الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

حضارة الشرق المبهرة.. "ديفيد روبرتس" رسام أسكتلندي برع في تصوير أبواب القاهرة ومساجدها

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
وجدت فنون العمارة اهتماما كبيرا من الفنانين المستشرقين، وخصوصا بيوت العبادة، خاصة المساجد التى رسمت بمصاحبة المظاهر الدينية والاجتماعية مثل المسحراتى وتجمعات المصلين بعد الصلاة لتلقى علوم دينهم.
ذلك إضافة إلى جمال المساجد واهتمام المسلمين بها وما يحل بالشوارع، وخصوصًا في القاهرة، كما رواه أحد الرحالة من إضفاء الفوانيس المختلفة ألوانها وأشكالها، التى يحملها الكبار والصغار، وشاهد المسحراتى يجوب الشوارع ليلًا، والتفافهم حول حكايات شعراء الربابة والمنشدين في الأماسى الرمضانية.
وقد ساعد المستشرقون في نشر الحضارة الإسلامية (بالشرق) من خلال لوحاتهم وتحريات وتوثيق الواقع ومحاكاته بمنطقة الشرق الأوسط، ومن أهم الفنانين المستشرقين الفنان ديفيد روبرتس، ولد «ديفيد روبرتس الرسام الإسكتلندى» في أدنبره، إسكتلندا في ٢٤ أكتوبر ١٧٩٦، كان يعمل والده إسكافى وكان من أسرة بسيطة أرسل به والده وهو طفلا في العاشرة من عمره إلى بيت مصمم طلاء ورسام اسمه غافين بوجو للعمل ومكث هناك لسبع سنوات، وخلال تلك الفترة كان روبرتس يتعلم الفن في فترات المساء ليشبع رغبته وشغفه بالفن ليطور مهاراته التقنية أما وظيفته الأولى التى تلقى عليها أجرا ماديا مصمم طلاء في ١٨١٦ حين انتقل إلى بيرث الإسكتلندية لمدة عام كامل.
في عام ١٨٢٠ ميلادية احترف روبرتس رسم اللوحات الزيتية بجدية، كما صار صديقا للفنان كلاركسن ستانفيلد، كما شارك بلوحاته في عدة معارض وقتها وبيع عدد منها.
عرض عليه العمل عام ١٨٢٢ في لندن وسافر مع زوجته وابنه الرضيع. واستقر هناك، حيث توالت عليه أعمال التصاميم والطلاء في المسارح وعمل مصمما للديكور المسرحى في المسرح الملكى في جلاسكو 
وفى ١٨٢٩ صار يعمل كفنان متفرغ في الفن الرفيع، انتخب في العام ١٨٣١ كرئيس لجمعية الفنانين البريطانية، وفى ١٨٣٢ سافر إلى إسبانيا وطنجة، وعاد بعدها بعام بإسكتشات كان منها تصميم لكاتدرائية إشبيلية والتى عرضت بعد رسمه إياها في معرض المؤسسة البريطانية وبيعت ب٣٠٠ جنيه إسترلينى.
كان الفنان الإنجليزي جوزيف ملورد ويليام تيرنير صديقا لديفيد وهو من أقنعه ونصحه بترك العمل في تصاميم المسرح والتفرغ الكامل للفن الرفيع. أبحر إلى مصر في ٣١ أغسطس ١٨٣١ بنية الحصول على تصميمات أو إسكتشات لكى يعود بها ويحولها إلى أعمال زيتية، وكانت مصر في بؤرة الأحداث في ذلك الوقت وكان الرحالة وجامعو التحف ومقتنوها ومحبو الآثار يتواجدون بها إما لمشاهدتها أو لشرائها والحصول عليها.
وبالفعل خلد اسم روبرتس في ميدان الاستشراق وأصبح أهم فنان مستشرق في الغرب.
وصل روبرتس إلى مصر بعد سنوات قليلة من وصول أوين جونز إليها، حيث قام بجولة طويلة ورحلات استكشافية في مصر وبلاد النوبة وسيناء والأراضى المقدسة والأردن ولبنان.. كان في تلك الحقبة السفر للشرق صيحة يقوم بها معظم الأوروبيين حيث صنع مجموعة من التصاميم الأولية للوحاته في تلك الفترة.
تتميز مجموعة «ديفيد روبرتس» بأنها لوحات زيتية تخطيطية توثيقية عن مصر وبلدان الشرق الأدنى، أنتجها خلال فترة أربعينيات القرن التاسع عشر، رسمها خلال رحلاته في المنطقة (١٨٣٨ ١٨٤٠).
سمع محمد على باشا عن الرسام الإسكتلندى «ديفيد روبرتس». ولوحاته البارعة ثم طلب استقباله في قصره بالإسكندرية في ١٦ مايو ١٨٣٩، بعد جولته الفنية، وصور ديفيد روبرتس تلك المقابلة في المجلد الثالث من مجموعته عن «مصر والنوبة». وقامت الملكة فيكتوريا بشراء مجموعته الكاملة وما زالت موجودة في مجموعة المقتنيات الملكية بقصر باكنجهام بلندن.
وخلال ذلك العام قام ديفيد روبرتس بزيارة الإسكندرية والقاهرة والصعيد والنوبة وشبه جزيرة سيناء والقدس والأردن ولبنان.
انتخب كأكاديمى ملكى في ١٨٤١ م في الأكاديمية الملكية البريطانية للفنون.
رسم ديفيد روبرتس عشرات اللوحات الرائعة والخالدة عن تلك الأماكن ومعالمها، والتى ضمها في كتابه الشهير «مناظر من مصر والنوبة والشرق الأدنى». الذى وثق منه نسختين. 
زار إيطاليا في ١٨٥١ وفى ١٨٥٣ حيث رسم «قصر الدوقية» في فينيسيا ورسم داخلى لكنيسة القديس بطرس في الفاتيكان، بروما، فيما عاش في السنوات الأخيرة من حياته في مدينة لندن إلى أن اشتهر بمجموعة لوحاته التوثيقية عن مصر وبلدان في الشرق الأدنى، أنتجها خلال فترة أربعينيات القرن التاسع عشر من استكشاف صنعها خلال رحلاته في المنطقة (١٨٣٨ - ١٨٤٠)، حيث دارت تلك الأعمال إضافة لمجموعة لوحاته الزيتية الأخرى حول موضوع متشابه، جاعلة منه من المستشرقين البارزين. كان ديفيد عاملا مهما من العوامل التى نشطت السياحة في مصر مما جعل كل من يرى لوحاته يحب أن يأتى إلى ذاك المكان الذى أثار شغف الفنان وساعد أيضا في انتشار الحضارة الإسلامية توفى فجأة بسكتة قلبية في ٢٥ نوفمبر ١٨٦٥ م.
توفى مدون القرن بعد ترحال لعدة بلدان غربية وشرقية تاركا بصمة لا تضاهى من إتقان ودقة في لوحاته كأنها أثر يتباهى الناس به وما عمل من نشر بين الحضارتين واختلاف الثقافات والديانة وكأنه رابط بين البشر والزمن.
المستشرقون ولوحاتهم الخالدة
ظهر في عصر الاستعمار للشرق الأوسط ما بين القرن الثامن عشر والتاسع عشر العديد من الفنانين الغربيين الذين تعددت جنسياتهم في تلك الفترة، منهم الفرنسيون والإيطاليون والنمساويون.. أطلق عليهم فنانو الاستشراق وضموا في الواقع عددًا كبيرًا من الفنانين المجريين واليونانيين والبريطانيين والإسبان والألمان أيضا لذلك صارت كلمة الاستشراق تدل على المفهوم للحضارات الشرقية والناس الشرقيين وجهة النظر الفنان وفرشاته ومحاكاته الفنية في منطقة الشرق الأوسط، وخصوصًا الشام ومصر والجزائر، تعود للفنانين المستشرقين، وقد شهد الجزء الأخير من القرن التاسع عشر الاهتمام الأكبر من قبل الغربيين لمعرفة الحياة العربية وطبيعة تلك الحياة وتعقيداتها. ولما كان الفنانون عادة أشبه بالموثقين عبر الصورة (اللوحة) بما يوازى الصورة الفوتوغرافية، أو الأفلام الوثائقية في عصرنا الحديث للحياة السائدة في عهدهم، فقد حقق فنانو القرن التاسع وبقدرات عالية كل مظاهر الحياة العربية في ذلك القرن، برزت فيها الموضوعات التى تميزت بالألوان وشمس الشرق؛ إذ صوروا المشاهد في الطبيعة أو الحياة الاجتماعية أو مظاهر الآثار.
ومن شدة الاهتمام من هؤلاء الفنانين بهذا الواقع أنشأوا أستوديوهاتهم الخاصة التى يمارسون فيها الرسوم واستكمال اللوحات التى رسموها. وإذا كان الرسامون المستشرقون قد غطوا بلوحاتهم مظاهر الحياة اليومية في الأزقة والبيوت والأسواق، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد شملت اللوحات الحياة البدوية والقرى والأرياف ومشاهد الفروسية العربية في الصحراء التى تزدان بلونها الذهبى عند الغروب، وصور النساء في الواحات يحصدن الذرة، أو يجلبن الماء. 
المستشرق هو المُوَثّق الغربى الذى يكتب عن الفكر الإسلامى وعن الحضارة الإسلامية ويصف جمال الشرق بجميع حيثياته وتفاصيل المشهد وصفة مستشرق تقتصر على من ليس شرقيًّا، لأنها تصف حالة طلب لشيء غير متوفر في البيئة التى نشأ فيها الفنان المستشرق هو ذلك الباحث الذى حاول دراسة الشرق وتفهمه وتوثيقه.