السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

122 عاما على ميلاد عالم الدين "محمد أبو زهرة"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
"محمد أبو زهرة"، اسمه محمد أحمد مصطفى أحمد، ومعروف بأبى زهرة، وهو عالم دين، ولد في المحلة الكبرى بمحافظة الغربية في مثل هذا اليوم 29 مارس عام 1898، وتوفي في عام 1974.
التحق "أبو زهرة"، بأحد الكتاتيب التي كانت منتشرة في أنحاء مصر تعلم الأطفال وتحفظهم القرآن الكريم، وقد حفظ القرآن الكريم منذ كان طفلًا، وأجاد تعلم مبادئ القراءة والكتابة، ثم انتقل إلى الجامع الأحمدي بمدينة طنطا، له العديد من المؤلفات حيث الف أكثر من 30 كتابا.
يعد الشيخ إحدى منارات العلم في مصر، حيث تمتلئ ساحاته بحلقات العلم التي يتصدرها فحول العلماء، وكان يطلق عليه الأزهر الثاني لمكانته الرفيعة، وقد سيطرت عليه روح الاعتزاز بالنفس واحترام الحرية والتفكير، وكره السيطرة والاستبداد، وانتقل الشيخ أبو زهرة بعد ثلاث سنوات من الدراسة بالجامع الأحمدي إلى مدرسة القضاء الشرعي سنة 1916 بعد اجتيازه اختبارًا دقيقًا كان هو أول المتقدمين فيه على الرغم من صغر سنه عنهم وقصر المدة التي قضاها في الدراسة والتعليم.
وكانت المدرسة التي أنشأها محمد عاطف بركات تعد خريجها لتولي مناصب القضاء الشرعي في المحاكم المصرية، وظل أبو زهرة في المدرسة ثماني سنوات يواصل حياته الدراسية في جد واجتهاد وتخرج منها عام 1924، حاصلًا على عالمية القضاء الشرعي، ثم اتجه إلى دار العلوم لينال معادلتها عام 1927، وبعد تخرجه درس العربية في المدارس الثانوية وعمل في ميدان التعليم.
تم اختياره في عام 1933 للتدريس في كلية أصول الدين وكلف بتدريس مادة الخطابة والجدل فألقى محاضرات ممتازة في أصول الخطابة، وتحدث عن الخطباء في الجاهلية والإسلام ثم كتب مؤلفا عد الأول من نوعه في اللغة العربية، ولمَا ذاع فضل المدرس الشاب وبراعته في مادته اختارته كلية الحقوق المصرية لتدريس مادة الخطابة بها، وبعد مدة وجيزة عهدت إليه الكلية بتدريس مادة الشريعة الإسلامية، فزامل في قسم الشريعة عددًا من أساطين العلماء مثل: أحمد إبراهيم وأحمد أبي الفتح وعلي قراعة وفرج السنهوري وكانت فيه عزيمة وإصرار وميل إلى حياة الجدِّ التي لا هزل فيها. 
وتدرج أبو زهرة في كلية الحقوق التي شهدت أخصب حياته الفكرية حتى ترأس قسم الشريعة، وشغل منصب الوكالة فيها، وأحيل إلى التقاعد في عام 1958، وبعد صدور قانون تطوير الأزهر اختير الشيخ أبو زهرة عضوًا في مجمع البحوث الإسلامية وكان ذلك عام 1962 وهو المجمع الذي أنشئ بديلًا عن هيئة كبار العلماء، وإلى جانب هذا كان الشيخ الجليل من مؤسسي معهد الدراسات الإسلامية بالقاهرة، وكان يلقي فيه محاضراته في الشريعة الإسلامية احتسابًا لله دون أجرٍ، وكان هذا المعهد قد أنشئ لمن فاتته الدراسة في الكليات التي تعنى بالدراسات العربية والشرعية.
له مؤلفات عديدة حيث تناول الأحوال الشخصية في مؤلفات مستقلة والملكية ونظرية العقد والوصية وقوانينها والوقف وأحكامه والتركات والتزاماتها، وتناول ثمانية من أئمة الإسلام وأعلامه الكبار بالترجمة المفصلة التي تظهر جهودهم في الفقه الإسلامي في وضوحٍ وجلاء وهم: أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد بن حنبل وزيد بن على وجعفر الصادق وابن حزم وابن تيمية. 
وقد أفرد لكل واحد منهم كتابًا مستقلًاّ في محاولة رائدة ترسم حياتهم العلمية وتبرز أفكارهم واجتهاداتهم الفقهية وتعرض لآثارهم العلمية التي أثَّرت في مسيرة الفقه الإسلامي، واما بالنسبة للفقه وقضاياه كان لأبي زهرة جهود طيبة في التفسير والسيرة فكان يفسر القرآن في أعداد مجلة "لواء الإسلام"، وأصدر كتابًا جامعا بعنوان "المعجزة الكبرى" تناول فيه قضايا نزول القرآن وجمعه وتدوينه وقراءته ورسم حروفه وترجمته إلى اللغات الأخرى، وختم حياته بكتابه "خاتم النبيين" تناول فيه سيرة النبي وكتب السنة المعتمدة.
وقف أبو زهرة أمام قضية "الربا" موقفًا حاسمًا، وأعلن عن رفضه له ومحاربته بكل قوة حيث كان من أعلى الأصوات التي تنادي بتطبيق الشريعة الإسلاميَّة في الحياة، وقرر أن القرآن أمر بالشورى، ولذا يجب أن يختار الحاكم المسلم اختيارًا حرا ودعي الشيخ أبو زهرة إلى مؤتمر إسلامي مع جماعة من كبار العلماء في العالم الإسلامي، وكان رئيس الدولة الداعية من ذوي البطش والاستبداد، فافتتح المؤتمر بكلمة يعلن فيها ما يسميه اشتراكية الإسلام ودعا الحاضرين من العلماء إلى تأييد ما يراه والدعوة له وبعد انتهاء الكلمة ساد قاعة الاحتفال صمت رهيب قطعه صوت الشيخ أبو زهرة طالبًا الكلمة فعندما صعد على المنبر قال في شجاعة "إننا نحن علماء الإسلام الذين نعرف حكم الله في قضايا الدولة ومشكلات الناس، وقد جئنا إلى هنا لنصدع بما نعرف، وإن على رؤساء الدول أن يعرفوا قدرهم، ويتركوا الحديث في العلم إلى أهله، ثم اتجه إلى رئيس الدولة الداعية، قائلًا: إنك تفضلت بدعوة العلماء لتسمع أقوالهم لا لتعلن رأيًا لا يجدونه صوابًا مهما هتف به رئيس؛ فلتتق الله في شرع الله، فبهت رئيس الدولة وغادر القاعة".