الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

يوميات غسان كنفاني.. المجبر على العيش والكتابة والموت "1"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أسرته عانت اللجوء وسكنت المخيمات وهربت إلى لبنان ومنها إلى سوريا وضعته جولدا مائير ضمن «لائحة جولدا» وطلبت من الموساد التخلص منها
«كنت طفلًا، أمتلك سروالًا قصيرًا وقميصًا من الكتان الرمادى، وحذاء مقطعًا دون جوارب، كان أقسى شتاء شهدته المنطقة في عمرها، وحين أخذت أمشى ذلك الصباح تجمدت أصابع قدمى وكساها ما يشبه الزجاج الرقيق. جلست على الرصيف وأخذت أبكى». هكذا قال غسان كنفانى في «مدخل» مجموعته القصصية (عن الرجال والبنادق).. ويبدو أن غسان الذى تحل ذكرى ميلاده في التاسع من أبريل حيث ولد في مدينة عكا في العام 1936 يبدو أنه لم يتوقف عن البكاء حتى آخر لحظة في حياته وهى اللحظة التى تعتبر فاجعة بكل المقاييس حيث تناثرت أشلاؤه في شارع من شوارع العاصمة اللبنانية بيروت بعد تفجير سيارته في الثامن من يوليو عام 1972.

ولد غسان كنفانى لعائلة متوسطة الحال تنتمى للطبقة الوسطى حيث كان والده يعمل محاميا وعلى الرغم من الآمال البسيطة التى كانت تنشدها أسرة كنفانى إلا أن نكبة ٤٨ حطمت هذه الآمال فعرفت اللجوء وسكنت المخيمات حيث هربت الأسرة وكان غسان حينها في الثانية عشر من عمره إلى لبنان ومنها إلى سوريا وهناك.. في دمشق امتهن غسان كنفانى مهنة التدريس لصالح وكالة غوث للاجئين ولأسباب سياسية وفى عام ١٩٥٥ غادر سوريا إلى الكويت التى عمل بها مدرسا أيضا وفى عام ١٩٦٠ عاد مرة أخرى إلى بيروت ليعمل هذه المرة بجريدة الحرية الناطقة بلسان الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
شكل غسان كنفانى ومعه إميل حبيبى ومحمود درويش وجبرا إبراهيم جبرا وسميح القاسم اللبنة التى تتبلور من خلالها الأدب الفلسطينى بعد إعلان قيام الكيان الصهيونى على الأراضى الفلسطينية.
بعد أيام قليلة تمر ذكرى ميلاد كاتب كبير ومناضل عتيد وضعته جولدا مائير ضمن لائحة عرفت بعدئذ بـ"لائحة جولدا» ضمت أسماء عدة من بينها غسان كنفانى وطلبت من الموساد التخلص منها.
واحتفاء من جانبنا بالكاتب والمناضل الفسلطينى الراحل ننشر مختارات من يوميات غسان كنفانى التى شرع في تسجيلها عام ١٩٦٠ وحتى عام ١٩٦٥.

٣١/١٢/ ١٩٥٩
إن الضباب الأسود غير موجود في الطبيعة، ولكن من ذا الذى يستطيع أن يؤكد أنه ليس أبعث على الراحة من الضباب الطبيعى الذى لا لون له؟

٢/٣/١٩٦٠
أن يسقط الإنسان من السماء بلا مظلة.. ثم يمضى في طريقه إلى الأرض مفكرا.. شيء لا يحتمل.

١/١/١٩٦٠
ليلة أمس قررت أن أبدأ من جديد..
هذه اليوميات عمل كريه، ولكنه ضرورى كالحياة نفسها.. أتى القرار بسرعة وببساطة، كانت الساعة تمام الثانية عشرة، أى إننا كنا ننتقل من عام قديم إلى عام جديد.. كانت الغرفة صامتة، تعبق برائحة وحدة لا حد لها.. عميقة حتى العظم، موحشة كأنها العدم ذاته.. وبدا كل شيء تافها لا قيمة له، فقررت أن أكتب شيئا.. لكنى فضلت، لحظة ذاك، أن أبكى.. ومن الغريب أننى فعلت ذلك ببساطة ودون حرج، ومسحت دمعة، أو دمعتين، كنت كمن يهيل التراب على جزء آخر من جسد ميت سلفا ندعوه حياتنا..
وهأنذا أكتب من جديد.. يوميات كريهة لحياة كريهة تنتهى بموت كريه، مستشعرا كم أنا مجبر على أن أكتب، كم أنا مجبر على أن أعيش، كم أنا مجبر على أن أموت.

٤/١/١٩٦٠
إننى مريض، نصف حى يكافح من أجل أن يتمتع بهذا النصف، كما يتمتع كل إنسان بحياته كاملة.. وكل المحاولات التى افتعلتها لكى أنسى هذه البديهية تقودنى من جديد لكى أواجهها.. وبصورة أمر.
لقد توصلت الآن إلى أن أؤمن بأن عصر المشاركة يكاد يكون معدوما بين الناس.. إنهم يحسون أنك تتألم، ولكنهم لا يعرفون كم تتألم، وليسوا على استعداد أبدًا لأن ينسوا سعادتهم الخاصة من أجل أن يشاركوا الألم.. وعلى هذا فعلينا أن نتألم بيننا وبين أنفسنا.. وأن نواجه الموت كما يواجه واحد من الناس الآخرين نكتة يومية.. وهذا يجعل من الإنسان عالما بلا أبعاد، ولكنه في الآن ذاته، عالم مغلق على ذاته.
في الحقيقة، إن المخرج الوحيد في هذه الدوامة الموحلة، هو أن يؤمن المرء بأن العطاء هو المقبول، فقط لدى إنسان الحضارة.. وأن الأخذ عمل غير مرغوب فيه.. أن يعيش الإنسان باذلا نفسه هو المقابل، ولا مقابل سواه.. إننى أحاول الآن أن أصل إلى هذا الإيمان، شيئا لا يحتمل على الإطلاق..
دفعنى لأكتب هذا الكلام.. جرح سببته الحقنة اليومية هذا الصباح.. وأعتقد أنه ما زال ينزف إلى الآن.. لو قلت لإنسان ما إننى أتألم منه لأعتبره شيئا يشبه النكتة الطريفة.. ويرددها على هذا الأساس، متسائلا: «كيف يستطيع إنسان أن يجرح نفسه؟ لا شك أنها تجربة طريفة!!».
أو أنه على أحسن الاحتمالات سوف يقول: «إنه يتألم!» ويغير الموضوع.. أما بالنسبة لى فهى تعنى، وسوف تبقى تعنى كل يوم، أننى أريق جزءا من احتمالى، وإنسانيتى، وسعادتى من أجل أن أعيش.. إنه لثمن باهظ حتما.. أن يشترى الإنسان حياته اليومية بالألم.. والقرف.. والنكتة.. إنه ثمن باهظ بلا شك.. أن يشترى حياته اليومية بموت يومى..

٩/١/١٩٦٠
مرة أخرى سمعت حفيف ريش الملائكة، كما يقول سكير واشنطن، حين رأيت الجبال تدور حول رأسى بصخب مخيف، ثم أحسست بالرمل ينسحق بين أسنانى.. كيف حدث ذلك؟ إننى لا أذكر التفاصيل، أما الزملاء فكل واحد منهم عنده جانب من القصة.. لقد ذهبت معهم إلى رحلة تقع خلف الحدود، وفى لحظة واحدة نحو العاشرة، أحسست بقليل من الدوخان، ولكننى لم أبال.. كنت قد أعددت عدتى من الصباح، ولذلك فلقد استبعدت إطلاقًا أن يحدث لى أى اضطراب.. بعد هنيهة، قمت إلى زميل أداعبه بضربة، أو بضربتين، ولكننى حينما رفعت كفى عنه رأيت الجبال الصخرية التى كانت حولنا تدور برقصة مخيفة، وعبثا حاولت أن أوقف رأسى عن اللف.. لقد كانت ثمة مطارق تهوى على مؤخرة عنقى، وكانت الفكرة الوحيدة التى سيطرت على رأسى هى أننى يجب ألا أقع في الوادى، فلو وقعت، فمن الحتمى ألا يستطيع الرفاق إيصالى إلى فوق حيث سيارتنا إلا بعد مشقة هائلة ووقت طويل.. وعبثا حاولت أن أسيطر على رأسى.. لقد انسحق كل شيء، إلا رغبتى في أن أصل إلى فوق، حيث السيارة، بأى ثمن.. ثم صحوت على السفح، كان الرفاق يتبعونى لاهثين، وكنت أطوى الصخور صاعدا بكل ما في طاقتى من احتمال.. وحينما لامست عيونى سيارتنا هناك عاد إلى غثيان قاس، وصحوت مرة أخرى على طريق المستشفى.. إلا أن الذى حدث لم يكن هذا فحسب، لقد سبق صعودى الجبل إغماء استمر أكثر من ربع ساعة، قيل لى إننى دفنت رأسى في الرمل، وكانت يدى تشير إلى الجبال بحركة لولبية.. بينما أخذ جسدى ينتفض بحيث عجز ثلاثة من رفاقى عن مسكه وتثبيته في مكانه، كانت عيونى أيضا مفتوحة حتى أقصاها، ولكنها عمياء.. وكفاى ينبشان الأرض بجنون.. لقد أمسكونى هناك، بعيدا عن كل شيء، وحشروا قطعا من البسكويت في فمى كنت أشكو نقصا في السكر- ورشقوا وجهى بالماء.. وقالوا إننى حينما صحوت قليلا انطلقت أعدو فوق الصخور ميمما شطر السيارة البعيدة، باذلا جهدا مسعورا كيف أصل إلى هناك في حين حسبوا هم أننى ما زلت مشدودا إلى إغماءة قاسية..
في المستشفى كانت شفتى تنزف ولسانى مجروحا، لا أدرى، أهو البسكوت الذى دفع إلى حلقى بقسوة سبب هذا، أم أننى كنت أعض على إرادتى كى أصل إلى فوق؟ أما في المستشفى فلقد اكتشفوا أن انخفاضا حدث في القلب، وبذلوا جهدا طيبا من أجل إعادته إلى ما كان عليه..
حينما عدت منهوكا إلى الأصدقاء كانوا ينظرون إلى بشفقة.. وكنت أحس أننى أستحقها... لأننى أنا نفسى كنت أبكى في أعماقى.. أبكى بكل ما في طاقتى..

١٠/١/١٩٦٠
أمس توفى الفيلسوف الوجودى ألبير كامو.. صاحب فلسفة العبث، مات في موقف عبثى، وأى رثاء له نوع من العبث ليس غير.. لقد انتهى، وعليه أن يقنع بحياة عاشها عريضة، وإن لم يستطع أن يجعلها طويلة.

٢٣/١/١٩٦٠
قررت اليوم أن أبدأ بكتابة قصة طويلة، (سوف تكون أقل طموحا من «كفر المنجم»، التى كتبتها في العام الماضى وفشلت)، لأننى سوف أحكى فيها قصة إنسان فرد.. وأعتقد أنها لن تستغرق وقتا طويلا.. وفكرتها في رأسى منذ زمن بعيد: الخذلان، سوف لن أستشير أحدا فيها، إذ أننى وجدت أن أنسب مكان للآخرين يفرغون فيه أحمال عقدهم النفسية هو الثغرات المفتوحة في نفوس القلقين.

٦/٢/١٩٦٠
بلادة وخمول، ولا شيء غير هذا على الإطلاق... هنا، في هذا البلد المصرور في الجمود والصمت نموت رويدا رويدا، دون أن نعرف كيف يعيش أى إنسان ناضل قرونا طويلة في سبيل لحظة طمأنينة واحدة!... صور الفتيان معلقة على الجدران تستذل رجولتنا، والموسيقى الحزينة تمتص أحاسيسنا، وكلمات المجاملة الكاذبة تهدد طموحنا.. إلى أين؟ لسنا ندرى.. كل ما نعرفه هو أن غدا لن يكون أفضل من اليوم.. وأننا ننتظر على الشاطئ، بلهفة، سفينة لن تأتى.. وبأنه حكم علينا بأن نكون غرباء عن كل شيء.. سوى عن ضياعنا..
إننى لست راغبا في أى شيء.. كل الأشياء التى اعتقدت أننى أحبها فقدت معناها تماما.. لست أحسن التصرف مع الأصدقاء.. ولست راغبا في الاستمرار أكثر داخل هذه الدوامة التى تدور كساقية مجنونة تفور في رمال صحراء عطشى منذ آلاف السنين...
أصحيح أن عمرى خمس وعشرين سنة؟ إننى أتصور أحيانا أننى عجوز متهدم ينتظر بصمت واستسلام دفة من الخشب ينقلونه فوقها إلى استقراره الأخير.. أو إلى استقراره الحقيقى...

٢١/٢/١٩٦٠
كتبت اليوم رسالة إلى (...) و(...) كانت قصة حب بلا شك.. أمما الآن فهى مأساة.. إن رسائلها الأخيرة لى كانت تحمل طابعا خاصا.. كأنها كانت تريدنى أن أقول موقفى بوضوح كى تعرف ماذا يتعين عليها أن تفعل.. وهذا حقها بلا أدنى شك. لقد كتبت لها رسالة اليوم، حاولت فيها أن أكون مخلصا لها ولنفسى، وحينما قرأتها بعد كتابتها اكتشفت بوضوح أننى فعلا أحبها.. سوف أنقل إلى هنا بعض مقاطعها..

"...أنا مشوش جدا... لذلك تبدو أفكارى مهزوزة.. والذى يشوشنى خبر زفه الطبيب إلى أمس.. لقد بدأ هذا القلب المسكين يتعب.. إنه يخفق بلا جدوى.. وحينما أنظر الآن إلى الأشياء أحس بأننى خارجها.. إنها مسحوبة من المعقول.. إننى لا أخاف من الموت، ولكننى لا أريد أن أموت.. لقد عشت سنوات قليلة قاسية، وتبدو لى فكرة ألا أعوض فكرة رهيبة.. إننى لم أعش قط... لذلك فأنا لم أوجد.. ولا أريد أن أغادر دون أن أكون، قبل المغادرة موجودا.. أتعرفين الذى أعنيه؟... إن شعورى غريب جدا... شعور إنسان كان ذاهبا إلى مكان ما كى يتسلم عملا ملائما، فمات- فجأة في الطريق..
إن شعورى الآن هو هذه «الفجأة» بالذات....
لقد فكرت طويلا طويلا في رسائلك الأخيرة.. ووجدت أنك على مطلق الحق في موقفك.. ولكننى أنا الآخر أملك شيئا منه.. لماذا لا نضع النقاط على الحروف جيدا؟ لماذا لا نعترف بأننا «خطان متوازيان يسيران معا ولكنهما لن يلتقيا..؟» لقد كتبت هذا الكلام لى منذ أول تعارفنا، وكنتُ وكنتِ في أعماقنا نرفضه على الإطلاق!
أيتها الغالية.. لماذا قدر للإنسان أن تكون أعمق جروحه تلك التى يحفرها بيده؟ تريدين أن أكتب لك بوضوح، أن أكفن سرابى بيدى، وأستمر بضياع بلا قاع؟ سألت في رسالتك الأخيرة: «هل مات الداتشمان؟». إننى أعتقد أنه مات منذ رأى باندورا لا يستطيع أن يأخذها معه عبر المحيط إلى السعادة.. وكل الذى كان بعد لقائهما هو محاولة مستميتة لنسيان هذا الموت.. بالاقتراب منه أكثر..
أعرف أنك غضبى ولكن الغضب شيء يذهب.. أما الخذلان فيبقى.. أنا رجل مخذول. هل تستطيعين أن تحسى أعماق هذه الكلمة؟ كل الوحشة والغربة والضياع التى تعشش فيها؟ الخذلان لا يذهب.. أما الخذلان الذى يصنعه الإنسان بيديه فإنه ينمو.. ينمو حتى يصب غولا.. لتحاولى أن تنسينى.. أنا لا أستحق ذكراك عنى، كونى متأكدة من ذلك.. أنت تملكين الأمل والألوان والحياة والذكاء والجمال.. فلماذا تتمسكين بإنسان لا يملك سوى سواد قدره؟ حاولى أن تنسى.. أو حاولى أن تصعدي- وأصر على هذه الكلمة- أن تصعدى ذلك الحب إلى صداقة.. أنا لن أحاول شيئا، سوف أراقبك وحينما أراك سعيدة.. سوف أشعر بأننى لست سببا في تعاسة إنسان أحبه.. أحبه رغم كل شيء.. كونى متأكدة أننى لا أعتقد أنك سبب تعاستى.. لقد شغلت ثلاث سنوات من حياتى بأمل لم أذق مثله كل عمرى.. وهذا يكفى في عالم لا يعطى المقابل..
آه يا عزيزتى لو استطعت فقط أن أمزق هذه الرسالة، وأكتب لك واحدة أخرى أكثر إشراقا.. آه لو استطعت.. ولكننى أعرف أننى لا أستطيع.. إن الذى يستحق التمزيق هو حياتنا جميعا...
"آه لو استطعت أيها الحب أنا وأنت والقدر على تمزيق هذا الطابع الحزين للعالم
إلى قطع صغيرة صغيرة..
ثم نعيد بناءه.. كما تشتهى قلوبنا!".
أتذكرين القصة؟ قصة «باقة ورد على ضريح الخيام»؟ لقد أوحيت إلى بها.. ولكننى أوحيت لنفسى نهايتها حينما كتبت: «شعر بأن لم يخلق ليلى أبدا.. بل إنها التى خلفته، وراوده إحساس طاغ بأنه لم يكن يستحقها على الإطلاق...».
لقد كانت ريالتها لى أمس فيها بعض الحياة.. ولهذا فأنا أتصور جيدا كيف سيكون وقع هذه الرسالة على رأسها، وإلى أننى أتفاءل أن تجد طريقا للخروج.. إنها مؤمنة بأن السعادة موجودة في مكان ما.. ولهذا فهى ستواصل البحث عنها..
وسوف تنسانى.. لقد كتبت لى: «إننى أفتقد رسائلك بشكل مخيف.. فأنت تكتب ببراعة وبعمق- حتى تؤلمنى به.. ولقد آليت على نفسى ألا أجد في المستقبل سوى إنسان يكتب بمثل براعتك.. عندما أنظر إلى صدر المسيح في الصورة، أحس بك تلفح وجهى.. وأحس بنفسى تغرق في الإبحار من الحب مع الداتشمان.. ألا أخبرنى بالله عليك هل مات؟ هل مات؟ هل تاه الداتشمان؟».
كتبت منذ يومين قصة «الخراف المصلوبة» وهى الفكرة التى كانت في رأسى عن «الخذلان».. بدوى يقف في شمس الربع الخالى ينتظر من يعطيه ماء لأجل خرافه.. ولكن القافلة التى تمر من سيارات الحجاج ترفض إعطاءه ماء بسبب حاجة السيارات له، أما البدوى فلا يستطيع أن يفهم كيف تكون السيارة أثمن من الخراف.. لقد قصدت إلى إبراز شعور الإنسان المخذول الذى تتهاوى قيمه العليا ومثله بسرعة وهدوء.. وحاولت أن أبرز مدى أهمية هذه القيم في نظر هذا الإنسان المتفرد بحوار هامشى على لسان طبيبين في القافلة: « –انظر.. هانحن ذا أمام أسطورة إسبارطية من جديد.. الرجل والإله في مكان واحد.. ترى ماذا يفعل هنا؟ - يتعبد...».
وحاولت أيضا أن أبرز المشابهة في الصورة: قافلة حجاج تحمل للإنسان الإله خذلانه.. وأعتقد أنها قصة ناجحة..
امتهن التدريس لصالح وكالة «غوث» للاجئين وعمل بجريدة «الحرية» الناطقة بلسان الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.