الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الوهم الأمريكي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

ظل العالم بوجه عام والعَرب بوجه خاص ينظرون لسنوات إلى الولايات المتحدة الأمريكية على أنها سيدة العالم، بل والشباب في أنحاء المعمورة يحلمون كل ليلة بالحُلم الأمريكى، وكيف أنها البلاد العظمى، بلد التقدم والتفوق والديمقراطية، بلد حقوق الإنسانِ والحيوان، والاقتصاد الأول في العالم، والجيش الأول عالميًا، وكالة الفضاء ناسا، بلد الفِكر وصُنع القرار العالمى في أغلب الأوقات حتى إنهم أطلقوا عليها شُرطي العالم، بلد تحقيق الذات وجنى الأموال وبناء المستقبل.

ظلت هذه السُمعة المُستحقة حتى جاء ما لم يخطُر على بال أصغر طفلِ في أدغال أفريقيا كان يحلم بالهجرة إليها فيروس كورونا COVID 19، ذلك الخطر القادم من مدينة (ووهان الصينية) الذى لم يعترف بحدود ولا بدولِ عظمى أو صُغرى، ولا بغنى أو فقير، ولا بحاكمِ أو محكوم، طال الجميع دون هوادة أو رحمة، أرهق أجساد وأذل دولا، أتعب دون تمييز وأزهق أرواحا.

تبدد الحُلم الأمريكى بوهمِ بعد أن فشلت أمريكا في احتواء الفيروس الذى تسارع وانتشر بسرعة كبيرة دون أدنى مُكافحة جادة له، جعلت انتقادات لاذعة تطال الحكومة والرئيس الأمريكي ذاته، لقد تخطت الحالات المصابة الآن حتى كتابة هذه الأسطر حاجز 90000 حالة في كل أنحاء أمريكا، منهم 1300 حالة وفاة، 70% منهم موزعون بين كاليفورنيا ونيويورك التى تحظى بـ40% وحدها.

اختفت مُعظم المُطهرات والكحول من المحال التجارية، بل إن بعضها زاد سعره بنسبة 100% دون خجل أو مُواربة، حتى الأطعمة والحاجات الأساسية من طعام وشراب أصبح بعد الخائفين ومعدومى الضمير يخزنونه بشكل هستيري لا يسمح لمواطن آخر إذا جاء لقضاء أغراضه أن يجده، ولم يقف الوضع عند هذا الحد بل ازداد سوءا بتصريحات حاكم نيويورك (Andrew Como) الذى ينشر كل يوم أخبارًا وأعدادًا أسوأ من اليوم الذي يليه دون رؤية صائبة لمدى تأثير هذه الأخبار الصادمة للمجتمع الأمريكى الذي إن صح التعبير (أهتز نفسيًا) ولم يعد هُناك ثقة كاملة بالحكومة ولا بقراراته التى تأتى دومًا مُتأخرة بل وليست على مستوى الحدث، حتى إنه ما يزيد من الأمر احتقانًا وتعجبًا وحيرة قلة المواد الطبية وأجهزة التنفس الصناعى التى تنتظر نيويورك دفعه منها إلى الآن لن تُسمن ولن تغنى من جوع في ظل التسارع الرهيب في عدد الحالات المصابة بهذا الفيروس اللعين

وهكذا اهتزت الصورة العظيمة لأمريكا، وهكذا وأكثر تبدد الحُلم الأمريكى ولو جزئيًا بوهمِ عاشه الكثيرون، فلم يتوقع أكثر المتشائمين حول العالم هذا السيناريو الأسود الذي تعيشه الولايات الأمريكية اليوم والذي ندعو الله أن تخرج منه بسلام وأن يتوقف هذا النزيف في عدد المتوفين وبالطبع في عدد الحالات المصابة، فأرض الأحلام كما كان يحلو للبعض أن يُسميها وشهادهً للتاريخ بَنَت مستقبل آلاف بل ملايين مَن لجأ لها، وعَلمَت في مدارسها وجامعاتها طلابًا من كل الدنيا أفادوا بعلمهم العالم أجمع، وإنى لأشهد على طيبة الشعب الأمريكي وتقَبُله للآخر ومشاركته كل نواحي الحياة دون تعالٍ أو جَزع.

حمى الله مِصرُ وسدد خُطاها وأرشد قائدها الخير والصواب فلقد أدارت الأزمة إلى الآن على خير وجه واهتمت مُنذُ اللحظة الأولى بالمصريين المتواجدين بالصين، كما أن الحكومة أخذت خطواتِ استباقية غاية الحِكمة حتى أنها تفوقت في ذلك على أمريكا نفسها كتوقف الدراسة بالمدارس والجامعات، وكذلك تنفيذ حظر التجوال بكل صرامة وجِد، وأدعو الله أن يكشف الغُمة عن العالم أجمع وأن يكون درسًا قويًا للعالم أن يتكامل ويتكاتف لا أن يتصارع ويتناحر.