الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

أمريكا وإيران.. المواجهة داخل العراق

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
للمرة الثانية خلال أقل من ثلاثة أشهر تلوح في العراق معالم مواجهة خطيرة بين الولايات المتحدة وإيران، وهى ليست جديدة، بل استمرارًا لوضع تشكّل عام 2018 من حدثين: الأول نهاية الحرب لاقتلاع تنظيم «داعش» من مناطق سيطرته في العراق، والثانى إعلان الرئيس دونالد ترامب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووى والتمهيد لمسار عقوبات شديدة على إيران. في المرّة السابقة بلغت المواجهة ذروتها باغتيال قاسم سليمانى قائد «فيلق القدس» في «الحرس الثورى» الإيرانى، بعد وصوله إلى مطار بغداد. سبق ذلك، أواخر ديسمبر الماضى، إطلاق صواريخ على قاعدة كركوك ومقتل متعاون أمريكى، وردٌّ على مواقع داخل العراق وسوريا قُتل فيه عشرات من «كتائب حزب الله» العراقى، إذ اعتُبر الجهة التى أطلقت الصواريخ.
عشية الاغتيال كان قادة «الحشد» وجموع مؤيدة له شاركوا في تظاهرة احتجاج أمام السفارة الأمريكية في بغداد، وفى ما بعد قالت واشنطن إن «الحشد» كان ينوى اقتحام السفارة واحتجاز رهائن فيها، كجزء من مخطط كان نسجه سليمانى لإرغام أمريكا على سحب قواتها ومغادرة العراق. قامت طهران بردّ انتقامى أولىّ على الاغتيال وساد ما يشبه الهدنة بين الطرفين، لكنها تمسّكت بهدفها/ انتقامها الاستراتيجى: «طرد الأمريكيين من المنطقة»... ومنذ فرض العقوبات والشروع في سياسة «الضغوط القصوى» الأمريكية تحتّمت المواجهة، لكن خياراتها تقلّبت بين المستحيل متمثّلًا بتفادى الصدام المباشر مع أمريكا؛ لأنها قد تردّ داخل الأراضى الإيرانية، وبين الممكن الذى يتيح عمليات تُنسب إلى ميليشيات موالية، كما في الاعتداء على منشآت «أرامكو» السعودية، أو الاعتماد على «الوكلاء» أينما كانوا للقيام بهجمات هادفة.
لم يبدُ التحرك متاحًا في سوريا بسبب الوجود الروسى والضربات الإسرائيلية، ولا متاحًا في لبنان نظرًا على خطورته على «حزب الله»، لذلك ظل «الخيار العراقى» الأفضل لأن هناك دافعًا لدى ميليشيات «الحشد» (مقتل قائدها العسكرى «أبو مهدى المهندس» برفقة سليمانى)، ولأن فصائلها الأكثر ولاءً لإيران متحفّزة للثأر، خصوصًا «كتائب حزب الله»، فضلًا عن «النجباء» و«عصائب أهل الحق». يُضاف إلى ذلك أن الكتل الشيعية في البرلمان تمكّنت، بعد يومين على الاغتيال، من استصدار قرار يُلزم الحكومة بطلب انسحاب القوات الأجنبية من العراق. ولم يتمّ تفعيل هذا القرار لأن السنّة والكرد لا يؤيدونه، ولأن وضع الحكومة نفسها لا يؤهلها لتنفيذه، ولأن واشنطن رفضت البحث في الأمر، فيما لوّح الرئيس ترامب بعقوبات اقتصادية وعسكرية على بغداد.
الهجوم الصاروخى على قاعدة التاجى شمالى بغداد كان الثانى والعشرين من نوعه خلال الشهور الماضية، وكان الردّ الأولّ عليه ضد مواقع بين البوكمال والميادين في شرقى سوريا، لكنه استكمل بشكل غير مسبوق داخل العراق، تحديدًا ضد «كتائب حزب الله». كان السؤال عما إذا كان الردّ سيشمل هذه المرّة أيضًا «هدفًا إيرانيًا» لكن وزير الدفاع الأمريكى استبعده عن أولوياته. تزامن الحدث الأخير مع صدور قرار من الكونجرس يمنع الرئيس من شن حرب ضد إيران. لكن الواضح أن واشنطن لا ترغب في الانجرار إلى مواجهة في سنة انتخابية، حتى لو أدّى ذلك إلى إضعاف «سياسة الردع» التى اعتُبر اغتيال سليمانى بداية لتطبيقها.
* نقلًا عن «الاتحاد» الإماراتية