الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

القس حنا مجلي يكتب: هل الله مصدر الشر؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لكن ربما يفهم من الكلام السابق، أنَّ الله هو الذي يُرسل الوبإ لقتل الإنسان لإتمام وإجراء عدله. في الحقيقة، الله ليس مصدر أي شر مطلقًا. فالله لا يُرسل الوباء؛ لكنه يسمح به. بكلمات أخرى، الله لا يُرسل الشر إلى عالم الإنسان؛ لكن ربما يسمح به. مثال على ذلك، عندما جاء الشيطان ليشتكي على أيوب البار في محضر الله.
6وَكَانَ ذَاتَ يَوْمٍ أَنَّهُ جَاءَ بَنُو اللهِ لِيَمْثُلُوا أَمَامَ الرَّبِّ، وَجَاءَ الشَّيْطَانُ أَيْضًا فِي وَسْطِهِمْ. 7فَقَالَ الرَّبُّ لِلشَّيْطَانِ: «مِنَ أَيْنَ جِئْتَ؟». فَأَجَابَ الشَّيْطَانُ الرَّبَّ وَقَالَ: «مِنْ الْجَوَلاَنِ فِي الأَرْضِ، وَمِنَ التَّمَشِّي فِيهَا». 8فَقَالَ الرَّبُّ لِلشَّيْطَانِ: «هَلْ جَعَلْتَ قَلْبَكَ عَلَى عَبْدِي أَيُّوبَ؟ لأَنَّهُ لَيْسَ مِثْلُهُ فِي الأَرْضِ. رَجُلٌ كَامِلٌ وَمُسْتَقِيمٌ، يَتَّقِي اللهَ وَيَحِيدُ عَنِ الشَّرِّ». 9فَأَجَابَ الشَّيْطَانُ الرَّبَّ وَقَالَ: «هَلْ مَجَّانًا يَتَّقِي أَيُّوبُ اللهَ؟ 10أَلَيْسَ أَنَّكَ سَيَّجْتَ حَوْلَهُ وَحَوْلَ بَيْتِهِ وَحَوْلَ كُلِّ مَا لَهُ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ؟ بَارَكْتَ أَعْمَالَ يَدَيْهِ فَانْتَشَرَتْ مَوَاشِيهِ فِي الأَرْضِ. 11وَلكِنِ ابْسِطْ يَدَكَ الآنَ وَمَسَّ كُلَّ مَا لَهُ، فَإِنَّهُ فِي وَجْهِكَ يُجَدِّفُ عَلَيْكَ». 12فَقَالَ الرَّبُّ لِلشَّيْطَانِ: «هُوَذَا كُلُّ مَا لَهُ فِي يَدِكَ، وَإِنَّمَا إِلَيهِ لاَ تَمُدَّ يَدَكَ». ثمَّ خَرَجَ الشَّيْطَانُ مِنْ أَمَامِ وَجْهِ الرَّبِّ.
(أيوب 1: 6-12)
من القراءة السابقة نستنتج أن الشيطان هو مصدر الشر الذي يشتكي على الإنسان في محضر الله. لقد دوَّنَ الوحي المقدس ما يتم في عالم الله، الذي يستحيل على الإنسان معرفته دون وحي من الله. فعالم الله، أو العالم الخفي علينا، أو ما تلقبه الفلسفة بـ "عالم ما وراء الطبيعة"، بعيد كل البعد عن متناول معرفتنا. لكن الله كشف لنا في الكتاب المقدس عن بعض الحقائق الخاصة بالعالم الميتافيزيقي. فالشيطان دائم الشكوى على الإنسان. يحسده على المنزلة التي نالها من الله. ففي قصة أيوب الصديق وتجربته. نتأكد من أن الشيطان هو مصدر الشر، وأنَّ الله يسمح بحدوث بعض الشرور ولا يمد يده ليمنع حدوثه. فالشيطان حرَّض السبئيون لقتل الغلمان الذين يرعون أبقار وأتن أبن أيوب الأكبر، بحد السيف. ومن ذلك نستنتج أنَّ الفعل الواحد لو أكثر من فاعل. فالشيطان المُحرِّض فاعل رقم 1، والسبئيون الذين قاموا بالفعل هم فاعل رقم 2 لنفس الفعل وهو القتل، والله الذي سمحَ أن يتم ذلك، هو الفاعل رقم 3. لكن هناك فرق في الغرض من الفعل في الفاعلين الثلاثة. فغرض الشيطان تدمير الإنسان وهلاكه، وغرض السبئيون النهب والسرقة. وغرض الله في سماحه بحدوث الشر تنقية أبنائه وتقويتهم وتقديسهم.
وفي وسط الآلام والشرور نقول إنه يوجد رجاء.