الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

توقعات بتراجع استثمارات الطاقة في الشرق الأوسط خلال السنوات الخمس المقبلة..173 مليار دولار قيمة الانخفاض..والسعودية والإمارات ومصر والعراق تقود استثمارات القطاع..وتفشي كورونا وأزمة النفط أبرز الأسباب

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
توقع تقرير حديث أن تتسبب جائحة "كوفيد-19" في مزيد من التراجع لأسواق الطاقة في مصر ومنطقة الشرق الأوسط وكذلك منطقة شمال أفريقيا بقيمة 173 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة، بخاصة في ظل أزمة النفط ستواصل التأثير على قطاع الطاقة في المنطقة لبعض الوقت في المستقبل.
وقال التقرير الصادر عن المؤسسة العربية للاستثمارات البترولية (أبيكورب)، إن التوقعات تشير إلى أن تنخفض استثمارات الطاقة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى 792 مليار دولار في السنوات الخمس المقبلة، مقارنة بـ 965 مليار دولار توقعتها أبيكورب العام الماضي.
في تقريرها "توقعات استثمارات الطاقة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا". وأشارت إلى أن هذا الانخفاض سينتج عن ثلاثة عوامل أحدثتها جائحة "كوفيد-19": الأزمة الصحية وتأثيرات الإغلاق، وأزمة النفط، والأزمة المالية التي تلوح في الأفق. 

وتابع التقرير: "من المتوقع أن يكون التراجع الاقتصادي من عام 2020 أكثر صعوبة من التراجعات السابقة، كما أن تأثيره سيكون أعمق وأطول مدى". وعلى هذا النحو، يتوقع التقرير أن تشهد المنطقة تعافيا على شكل حرف W. وفي غضون ذلك، ستكون مشاريع الغاز الطبيعي هي ما يدعم منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
كما أنه من المتوقع بحسب تقرير "أبيكورب" أن ينخفض إجمالي استثمارات الطاقة الملتزم بها والمخطط لها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمقدار 173 مليار دولار لتصل إلى 792 مليار دولار في الـ 5 سنوات المقبلة، وهو ما يمثل انخفاضا بنسبة 18% من الـ 965 مليار دولار التي توقعتها الشركة للفترة ما بين 2019 و2023. 
ومن المتوقع أيضا أن تنخفض حصة القطاع الخاص في استثمارات مشروعات الطاقة إلى 19% على مدى الـ 5 سنوات المقبلة، بعد أن ارتفعت إلى 22% في توقعات ابيكورب الصادرة عام 2019 لخمس سنوات تالية. ويتوقع التقرير أن يكون هذا الانخفاض في معظمه في الاستثمارات المخطط لها، والتي من المتوقع أن تنخفض بنسبة 24% على أساس سنوي لتصل إلى 466 مليار دولار، مقارنة بـ613 مليار دولار العام الماضي.
ومن المتوقع أن تشهد الاستثمارات الملتزم بها، والتي تعكس بشكل أكبر القدرة على تنفيذ المشاريع، انخفاضا بنسبة 6% على أساس سنوي في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لتصل إلى 343 مليار دولار. ويدعم هذه التوقعات الزيادة بنسبة 2.3% في الاستثمارات الملتزم بها من قبل دول مجلس التعاون الخليجي.

توقعات أقل تشاؤما للسوق المصرية
وعن مصر تشير التوقعات إلى أنه في حين أن القيمة الإجمالية لاستثمارات الطاقة المخطط لها والملتزم بها تظهر انخفاضا بنسبة 15% مقارنة بالعام الماضي إلى نحو 100 مليار دولار، فإننا نشهد بالفعل زيادة في عدد المشاريع المخطط لها. وهذا أمر بالغ الأهمية، إذ تعتبر أبيكورب الاستثمارات المتوقعة بمثابة مقياس لمدى قوة مناخ الاستثمار.
ومن المتوقع أن تصل الاستثمارات المخطط لها إلى 65 مليار دولار من 50 مليار دولار حاليا. ومع ذلك، فإن هذه الزيادة ستأتي في الغالب من جانب الدولة، إذ تقلصت حصة القطاع الخاص إلى نحو 15%، مقارنة بنحو 27% في تقرير العام الماضي. وتخطط مصر للخروج من أزمة الطاقة العالمية من خلال الاستثمار في البتروكيماويات والغاز، وذلك تماشيا مع هدفها المتمثل في الحد من وارداتها من المنتجات البترولية المكررة وأن تصبح مركزا إقليميا لتجارة الغاز.
وتوقع التقرير أن تقود السعودية والإمارات ومصر والعراق استثمارات الطاقة في المنطقة خلال الفترة المقبلة، مؤكدا أن هناك 4 دول هي التي تتصدر استثمارات الطاقة في المنطقة بشكل أساسي، وهي: المملكة العربية السعودية في قطاعي الغاز والطاقة (39 مليار دولار و41 مليار دولار على الترتيب)؛ والعراق في مجال إعادة الإعمار واستخدام الغاز لتوليد الطاقة (33 مليار دولار)؛ والإمارات في مجال تعظيم القدرات الإنتاجية للنفط (45 مليار دولار)؛ ومصر في قطاع البتروكيماويات (38 مليار دولار).
3 أزمات متزامنة
ضربت جائحة "كوفيد-19" العالم في الوقت الذي كانت تواصل فيه أسعار النفط هبوطها بسبب تراكم الفائض. ومع انتشار الجائحة عالميا، ولجوء الدول لفرض إجراءات الإغلاق، وتعطل سلاسل التوريد، هبط الطلب على النفط لأدنى مستوياته على الإطلاق، إذ انخفضت أسعار خام برنت إلى 18 دولار للبرميل في 20 أبريل. ليس هذا كل شيء، إذ تسببت الأزمة في إثارة مخاوف من حدوث أزمة سيولة وشيكة قد تؤدي إلى انخفاض قيم الأصول. وقال التقرير إن على الرغم من أن البنوك المركزية والمؤسسات المالية متعددة الأطراف تواصل تعزيز إجراءاتها للتخفيف من تأثيرات الوباء، ما زالت المخاوف قائمة من أن خطط التحفيز الضخمة هذه قد تؤدي إلى تراكمات كبيرة للديون من شأنها إبطاء النمو الاقتصادي.
تغيرات هائلة في سوق النفط
توقعات بحدوث تغيرات هائلة في سوق النفط، من بينها عمليات الاندماج والاستحواذ والإغلاقات: يتوقع التقرير أن تتمثل النتيجة الأولى للأزمة الحالية في إعادة هيكلة محتملة لصناعة النفط والغاز، وتسريع غلق الأجزاء الأقل كفاءة من المخزون الرأسمالي (الأصول والشركات المنتجة)، وعمليات الدمج والاستحواذ. 
وتتوقع أبيكورب أن تكون المنشآت ذات التكاليف التشغيلية المرتفعة وإمكانات التخزين المحدودة هي أول من يغلق أبوابه. وقد بدأ هذا بالفعل في الحدوث، إذ تراجع الإنفاق العالمي على العمليات الاستخراجية بنسبة 30% على أساس سنوي في عام 2020، وفقد القطاع مليون وظيفة حتى الآن. وشهد الإنفاق المخطط له والخاص بعمليات الاستخراج خفضا بنسبة 20-30% في جميع المجالات من جانب شركات النفط الكبرى وشركات النفط الوطنية وكبرى الشركات المستقلة. وفي الوقت الذي تنكمش فيه سوق النفط لمواكبة الطلب، تتوقع أبيكورب أن يستقر متوسط أسعار خام برنت في نطاق 30-40 دولار في 2020 و2021 قبل أن يعكس سوقا أكثر توازنا.
وفي الوقت الذي تتطلع فيه المنطقة المعتمدة على النفط إلى التوجه نحو الغاز، تهدد زيادة المعروض منه بتأجيل اتخاذ قرارات بشأن المشروعات الجديدة: شهد عام 2019 عددا قياسيا من المشاريع الجديدة في مجال الغاز الطبيعي المسال نظرا لعدد من السياسات الخاصة بكل دولة، وتحديدا اتجاه قطر لاستخدام مواردها من الغاز بشكل أفضل، وإستراتيجية السعودية لتنويع مواردها بعيدا عن النفط، وأيضا اتجاه العراق لمزيد من الاستثمارات، ومساعي مصر كي تصبح مركزا لتدوال الغاز. ومع ذلك، وبسبب جائحة "كوفيد-19" ومشكلة زيادة المعروض المشابهة لمشكلة زيادة معروض النفط، من المتوقع تأجيل اتخاذ قرارات نهائية بشأن هذه المشاريع. وتابع التقرير: "نظرا لزيادة المعروض في سوق الغاز الطبيعي المسال، ومع التوقعات بأن تظل أسعار الغاز العالمية في مراكز تجارة الغاز أقل من 4 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية لعام 2020، وأقل من 6 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية خلال عام 2021، فإن المستثمرين في سوق الغاز سيتراجعون عن المضي قدما في إطلاق المزيد من مشاريع الغاز الطبيعي".
مصر تضررت بشدة من زيادة المعروض
أشار التقرير إلى أن صادرات مصر من الغاز الطبيعي المسال واجهت تحديات بالفعل مع ارتفاع أسعار غاز التغذية إلى نحو 4.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، وهو سعر مرتفع مقارنة بسعر التكلفة عند التصدير. وانخفض بشدة إنتاج مصر من الغاز إلى أدنى مستوى له في 19 شهرا عند 6 مليارات قدم مكعبة يوميا فقط في فبراير بسبب عمليات الإغلاق الاضطرارية، كما تراجعت صادراتها من الغاز الطبيعي المسال إلى 253 مليون قدم مكعبة يوميا فقط لشهر فبراير - أي ربع المستويات المسجلة أواخر عام 2019 - وإلى الصفر منذ آخر حمولة جرى تحميلها في منتصف مارس. لم يذكر التقرير كيف أضر ذلك باستثمارات الغاز الطبيعي المسال، وكيف يمكن أن يؤثر على طموحات مصر بأن تصبح مركزا إقليميا للغاز.
ومع ذلك، تتركز آمال منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الغاز: يقول التقرير: "من حيث الاستثمارات المخطط لها، تمثل المكسب الأكبر في سلسلة قيمة الغاز، والتي قفزت بمقدار 28 مليار دولار، بزيادة 13% مقارنة بتوقعات العام الماضي. وما زال الغاز ذا أهمية استراتيجية للمنطقة وستلتزم غالبية دول المنطقة بخطط تطوير الغاز لأسباب خاصة بها.
يبدو أن مشكلة الزيادة في المعروض من إنتاج الكهرباء مشكلة إقليمية وليست قاصرة على مصر: من المتوقع أن تنخفض قيمة مشاريع الكهرباء في المنطقة بمقدار 114 مليار دولار، "بسبب البدء في تشغيل عدة مشاريع خلال عام 2019 في مصر والإمارات والسعودية". وفي وقت سابق من الشهر الحالي، قال مستثمرون في مجال الطاقة المتجددة إن زيادة المعروض من الكهرباء قد تؤدي إلى تباطؤ استثمارات الطاقة المتجددة بشكل كبير للأشهر الـ 18-24 المقبلة. واحتوى تقرير أبيكورب فيما يخص استثمارات الطاقة المتجددة في عدد من دول منطقة على توقعات متشائمة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
رحلة التعافي طويلة الأمد
إن تأثير "كوفيد-19" أعمق وأطول مدى من فترات الركود السابقة، كما أن طبيعة هذه الأزمات الثلاث المتزامنة وإعادة الهيكلة العميقة في قطاع النفط والغاز ستضر باستثمارات الطاقة لفترة طويلة من الزمن، بشكل ينذر بحدوث أزمة في الإمدادات وتقلبات في الأسعار فيما بعد، وفقا لما قاله الرئيس التنفيذي لشركة أبيكورب أحمد على عتيقة.
وتابع: "لذلك، نتوقع حدوث التعافي على شكل حرف W لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا". وأشار عتيقة أيضا إلى أن التعاون بين القطاعين العام والخاص على مستوى العالم سيكون ضروريا لمواجهة التراجعات المتوقع في حجم الاستثمارات.