بدأها منتميا إلى أسرة أرثوذكسية بإحدى قرى محافظة المنيا ولكنه تركها مجبرا ليس بإرادته، ولم يمكث كثيرا فيها فتحول للكنيسة الإنجيلية لمدة ثلاث سنوات إلى أن راق له أن يظل في رحاب الكاثوليكية والتى كرس حياته في خدمتها وتوجته كاهنًا وتدرج في سلكها الكهنوتى إلى أن أصبح مطران المنيا للأقباط الكاثوليك، الأب بطرس فهيم، الذى أكد في حواره مع "البوابة نيوز"، أن تجربته الدينية هى التى جعلته يدرك أن ما يجمع بين الكنائس الثلاث هو أن الإله واحد لا خلاف عليه

نص الحوار..


** في بداية حياتك الدينية انتقلت من الكنيسة الأرثوذكسية إلى الإنجيلية وبقيت بها 3 سنوات واستقريت في الكاثوليكية كيف عشت ذلك؟

- الكثير لا يعرف أننى عشت تلك المراحل مسيسا، فكانت كلها بإرادة الله أولا، ففى الحقيقة كانت هناك أيادى بشرية في هذه الرحلة، فنشأتى الأولى في الكنيسة الأرثوذكسية جعلتنى أتشرب ما فيها من جمال الطقوس والألحان، وحب الروحانية وهى تميل إلى الإفراط في مظاهر التعبد التقليدية من خلال أصوام وصلوات من مزامير وتسبيحات طويلة وعبادات يغلب عليها طابع الهدوء وأحيانًا فيها مسحة من الحزن الناتج عن مشاعر التوبة، والإحساس المفرط بوطئة الخطيئة الشخصية وميل إلى العزلة.

وفى الكنيسة الإنجيلية تعرفت بعمق أكثر على الكتاب المقدس وما فيه من خبرات روحية عميقة وتعاملات الله مع شعبه ومع الناس كنموذج لتعامل الله سبحانه وتعالى مع كل المؤمنين وتعرفت على الترانيم بما فيها من تنوع وحيوية وغنى وتتسم الروحانية الإنجيلية بالانفتاح على الآخر والترحيب به، فهى روحانية كتابية اجتماعية عملية بالدرجة الأولى، وإن شابها في بعض الأحيان التكرار والسطحية.

إلى أن استقريت في الكنيسة الكاثوليكية ووجدت نفسى تمامًا، ووجدت الله كما تمنيت أن أراه، فمن ناحية وجدت كل روحانية وتقاليد وطقوس وعبادات الكنيسة الأرثوذكسية بما لنا من طقس وتراث مشترك بحكم إننا أقباط ومن ناحية أخرى فتحت الكنيسة الكاثوليكية آفاقى على ما لها من اتساع وتنوع في الفكر وفى مدارس اللاهوت والروحانية والرهبانيات المختلفة وبما لها من تنوع في منظومات التعليم اللاهوتى والأخلاقى والإنسانى والاجتماعي.

** كل طائفة توضح دينها بشكل أكثر قربا من الله، كيف تصف ذلك؟

- في البداية أود أن يعرف الجميع أن الدين المسيحى هو دين واحد لا خلاف أو جدال به ولكننا نختلف في الطقوس أو طرق العبادة وأنا أعتقد أن هذا أمر طبيعى لأن كل طائفة تظن أن ما تعرفه وتؤمن وتعمل به هو الحق الكامل غير المنقوص وأن اكتماله يرجع لهذه الطائفة فقط، وإلا لما تمسكت به ولتركته إلى غيره مما تعتقد به الطوائف الأخرى، إن كانت صادقة مع نفسها، وإلا فهى تخدع نفسها ومن يتبعونها؛ فكيف لطائفة أن تتمسك بما لا تظنه أقل مما عند غيرها وتدعى الحق في التمسك به طول الحياة وبمثل هذه القوة.

** هل ذلك سبب للخلاف بين الطوائف المسيحية عندما يتنقل الرعايا بينها؟

- لا أنكر ذلك ولا أبرره، لأننى أعتقد أن الاتهامات المتبادلة بخطف رعايا الطوائف الأخرى هى قائمة فعلا ومبنية على وقائع فعلية وحقيقية فهناك من هم مؤهلون للقيام بذلك الفعل، فكل طائفة مؤمنة ترى أن معها كل الحق، وتريد أن تهدى كل الناس إلى هذا الحق الذى تعتقد؛ والحفاظ على طقوسهم وعقيدتهم وهو واجب مقدس إلى هنا تلك الأمور جيدة لحد ما.

ولكن المشكلة تتفاقم حين يكون الخطف مبنيا على تشويه لسمعة واعتقاد الآخر وتشكيك فيما يؤمن به فهنا الأزمة تصبح كارثة لأننا جميعا تحت إله واحد وسبق أن قلت إننا نختلف في الطقوس، بينما هناك طريقة أخرى من الخطف تتم عن طريق إغراء الفقراء بالمال وبالمساعدات العينية وأنا أرفض ذلك وبشدة، فليس هذا من النبل في شىء، وما يشترى بالرخيص سيذهب رخيصا.

** بماذا تفسر رفض الأقباط الأرثوذكس معمودية الكاثوليك رغم قبول الكاثوليك لهم؟

- بخصوص موقف الأرثوذكس ورفضهم لمعمودية الكاثوليك، يرجع ذلك لفهمهم أن الإيمان الكاثوليكى مختلف عن الإيمان الأرثوذكسى، وبالنسبة لهم المعمودية مرتبطة بالإيمان، بل بحسب تفسيرهم المعمودية مرتبطة ببعض قضايا الإيمان المختلف عليها، ولذلك هم لا يقبلوا معمودية الكاثوليك.

لأن المعمودية لو كانت مرتبطة بالقضايا الكثيرة التى تجمعنا وهى مشتركة في الإيمان لكانوا قبلوا المعمودية، ولو كانت بالنسبة لهم المعمودية مرتبطة بالسيد المسيح لقبلوا معمودية الكنائس الأخرى التى تعترف وتؤمن بنفس المسيح الواحد هذا هو التفسير المنطقى والذى أسمعه منهم غالبا في أى حوار.

** ما رأيك في تغيير الطقوس، خصوصا التناول في الفترة الصعبة التى نمر بها الآن من انتشار فيروس كورونا، حفاظا على صحة المؤمنين؟

- بخصوص تغيير الطقوس في هذه الفترة هذا يتطلب أن نفهم الفرق بين الإيمان والطقوس، فالطقوس هى الشكل والأسلوب الذى نحتفل فيه بالإيمان ونعبر عنه في صورة عبادات وصلوات، فالإيمان هو جوهر ثابت لا يتغير مع الزمن ومع الظروف، ولكن التعبير عن الإيمان هو ما يتغير مع الوقت والظروف والضرورات سواء كان هذا التعبير عن الإيمان يتم في شكل طقوس وعبادات أو كان في شكل تعبيرات لاهوتية.

وعلم اللاهوت يتطور والطقوس تتطور وتتغير حسب الضرورة ولكن الإيمان ثابت، لذلك فكرت الكنيسة في تغيير شكل التناول مع ضرورة الحفاظ على سلامة الناس في اللحظة الحاضرة.

 

** ما رأيك في الهجوم المستمر على بابا الفاتيكان واتهامه بالسعى لدين عالمى جديد؟

- هذا أمر مستمر منذ زمن طويل، وبالتحديد منذ المجمع الفاتيكانى الثانى، فقبل المجمع المسكونى الفاتيكانى الثانى كانت الكنيسة الكاثوليكية منغلقة على نفسها ولا ترى إيمانا آخر غير إيمانها وكانت متشددة جدا في هذا الأمر، أما بعد المجمع المسكونى الفاتيكانى الثانى والذى استمر من سنة 1962 إلى سنة 1965، فقد حدث تجديد كبير وشامل وعميق في رؤية الكنيسة لنفسها وللكنائس الأخرى وللديانات الأخرى ولكل البشر عموما، فصارت تقبل الجميع وتعترف بكل ما هو إيجابى وحقيقى عند الكنائس والديانات والثقافات الأخرى.

وهذا الانفتاح في الفكر وفى القلب الذى منحه الله بالروح القدس للكنيسة هو ما جعل باباوات الكنيسة الكاثوليكية يسعون باستمرار، من وقتها، للتعبير عن هذا الجديد الذى قدمه الله لها من خلال المجمع ووثائقه المتعددة ويحاول الباباوات أن يحققوا ويطبقوا على أرض الواقع وفى العلاقات مع كل الناس ومع كل الديانات، مع الاحتفاظ لكل دين بخصوصيته وهويته دون جرح أو إهانة، فيرى باباوات الكنيسة الكاثوليكية أنه قد انتهى عصر الخوف والانغلاق وحان وقت الانفتاح والاحترام والحوار واللقاء مع البشر أبناء الله الواحد من أجل خير البشرية ولذلك الكنيسة لا تغلق بابها أبدا في وجه أحد، بل تبادر دائما مع احتفاظها بهويتها وإيمانها للقاء مع الجميع والتفاهم مع الجميع.

وهذا ما يراه الآخرون كأنه محاولة لخلق دين عالمى جديد، ولكن هذا فضلا عن محاولات التشوية التى تتم أحيانا بقصد وأحيانا بغير قصد، ومن يقومون بهذا التشويه يظنون أنهم هكذا يظهرون وحدهم في الصورة كشرفاء وأوفياء وأنقياء. وكأن من يبخس في بضاعة غيره يروج لبضاعته الذاتية.

أو بمنطق خير وسيلة للدفاع هى الهجوم. وهم لا يدرون أن عصر هذه المقولات قد انتهي. وأن الناس الآن تقرأ وتعرف وتميز ولا يسهل خدعاها

** كيف ترى تأجيل صدور قانون الأحوال الشخصية رغم انتهائه؟

- قانون الأحوال الشخصية، تمت صياغة النص لتقديمه للجهات المختصة، وهو يشمل بعض الفصول التى يتفق عليها كل الكنائس والمشتركة بينها جميعا والتى تتوافق مع المشترك من معطيات الإيمان والدستور والقوانين المصرية، وهناك فصول تخص ما هو خاص لكل كنيسة على حدة، وذلك لأن القانون ترجمة لبعض قضايا الإيمان التى لا يمكن التنازل عنها.

فالزواج في المسيحية ليس مجرد قضية اجتماعية بل هو مبدأ إيمانى في الأساس وله مظاهره ومتطلباته الاجتماعية.

وكنا نميل إلى أن يتضمن القانون الجديد مواد عامة تشمل الأمور المشتركة بين الكنائس، مع إضافة مواد أخرى تخص كل كنيسة على حدة، خاصة أن العرف المطبق في القضاء المصرى، يقوم على أن القاضى يحكم بين الزوجين بحسب عقد الزواج والشريعة التى يتبعان لها، فقديمًا كان البعض يستخدم تغيير الملة كمخرج لتحقيق الطلاق، وفقًا لمبدأ اللجوء للشريعة الإسلامية حال اختلاف شريعة الزوجين، لكن ذلك الأمر تغير حاليًا، ولم يعد القاضى يلتفت لتغيير الملة بعد الزواج، بل يطبق القاضى شريعة الزوجين حسب عقد الزواج الأصلي.

** ماذا عن قرارات المجمع المسكونى الفاتيكانى الثانى؟

- دائما وأبدا تحتاج الكنيسة إلى مراجعة لذاتها، وبالتالى هنا يحدث تجديد مستمر، فيجب أن تكون دائما في حالة إصغاء لما يقوله الإنجيل الذى نقله المسيح، لتتوافق مع ذاتها ودعوتها ورسالتها التى من أجلها وجدت فمن ذلك المنطلق نسعى دائما كمطارنة وآباء إلى تحقيق أولا أمانة شخصية، ووعيا حقيقيا، والتزاما كاملا، وتوبة مستمرة، وإصغاء وانفتاحا يوميا من كل شخص من الأفراد المنتمين إلى الكنيسة، سواء كبار أو صغار فمن يصلح الكنيسة ليس فقط نحن بل جميعا وذلك عن طريق طاعتهم المخلصة لما يطلبه منهم الله، وبأمانة وشفافية حياتهم.

** كيف ترى دور رجال الدين في مواجهة تحديات العصر، مثل التكنولوجيا والإلحاد والانتحار وغيرها؟

- أظن أن مواصفات الواعظ المعاصر عليه أن يكون ملما بكل معطيات إيمانه الحقيقى، ومن هنا عليه أن يمتلك الأدوات اللازمة التى تكون أهمها المصداقية أى أن يقول ما يعمل ويعمل بما يقول، وبالشكل والأسلوب المناسبان لشبابنا الصغار الذين لديهم عقول ربما لا تستوعب قدرة رجال الدين وحكمتهم ويجب على رجال المسجد والكنيسة أن يستفيدوا بشكل كبير من كل وسائل التطور العلمى، والإنسانى والتكنولوجى، فلا تعارض أبدا بين الإيمان الحقيقى والعلم الحقيقى بل العلم والتقنيات إذا استخدمناها بشكل سليم فنمر بأنفسنا إلى بر الأمان.

فليس أسوأ من عقل بلا إيمان إلا إيمان بلا عقل، وأنا لا أدين المنتحر لأننى بكل بساطة لا أعرف مسيرته الحياتية وهل عاش حياته بشكل طبيعى أم عاصر أحداث كانت فوق احتماله فهنا ادع المخلوق ليحكم عليه الخالق، أما الملحد فكل اللوم على من حوله الذين تركوه حتى يصل لهذه المرحلة وهى فقدان الثقة في وجود الله الذى خلقنا وخلق الكون من حولنا فكيف له أن يطرد الإيمان ويزرع الخطأ مكانه فهنا نشدد على أهميتنا في معرفتهم للدين الصحيح.

** كيف ترى قانون بناء الكنائس، خاصة في ظل تخصيص 70 كنيسة ومبنى جدد؟

- أعتقد أن الأمور تسير بشكل جيد عن الفترات السابقة، وإن كان بالنسبة للكنيسة الكاثوليكية لم يصدر الكثير من قرارات التقنين للكنائس القائمة بالفعل، فكان الحظ الكبير للكنيسة الأرثوذكسية، ونحن نتفهم ذلك الأمر، ولم نجد حتى الآن الكثير من المشكلات في تنفيذ القانون الجديد لبناء الكنائس الجديدة، بل بالعكس الأمور أصبحت أبسط كثيرا، فقط المشكلات تأتى من تقاعس الموظفين الصغار في المحليات، فالروتين والبيروقراطية ما زالا يتحكمان في المشهد وفى دواوين الحكومة المختلفة بسبب الجهل أو الخوف وربما تعودوا على ذلك ولكن العلاقات مع كبار المسئولين في الجهات المختلفة لا نجد فيها مشكلات بل نسعد بالود الذى يتطور كل مدى.

** كيف تنظرون إلى قضية تجديد الخطاب الديني؟

- كل ما نواجهه الآن هو ألم يعيشه الإنسان، فلكى نجدد الخطاب الدينى نحتاج إلى تجديد الفكر الدينى والخبرة الدينية وهو اختيار الرمز الذى يتحدث، ومعرفة حقيقة الدين في أصوله، وأن يكون لديه موروث دينى أصيل، ومن هنا يصبح لديه قدرة على عدم الخلط بين النص المقدس، وتفسيراته المتنوعة والمتعددة، بحسب كل مكان وزمان، واتجاه فكرى أو مدرسة روحية أو لاهوتية، وامتلاك الأدوات اللازمة للتعبير عن صحيح الدين وعدم تفسيره حسب الأهواء الشخصية أو العواطف الدينية.

** نهضت إيبارشيتك بالمنيا بقوة، كيف تمكنت من ذلك؟

- أنا شاكر للمؤمنين الذين وصفونى بهذه الكلمة، ووصفوا إيبارشيتى بالقوة، وفى إيبارشيتى قوة حقا، فقوة القطاع التنموى والخدمى بإيبارشية المنيا، ترجع إلى نحو 40 عامًا، وليست وليدة اليوم أو من سنوات قليلة حتى نعطى كل صاحب حق حقه.

فالنهضة بدأت عندما بدأ المطران الأسبق الكاردينال أنطونيوس نجيب هذا العمل، عقب عودته من دراسته للماجستير بروما، والذى كان في تخصص العمل الاجتماعي في الكنيسة الكاثوليكية، وفى عهده طبق ما درسه على أرض الواقع تحت شعار خدمة المحبة لكل محتاج سواء كان مسيحيًا أو مسلمًا، وما نقوم به اليوم ما هو إلا امتداد لخدمته في معاونة الدولة على تسديد احتياجات أكبر قدر من المعوزين.

ومن هنا كل الشكر إلى المنظمات التنموية المحلية والدولية المهتمة بهذه المجالات وتقوم بالتبرع لنا.

 

** كمطران للمنيا، كيف تواجه حوادث الفتنة الطائفية؟

- المنيا مختلفة عن غيرها في حوادثها، فهى صعبة ومتكررة بأشكال مختلفة، ورغم ذلك لا يشعر المسيحى بأنه مضطهد أو منبوذ بل بالعكس تماما فيظهر إيمانه بلا خوف في ظل قوة الكنائس الثلاث بها، لكن بعض المناطق بالمحافظة مثال مراكز أبو قرقاص أو بنى مزار أو مغاغة أو ملوى، تركت على مدى عقود لتغلغل الأفكار غير المستنيرة ما تسبب في وقوع هذه الحوادث، ولكننى الآن اجتهد في توعيتهم.

** ما علاقة الكنيسة الكاثوليكية في تنفيذ خدماتها مع الكنيسة الأرثوذكسية؟

- سوف أكون صريحا جدا في هذا السؤال، ففى الحقيقة هناك عدد من التجاوزات من بعض رجال الدين في الجانبين، ولا أميل لطائفة ضد أخرى، وكانت تلك التجاوزات في إلقاء كلمات صعبة أو جمل خاطئة هى سبب في عدم التنسيق بيننا في أداء الخدمات، فتلك الأمور جعلت بيننا توتر ولكنى أحب جدا الأنبا مكاريوس، بل هناك عتاب على البعض بسبب آراء تقول إن الكنيسة الكاثوليكية، دخلت مصر مع الحروب الصليبية، رغم أنها لم تغب يومًا عن مصر فذلك يحزننى ويغضبنى جدا.

وأدعو الجميع إلى الابتعاد عن هذه التجاوزات وأن نحيا الحياة كما أراد لنا المسيح، خاصة أن ما بين الكنيستين أكبر بكثير مما يمكن للبعض أن يتخيله، فالمفترض أنهما واحد في الإيمان بالله وفداء المسيح، كما أننا سبق أن وحدنا الطقوس والأسرار المقدسة وحسمنا الكثير من الأمور التى كانت موضع خلاف، ولكن البعض ما زال يصر على استخدام هذه القضايا باعتبارها نقاط خلاف عقائدية للتفريق بين الكنيستين.

** ما أبرز البنود التى نوقشت أثناء مشاركتك باجتماعات السنودس الكاثوليكى؟

- نسير في الطريق معًا، ذلك معنى اسم المجمع، وهذه الاجتماعات في الكاثوليكية تقابل اجتماعات المجمع المقدس في الكنيسة الأرثوذكسية، لذا فهى تناقش جدول أعمال موسع يضم عددًا من القضايا الإدارية والتنسيقية.

 

** حدثنا عن الطلاق في الكاثوليكية؟

- الكثير منشغل بأزمة الطلاق في المسيحية بشكل عام وفى الكاثوليكية، المبدأ العام أنه لا طلاق على الإطلاق، كما أنه يفرق بين بطلان الزواج والانفصال، فالبطلان يقع إذا كان الزواج غير صحيح، وبنى على غش أو افتقد أحد أركان الزواج الصحيح، وهنا تعلن الكنيسة بطلانه، ويصبح كأنه لم يكن ويسمح لصاحبه بالزواج من جديد.

أما الانفصال فيقع إذا طرأت مشكلات على الزواج الصحيح، ما يؤدى لاستحالة العشرة بين الزوجين، وحينها يمكن لهما الانفصال لخيرهما، لكن لا يحق لأى منهما الزواج مرة أخرى.

** والطلاق بسبب الزنا؟

- لم يتدخل أحد في تلك الأحداث العقائدية بمعنى مبسط فالإنجيل تحدث عن هذه العلة، وهى الاستمرار عمدًا في علاقة آثمة حتى بعد الزواج، وحينها يصبح الزواج باطلًا، لأنه بنى على غش من أحد الزوجين.

فمن ضمن القانون الجديد الذى ناقشناه وأخذ منا وقتنا هو الزنا الحكمى، لأننا ككاثوليك اعترضنا عليه بشدة في مقترح القانون الجديد، لأن طبيعتى العمل والحياة تجعلان الإنسان يتواصل مع كثير من الأشخاص، وقد يستخدم في ذلك لغة رقيقة قد يفهمها أحد الزوجين خطأ، وإن اعتبرنا ذلك في حكم الزنا، فإن كل زواج يصير مهددًا، فمن هنا تأتى الملابسات.

** حدثنا عن وضع الأقباط في مصر في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي؟

- هناك فرق السماء من الأرض فأوضاع الأقباط أفضل كثيرًا، فهو رجل محترم جدًا وعف اللسان ولم يكذب يومًا على شعبه أو يتطاول حتى على العدو، وعمرى ما أنصت إليه وإلا هو متحدث بطيبة عن الجميع ويحترم جميع الأديان مدركا قيمة دينه ويعمل به فلكم دينكم ولنا ديننا، وهو يحب المصريين مسلمين ومسيحيين فلم أسمعه في مرة أبدا مخاطبنا بمسيحى ومسلم، لذا علينا كشعب أن نساعده في جميع المجالات، خاصة بعدما أعلن أن أولويته في الفترة المقبلة هى الاهتمام بالفقراء، وبعد مجهوده في المشروعات القومية الكبرى في مجالات البنية التحتية والتعليم والصحة، بالإضافة إلى محاربته الفساد والبيروقراطية، وهذا ما نحن في أمس الحاجة إليه.

** ما الذى جنيته من عهده في إيبارشيتك؟

- نحن ككنيسة كاثوليكية نمتلك 37 كنيسة، منها 10 فقط مرخصة رسميًا، أما الباقى فهى كنائس قديمة يصلى بها الأقباط الكاثوليك منذ ما يقرب من مائة عام، وسبق أن قدمنا طلبات كثيرة للنظر في ترخيص هذه الكنائس، لكن اللجنة المختصة لم ترد علينا بعد، إلى أن شهدنا في عهده تعاونا معنا بشكل كبير في بناء وترميم الكنائس، ومنحونا 8 تصاريح لبناء كنائس جديدة، و4 لتجديد وتوسعة وتعلية بعض الكنائس القائمة.

** الكثير لا يعرف مواعيد الأعياد في الطوائف فما رأيك في توحيد مواعيد الأعياد؟

- ذلك أمر حقيقى، وهو أمر مهم، فتاريخ الأعياد مسألة لا علاقة لها بالعقيدة على الإطلاق، وسبق وتحدثت أن العقيدة ثابتة وقد نختلف في الطقوس هى أمور تتعلق بالحسابات الفلكية والتاريخية والتقديرية لميلاد السيد المسيح، والحقيقة أننا جميعنا لا نعلم بدقة متى ولد المسيح، وهل ولد في شهور الشتاء كما نحتفل أم في شهور الصيف؟ وهل نحتفل بيوم ميلاده وفقًا للتقويم القبطى أم التصحيح الغريغورى، وكذلك هناك خلاف حول سنة الميلاد، لأن بعض الدارسين يعتقد أن المسيح ولد فعلًا بين السنتين الرابعة والسادسة قبل الميلاد، لذا أدعو الجميع للتمسك بمعنى العيد لا توقيته، لأن هذا هو الأهم.