الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

محافظات

«البوابة نيوز» في منزل الناجي من معركة مربع البرث

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
البطل إبراهيم عميرة: تعلمت البطولة من الشهيد المنسى
القائد حذرنا من وصول التكفيريين لجثامين الشهداء خوفًا من التمثيل بها.. والنقيب «شبراوى» أنقذنى من الموت.. ونال الشهادة بدلًا منى
فريق «الاختيار» التقى أفراد الكتيبة قبل التصوير.. وسعيد بتجسيد هادى خفاجة لشخصيتى
«المنسى» تمنى القبض على الإرهابى هشام عشماوى بنفسه

لم تمر ملحمة البرث مرور الكرام كأى حادث إرهابى آخر وقع في سيناء، حيث خلدت معركة البرث أسماء أبطالها الشهداء أو من كتبت له الحياة مرة أخرى يحمل على صدره وسام الشرف والعزة، وذلك من خلال مسلسل «الاختيار» الذى عرض في شهر رمضان.
وكان مسلسل الاختيار الشرارة التى تفاعل معها الشعب المصرى ليشهد على بطولة أبنائنا ضد الإرهاب الغاشم.
وحفر أبطال البرث أسماءهم بحروف من ذهب في التاريخ، وأصبح الجميع يبحث عن حكاياتهم ليرويها للأجيال الحالية والقادمة.
وكان لأحد أبناء محافظة الإسماعيلية، نصيب من الشرف، وهو المجند إبراهيم عميرة، من أبناء قرية أم عزام التابعة لمركز ومدينة القصاصين الجديدة، وهو المجند إلى اشتهر بجملة «الذخيرة يا أبو عميرة» والذى جسد شخصيته الفنان هادى خفاجة.
"البوابة» زارت منزل البطل إبراهيم عميرة، ليروى لنا حكايات البطولة والتضحية في ملحمة البرث.
مشاعر مختلطة بين الفخر والاعتزاز، والغضب والانتقام، سادت منذ الحلقة الأولى لعرض مسلسل الاختيار، حيث كان الجندى المقاتل إبراهيم أبو عميرة على موعد مع البطولة، وتجمعت أسرته مع أهالى قريته لمشاهدة أحداث المسلسل.
وزاد الحماس مع بداية هجوم التكفيريين على كمين «البرث». وهو الهجوم الذى طالما سمعوا عنه من «إبراهيم» ولم يتخيلوا لحظة حقيقية مشاهدة الواقعية.

في البداية، يقول إبراهيم فتحى عميرة: «التحقت بالجيش في يوليو ٢٠١٦، وبدأت التجنيد في فرقة صاعقة في أنشاص، ثم تم توزيعى للخدمة في الكتيبة ١٠٣ بالعريش قبل استشهاد العقيد رامى حسنين بأيام قليلة، وكان الجميع يسمع عن بطولاته وشجاعته ومهارته في الرماية، وسرعان ما جاء الشهيد العقيد أحمد منسى قائدا للكتيبة ١٠٣ صاعقة".
وأضاف «عميرة» أنه خضع لتدريبات شاقة استمرت فترة طويلة، للتأهيله أن يكون من ضمن رجال منسى في الكتيبة، وكانت مهمته «فرد دوريات".
وتابع أن الشهيد منسى قبل الانتقال إلى مربع البرث، كان يعلم خطورته وتحدث معهم عن تمركز التكفيريين هناك، وقال للكتيبة، إن كل فرد له حرية الاختيار في الذهاب معه للبرث أو البقاء في الكتيبة، وأكد لهم أن جميع من بالكتيبة من ضباط وصف ضابط ومجندين أخوة له، ويخاف عليهم، ولن يغضب من أحد إذا قرر البقاء في الكتيبة.
ويكمل «عميرة». لكن الجميع أصر على الذهاب لمربع البرث مع القائد منسى ليرد عليهم قائلا: «كنت متأكدا أن جميعكم رجالة». والقائد منسى كان دائما يبث فينا رسائل لرفع الروح المعنوية، ويؤكد من خلالها أن جميع أفراد الكتيبة في مركب واحد ولن يترك أحدا قبل أن يصبح بطلا مقاتلا يهزم صفوف التكفيرين".
ولفت إلى أن الشهيد أحمد منسى كان يعامل جميع أفراد كتيبته أحسن معاملة كأنهم أبناؤه وأخوته، وجميع المواقف التى تعاملنا فيها مع القائد منسى إنسانية، فهو كان إنسان من الدرجة الأولى.
وأكمل «عميرة»: «بسبب الشهيد المنسى أحببنا الخدمة في سيناء، وكنا نطلب الشهادة بنية خالصة كما تعلمنا منه، فهو كان شخصا لا يهاب الموت، ويسعى للشهادة ويغضب إذا علم عن موقع تمركز تكفيريين ولا يهدأ إلا عندما يواجههم ويتخلص منهم".
وأوضح أن المقدم منسى كان يلتقى بأفراد الكتيبة بعد أى هجوم إرهابى يقع في سيناء، ويحفزهم على ضرورة استكمال مسيرة الشهداء والحرص على الثأر لهم.
وأكد أنه تعلم البطولة من القائد منسى، وخرج معه في كثير من المداهمات ضد التكفيريين، واستفاد منه في نواحى عديدة، وكان الشهيد المنسى قريبا من الجميع ويسعى لحل مشكلاتهم، فكان أخا وصديقا ومثلا أعلى وقدوة لن تتكرر.
وتابع: «أتذكر موقفا له مع المجند خفاجة الذى اشتكى للقائد من ظروفه الصعبة وعدم وجود دخل لأسرته أثناء وجوده في الخدمة، ونصحه منسى أن يتعلم حرفة «الحلاقة» ليكسب منها دخلا، وكان الشهيد منسى أول زبائنه ليحفزه ويشجع أفراد الكتيبة على التعامل معه، وهو ما ساعده في توفير دخل له خلال فترة تجنيده كما ساهم في تجهيز شقيقته قبل زواجها، وكذلك كان العسكرى «هرم» الذى استشهد خلال معركة البرث كان أكثر المقربين للقائد منسى وكان يعتبره أحد أبنائه.
وأكد أنه منذ أن علم أنه ستتم صناعة عمل درامى لتجسيد شخصية العقيد أحمد منسى، شعر بالفخر والسعادة، لأن الشعب أخيرا سيرى صورة مصغرة من الحقيقة التى تجرى على أرض سيناء وبطولات الشهداء التى لم تنته بعد.
ولفت إلى أن فريق المسلسل عقد عدة لقاءات مع أفراد كتيبة ١٠٣ صاعقة الذين ما زالوا على قيد الحياة، واستمعوا لكل التفاصيل التى عاصروها مع البطل منسى، خاصة أحداث ملحمة البرث، وأعطى مؤلف المسلسل لكل مقاتل بالملحمة فرصة لإبراز بطولته لتكتمل الصورة بوضوح للمشاهد وأعرب عن سعادته من تجسيد الفنان هادى خفاجة لشخصيته خلال أحداث المسلسل، كما أتاح القائمون على المسلسل الفرصة للأبطال الحقيقين أن يلقوا كلمة من القلب عن الأحداث الحقيقية في البرث.


أحداث ملحمة البرث
ويتذكر «عميرة» أحداث ملحمة البرث، قائلا: «كنت في خدمة حراسة، وفور تسليم الخدمة لزملائى توجهت إلى غرفتى للراحة، وكانت الساعه ٤ فجرا، وسمعت «حرس سلاح». وهى الجملة التى كانت قادرة على أن تجعل كل شخص بالكتيبة يتأهب للحرب، حيث كانت حرس سلاح تدوى دائما في المساء ومطلع النهار، بسبب قيام التكفيرين بهجمات متكررة وعشوائية، فكان القائد منسى يدربنا على التأهب السريع والمفاجئ لصد أى هجوم.
ويكمل: «بدأنا في التعامل المباشر مع التكفيرين وكل فرد بالكتيبة يعلم موقعه ومهمته جيدا بدون أى توجيه، لكن هذه المرة كان أعداد التكفيريين كثيرة وأسلحتهم مختلفة عن أى مرة سابقة، وصعد الشهيد منسى أعلى المبنى، ونبه على الجميع بعدم الصعود إليه، وبدأ يتعامل بشكل مباشر مع التكفيريين، وفى تلك الأثناء كنا نسمع صوته ينادى على أفراد الكتيبة قائلا: «اثبتوا يارجالة.. عاش يا وحوش.. الدعم جاي». وكلماته كانت تشعرنا أننا الأقوى وسننتصر، وطالب بالقتال لآخر نفس في حالة استشهاده، وألا يسمحوا للتكفيرين بالوصول لجثامين الشهداء، خوفا من التمثيل بها وباختفاء صوته شعرت أن القائد منسى استشهد".
وتابع: «لن أنسى مشهد النقيب شبراوى عندما وجد عناصر من التكفيريين يوجهون أسلحتهم تجاهى، فأسرع لإنقاذى ونتج عن ذلك استهدافه وإصابته بدلا منى، ما إدى إلى استشهاده، وفى تلك اللحظة شعرت بالموت يسيطر على المكان، ولا بديل عن الاستشهاد لحماية موقعى وزملائى، فبدأت في التعامل مع التكفيريين وأسقطت منهم عددا كبيرا، ثم أصبت برصاص في قدمى أسقطنى أرضا، لكن دورى لم ينته واستمريت في دعم زملائى بمدهم بالذخيرة، وكانت الكلمة التى تتردد على ألسنتهم في هذا الوقت «ذخيرة يا أبو عميرة".
ويضيف: رأيت زملائى يتساقطون أمامى واحدا تلو الآخر بين شهداء ومصابين وكنت حريصا على ألا يصل إليهم التكفيريون حتى أن جاء الدعم وسمعت صوت الطيران يحلق فوق مربع البرث شعرت أن الحياة عادت من جديد وهناك أمل الثأر لزملائى.
وأكمل «عميرة» قائلا: «عقب ذلك تم نقلى مع زملائى المصابين إلى مستشفى العريش، ومنه إلى حلمية الزيتون لتلقى العلاج، وبعد وصولى للمستشفى سألت عن القائد منسى وباقى ضباط الكتيبة وزملائى المجندين، فعلمت أن عددا كبيرا استشهد نتيجة المعركة وآخرون أصيبوا، الأمر الذى تسبب في حزنى وغضبى الشديد وكنت أطالب الفريق الطبى بإنهاء علاجى لعودتى مرة أخرى إلى سيناء للثأر من التكفيريين، واستمر علاجى ٣ أشهر، ثم استئانفت خدمتى مرة أخرى في كتيبه ١٠٣".


الإرهابى هشام عشماوي
وعن الإرهابى هشام عشماوى، قال «عميرة». «كثيرا ما تحدث عنه القائد منسى وقال لنا إن هناك ضابطا خائنا انشق عن الجيش، وانضم للتكفيريين، وكان غضبان جدا منه، وينصحنا دائما أن نضع الله ثم وطننا أمام أعيننا، ويجب على كل مواطن مخلص وشريف أن يضحى بكل غالى لبقاء الوطن".
واستكمل: «أنه عندما شاهد عشماوى مقبوضا عليه شعر أن حق زملائه الشهداء قد عاد، وحينها ارتاح الشهيد منسى، لأنه كان دائما يتحدث عن أمنيته في القبض على عشماوى والقصاص منه بنفسه".
وأضاف «عميرة». «أنه عندما شاهد المجرم عشماوى يرتدى بدلة الإعدام كان في سعادة غامرة، ليس هو فقط بل بالتأكيد أن الشعب المصرى كله وأسر الشهداء تأكدوا أن الحق سيعود مهما طال الزمان، خاصة بعد متابعة مسلسل الاختيار الذى أظهر حقيقة عشماوى والتكفيريين متوقعا أن وعى الشعب بعد مسلسل الاختيار سيختلف كثير".
والتقط منه أطراف الحديث والد البطل المجند، فتحى عميرة، والذى قال: «بعد حادث البرث قالى لى ابنى أنا عايز أروح أجيب تار زمايلى، رغم الخوف الشديد بداخلنا إلا إنه أصر على الانتقام من التكفيريين".
وتابع: «حالة من الغضب الشديد ما زالت تسيطر علينا حتى اليوم، خاصة بعد ما شاهدنا حقيقة ما حدث، وما عاشه ابنى وزملاؤه، ومهما كان يحكى لنا لم نتخيل قسوة الواقع".
وأضاف: «كان مثله الأعلى القائد أحمد منسى، وحكى لنا أن الشهيد كان حريصا على تحفيزهم على الشهادة والتضحية من أجل أرض الوطن، ويقول لهم احتسبوا عملكم لوجه الله فلا يوجد أحد تعلم على يد منسى يعرف للخوف طريق، حيث كان يزرع فيهم الولاء والانتماء".
وأوضح: «فور وصول خبر الهجوم على كمين البرث، كانت المعلومات تؤكد استشهاد ابنى في المعركة، واسرعنا متجهين للعريش للاطمئنان عليه، لكن الإجراءات الأمنية لعبور قناة السويس كانت مشددة، ومنعتنا من ذلك، إلى أن تمكن أحد زملائه من جيراننا في القرية من الوصول إليه، حيث كان يخدم في سيناء وذهب إلى مستشفى العريش".
وتابع والد إبراهيم عميرة: «قال لنا أن إبراهيم ما زال على قيد الحياة، وأرسل لنا صورة له، لنطمئن عليه ويهدأ قلبى وقلب أمه وبدأت رحلة علاجه في مستشفى العريش ومنه إلى مستشفى الجلمة لمدة ٣ أشهر، وعقب ذلك عاد على الفور لاستكمال فترة تجنيده في الكتيبة ١٠٣، من أجل عودة حق زملائه الذين استشهدوا في حادث الكمين، وكان يتمنى أن يستمر في خدمة القوات المسلحة لكن فترة التجنيد انتهت في ٢٠١٨.
وأكد والد إبراهيم عميرة «أن مسلسل الاختيار جعل الجميع يشعر بالفخر فلم يكن أحد يعلم حجم بطولات القوات المسلحة في سيناء ضد التكفيرين، وبتجسيد هذه البطولات في عمل درامى شاهده العالم أجمع سيخلد ذكرى شهدائنا وأبناءنا الذين ضحوا من أجل الوطن، ونتمنى مزيدا من الأعمال الفنية التى تبث روح الوطنية والولاء والانتماء في نفوس الأجيال الحالية والقادمة ووجه رسالته للشباب «مصر غالية وكبيرة ولسة هتكبر رغم حقد الكارهين ولن تنكسر بفضل بطولات وتضحيات ابناءها".
وطالب المسئولين بتوفير وظيفة مناسبة لابنه البطل ليستطيع أن يستكمل حياته تقديرا وتكريما لما قدمه من تضحية. يذكر أن اللواء شريف فهمى بشارة محافظ الإسماعيلية التقى مع البطل إبراهيم عميرة في مكتبه وقد وعد محافظ الإسماعيلية بتوفير فرصة عمل للبطل وتخصيص وحدة سكنية له من مشروعات الإسكان.


منطقة «البرث"
موقع قرية البرث الجغرافى في جنوب رفح، بالقرب من المنطقة الحدودية بين رفح والشيخ زويد، وتعتبر قرية البرث معقلًا لقبيلة الترابين، التى أعلنت في وقت سابق حربها على تنظيم «ولاية سيناء». وأدت معارك نشبت بينها إلى مقتل القيادى البارز في القبيلة، سالم لافي.
وتبرز أهمية مربع البرث من الناحيتين اللوجيستية والأمنية، في أنه يعد من النقاط التى تربط بين وسط سيناء من جهة ورفح والشيخ زويد من جهة أخرى.