الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

«الدوم» و«النخيل».. مصدر إلهام الفنانين لتجسيد التراث الشعبى

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
شكل شجر الدوم والنخيل بمحافظة الوادى الجديد، مصدر إلهام للفنانين التشكيلين، خاصة النحاتين منهم، في تنفيذ أعمال فنية تجسد التراث الشعبى للواحات، ويوجد حصر لأعداد شجر النخيل بالوادى الجديد لما يمثله من محصول استراتيجى لابن الواحة، بينما شجر الدوم لا يوجد له حصر، خاصة أنه يزرع في أغلب الأوقات بتدخل شخصى ويستغرق أكثر من 10 سنوات حتى يثمر بينما النخيل يثمر من 3 إلى5 سنوات.


واحة باريس في الوادى الجديد موطن نخيل الدوم
قال الدكتور محسن عبدالوهاب، مدير فرع أكاديمية البحث العلمى بالوادى الجديد، ومدير مديرية الزراعة الأسبق بالمحافظة، إن أشجار نخيل الدوم من الأشجار المعمرة، التى تتحمل درجات الحرارة المرتفعة، ولا تنمو إلا في الوادى الجديد وأسوان، فهى عبارة عن نخيل صحراوى وينتشر في الوادى الجديد في شمال واحة باريس بالوادى الجديد، وهو نبات يتحمل درجة الحرارة العالية وقلة المياه، لأن جذوره تمتد في أعماق الأرض لأكثر من ألف متر، بحثًا عن المياه الجوفية.
وأضاف أن شجرة الدوم من الأشجار المعمرة بطيئة النمو، ويصل ارتفاعها في بعض الأحيان إلى نحو ٣٠ مترا، ولها أوراق مروحية الشكل مليئة بالأشواك وثمارها في حجم البرتقال ولكنها صلبة وذات لون بنى يميل للأحمرار، وللثمرة بذرة كبيرة صلبة بنية اللون ملساء، ويغلفها نسيج فلليني، حلوة المذاق وتؤكل ولها استخدامات عديدة سواء في المجالات الطبية أو الاقتصادية وحتى الفنية.
يؤكد عادل عجمى، مدير الزراعة بالوادى الجديد الأسبق، أن خشب أشجار الدوم شديد المتانة، وهو ما يجعل أبناء الواحات يستخدمونه في سقف البيوت والأبواب، لأنه لا يتأثر بالنمل الأبيض، الذى يتسبب في تآكل الأخشاب، كذلك يتميز جذع النخيل بالمتانة مما يتيح فرصة نحته.


رائد نحت جذع النخيل
مصطفى معاذ: الثقافة الشعبية مصدر الإلهام.. مدة نحت الجذع تصل لـ10 أيام
أكد مصطفى عبدالله إسماعيل معاذ، من أبناء واحة الخارجة، مواليد عام ١٩٧٥، حاصل على ليسانس حقوق جامعة القاهرة، عام ١٩٩٨، متزوج ولديه ٣ أبناء، شاعر من شعراء المحافظة وأول من بدأ رسميًا في نحت جذع النخيل، أن النخيل المصدر الرئيسى لدخل مزارع ابن الواحات بينما هناك آخرون ينظرون للنخيل كمصدر إلهام لفن يجمع بين الأصالة والمعاصرة عرف بـ«نحت جذوع النخيل».
«مصطفى» موظف بمصلحة الضرائب، وصاحب فكرة فن نحت جذوع النخيل بالوادى الجديد، بدأ هذا الفن عام ٢٠٠٩ وأنشأ متحفًا لأعماله الفنية في منطقة مفتوحة وهى قطعة أرض فضاء بجوار حقله الزراعى الذى ورثه عن الأجداد والآباء في منطقة تسمى «عين على»، وينتمى هذا المتحف لنوع المتاحف المفتوحة التى تنفذ في الهواء الطلق.
ويحكى مصطفى، أنه ارتبط بالمنطقة منذ طفولته بسبب وجودها على ربوة عالية ما يجعل مشهد النخيل من أعلى بديعا ومصدرًا لإلهام أى فنان، حيث تجسدت معالم جمال الواحة في هذه المشاهد التى تتراص فيها أشجار النخيل على حدود بين أحضان الجبال، حيث هناك مشاهد متعددة من أشجار النخيل تجسد جمال وروعة الواحة.
أضاف أن فن النحت على النخيل هو فن مبتكر ولكن له جذور تاريخية في الواحة، ومصدر الإلهام لهذا الفن هو النجار البلدى الواحاتى والذى كان يصنع من جذوع النخيل "مقاسم الأرز"، وهى مضرب أرز محلى، و«زمارة البئر»، وهو خشب مجوف لمرور مياه البئر أو العيون الجوفية من خلاله.
ولفت «مصطفى» إلى أن البداية لخطوات النحت تبدأ مع تجهيز جذوع النخيل القديم أو النخيل «الذكر» أو النخيل غير المثمر بحيث يجرى تقطيعها لقطع صغيرة تتراوح من ٢٠ – ١٥٠ سم، وحسب رؤية الفنان الذى ينحت الجذع نفسه، ويجرى استخدام أدوات بسيطة في هذا الفن وهما الإزميل، "الجاكوش"، ويجرى بعد ذلك نحت الجذع حسب رؤية كل فنان وتتراوح مدة نحت الجذع حتى مرحلته الأخيرة من ٣ – ١٠ أيام، كما أن مصادر إلهام نحت النخيل هى الثقافة الشعبية للواحات، مثلا نحت جذع نخيل على شكل المنزل الواحاتى القديم المبنى من الطوب اللبن، أو كتابة أسماء الله الحسنى، أو نقش الصلاة على النبى، عليه الصلاة والسلام، وكلمات الحنين لحج بيت الله الحرام، وكلها كلمات تكتب على جدران المنازل البلدية القديمة في واحة الخارجة وكل واحات الوادى الجديد.
وقال «مصطفى» إن الفن هو في مرحلة البدايات فقط حيث عمره ١٠ سنوات فقط، ونسعى جاهدين من خلال أبناء الواحة في الداخلة والخارجة لنشر هذا الفن لسهولته ونظرًا لوفرة المواد الخام له وهى أشجار النخيل، ورغم حداثة الفن إلا أن هناك فنانين من الواحات أنشئوا مدارس لتعليم الفن من أشهرهم الفنان مصطفى عبد الجواد من الداخلة، والذى أقام مدرسة لتعليم هذا الفن في قرية القصر الإسلامية بواحة الداخلة.




حامد حسين.. مقاتل بروح فنان
شارك في حرب أكتوبر.. وأتقن نحت خشب شجر الدوم
نجح حامد محمد حسين سرور، ٧١ سنة، في نحت ملامح ومظاهر الحياة اليومية القديمة على الخامات الموجودة بالصحراء من خلال النحت على جذوع الدوم. قال «حامد»: أنا حاصل على دبلوم فنى، وكنت موظفا بمكتب مدينة الخارجة، وأحيلت للمعاش، منذ ١١ عامًا، وشاركت في حرب أكتوبر عام ١٩٧٣، وبدأت أعمل في نحت خشب شجر الدوم منذ ١٠ سنوات، وتمكنت من نحت مجسمات وتماثيل فنية متنوعة الأشكال، مستغلا ليف النخيل، الذى يجرى التخلص منه بالحرق، ولم يعملنى أحد هذه الحرفة، بل تعلمت بمفردى، فقد كانت هوايتى تشكيل خشب الأشجار، ونحت وعمل فورم جمالية، وتطورت مع الزمن حتى وصلت معى لمرحلة الاحتراف، وأحصل على المواد اللازمة، من خلال شراء خشب الدوم أو ليف النخيل، والذى يمكن الحصول عليه بعد عملية «تجمير» النخلة، أى قطع قمتها، مؤكدًا أن كل نوع من ليف النخيل له استخدام في إنتاج أعمال فنية معينة.
وأضاف أن الأشكال والمنحوتات تختلف حسب قطعة الخشب التى أحصل عليها، فبمجرد الحصول على قطع الخشب مقطعة أنظر لها لفترة طويلة ثم أتخيلها ستخرج على أى هيئة أو مجسم، ففى أغلب الأوقات قطعة الخشب هى التى تقودنى بشكل معين يتجسد في خيالى، فمثلًا هناك قطعة خشب مجرد ما أمسكها بيدى يقودنى خيالى أنها تصلح لمنزل واحاتى قديم، أو شكل أسد أو سفينة أو طائر معين.
وقال عندما أرى الفلاحين في الحقول الزراعية يحرقون ليف النخيل، أشعر بالأسف، ولذلك أفضل استغلال مخلفات النخيل فيما هو نافع، مثل إنتاج منتجات الخوص من جريد وسعف النخيل، أو حتى منتجات خشبية من خشب الشجر، وأنجح في نحت الخشب على أشكال تماثيل جميلة منها طائر البجع والبط وحيوانات أخرى، مثل الأسود والغزلان والدولفين، والثعابين، وبعض الطيور مثل النسور وهى تلتهم وتصطاد فرائسها، وتماثيل أخرى مثل السقا. وتابع قائلا: نفذت معرضًا في الممشى السياحى شمال مدينة الخارجة في احتفالات المحافظة بعيدها القومى ٣ أكتوبر ٢٠١٩، وشاهد محافظ الإقليم، اللواء محمد الزملوط، أعمالى الفنية، وطلب منى تعليم وتدريب ١٠ أشخاص الحرفة، ولكننى طلبت منه تخصيص مكان ومقر لى، وبعد فترة تسلمت خطابا من المحافظة، يطلب منى التوجه لمديرية التضامن الاجتماعي، وعندما ذهبت لهم، فوجئت برد مسئولى التضامن الاجتماعي بعدم معرفتهم بمطلبى من الأساس.