الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

مؤلفة كتاب "الفيروسات" تشرح بدايات "سارس" وكيف تمت مواجهته

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
شرحت عالمة الأحياء الدكتورة دوروثي إتش كروفورد خلال كتابها "الفيروسات" أنواع العدوى الفيروسية حديثة الظهور، ومن أهم ما تطرقت إليه عدوى فيروس سارس، حيث وضحت كيف كانت بدايته، وما هي أعراضه، وكيف تم التغلب عليه.
وجاء في الكتاب: 
ظهر الفيروس المكلل المسبب لمرض سارس لأول مرة في نوفمبر 2002 في فوشان بمقاطعة جوانجدونج بالصين، حيث تسبب في تفشي حالات إلتهاب رئوي لانمطي. في بادئ الأمر، انتشر الفيروس محليٍّا، وبالتحديد بين أفراد أسر المرضى والعاملين بالمستشفيات، غير أن كل شيء تغير في فبراير 2003 عندما حمل الطبيب الذي عالج حالات سارس في مقاطعة «جوانجدونج» الفيروس دون قصد إلى هونج كونج. 
مكث الطبيب هناك ليلة واحدة في فندق «متروبول» بهونج كونج قبل أن يحتجز بالمستشفى حيث توفي بمرض سارس بعدها بأيام قليلة. وفي المستشفى، انتشر الفيروس بين العاملين بها، وهو ما أشعل شرارة وباء هونج كونج. وخلال الأربع والعشرين ساعة التي أمضاها بالفندق، نقل الطبيب الفيروس لما لا يقل عن ١٧ من النزلاء (من الواضح أنه عطس داخل المصعد)، الذين نقلوه بعد ذلك إلى 5 بلدان أخرى، ومن ثم نشروا الوباء في كندا، وفيتنام، وسنغافورة. كان هذا الانتشار السريع للفيروس يهدد بوقوع جائحة، ولكن المدهش أنه بحلول شهر يوليو 2003 انتهى الوباء، وكانت حصيلته النهائية من الضحايا ما يقرب من 8000 حالة مرضية و800 حالة وفاة في 29 بلدا على امتداد 5 قارات.
ينتشر الفيروس المكلل المسبب لسارس من خلال الجو ويسبب المرض تقريبًا لكل من يصيبه بالعدوى. فبعد فترة حضانة تتراوح بين يومين و14 يوما، يصاب ضحاياه بحمى، وتوعك، وأوجاع عضلية، وسعال، وفي بعض الأحيان يتفاقم المرض سريعا ليصبح التهابًا رئويٍّا فيروسيٍّا يتطلب دخول العناية المركزة، وضرورة اللجوء للتنفس الاصطناعي في 20 ٪ من الحالات. ولكن كيف مع عدم وجود علاج معروف أو لقاح وقائي، هِزم الوباء بمثل هذا القدر من النجاح؟
ِلو كان فيروس سارس ترك دون مواجهة، فما من شك أنه كان سيستمر في إشاعة الدمار، ولكن لحسن الحظ أن العديد من خصائصه لعبت لصالح أولئك الذين تصدوا لكبح جماحه، وأسهمت في القضاء عليه سريعا.
من الأمور المهمة أن الفيروس في الغالب يتسبب في أعراض مرضية واضحة، مع قلة حالات العدوى الصامتة غير المكتشفة منه.. وكان معنى ذلك أن الحالات ومن يحتكون بأصحابها يمكن التعرف عليهم وعزلهم عن بقية الناس، ولما كان الضحايا لا يصبحون ناقلين للعدوى إلا بعد ظهور أعراض
المرض عليهم، فقد حالت هذه السمة دون مزيد من انتشاره. كذلك لما كان المرض في العادة حادا ومسببًا لوهن من يصاب به، فإن القليل من المرضى نسبيٍّا، باستثناء طبيب جوانجدونج، هم من تمكنوا من السفر بعيدا أثناء إصابتهم بالطور المعدي منه. وأثناء الإصابة بسارس، يجري إنتاج الفيروس داخل الرئتين وينتشر المرض عن طريق السعال، وهذا يولد قطريات سميكة نسبيٍّا من المخاط التي لا تنتشر لمسافة بعيدة عن طريق الجو؛ ومن هنا فإن أكثر من كانوا معرضين للإصابة به هم من كانوا يحتكون بالمريض احتكاكا مباشرا مثل أفراد أسرته والعاملين بالمستشفيات، وكانت تلك الفئة الأخرية تشكل
أكثر من 20 ٪ من الحالات على مستوى العالم. وبمجرد إدراك كل تلك العوامل، صارت الإجراءات المتبعة منذ الأزل والمتمثلة في تمريض المصابين من خلف حاجز وعزل المرضى والملاصقين لهم كافية لإيقاف انتشار المرض ومنع حدوث جائحة.