الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

كورونا وإدارة العرب للأزمة.. إجراءات استباقية للسيطرة على تفشي فيروس "كوفيد 19" في مصر.. قرارات صارمة بحظر التجول الليلي ومنع التجمعات... و100 مليار جنيه للمواجهة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أصاب فيروس «كورونا» منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فى وقت كانت فيه المنطقة مثقلة بالفعل بمشكلات متعددة، بما فى ذلك سلسلة من الصراعات طويلة الأمد، والتوتر الطائفى، والأزمات الاقتصادية، والاضطرابات السياسية واسعة النطاق، فيما كانت مصر والإمارات تسابقان الزمن لتنفيذ خطط تنموية إصلاحية داخلية بجانب القيام بدور ريادى فى المنطقة العربية.


لم تكن مصر استثناءً، حيث بدأ يظهر الفيروس مع تسجيل مصر لحالة واحدة أجنبية منذ قرابة الشهر ثم بدأ عدد المصابين فى الارتفاع تدريجيًا خلال الأسابيع الماضية، وأشار الخبراء إلى أن الأسابيع المقبلة حاسمة فى تفشى الفيروس فى أكثر دول الشرق الأوسط سكانًا. 
وصل عدد الحالات المصابة حتى يوم ٢٧ مارس إلى ٥٣٦ حالة، و٣٠ حالة وفاة، وفقًا لوزارة الصحة. واتخذت مصر عدة تدابير على المستويات الاقتصادية والطبية والاجتماعية والتعليمية. وفى هذا التقرير نوضح دور القيادة السياسية والحكومة فى مكافحة انتشار الفيروس فى مصر عبر خطتها الشاملة التى وضعتها.
كان رد الفعل الأول لمصر هو إرسال وزيرة الصحة الدكتورة هالة زايد إلى الصين فى مهمة تضامن، وكذلك للاستفادة من التجربة الصينية فى مواجهة الفيروس باعتبارها مركز ظهوره وانتشاره كإجراء استباقى اتخذته الحكومة، وفى ذلك الوقت، كانت الحالة الوحيدة المبلغ عنها فى مصر هى حالة مواطن صينى تم اكتشاف إصابته لدى وصوله إلى مطار القاهرة. 
وعقب انتشار الفيروس فى كثير من دول العالم والذى صاحبه حالة خوف واضطراب عالمى، صدر أمر بمعاقبة من يقوم بنشر الشائعات فى محاولة للسيطرة على الأوضاع ومنع البعض من استغلال الأزمة فى زعزعة الاستقرار المجتمعى.
ومع تزايد الحالات تدريجيًا تم اتخاذ مجموعة من الإجراءات ضمن خطة شاملة للحد من انتشاره والقضاء عليه وتم تخصيص ١٠٠ مليار جنيه لتمويلها.


أعلنت الحكومة يوم الثلاثاء ٢٥ مارس حظر تجول "ليلى" جزئيًا لمدة أسبوعين، على غرار إجراءات المباعدة الاجتماعية الطارئة التي اتخذتها دول أخرى، فتم حظر التجول من الساعة ٧ مساءً حتى ٦ صباحًا. وتقرر فرض عقوبة على جميع المخالفين لحظر التجول إما السجن أو غرامة تبدأ من ٤٠٠٠ جنيه.
أما عن التدابير الاقتصادية، فأعلن الرئيس عبدالفتاح السيسي عن تخصيص ١٠٠ مليار جنيه لمواجهة COVID-١٩ وخفض أسعار الغاز الطبيعى والكهرباء للصناعة، كما أمر بإطلاق مبادرة "العملاء المضطربون" للمتضررين فى قطاع السياحة، حيث قدم مليار جنيه للمصدرين فى مارس وأبريل لدفع بعض مستحقاتهم، ورفع التحفظات الإدارية على جميع الممولين الذين لديهم ضرائب مستحقة مقابل ١٠٪ فقط من الضرائب. خفض البنك المركزى المصرى أسعار الفائدة الأساسية بمقدار ٣٠٠ نقطة أساس خلال اجتماع غير مقرر فى ١٦ مارس، ليصل معدل الإيداع والإقراض لليلة واحدة وكذلك العمليات الرئيسية إلى ٩.٢٥٪ و١٠.٢٥٪ و٩.٧٥٪ على التوالى. كما قام البنك المركزى بتأجيل المستحقات الائتمانية للشركات الصغيرة والمتوسطة لمدة ٦ أشهر، ولم يأمر بفرض غرامات على التأخير فى السداد. علاوة على ذلك، خصص البنك المركزى المصرى ٢٠ مليار جنيه لدعم البورصة المصرية بعد تكبدها خسائر فادحة بسبب مخاوف من الفيروس. كما أمر البنك البنوك العاملة فى الدولة هذا الأسبوع بعدم فرض غرامات على القروض المتعثرة، وتوجيه البنوك وكذلك لتأخير المستحقات الائتمانية للمؤسسات والعملاء الأفراد، بما فى ذلك القروض الاستهلاكية وتمويل الرهن العقارى لمدة ستة أشهر. كما خصص الرئيس مليار جنيه للمصدرين فى مارس وأبريل لسداد مستحقاتهم، وتأخر دفع الضرائب العقارية للمصانع والمنشآت السياحية لمدة ٣ أشهر. ومدد الرئيس تعليق الضريبة على الأراضى الزراعية (١٤٪ من قيمة إيجار الأراضى الزراعية للفدان) لمدة عامين.
وأصدر رئيس الوزراء قرارًا بتقليص القوى العاملة فى أجهزة الدولة حيث توقفت الوزارات والمؤسسات الحكومية عن تقديم خدماتها للجمهور باستثناء تلك التي تقدم الخدمات الصحية والمدنية "تسجيل شهادات الميلاد والوفاة والزواج" وقطاع النقل الذى يعمل حتى الساعة الخامسة والنصف مساءً فقط. على أن يقوم الموظفون الذين تسمح طبيعة عملهم بالعمل بالمنزل، وأن يقوم بعض الموظفين بمهامهم الوظيفية بالتناوب. وأخذت القرارات فى اعتبارها المرضى والنساء، حيث تم النص على منح أى موظف تم تشخيصه بأمراض مزمنة، بما فى ذلك مرض السكر والسرطان وغيرهما، إجازة استثنائية. كما منحت الموظفات الحوامل أو أولئك الذين يرعون طفلًا يقل عمره عن ١٢ عامًا إجازة استثنائية.



وجه الرئيس السيسى برفع درجة الاستعداد فى جميع المستشفيات وفق معايير منظمة الصحة العالمية، من خلال التعاون والتنسيق بين جميع الجهات المعنية بالدولة، وتم إطلاق حملات توعية مستمرة للمواطنين من مختلف الفئات. كما يتم الفحص المبكر لأى حالات مشتبه فيها، وكذلك زيادة الرقابة الصحية على منافذ الدخول.
وفى قطاع السياحة، قامت مصر بإغلاق مطاراتها يوم الخميس ١٩ مارس حتى نهاية الشهر الجارى ومنع الرحلات السياحية إليها بجانب إغلاق الأماكن الأثرية. وتم تعليق الرحلات الجوية مرة ثانية لتمتد الفترة إلى ١٥ أبريل.
وفى قطاع التعليم، تقرر إغلاق المدارس والجامعات لمدة أسبوعين اعتبارًا من يوم ١٥ مارس وحتى نهاية الشهر حينما تم اكتشاف إصابة بفيروس كورونا بين الطلاب، ثم تم تمديد تلك المدة لتنتهى فى ١٥ أبريل، ضمن الخطة الشاملة للبلاد للتعامل مع أى تداعيات محتملة للفيروس. وقامت وزارتا التربية والتعليم والتعليم العالى ، لأول مرة، بتطبيق التعليم عن بعد كي لا تتوقف العملية التعليمية فى البلاد. كما تقرر إغلاق جميع المراكز التعليمية الخاصة وتحذير المخالفين باتخاذ إجراءات قانونية سريعة ضدهم.
وعن الأنشطة الثقافية والاجتماعية، قررت وزارة الثقافة تعليق جميع الأنشطة الفنية والثقافية التى من شأنها إشراك مجموعات كبيرة من الناس كإجراء وقائى لاحتواء انتشار الفيروس، ونتيجة لذلك، كانت دار الأوبرا المصرية وساقية الصاوى ي والمعاهد الثقافية فى مصر مثل جوته من بين الأماكن الثقافية الأولى التى أصدرت بيانًا بأنها ستعلق أى عروض وحفلات وأنشطة حتى إشعار آخر. 
كما شهدت الأنشطة الرياضية إجراءات صارمة، حيث تم تعليق الأحداث الرياضية، وخاصة ألعاب كرة القدم، على مستوى الدولة لمدة أسبوعين على خطى المملكة المتحدة وإيطاليا وإسبانيا وغيرها. كما تم إغلاق صالات الألعاب الرياضية فى جميع أنحاء البلاد، مع إغلاق العديد من المنشآت الرياضية الداخلية والخارجية وفقًا لأوامر الدولة. علاوة على ذلك، أمرت الحكومة أيضًا بإغلاق أماكن التجمعات الجماعية مثل مراكز التسوق والمطاعم والمقاهى خلال عطلة نهاية الأسبوع، وحصر عملياتها فى أيام الأسبوع فقط وحتى الساعة الخامسة مساءً. وفى ذات السياق أوقفت وزارة الأوقاف (صلاة الأوقاف) الصلوات اليومية وصلاة الجمعة الأسبوعية لمدة أسبوعين، فضلًا عن مراسم الزواج والتعازى فى المساجد حتى إشعار آخر لمكافحة كورونا، كما قررت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية المصرية إغلاق جميع الكنائس ووقف جميع الأنشطة والاحتفالات، باستثناء الجنازات التى تقتصر على عدد صغير من أفراد الأسرة، لمدة أسبوعين اعتبارًا من ٢١ مارس.


ولدعم أصحاب التأمينات والمعاشات، قررت الحكومة صرف المعاشات فى وقتها، ورفع وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات عمرو طلعت عدد مكاتب البريد العاملة فى المساء (إلى السادسة مساءً) من ٣٥٠ إلى ٢٠٠٠ مكتب فى جميع أنحاء الدولة خلال فترة صرف المعاشات. يأتى القرار فى إطار خطة مصر الشاملة لمواجهة الفيروس من خلال اتخاذ إجراءات وقائية للحفاظ على صحة العمال والمواطنين ومنع التجمعات الكبيرة. كما قام الرئيس السيسى بزيادة المكافأة السنوية للمعاشات التقاعدية إلى ١٤ ٪ اعتبارًا من يوليو وأدرج الموظفين المتقاعدين في المكافآت الخمسة المخصصة للموظفين في الخدمة (بقيمة ٨٠ ٪ من رواتبهم الأساسية قبل التقاعد).

وفي إطار دعم البحث العلمى لمواجهة فيروس كورونا أطلق وزير التعليم العالى والبحث العلمى، خالد عبدالغفار يوم ٢٥ مارس، مبادرة جديدة بعنوان "تطبيق فكرتك" بتخصيص ٣٠ مليون جنيه لدعم الابتكارات التي تمكن من مكافحة انتشار الفيروس، فتم تشجيع الباحثين والعلماء على تقديم حلول لتحسين قدرات الرعاية الصحية لمكافحته لأكاديمية البحث العلمى والتكنولوجيا، وتخصص المنحة لإنتاج أدوات تصنيع سريعة وواسعة وطابعات ثلاثية الأبعاد وماكينات CNC لتصميم أقنعة قابلة لإعادة الاستخدام. كما تهدف إلى تصميم أجهزة تنفس بسيطة أو منخفضة التكلفة، وتطوير منسوجات معالجة ومضادة للميكروبات للعاملين فى مجال الرعاية الصحية. كما تغطى التصنيع المحلى لمطهرات اليد وتطوير مجموعات تشخيصية للكشف عن كوفيد١٩.