الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

د. أحمد يوسف يكتب: المراسلات العسكرية اليومية لنابليون بونابرت في مصر (8)

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بونابرت يصف مصر: أرض خصبة وشعب فقير 
استخدام المشايخ في قيادة العامة.. وحجزهم رهائن إذا دعت الضرورة
خداع الشعب بادعاء موافقة السلطان العثمانى على الحملة الفرنسية
المماليك يدافعون عن ثرواتهم ببسالة.. ومصادرة أموال التجار المعادين لفرنسا
مراقبة حركة النيل.. ووضع خريطة للدلتا
رجال رشيد 3 أنواع.. ونصائح «بونابرتية» للتعامل مع كل مجموعة 
تعيين محمد كريم محافظا للإسكندرية رغم اشتراكه في المقاومة
احتفاظ الباشا ممثل السلطان بمنصبه وأمواله ووجوده
معركة شبراخيت.. 200 فارس فرنسى يواجهون المماليك المسلحين ببنادق إنجليزية
مجزرة بشعة بمعركة الأهرامات.. وجنود الممليك يلقون أنفسهم في النيل
إخلاء القاهرة من السفن الحربية.. والاستيلاء على 400 جمل محمل بالأمتعة و50 مدفع

الرسالة 2602
مركز القيادة الإسكندرية 
19 مسيدور العام السادس للثورة 7 يوليو 1798 نفس الزمان 
إلى الجنرال مينو 
لا شك أنك تلقيت أيها الجنرال المواطن أمر هيئة الأركان بالذهاب إلى رشيد وتولى قيادتها:
1. لقد عين المدير الإدارى للحملة مندوبًا إداريًا وكل الموظفين الضروريين من أجل إنشاء مستشفيين يسع كل منهما 200 سرير واحدًا والآخر للمرضى.
2. لقد عين أيضًا لجنة من 3 أعضاء من أجل مصادرة أموال ومتاع المماليك وتجار الأمم التى تعادى فرنسا (1)
3. سيعين الجنرال كافاريللى ضابطًا من سلاح المهندسين لمعاينة الحصنين الموجودين عند مصب النيل (2).
4. وقد عين أيضًا مهندسًا جغرافيا وآخر متخصص في الكبارى والطرق لمعاينة حركة المياه في النيل وعمل خريطة للدلتا.
5. سوف يعين المواطن بوسيلج مدير المالية والخزانة بالجيش مندوبًا لمراقبة حركة المباشرة وغير المباشرة للجباية.
6. سيكون من الضرورى بطارية أو أثنتين للدفاع عن مدخل النيل.
7. إنشاء مستشفيات بسرعة بالمدينة لأنه إذا إنسحب الجيش فإن ذلك سيكون في رشيد
8. يجب أن تعطى كل المساعدات الممكنة للمواطن بريى «قائد الأسطول الصغير بالنيل» حتى يستطيع عبور النيل بسفنه الخفيفة.
9. أن تبنى لنا أفرانًا ومخازن طعام للجيش.
10. مساعدة كل الرجال فرقتى الفرسان اللتين ما زالتا بلا خيول حتى الآن والمتواجدتين في الرشيد حتى الآن على العودة إلى الإسكندرية.
11. تنشيط التجارة بين رشيد والإسكندرية.
12. إنشاء مكتب صحة للحجر الصحى.
13. أما بالنسبة للسياسة التى يجب اتباعها في البلاد فهى تعنى أن العملية التى قمنا بها في مصر قد سمح بها السلطان الأعظم بل يمكنك أن تتركهم يعتقدون أنها تمت بالإتفاق معه.
14. توفير الحماية لرجال الدين والأئمة وأماكن العبادة واستخدام المشايخ في قيادة العامة مع الأخذ في الاعتبار ضرورة نزع سلاح المسلحين منهم ولنعرف الرجال المؤثرين فيهم حتى نستخدمهم كرهائن إذا أجبرتنا الظروف على ذلك.
15. أعتقد أنه في رشيد هناك 3 أنواع من الرجال الذين مرتبطون بالحكومة والذين مرتبطون بالدين والذين هم أتقياء بالفعل وهؤلاء الأخيرون يحوذون على رضا الرأى العام وأخيرًا هناك رجال عملوا بالحكومة قبل أن تغضب عليهم كما هو يحدث الآن.
16. يجب عليك أن تتملق المجموعة الثانية وأن تلوح لهم بآمال بعيدة في مجتمع يكون فيه الرجل العادل في حماية الحكومة.
17. وعليك أن تتملق المجموعة الثالثة وأن تعينهم في مناصب ولكن عليك أن تستخدم منهم الذين يعملون في الحكومة الآن بعد أن تطلب منهم قسم يمين الطاعة بألا يرتكبوا أعمالً مخالفة لمصالح الجيش.
18. وعليك أن تتملق المجموعة الثالثة وأن تعينهم في مناصب ولكن عليك أن تستخدم منهم الذين يعملون في الحكومة الآن بعد أن تطلب منهم قسم يمين الطاعة بألا يرتكبوا أعمالا مخالفة لمصالح الجيش.
19. أن تجمع أهم زعماء المدينة في مجس يؤدون فيه قسم الطاعة ثم تعرفهم بنواياك وتطلب منهم أنى رسلوا لى وفدًا من ثلاثة أشخاص منهم.
20. أرجوك أن تطلعنى بدقة عن الوضع وعن الحالة النفسية في البلاد التى ستتولى قيادتها وفور أن تشعر أنك لم تعد «أعرجًا» وأنك أعطيت الدفعة الأولى (في حكم البلاد) سوف أتعجل إرسال الأمر لك باللحاق بنا.
21. يمكنك أن تأخذ معك طبيب القاهرة وأبن قنصل البندقية (3).
بونابرت 
--------------- 
(1) هذه اللجنة مشكلة من مونج وبيرتوليه وماجالون.
(2) هو ضابط سلاح المهندسين Houtpoul
(3) هو القنصل روسيتى

*****************************************************

الرسالة 2603
مركز القيادة الإسكندرية
19 مسيدور العام السادس للثورة 7 يوليو 1798 شرحه
إلى السيد محمد كريم
محافظ إقليم الإسكندرية إن القائد العام للجيش راض تمامًا عن السلوك الذى ينتهجه السيد محمد كريم منذ وصول الجيش الفرنسى ولذا قرر تعينه في منصب محافظ دائرة الإسكندرية. وسوف ينقل الجنرال كليبر القائد العسكرى للدائرة أوامر القائد العام إلى السيد محمد كريم وهو ما لا يمنعه من الاتصال مباشرة بالقائد العام عندما يرغب في ذلك.
ويلجأ إليه الجنرال كليبر لكل الاحتياجات الخاصة بخدمة الجيش الفرنسى والشرطة والدائرة العربى (1).
(1) كان السيد محمد كريم محافظًا للإسكندرية قبل وصول الفرنسيين ورغم اشتراكه في المقاومة فإنه تعامل بشرف مع الفرنسيين في مرحلة المفاوضات وحاز على إعجاب بونابرت خاصة أنه كان يدرك مدى تأثيره على أهل الإسكندرية ومن هنا جاء هذا التعيين لدائرة الإسكندرية وتسمية دائرة مأخوذ من النظام الإدارى الفرنسى الذى يقسم المدن إلى دوائر وعليه فإن الإدارة الفرنسية للمدينة قد قسمت الإسكندرية إلى 3 دوائر:
دائرة الإسكندرية ذاتها وتشمل القسم الخاص بالميناءين الشرقى والغربى والحى الواقع بينهما في رأس التين والأنفوشى.
الدائرة الثانية وتعرف بأسم دائرة الحى العربى وتشمل كرموز وكوم الدكة
وأخيرًا دائرة أبى قير في اقصى شرق المدينة
بونابرت 
*****************************************************
الرسالة 2613
مركز القيادة شابور 27 مسيدور (العام السادس للثورة ) 15 يوليو
إلى الجنرا لمينو
إننا الآن في شابور وسنرحل للتو على بعد 6 فراسخ وقد أبلغتك رئاسة الأركان أننا قد واجهنا العدو وهزمناه (معركة شبراخيت). 
كان مراد بيه ومعه من 3 إلى 4 آلاف مملوك بخيولهم و20 قطعة مدفعية وبعض مراكب المدفعية حيث كان يريدون أن يمنعون من عبور ترعة شبراخيت.
وقد استولينا على مدافعهم وقتلنا وجرحنا منهم 50 رجلًا من بينهم بعض قادتهم وقد أنفجرت سفينة من سفنهم كان بها القائد التركي. ومنذ هذا اليوم والمماليك يفرون منا ليل نهار ومن الممكن أن لا نقابلهم بعد ذلك إلا عند مدخل القاهرة. ارسل إلينا السفن المحملة بالمدفعية ونحن بحاجة ماسة إلى الزخيرة.
أرسل نسخ إلى الجنرال كليبر والأميرال برويس
بونابرت
*****************************************************
الرسالة 2616
مركز القيادة الجيزة 4 تيرميدور (العام السادس للثورة) 22 يوليو 1798
إلى مشايخ وأعيان القاهرة
سوف تجدون في الإعلان المرفق المشاعر التى تحركني. لقد قتل بالنسبة للمماليك فقد قتل أغلبهم بالأمس أو أخذوا أسرى وإننى في أعقاب القليل الذى هرب منهم يمكنكم المرور عبر النيل والمجىء إلى في وفد ليعلن لى خضوعكم وجهزوا من الآن الخبز واللحم والقش والشعير للجيش ولا تكونوا قلقين لأنه ليس هناك أحد يرغب في سعادتكم كما أرغب أنا.
بونابرت
*****************************************************
الرسالة 2617
مركز القيادة الجيزة 4 تيرميدور (العام السادس للثورة) 22 يوليو 1798
إلى أبوبكر باشا، القاهرة
إنى غاضب جدًا للعنف الذى أرتكبه ضدك إبراهيم بك (1) لإجبارك على مغادرة القاهرة واتباع قواته.
إذا كنت أنت سيد القاهرة فعد إليها وسنقدم لك الإحترام والتابجيل الواجبين لممثل صديقنا السلطان.
لقد كتبت لك خطابًا من الإسكندرية (2) تجدون مرفقًأ نسخة منها وقد كلفت قائد السفن التركية (3) بتسليمها لك وأننى متأكد أنها لم تصلك.
إنه بفضل الله الذى يتعلق ويرتبط به كل شيء فقد انهزم المماليك فكن مطمئنًا وطمئن الباب العالى أن نفس السلاح الذى أنتصرنا به سنضعه تحت إمرة السلطان ولتلبى السماء رغباته ضد أعدائه.
بونابرت
------------------- 
(1) إبراهيم بك كان يشكل مع مراد بك الثنائى المملوكى الذى كان يحكم مصر
(2) الرسالة رقم 2560
(3) إدريس بيه قائد السفينة التركية لاريال (الرسالة 2561)
******************************************************

الرسالة 2619
مركز القيادة الجيزة 5 ترميدور (العام السادس ثورة) 23 يوليو 1798
إلى الجنرال كافاريللى دى فالجا قائد سلاح المهندسين بجيش الشرق
أرجو أن تتفضل أيها الجنرال المواطن بإرسال ضابط عظيم مع طليعة فرقة الجنرال دوجوا للذهاب غدًا إلى الأهرامات وضابط آخر مع فرقة الجنرال ديزيه الذين سيرحلون جنوبًا في النيل على بعد فرخسين.
أما الضابط الذى سوف يلتحق بالجنرال ديزيه فسيكون مكلفًأ بتخطيط 3 حصون محاطة بخنادق متصلة ببعضها ويمكن لكل منها أن يتمركز بها 90 رجلًا و10 جنود مدفعية وقطعتين مدفعية على أن تتصل فيما بينها بواسطة أخدود عميق وهو ما سيشكل خندقًا ستستطيع فرقة الجنرال ديزيه أن تعسكر به.
وشكل هذه الحصون يجب أن يكون مهيبًا على أن تكون لها على وجه الخصوص خندقًا عميقًا وفى أضعف الأماكن منها يمكن عمل فتحات توضع فيها فوهات المدافع.
أما ظابط الهندسة فسوف يذهب إلى الأهرامات فعليه أن يخطط قلعة على شكل نجمة أو حصن منفتح يستطيع استيعاب من 250 إلى 300 رجل ويمكن الدفاع عنه بـ رجل ومدفعين والهدف من هذا الحصن هو منع الأعراب من مهاجمة جيوشنا ويجب أن يكون الحصنان مبنيان في مأمن من فيضان النيل. 
أما الشخص الذى ستكلفه باللحاق بالجنرال ديزيه فسيكون عليه أيضًا تثبيت بطارية من مدفعين عيار 24 على أن توجه بحيث تستطيع السيطرة على الملاحة في النيل.
بونابرت
*******************************************************

الرسالة 2622
مركز القيادة الجيزة 5 ترميدور (العام السادس ثورة) 23 يوليو 1798
إلى أبوبكر باشا القاهرة
كان غرض الجمهورية الفرنسية باحتلالها لمصر طرد المماليك الذين كانوا متمردين على سلطة الباب العالى وأعداء للحكومة الفرنسية في آنٍ.
واليوم لقد أصبحت سيدة على مصر بفضل أنتصارها الذى أحرزته بقوة السلاح (1) لا تزال رغبتها أن يحتفظ الباشا ممثل السلطان الأعظم بمنصبه وأمواله ووجوده.
أرجو أن تبلغ الباب العالى أنها لم تفقد أى شىء (في مصر) وأننى سأحرص على أن تحصل على جبايتها من الجزية السنوية.
بونابرت

----------------- 
(1) معركة الأهرامات
*****************************************************

الرسالة 2625
مركز القيادة بالجيزة، 5 ترميدور (العام السادس للثورة) الموافق 24 يوليو 1798
إلى حكومة الإدارة
السادة المديرون المواطنون
في يوم 19 مسيدور رحل الجيش من الإسكندرية ووصل إلى دمنهور يوم 20 بعد معاناة شديدة في عبور الصحراء بسبب درجة الحرارة الشديدة ونقص المياه.
معركة الرحمانية،
في يوم 22 وصلنا إلى نيل الرحمانية حيث إلتحمنا إلى فرقة الجنرال دوجوا القادمة بأقصى سرعة من رشيد وقد هزم جيش من المماليك يبلغ تعداده من 700 إلى 800 مملوك جيش الجنرال ديزيه وبعد معركة حامية بالمدافع وخسارة بعض الرجال إنسحب المماليك.
معركة شبراخيت، 
ومع هذا علمت أن مراد بك على رأس جيش مكون من عدد ضخم من الفرسان، ومن 8 إلى 10 مراكب مزودة بالمدافع بل أيضًا بطاريات مدافع مثبتة على النيل كان ينتظرنا في قرية شبراخيت.
وفى مساء يوم 24 زحفنا للقاء جيشه ووصلنا في فجر يوم 25 لنجد أنفسنا في مواجهة هذا الجيش.
لم يكن لدينا إلا 200 فارس مرهقين متعبين بعد عبورهم الشاق للصحراء بينما كان المماليك في ابهى حالاتهم تغطى ملابسهم الذهب والفضة ومسلحين بأفضل البنادق والمسدسات المصنوعة في لندن وأفضل سيوف الشرق وتمتطى خيولًا ربما كانت أفضل خيول القارة.
لقد كان الجيش مصطفًا وكونت كل فرقة كتيبة مربعة الشكل وقد وضعت أمتعتها في فراغ المنتصر والمدفعية في المسافات الفاصلة بين الكتائب. كانت الكتائب 2 و4 مصطفى خلف الكتائب 1 و3 وكانت الفرق الخمسة المكون منها الجيش مصطفى على شكل هرم وقد استند بعضها إلى بعض وقد أحاطها من الخلف قريتان تحتلهما قواتنا.
وكان المواطن بريه قائد أسطول النيل الخفيف قد هاجم أسطول المماليك بثلاث قوارب محملة بالمدافع وقارب مسلح وفرقاطة خفيفة وكان القتال بينهما عنيفًأ حيث أطلق كل من الطرفين أكثر من 1500 طلقة مدفع.
وقد جرح بيريه في ذراعه بطلقة مدفع وبفضل إصراره وشجاعته إستطاع إسترداد مراكب المدفعية الثلاثة والفرقاطة الخفيفة التى كان قد أخذها منه المماليك كما استطاع أن يشعل النار في سفينة القيادة المملوكية. وقد أظهر المواطنان مونج وبيرتوليه اللذان كان على ظهر قارب صغير في هذه اللحظات الصعبة شجاعة كبيرة وقد ابلى الجنرال أندريوسى الذى كان يقود عملية إنزال الجنود بلاءًا حسنًا.
وقد أغرقت فرسان المماليك بخيولها كل السهل ثم اجتاحت أجنحة جيشنا وحاولت بكل الوسائل إختراق خطوطنا من الجنبين أو من الخلف والبحث عن نقطة ضعف فيها لإختراقها ولكن كانت خطوطنا صلبية وقاومت بشجاعة النيران التى كانت تطلق عليها من الجنب ومن الأمام. وعاود المماليك عدة مرات الهجوم ولكن دون عناد حقيقى. وكان الشجعان منهم قد حاولوا المجئ حتى صفوفنا للقتال المباشر ولكنهم استقبلوه بنيران صفوف متراصة في المسافات بين الكتائب. وأخيرًا وبعد أن ظلوا على مرمى مدافعنا جزء من نهار اليوم بدءوا إنسحابهم ثم إختفوا ويمكن تقدير خسائرهم بعدد 300 رجل بين قتيل وجريح.
ثم واصلنا سيرنا لمدة 8 أيام محرومون من كل شيء وتحت طقس الأشد حرارة في العالم.
وفى يوم 2 ترميدور عند الصباح لمحنا عن بعد الأهرامات.
وفى نفس اليوم عند المساء كنا على بعد 6 فراسخ من القاهرة وعلمت أن 23 بك من المماليك ومعهم كل قواتهم قد تحصنوا عند إمبابة وقد توجوا هذا التحصين بعدد 60 قطعة مدفع.
معركة الأهرامات
في يوم 3 عند بزوغ الفجر ألتقينا بطلائع جيشهم الذى ضحرناها من قرية إلى قرية. وعند الساعة 2 بعد الظهر وجدنا أنفسنا في مواجهة تحصينات جيش العدو.
وقد أعطيت الأمر لفرق الجنرالين ديزيه ورينييه بأخذ مواقعهم على اليمين بين الجيزة وغمبابة حتى يستطيع قطع الاتصالات على العدو مع الصعيد التى كانت المهرب الطبيعى له. وكان الجيش مصطفًا بنفس الطريقة التى كانت في موقعة شبراخيت.
وعندما لاحظ مراد بك تحركات فرقة الجنرال ديزيه قرر أن يهاجمها فارسل واحدًا من أشجع مماليكه ومعه كتيبة من الفرسان الخاصة التى هاجمت بسرعة البرق على الفرقتين الفرنسيتين فتركناهم يقتربون منا حتى 50 خطوة ثم إستقبلناهم بعاصفة من الرصاص وطلقات الرشاشات التى أسقطت منهم عددًا كبيرًا في ساحة القتال. ثم ألقى جيش المماليك بنفسه في الفراغات بين الفرق ولكنه أستقبل بوابل من اطلقات النيران التى أتمت هزيمتهم.
وقد أنتهزت هذه الفرصة وطلبت من الجنرال بون الذى كان متمركزًا على النيل ومن الجنرال فيال الذى كان يقود فرقة الجنرال مينو بالهجوم على دفاعات المماليك وتحصيناتهم وذلك لتحصين أهداف ثلاثة:
-بهدف منع فلول المماليك من العودة إلى التحصينات ومنع الجنود المتحصنين من الإنسحاب وأخيرًا إذا كان ضروريا هو الهجوم على التحصينات من جهة اليسار وعلى الفور أم الجنرالات فيال وبون الفرقتين بالإصطفاف في طابور الهجوم بينما ظلت الفرقتان 2 و4 محتفظتان بنفس موقعهما رباعى الشكل.
وقد أستطاعت الفرقتان أيضا مساندة طابور الهجوم الذى كان يقوده الجنرال الشجاع رانبون فهجم على التحصينات بشراسة بقيادة الجنرال رانبون وعندما خرج جنود المماليك من خنادقهم أستقبلهم جنودنا بسونكى ورصاص بنادقنا وبينما أنتشرت جسسهم على ارض المعركة كانت قواتنا تحتل مواقعهم ثم إندفع فلول جيشهم ناحية اليسار للفرار دون أن يعلموا أنه كانت هناك كتيبة من حاملى البنادق تنتظرهم فأطلقت عليهم وابل من النيران وكانت مجزرة بشعة حتى أن ما بقى منهم فضل أنى لقى بنفسه في النيل ويغرق.
وقد أستولينا منهم على 400 جمل محمل بالأمتعة و50 قطعة مدفع وقد قدرت أنا خسائرهم بألفين رجل من الفرسان الخاصة وعدد كبير من البكوات جرح أو قتل كما أن مراد بك جرح في فخده. أما خسائرنا فتتراوح بين 20 و30 قتيلًا و120 جريح.
وفى نفس الليلة تم إخلاء القاهرة من كل السفن الحربية والزوارق والمراكب بل وفرقاطة كان قد تم حرقها وفى يوم 4 دخلت قواتنا إلى القاهرة وأثناء الليل خرجت العامة من المصريين وأحرقوا بيوت المماليك وأرتكبوا فظائع. إن القاهرة التى يسكنها 300 الف نسمة يسكنها أيضا أقبح الرعاع في العالم.
وبعد هذا العدد الكبير من المعارك التى طلبت من قواتى خوضها ضد قوة أكبر منها لا بد أن أقول وأمدح ثباتهم ورباطة جأشهم في هذه الظروف. والواقع أن هذا النوع من الحرب الجديدة إن لم يكن قد تطلب منهم هذا الصبر الذى يتعارض مع الإندفاع الشخصية الفرنسية المعروفة لأنه لو كانوا قد تركوا لاعنان لحماسهم ما استطاعوا أبدًا أن يحوزوا هذا الانتصار الذى لم يكن من الممكن الوصول إليه إلا برباطة الجأش والصبر الجميلز لقد أظهر فرسان المماليك في هذه المعركة شجاعة فائقة لأنهم كانوا يدافعون عن ثرواتهم لم يكن واحد منهم لم يقع في أيد جنودنا غلا وجدنا معه 300 أو 400 أو 500 عملة ذهبية.
إن كل رفاهية هؤلاء الناس كانت تكمن في خيولهم وأسلحتهم أما منازلهم فكان يرثى لحالها. إنه من الصعب أن ترى ارضًا بهذه الخصوبة وشعب بهذا الفقر وبهذا الجهل وهذا الحمق. غنهم يفضلون ذرارًا في سترة جنودنا على عملة تبلغ قيمتها 6 فرك. أما في القرى فلا يعرفون إختراع اسمه المقص ومنازلهم مصنوعة بقللمن الطين وكل الأساس الذى لديهم هو مرتبة من القش و3 أو 4 إناء من الفخار وهم يأكلون ويستهلكون بشكل عام أقل القليل جدًا ولا يعرفون أبدًا استخدام الطوحين حتى أننا كنا نطر في أحيان كثيرة أن ننام على أكوام من القمح دون أن يستخرج منه الدقيق. ولم نكن نأكل إلا الخضار واللحوم. أما القليل من الدقيق الذى كانوا يصنعونه فقد كانوا يستخدمون فيه الطحن بالحجر وفى القرى الكبيرة فقط توجد طواحين تجرها الثيران.
لقد كنا دائمًا معرضين للتحرش من قبل أسراب من الأعراب الذين يعتبرون من أكبر اللصوص وأشر أنواع البشر وهم يغتالون الفرنسيين اليوم كما أغتالوا الأتراك بالأمس ويغتالون كل من يقع في أيديهم. لقد سقط الجنرال ميرور والعديد من الضباط وضباط الأركان والياوران بعد أن أغتالتهم هذه الحثالة وهم يتخفون خلف السدودوفى الخنادق على خيولهم الصغيرة الرائعة ليذهب ضحيتهم أى جندى يبتعد 100 خطوة فقط عن طابوره. إن الجنرال ميرور بالرغم من وجود حراسة معه إندفع وحده وكأنه كان قدر محتوم عليه وكنت قد لاحظت هذا كثيرًا في تصرفاته أراد الإمساك بإحدى هذه الخيول على بعد 200 خطوة من المعسكر ولم يكن يعرف أنه على بعد خطوت من هنا كان هناك 3 من البدو ينتظرونه لإغتياله. لقد خسرت الجمهورية فيه خسارة حقيقية لأنه كان واحدًا من أشجع الجنرالات الذين عرفتهم.
ليس في هذه البلاد إلا القليل جدًا من العملة وعلى أية حال القليل الذى يكفى لدفع مرتبات الجنود ولكن هناك الكثير من القمح والأرز والخضروات والبهائم إن الجمهورية لن تجد مستعمرة في متناول ايديها إلى هذا الحد ولا أرضا بهذا الغنى إن الطقس في مصر صحى جدأ لأن الليل بارد فبرغم من أننا مشينا 15 يوما وعانينا من كل أنواع التعب والحرمان المطلق من النبيذ ومن أى شيء ممكن أن يخفف من عناء التعب فإنه لم يسقط منا مريض واحد لأن الجنود وجدوا الماء في أفضل منابعه في البطيخ وأنواع الشمام الموجودين بوفرة هائلة.
لقد كان أداء المدفعية متميزًأ على وجه الخصوص وأطلب ترقية الجنرال دومارتان، قائد كتيبة إلى رتبة جنرال قائد فرقة. كما رقيت إلى رتبة جنرال كتية قائد الكتيبة ديستان والجنرال زيونشيك الذى أبلى بلاءًا حسنًا في المهام المختلفة التى كلفته بها إلى رتبة قائد الفرقة الرابعة مختلطة.
لقد وصل المدير الإدارى للجيش سوسى على ظهر مركب في النيل حتى يستطيع أن يحمل إلينا المؤن والطعام القادمة من الدلتا إلا انه عندما رأى أن المعركة قد بدأت القى بنفسه في قارب مدفعى وقد حاصرته سفن الأعداء وكادوا يفتكون به لأنه كان يريد اللحاق بى على ارض المعركة. إلا أنه القى بنفسه في النيل رغم الجرح الخطير الذى تعرض له في ذراعه واستطاع أن يعطى المثل في الشجاعة بعد ن تمكن من سحب قاربه وإنقاذه من الموقف الصعب الذى كان فيه.
لم تصلنا أية أخبار من فرنسا منذ رحيلنا سأرسل لكم باستمرار ضابطًا يحمل كل المعلومات عن الوضع الاقتصادى والنفسى والسياسى في هذه البلاد.
وسوف أعرفكم ايضا بكل تفاصيل الجنود الذين أبلوا بلاءًا حسنًا والترقيات التى قمت بها.
ستجدون مرفقًا نسخًا من عدة خطابات مهمة.
إننى لم أسمع أية أخبار عن تاليران رغم أنه من الضرورى جدا أن يكون قد وصل الآن إلى القسطنطينية.
ارجو الموافقة على منح الأميرال المساعد بيريه رتبة قائد فرقة والواقع أنه واحدٌ من أفضل ضباط البحرية المتميزين بإصرارهم.
وارجو أن تدفعوا مكافأة قدرها 1200 جنيه إلى زوجة المواطن لارى قائد الجراحين بالجيش حيث أدى لنا في عز الصحراء أكبر الخدمات وأشد التفانى وهو أفضل ضابط بالجيش يمكن أن يكون على رأس إسعافاته.
بونابرت