الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

ماذا يحدث في سوق النفط؟.. انهيار مفاجئ لأسعار عقود مايو.. وآمال بعودة التحسن بعد تنفيذ اتفاق "أوبك +" وفتح اقتصاديات الدول الكبرى.. ضعف تكلفة الإنتاج بدول الخليج يحميها من الصدمة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
للمرة الأولى في التاريخ ، في سوق النفط، وربما في حركة التجارة عبر التاريخ، يدفع البائعون أموالا للمشترين، لبيع النفط، هذا ما حدث اليوم الاثنين، والذي انهارت فيه أسعار الخام الأمريكي، إلى مستويات قياسية غير مسبوقة، وصلت إلى "37 سنتا" للبرميل في عقود مايو الآجلة. 
يأتي ذلك، قبل 10 أيام من موعد تنفيذ اتفاق أوبك+ الأخير بقيادة السعودية، والذي تم خلال الاتفاق على تخفيض حوالي 10 ملايين برميل من إنتاج أوبك و10 أخرى من دول خارج أوبك ليصل تخفيض المعروض إلى حوالي 20 مليون برميل يوميا، ما يعزز الأسعار وقتها في بدابة شهر مايو المقبل.

والحقيقة أن انهيار الأسعار يتعلق أساسا بعقود شهر مايو والتي تنتهي غدا الثلاثاء، ولا يرغب أحد باستلام براميل النفط التي تم التداول عليها وهو الأمر الذي دفع المنتجين للبيع بالخسارة، لكن عقود شهر يونيو باقية عن 21 دولار لبرميل أو أكثر، وكذلك سبتمبر فوق الثلاثين دولار..حيث يمثل شهر مايو انتهاء فترة ساخنة استمرت لأشهر بين كبار منتجي النفط روسيا والسعودية، وذلك بتنفيذ اتفاق أوبك +.
وطبعا لا ننسى المتهم الأكبر في الضغط على الأسعار، وهو وباء فيروس كورونا المستجد والذي أغلق المصانع في الدول الكبرى، وأدى إلى تراجع الطلب على النفط بشكل خاص والطاقة بشكل عام، وأحدث فائضا في المعروض، واقتراب مخازن النفط بشقيها سواء بباطن الأرض أو العائمة في البحار للامتلاء، ولجؤ شركات النفط لاستئجار ناقلات عملاقة لتخزين النفط، وسط مخاوف من عدم تواجد أماكن للتخزين، فضلا عن نقص السيولة.
وفي رأيي أن مسألة التراجع فنية ووقتية تتعلق بعقود شهر مايو فقط، وهي عملية مضاربة في السوق من قبل المصافي أو المضاربين، ومع زيادة المعروض والضعف الشديد في الطلب العالمي، يظهر ذلك الضغط على الأسعار.

وتتواصل في أمريكا عمليات إيقاف المصافي والحفارات العملاقة لاستخراج النفط الصخري، بعد ارتفاع التكلفة عن السعر التجاري وبالتالي عدم جدوى الإنتاج.
وعند بداية شهر مايو سيكون هناك أسباب أخرى لارتفاع الأسعار بجانب خفض إنتاج أوبك + ومنها قيام بعض الدول بفتح جزئي للاقتصاد، بعد تراجع كورونا تدريجيا، كألمانيا وأمريكا وغيرها، وبالتالي دوران عجلة الإنتاج بشكل متدرج، كما أن الاقتصاد الصيني، سيعود بشراهة لاستيراد النفط لدوران عجلة الصناعة الصينية الضخمة ما يعني زيادة الطلب على النفط، وبالتالي زيادة الأسعار مرة أخرى.
وتحتاج الشركات العاملة في حقول النفط، إلى أسعار بين 70 و75 دولاراً للبرميل لتتمكن من تحقيق هوامش ربحية، تمكنها من عمليات البحث والتنقيب عن النفط، ولتأمين الإمدادات البحرية وسط التوترات الجيوسياسية.
وبالنسبة لدول الخليج فإن تكلفة إنتاج برميل النفط لديها هي الأقل عالميا، نظراً للموقع الجغرافي وكبر حجم الحقول، فتكلفة استخراج برميل النفط في السعودية مثلا تتراوح بين 4 إلى 6 دولارات للبرميل، كما أن استخراج النفط من الحقول البحرية والمياه العميقة من روسيا وأمريكا ونيجيريا، أغلى بكثير من الحقول البرية وذلك لصعوبة الوصول إليها، فتكلفة إنتاج النفط في نيجيريا تزيد عن 30 دولاراً للبرميل، وبالتالي فإن هذه التكلفة المنخفضة بدول الخليج، ستحميها من صدمة انخفاض الأسعار العالمية.

وفي مصر المستوردة للمواد البترولية فإن الموازنة العامة ستجني مليارات الجنيهات، لأن كل دولار تخفيض في أسعار النفط عالميا يوفر للموازنة 4 مليارات جنيه، وبالتالي ينعكس ذلك إيجابًا على عجز الموازنة.. ويمكن لمصر استغلال الفرصة وتحسين شروط التعاقد مع الشركات الأجنبية للبحث والتنقيب عن النفط والغاز، أو شراء حصص أكبر بسعر متميز.