الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

داعش» يستغل «كوفيد -١٩» لتهديد أمن أوروبا

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في الوقت الراهن، يجتاح الكرة الأرضية بأسرها وباء كورونا ذو الانتشار السريع والتأثير المدمر، وفى هذا الصدد ظهرت تكهنات حول ما إذا كان الإرهابيون قد يستغلون المعاناة الهائلة والفوضى والاضطرابات التى تلحق بالحكومات والجمهور في جميع أنحاء العالم. في زمن الخوف والذعر هناك نقاط ضعف يمكن للإرهابيين استغلالها. ومن هذا المنطلق سيتم تناول كيف استغل تنظيم داعش الإرهابى أزمة كورونا لتهديد الأمن الأوروبى، خاصة بعد أن قام أحد المنتمين للتنظيم بمحاولة شن هجوم في برشلونة بإسبانيا مستغلًا انشغال الدولة بمكافحة فيروس كورونا.
الموقف من الفيروس
بعض الجهات الفاعلة استغلت الأزمة الإنسانية التى سببها COVID-١٩ لدعوة البشرية إلى تنحية خلافاتها جانبًا وتشكيل جبهة موحدة لمكافحة التحديات التى يطرحها الفيروس. بعبارة أخرى، إنها تستخدم توقيت الأزمة لوقف الصراعات المسلحة التى تعصف بالعالم ونشر السلام بدلًا منها. وتعكس رؤية رئيس الأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، هذا التوجه، فقد عبر عن رغبته في تخلى المجتمع الدولى عن الأسلحة والكفاح معًا ضد وباء الفيروس التاجى.
أما بالنسبة لتنظيم داعش، فهو يعتبر أن الكوارث الطبيعية بشكل عام، دليل على أن الله يدعمه في استهداف خصومه. وفيما يتعلق بفيروس كورونا، قال في بيان له إن الأمراض لا تأتى من تلقاء نفسها، ولكن بأمر ومرسوم من الله. ولكن لم يدم هذا الموقف طويلًا، فقد قام التنظيم بتغيير رأيه في أزمة كورونا حين أعلنت منظمة الصحة العالمية الفيروس كوباء عالمى، لأنه استشعر أن الوباء يمثل خطرًا على الإرهابيين أنفسهم. فقام التنظيم نفسه بنصح إرهابييه بتجنب أوروبا بسبب المخاوف من العدوى، وذلك في بيان بمجلة «النبأ» الصادرة عن داعش، والتى تقدم توجيهات الشريعة حسب تعبير التنظيم- التى تحث أهلها على عدم السفر إلى «أرض الوباء». وعلاوة على ذلك، يحتوى هذا البيان على معلومات عن الجهاديين المصابين في أوروبا، ويخبرهم بعدم العودة إلى ديارهم، ما لم يتم علاجهم. وبعد ذلك دعا إلى استغلال الفيروس لاستهداف الدول الأوروبية.
منذ أحداث ١١ سبتمبر ٢٠٠١ وما تلاها من حرب عالمية على الإرهاب، كان التهديد الرئيسى الذى يُخشى منه هو الإرهاب. ومع ذلك، فمنذ انتشار الوباء، أصبح الخوف الأكبر الذى تروج له وسائل الإعلام الجماهيرى هو فيروس كورونا، وهذا ما أدى إلى إبعاد الإرهاب عن الصفحات الأولى للصحف بطريقة سريعة إلى حد ما. غير أن هذا لا يعنى أن الإرهابيين يمكنهم استغلال بيئة الخوف والتعطيل التى شكلها الوباء لتحقيق غاياتهم وجدول أعمالهم.
وقد تسببت الأزمة في ظهور العديد من نقاط الضعف التى تمثل فرصًا للتنظيم، خاصة في قطاع المعلومات والمجال المعرفى بشكل عام، والتى استغلها لزيادة الشعور العام بالخوف والقلق، بالإضافة إلى زيادة أنشطة التضليل لزيادة الفوضى من أجل زعزعة الثقة في الحكومات مقابل زيادة شرعيتهم السياسية والروحية. ويمكن للتباعد الاجتماعي الذى فرض ضمن إجراءات مكافحة فيروس كورونا أن يمثل نقطة ضعف كبيرة؛ حيث إنه تسبب في شعور الناس بالعزلة والانغلاق، وأصبح لديهم الكثير من الوقت لقضائه على وسائل التواصل الاجتماعي، بما يجعل من السهل على التنظيم رصدهم وتتبعهم بل وتجنيدهم أيضًا بما يجعل هؤلاء الناس متطرفين.
تهديد الأمن الأوروبى
نجح تنظيم داعش في بث الخوف في نفوس مواطنى الاتحاد الأوروبى، فعلى سبيل المثال، في إسبانيا يعتبر ستة من كل عشرة أشخاص أن هناك خطرًا كبيرًا، وفرصة سانحة لشن هجوم إرهابى من قبل داعش في هذا التوقيت، ورأى الفرنسيون، مستوى أعلى من الخطر على أمنهم الشخصى من تنظيم داعش مقارنة بباقى الدول الأوروبية؛ حيث رأى ٧٠٪ من السكان أن هناك تهديدا محتملا من قبل داعش. بينما رأى ٤٥٪ من الإيطاليين، و٤٢٪ من الألمان، و٣٩٪ من البرتغاليين، و٣٥٪ من البلجيك... أن دولهم معرضة للتهديد من قبل داعش. ولم تخلو الدنمارك وآيسلندا والنرويج من أولئك الذين يعتقدون بوجود تهديد من قبل التنظيم حتى وإن كانت نسبهم أقل من باقى الدول.
وبلغ المتوسط الإجمالى لأولئك الذين يشعرون بالتهديد الشديد ٤٤٪ من سكان أوروبا، في حين أن أولئك الذين يشعرون بالتهديد أو يشعرون بتهديد قليل فبلغت نسبتهم ١٦٪، وذلك وفقًا للدراسة التى أجرها معهد DYM لاستطلاعات الرأى العالمية. وحسب المنطقة أظهرت الدراسة التى أجريت في ٦٨ دولة حول العالم، أن الأوروبيين هم أكثر من يشعرون بالتهديد من تنظيم داعش، يليهم الأمريكيين، ثم الآسيويين ويليهم سكان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ورغم أن تلك الدراسة أجريت في ٢٠١٦، إلا أن سكان أوروبا ما زالوا يعتقدون بتمثيل تنظيم داعش تهديدًا على أمنهم وهو ما أثبته لهم التنظيم الذى خطط أحد أعضائه لشن هجوم في إسبانيا رغم تفشى فيروس كورونا. فقد قامت السلطات الإسبانية بالتعاون من ضباط الاستخبارات بالمغرب ٧ مايو ٢٠٢٠، باعتقال أحد أتباع تنظيم داعش الذى كان يبحث عن أهداف للهجوم في برشلونة، مستغلًا فترة الحظر الكامل بسبب انتشار فيروس كورونا في البلاد. هذه الواقعة تشير إلى سعى داعش إلى استغلال أعضاء منفردين تابعين له للقيام بعمليات في الدول الأوروبية فيما يعرف بـ«الذئاب المنفردة».
فمنذ انتشار الفيروس في جميع أنحاء أوروبا، وقع عدد من الهجمات الإرهابية المنفردة، كما قام بعض الإرهابيين الخاملين بإعلان ولائهم لداعش وكراهيتهم للغرب على وسائل التواصل الاجتماعي. وقد لوحظ قيام العديد من المتطرفين بتجاهل حالة الطوارئ في الدول الأوروبية للبحث عن أهداف محتملة فيها.
وفى الختام، يتضح أن أزمة فيروس كورونا تهيئ الظروف لتنظيم داعش الإرهابى للقيام بمزيد من العمليات الإرهابية في الدول الأوروبية، مستغلًا انشغال كل الأجهزة بها بمكافحة فيروس كورونا، ومحاولة الحد من انتشاره. وعلى ذلك يوجد تهديد محتمل من قبل التنظيم وأعضائه في الدول الأوروبية على الأمن والاستقرار الأوروبيين، وهو ما يستلزم عدم إغفاله في ذلك التوقيت.