الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

الجامعة العربية.. 75 عامًا من التحديات والإنجازات والإخفاقات

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تحتفل الجامعة العربية هذا العام، بالعيد الماسى لنشأتها التى تؤرخ مرور ٧٥ عامًا على وضع هيكل مؤسسى للنظام الإقليمى العربى وترسيخ الهوية القومية العربية، واتسعت عضويتها من سبع دول عربية هى جملة الدول العربية المستقلة في أواسط الأربعينيات لتشمل اثنتين وعشرين دولة عربية حاليًا. واجتازت عدة مراحل تطور ومحاولات تحديث النظام الإقليمى العربى عكست التطورات والتغيرات التى عصفت به على مدى ٧٥ عامًا بكل ما حملته من إيجابيات وسلبيات.
فمع قرب نهاية الحرب العالمية الثانية أدرك العرب أهمية وحدتهم في عالم تسوده التكتلات السياسية، فكان لزامًا عليهم التقارب والتعاون ليتسنى لهم الحصول على ظهير قومى ودعم حقيقى في سبيل استكمال مسيرة الاستقلال والتحرر، وعلى صعيد آخر تعززت الحاجة إلى الوحدة مع الوعى بمخاطر الحركة الصهيونية وتقاطر الهجرات اليهودية إلى فلسطين بشكل استوجب توحد العرب في مجابهتا لدعم فلسطين. من هنا جاءت فكرة إنشاء جامعة الدول العربية والتى نادى بها عدد من الزعماء العرب مثل مصطفى النحاس، رئيس وزراء مصر، والأمير عبدالله، حاكم الأردن في حينه.
أخذ رئيس الوزراء المصرى مصطفى النحاس بزمام المبادرة ودعا كلا من رئيس الوزراء السوري، جميل مردم، ورئيس الكتلة الوطنية اللبنانية، بشارة الخوري، للتباحث معهما في القاهرة حول فكرة «إقامة جامعة عربية لتوثيق العرى بين البلدان العربية المنضمة لها». وكانت هذه أول مرة تثار فيها فكرة الجامعة العربية بمثل هذا الوضوح. إثر ذلك بدأت سلسلة من المشاورات الثنائية بين مصر من جانب وممثلى كل من العراق وسوريا ولبنان والمملكة العربية السعودية والأردن واليمن من جانب آخر.
وعندما اجتمعت لجنة تحضيرية من ممثلين عن كل من سوريا ولبنان والأردن والعراق ومصر واليمن في الفترة ٢٥/٩ إلى ٧/١٠/١٩٤٤ رجحت الاتجاه الداعى إلى وحدة الدول العربية المستقلة بما لا يمس استقلالها وسيادتها. كما استقرت على تسمية الرابطة المجسدة لهذه الوحدة بـ«جامعة الدول العربية» وآثرته على مسمى «التحالف» و«الاتحاد» كون الأول يشير إلى علاقة عارضة والثانى يعبر عن علاقة تجب الاختصاصات المتفق على تحويلها للمنظمة العربية الناشئة. وفى ضوء ذلك تم التوصل إلى بروتوكول الإسكندرية الذى صار أول وثيقة تخص الجامعة، ولقد مثّل هذا البروتوكول الأساس لميثاق جامعة الدول العربية.
تألف ميثاق الجامعة من ديباجة وعشرين مادة، وثلاثة ملاحق خاصة: الملحق الأول خاص بفلسطين وتضمن اختيار مجلس الجامعة مندوبًا عنها للمشاركة في أعماله لحين حصولها على الاستقلال. والملحق الثانى خاص بالتعاون مع الدول العربية غير المستقلة وبالتالى غير المشتركة في مجلس الجامعة. أما الملحق الثالث والأخير فهو خاص بتعيين السيد عبدالرحمن عزام الوزير المفوض بوزارة الخارجية المصرية كأول أمين عام للجامعة لمدة عامين. وأشارت الديباجة إلى أن الدول ذات الصلة وافقت على الميثاق بهدف تدعيم العلاقات والوشائج العربية في إطار من احترام الاستقلال والسيادة بما يحقق صالح عموم البلاد العربية.
وفى ٢٢/٣/١٩٤٥ تم التوقيع على ميثاق جامعة الدول العربية من قبل مندوبى الدول العربية، وحضر جلسة التوقيع ممثل الأحزاب الفلسطينية وأصبح يوم ٢٢ مارس من كل عام هو يوم الاحتفال بالعيد السنوى لجامعة الدول العربية.
ورغم تعاقب الأحداث وتغير الأنظمة والسياسات في الدول العربية على مر ٧٥ عامًا، كان من الملاحظ تمسك كل الدول الأعضاء بالانتماء إلى هذه المنظمة، ودفعها لتضطلع بالدور التكاملى الذى نشأت من أجله، فاستمرت المنظمة في التوسع والتطور واستمرت الدول العربية في الانضمام إليها كلما حصلت دولة منهم على استقلالها، لتصبح جامعة الدول العربية هى بيت العرب الجامع لكل أعضائه والحامل لآمال وطموحات شعوبه.
وبدأت جامعة الدول العربية بالعمل من خلال جهاز مجلس الجامعة والأمين العام، ثم تطورت هذه الهيئة بما يواكب احتياجات الشعوب العربية ويرسخ التكامل العربى لتصبح بعد ٧٥ عامًا منظومة إقليمية ضخمة شديدة التشابك تعنى بكل أوجه التعاون والعمل العربى المشترك وتتكون من أكثر من عشر آليات مستقلة وإن كانت مترابطة ومتكاملة تعمل معًا في تناغم لتنسيق الشئون العربية من كل الجوانب. فكان التطوير في عدة مجالات سواء سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو إستراتيجية. 
فيما قدم أحمد أبوالغيطـ، الأمين العام للجامعة العربية في العيد الماسى للجامعة، كشف حساب يتضمن ما آلت إليه أوضاع العرب بعد مرور ٧٥ عامًا على تأسيس الجامعة العربية. وقال إن الجامعة العربية جسدت وعيًا جديدًا سرى في أوصال هذه الأمة من أقصاها إلى أقصاها بأن لسانها عربيٌ، وثقافتها عربية، وشعورها وضميرها ووجدانها عربيٌ. وأضاف أن المنظمة قطعت رحلة طويلة من التحديات، ومن الإنجازات والإخفاقات، وأنها عبّرت عن صوت العرب الجماعى وجسدت دفاعهم من قضاياهم ومقدراتهم.. «ما وسعهم جهدهم، وفى ضوء مُعطيات زمانهم».
وأكد «أبوالغيط» أن الجامعة لا تُعانى أزمة وجود؛ إذ لم تكن هذه الأمة لم تكن أحوج إلى هذا البيت الجامع في أى وقتٍ مضى أكثر مما هى الآن، ذلك أن الدولة الوطنية العربية تواجه اليوم تحدياتٍ غير مسبوقة في حدتها وخطورتها.. تحدياتٍ تتعلق، في بعض الحالات للأسف، بوحدة ترابها وسيادتها ووجودها ذاته، مُضيفًا أنها تحدياتٌ لن تستطيع الدول العربية مواجهتها فُرادى.
وتابع الأمين العام للجامعة «ولن يستطيع العرب اللحاق بالعصر وحماية مقدراتهم المادية والبشرية - وهى أكثر مما نتصور - إلا لو اقتنعوا بأن أمنهم القومى هو وحدة واحدة.. وكلٌ لا يتجزأ.. من هُرمز إلى جبل طارق.. ومن النيل إلى الجولان.. وأن الطيور الجارحة التى تتربص بهذا البلد أو ذاك، تُشكل خطرًا على الجسد العربى كله.. وهو جسد واحد وروح واحد.. لو جُرح عضوٌ فيه هنا أو هناك.. لسال منه دمٌ عربي.. ولأصابَ الألمُ الجسدَ كلَه.
وشدّد الأمين العام أن الدول العربية ما زالت بحاجة إلى مفهوم متطور وشامل للأمن القومى العربي، وأن المسافة بين الطموح والواقع ما زالت كبيرة فيما يتعلق بتحقيق التكامل الاقتصادي.
وأشار إلى أن إصلاح العمل العربى المشترك مطلوب بل واجب، شريطة أن يكون هذا الإصلاح بمنطق البناء لا الهدم، وبهدف تطوير ما هو قائم وليس تبديده، خاصة وأن أحدًا لا يملك برنامجًا بديلًا لما توفره الجامعة، بمجالسها ومنظماتها المتخصصة، من آليات وأدوات للتنسيق والتعاون بين الدول العربية.
وقال أبو الغيط: «يظل دورنا وقد تسلمنا الراية أن نواصل المسيرة وأن نضمن أن يبقى علم هذه الجامعة خفاقًا عاليًا، وأن تبقى جامعتنا منيعةً ضد معاول الهدم، حصينة في مواجهة دعاوى التفتيت».