الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

اليمن في العيد يواجه «كورونا» وإرهاب الحوثيين.. مخاوف من انتشار الوباء والأطفال يستعدون للاحتفال بأكوام الرماد.. وتراجع حفلات الإنشاد اليمنى بسبب الأوضاع السيئة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يستقبل اليمن العيد في أوضاع صعبة بين مطرقة فيروس كورونا الفتاك المنتشر حديثًا حول العالم، وسندان الحرب التى تقودها الميليشيات الحوثية ضد الشعب منذ الانقلاب على الرئيس اليمنى عبدربه منصور هادى منذ عام ٢٠١٤. 


وتستقبل المدن اليمنية عيد الفطر المبارك، بالحزن والألم على فراق الأحبة برصاص الحرب بالإضافة إلى الأوضاع الجديدة التى تعيشها من التوتر والخوف من الأوضاع الجارية بسبب فيروس كورونا، الذى بدأ في الظهور في عدد من المحافظات اليمنية خلال شهر رمضان الكريم. 
ويشهد اليمن تدهورًا كبيرًا في الوضع الصحى والإنساني، جراء الصراع الدائر في البلاد منذ أكثر من ستة أعوام، حيث أعلنت منظمة الصحة العالمية، أن المعركة في اليمن مع الكوليرا لم تنته بعد، ولا يزال الوباء يهدد الملايين بالإضافة إلى الوباء الجديد الذى أصاب الملايين حول العالم.
وبرغم كل هذه الظروف الصعبة يستغنى اليمنيون عن عاداتهم وتقاليدهم في المواسم والأعياد، حيث يمثل العيد في اليمن الفرصة الوحيدة لسرقة الفرحة وسط كل الأحزان التى تعيشها الأسرة اليمنية، ويتحول إلى مهرجان للمصافحة، فيقبل اليمنيون على بعضهم البعض يتصافحون ويتعانقون وينسون خلافاتهم، وهو ما يتمنونه أن يكون هذه السنة، بأن تنتهى الحرب وتعود الحياة كما كانت من قبل، ويعود الأطفال إلى الشوارع لتفريغ شحناتهم وممارسة هواياتهم في اللعب والمرح والابتهاج والتنزه في الحدائق وزيارة الأقارب.
وهناك عادة اجتماعية كانت موجودة إلى عهد قريب ولم تقض عليها الحروب ولا الوباء، وهى أنه إذا أُعلن عن انتهاء شهر الصيام، يقوم الأطفال بأخذ أكوام من الرماد ويجعلونه على أسطح المنازل على هيئة أوعية دائرية، ثم يصبون فيها الجاز ويشعلونها، في صباح يوم العيد يخرج الجميع إلى الشوارع والميادين من أجل أداء صلاة العيد والاحتفال بانتهاء الشهر الكريم.


ومع الحرب اختفى كثير من المظاهر التى كانت تميز مدينة صنعاء، كما تلاشت الفعاليات الثقافية النوعية، التى كانت ترافق قدوم الشهر الكريم وعيد الفطر المبارك مثل مهرجان الإنشاد اليمنى، الذى كان بمثابة بصمة خاصة من بصمات المدينة الموغلة في التاريخ، ليحل مكانها أنين الناس وشكواهم، التى لا تنقطع نتيجة التدهور المستمر في الوضع الاقتصادى وما يرافقه من غلاء فاحش في الأسعار، إضافة إلى المعاناة الأساسية التى رافقتهم من العام السابق والمتمثلة في انقطاع التيار الكهربائى بصورة كلية والاستعاضة عنه بالطاقة الشمسية لدى الميسورين من الناس، والانعدام التام للمشتقات النفطية والغاز المنزلى الذى يستخدم في الطبخ.


طقوس مضغ القات في العيد
وبرغم انتشار فيروس كورونا وتخوف الأمم المتحدة من ارتفاع نسبة الوفاة بين المصابين في اليمن إلا أن اليمنيين يحرصون على استمرار مجالس القات حيث إنهم بعد صلاة العيد مباشرة ينصرف متعاطى القات سريعًا إلى مجالس القات، وهى ثمة طقوس معينة لمضغ القات في بعض مناطق اليمن، فعادة ما يحضر كل شخص حزمة القات الخاصة به يحملها تحت ساعده، إذا كان القات من ذلك النوع الطويل، ثم يخلع نعليه عند عتبة الديوان ويقوم بتحية الحضور قائلا السلام عليكم، فيرد عليه الحضور بانسجام وعليكم السلام وأحيانا يزيد الحضور بالقول ورحمة الله وبركاته، يقوم بعدها بمصافحة الحضور فردًا فردا باتجاه عكس عقارب الساعة.
ويقوم من يعرف الشخص القادم أو يكن له الاحترام بالنهوض ومصافحته واحتضانه، ويجلس الناس وظهورهم إلى الجدار متكئين بمرافقهم اليسرى على وسائد ثابتة ومرتفعة قليلًا وثنى أرجلهم وأوساطهم، ويعتبر مد القدم وسط المجلس نقصًا في أسلوب آداب الجلوس ما لم يكن الحضور من الأصدقاء المقربين أو من أفراد العائلة.
ويقوم البعض بتدخين السجائر بينما يشترك البعض في شرب «النارجيلة» وتجد أمام ماضغى القات قوارير الماء والشاى ومشروبات الطاقة، وتجمع الحضور صداقات حميمة وفى الغالب يقوم أحدهم بانتقاء غصن من القات ويرميه لشخص آخر كتعبير عن الصداقة وحسن النوايا.
وبالنسبة لحديث الحضور فغالبًا ما يدور حول الحكومة والسياسة والأحداث الدولية وأى شى يخطر على البال، ولكن ليس عن الفروسية أو كرة السلة.


نسبة متعاطى القات في اليمن
وتشير التقديرات إلى أنّ نحو ٩٠٪ من الذكور البالغين يمضغون القات يوميًا، أما نسبة الإناث فتشكل قرابة ٥٠٪، وتشير نتائج إحدى الدراسات التى أُجريت لصالح البنك الدولى في الآونة الأخيرة إلى أنّ ٧٣٪ من النساء في اليمن يمضغن أوراق القات بشكل متكرّر نسبيًا.
وما يثير الدهشة، في الوقت ذاته، نزوع ١٥٪ إلى ٢٠٪ من الأطفال دون سن ١٢ عامًا إلى تعاطيه بشكل يومى أيضًا.



المأكولات العيدية:
ومن المأكولات في صباح العيد أنواع الحلويات جعالة العيد، وهى عبارة عن زبيب ولوز وفستق وكعك وكيك، كما تأكل في الصباح التمور ووجبات مثل فتة اللبن مع السمن أو فتة العسل والفتة هى قطع خبز بلدي، أما في الظهيرة فيتناول اليمنيون وجبة الغداء التى تشتمل على وجبة الزربيان أو وجبة الكبسة وهى أطباق من الأرز مع اللحم، ويضاف إليه الزبيب والبطاط.



اللبس العيدى:
ولا يشغل اليمنيين الأوضاع الاقتصادية الصعبة التى يعيشوها جراء الانقلاب الحوثى والذى خلف الدمار والخراب، ويعمل جميع أفراد الأسرة اليمنية على شراء الملابس الجديدة بشكل مستمر ومع إشراقة يوم العيد يلبسون أفضل ملابسهم وبالذات الجديدة ويتزينون ويتعطرون ويخرج الرجال مع أطفالهم إلى الساحات والمساجد لأداء صلاة العيد فيما تنشغل النساء بتجهيز البيت.
ويفضل اليمنيون الملابس الشعبية فالرجال يلبسون قميصا مكمما وطويلا يصل إلى القدم مع جنبية خنجر معكوف في داخل خشب مزين بنحاس أو خيوط خضراء مع حزام ذهبى اللون، ويلبس الشال والكوت وأحيانا تعمل عمامة على الرأس، أما النساء فهن يلبسن لبسا اعتياديا لأن خروجهن مرتبط بلبس البالطو أو العباءة السوداء، ويستخدمن النساء الخضاب أو الحناء لرسم نقوش على الأيدى والأرجل.



غياب المصافحة:
وفى العام الماضى كان اليمنيون يقبل على بعضهم البعض فيتصافحون ويتعانقون وينسون خلافاتهم، وتختلف طرق المصافحة من منطقة إلى أخرى، لكن معظم اليمنيين يتصافحون بالأيدى ويلامسون بوجوه بعضهم البعض وفى مناطق كسقطرى تتم التحية بملامسة أنفى كلا المتصافحين، وفى بعض المناطق يقبل الصغار الكبار في ركبهم وتقبل النساء الرجال الأقارب على رءوسهم، إلا أنه بعد انتشار فيروس كورونا في الفترة الماضية وتحذيرات منظمة الصحة العالمية من المصافحة غابت هذه العادة المتوارثة منذ مئات السنين. 

جلسات العيد:
يسيطر القات على مجالس الرجال يوم العيد في حين تعد مجالس النساء الأقل اهتماما به وتتواجد تعميرة المداعة والشيشة والسجائر أحيانا لدى الجانبين. ويعتبر اليمنيون جلسات القات العيدية أهم جلسات العام؛ لأنها تجمع شيخ القبيلة مع معظم أفراد قبيلته لتدارس الأوضاع والنقاش حول بعض القضايا، مع الابتعاد عن الروتين اليومى وهو سماع الشكاوى.
وتحكى في مجالس العيد كثير من الحكايات والطرائف والقصص التأريخية مع ذكريات الأعوام الماضية.
كما أن هناك جلسات عيدية داخل المنازل يقبل لكثير من اليمنيين على السفر مع أسرهم إلى مناطق سياحية وساحلية مثل عدن والحديدة، كما ينفذ البعض حفلات رقص شعبى في ساحات كبيرة تعبر عن البهجة.
وداع رمضان يشكل حزنا كبيرا لدى اليمنيين ويظهر ذلك من خلال إرهاق وصمت ومزاج غير طبيعى لدى البعض منهم مع غياب شمس يوم العيد، لكنهم سرعان ما يعاودون تقاليدهم الرمضانية من خلال صوم ٦ أيام من شوال مباشرة.

زيارة المرضى والمقابر:
ويقوم اليمنيون أيضا بزيارة المرضى في المستشفيات إضافة إلى زيارة المقابر للسلام على موتاهم والدعاء لهم، في كل المناسبات حتى في أيام الأعياد