الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

آلهة مصر القديمة.. «سشات ».. ذات القرون السبعة وإلهة المقاييس والمكاييل والكتابة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تعددت المظاهر المُعبّرة عن الحضارة المصرية في أوج مجدها، وكان على رأس هذه المظاهر الآلهة المصرية القديمة التى عبرت عن وجودها الاجتماعي والطبيعي، والتى كانت من ضمن جوانب هذه الحياة بكل ما بها من زخم وتناغم وأزدهار.
«البوابة» تصحبكم في جولة لتاريخ مصر القديم، حينما كانت أغلب دول العالم تنام في العراء، وتقتات من الترحال في دروب الصحاري، وتلتحف السماء غطاء لها، وكانت مصر قوة ضاربة على كافة المستويات، فمصر أول بلدان الأرض التى عرفت الإله الواحد وعبدته، بل وجعلت لكل قوة كامنة في الطبيعة أو في الحياة المصرية «رمز» يعبّر عنها، أُطلق عليه لقب «إله»، لم يكن هذا الإله يعبد لدى المصريين، ولكنهم كانوا يجلونه ويقدسونه، لاعتقادهم أن روحه تحوى القوة الخارقة المسيطرة على هذا الجانب من جوانب الحياة، وفى حلقة اليوم سنتحدث عن الإلهة «سشات».
سشات هى إحدى الآلهة المصرية القديمة، وهى آلهة المعرفة وآلهة الكتابة وصاحبة للإله «تحوت»، ولعبت دورًا مهما في طقوس تأسيس المعابد، ومن ألقابها «سفخت عبو» أى «ذات القرون السبعة»، صورت الإلهة «سشات» على هيئة امرأة، رأسها البشرى الأنثوى متوجًا بشكل من سبع وحدات يشبه النجمة فوقها قرنين مقلوبين، مثبتًا على قمة عامود أو سارية، وصورت في مشاهد ترجع إلى عصرى الدولتين القديمة والوسطى وهى تسجل الغنائم وأسرى الحرب، واعتبارًا من عصر الدولة القديمة تولت أيضًا مهمة مد الحبل مع الفرعون، وهو أحد الطقوس التى تُمثل جزءًا من الاحتفالية التى تسبق البدء في بناء المعابد.
إضافة لكونها آلهة الحكمة والمعرفة والكتابة في مصر القديمة، فقد كانت تُعتبر حارسة النصوص والسجلات، ويعنى اسمها التى تدوِّن، ويُرجع إليه الفضل في اختراع الكتابة، وأصبحت أيضًا تُعرف كآلهة للهندسة المعمارية وعلم الفلك وعلم التنجيم والبناء والرياضيات وعلم المساحة، وهى كلها مجالات تعتمد على المهارة في الكتابة والتدوين، كما أنها عرفت في بعض النصوص المتأخرة باسم «سافيخ أوبي» والذى يعنى التى ترتدى القرنين «كإشارة لغطاء رأسها»، ومن ألقابها الأخرى سيدة دار الكتب، وهو يعنى الآلهة التى يحافظ كهنتها على المكتبة حيث حفظت اللفائف التى تحوى المعرفة والعلوم المهمة، وقد كان أحد الأمراء من الأسرة الرابعة ويدعى «وب أم نفرت» يلقب على لوحة له بالمشرف على الكتبة الملكيين وكاهن «سشات»، وكانت هليوبوليس موقع الحرم المقدس لها ومركز عبادتها، كما أنها وُصفت بأنها آلهة التاريخ.
صورتها النقوش في هيئة امرأة تحمل شعارًا سُباعى الأذرع فوق رأسها، ومن غير الواضح تحديد ما كان يمثل هذا الشعار بدقة، وقد دعاها الفرعون تحتمس الثالث «سيفكيت أبوي» أى ذات السبع نقاط، وجاء عنها في نصوص التوابيت: «سشات تفتح أبواب السماء لك».
تظهر «سشات» في العادة ماسكةً قلمًا للكتابة راسمةً شقوقًا على جريدة نخل «ساق الورقة المركبة للنخيل» للدلالة على تسجيل مرور الوقت، وخاصة لتتبع وتسجيل حياة فرعون، كما كانت تصوّر مع أدوات أخرى، عادةً مع حبال معقودة ممدودة لتحديد مساحة الأرض والمباني.
كذلك فإنها في كثير من الأحيان تظهر مرتدية جلد الفهد أو النمر على ثوبها، وهو رمز مخصص للكهنة الجنائزيين، إذا لم تظهر مع الجلد فوق ثوب كان نمط الزخرفة على الثوب نفسه يشابه شكل جلد القطط المرقطة «الفهود والنمور»، ويُعتقد أن نمط ترقيط جلود هذه الحيوانات على إخفاء الطبيعى يمثل النجوم التى كانت تعتبر رمزا للخلود وتترافق مع سماء الليل كذلك.
كآلهة للمقاييس والمكاييل والكتابة، كان من المعتقد أنها تظهر لمساعدة الفرعون في هذه الممارسات، كما كانت هى التى تسجل على جريدة النخل الخاصة بها الوقت المتبقى للفرعون في هذه الحياة على الأرض، كما أنها ساعدت الفرعون في طقس «مد الحبل» المرتبط برسم أسس المعابد والهياكل المهمة الأخرى من أجل تحديد وضمان المعايير المقدسة ودقة الأبعاد، وكانت مهاراتها لازمة لمسح الأرض بعد الفيضانات السنوية لإعادة رسم خطوط الحدود بين الأراضى الزراعية، الكاهنة التى كانت تشارك في هذه العملية باسمها كانت تشرف كذلك على الموظفين الآخرين الذين يؤدون واجبات مماثلة وتم تدريبهم على الرياضيات وما يتعلق بهذا المجال من معرفة وعلوم.