الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

رغم خطورته.. "كورونا" فيروس غذته الشائعات والخرافات.. بريطانيا تشكل فريق عمل لمواجهة المعلومات المغلوطة والأردن يعتقل أول سيدة تسببت فى هلع المواطنين

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
رغم الفزع الذى أحدثه فى العالم، حتى إنه أصبح الشغل الشاغل لكل وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن فيروس كورونا والذى لا يمكن تجاهل خطورته كذلك هو خطر غذته الشائعات والخرافات.
كما أن التهويل الإعلامى سلط الضوء على نسبة الوفيات وتجاهل نسبة الشفاء الكبيرة التى فاقت ٨٥ ٪ من حالات الإصابة على المستوى العالمي.
وحالة الرعب التى سيطرت على العالم جعلته يغفل أن حقيقة أن الأمراض المزمنة تودى بحياة الآلاف سنويًا متجاوزة بذلك عدد حالات الوفيات بسبب فيروس كورونا ومنها أمراض القلب والشرايين والأنفلونزا الموسمية التى حصدت ١٢ ألف حالة وفاة عبر العالم هذه السنة وهى نسبة كبيرة مقارنة بنحو ٢٠٠٠ حالة وفاة بكورونا.

إلا أن الشائعات قد لعبت دورًا رئيسيًا فى إثارة الرعب لدى العامة وهو ما حذرت منه منظمة الصحة العالمية، مشيرة إلى ضرورة التصدى للشائعات حول الفيروس المستجد، موضحة أن عدد الإصابات فى العالم يتجاوز ١٥٦ ألف حالة منهم ٨٠٨٤٤ فى الصين وحدها.
وكشفت فى تقرير لها عن أنه بالنسبة لعمر المصابين فإن ٧٨٪ منهم تترواح أعمارهم بين ٣٠ إلى ٦٩ عامًا، كما أن نسب الإصابة أكبر بين الذكور، إذ تبلغ نسبة الإصابة فى الإناث ٤٨.٦ ٪ والباقى ذكور.
وأكدت على أن ٨١٪ من الإصابات كانت خفيفة مثل نزلات البرد العادية التى تصيب معظم الناس، وهناك ١٤٪ من الإصابات كانت «وخيمة» تحتاج إلى الذهاب بالمريض إلى المستشفى، و٥٪ إصابات حرجة يحتاج المريض المصاب بها لإدخاله العناية المركزة، موضحا أن معدل الوفيات الأكبر من الذين تتجاوز أعمارهم ثمانين عامًا.
وحالة الفزع المنتشرة من جراء الفيروس وضعت على عاتق الحكومات مهمة أكبر من التصدى للمرض على المستوى الصحى فقط وإنما ضرورة اتخاذ إجراءات حاسمة لمواجهة الشائعات.
حيث قامت الحكومة البريطانية، على سبيل المثال، بتشكيل فريق لمواجهة الشائعات المتعلقة بانتشار فيروس كورونا، مشيرة إلى أن فريق مكافحة المعلومات المغلوطة سيحاول معرفة حجم وتأثير المعلومات الكاذبة أو المحرفة، والتى تهدف إلى تضليل الناس «سواء بغرض التسبب فى ضرر أو لتحقيق مكسب سياسى أو شخصى أو مالي».
وسيتولى الفريق بعد ذلك تحديد المعلومات المغلوطة والرد عليها عند الضرورة.

وقال أوليفر دودن وزير الثقافة البريطانى فى بيان إن «الدفاع عن البلاد ضد التضليل والتدخل الرقمى يمثل أهم أولوية».
ويتضمن عمل هذا الفريق التواصل المنتظم مع شركات وسائل التواصل الاجتماعى التى تتيح مراقبة التدخل والحد من انتشار المعلومات المغلوطة والتأكد من أن الوضع مناسب للتحرك إذا لزم الأمر.
بينما وصل الحد ببعض الدول مثل الأردن إلى القبض على مروجى الشائعات حول المرض، إذ ألقت الأجهزة الأمنية الأربعاء الماضي، القبض على سيدة قامت بنشر تسجيل صوتى على مواقع التواصل الاجتماعى يفيد بإبلاغ جهات رسمية لتربويين «بقرب إعلان حالة طوارئ فى الأردن» بسبب تفشى فيروس كورونا المعروف.
وقال الناطق الإعلامى باسم مديرية الأمن العام عامر السرطاوى فى بيان، نشرته وسائل الإعلام، إنه تم القبض على السيدة الأردنية التى نشرت التسجيل الصوتى بعد تحديد هويتها من قبل وحدة الجرائم الإلكترونية.
وأشار المتحدث الإعلامى إلى أنه ستتم إحالتها للقضاء بعد التحقيق معها لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقها لما قامت به من مخالفات قانونية مسّت الأمن والسلم المجتمعى.
وفى الوقت الذى لعبت فيه الشائعات دورها فى الترويج الكاذب لخطورة الفيروس، عملت الخرافات التى روجها بعض الدجالين ورجال الدين المزيفين على زيادة الطين بلة.
ففى الوقت الذى يحاول فيه العراق اتخاذ إجراءات لمكافحة كورونا عبر إغلاق منافذه الحدودية مع إيران، وإيقاف المدارس، وتعليق صلاة الجمعة فى بعض المدن مؤقتًا، قام بعض رجال الدين بنشر بعض الخرافات، إذ دعا بعضهم إلى حرق وتبخير الأعشاب بينها «مادة الحرمل» داخل المستشفيات على سبيل المثال، فى حين تحدث آخر عن ضرورة رفع رايات تحمل صور أئمة فوق المستشفيات كى لا يصاب الناس بالمرض.

وكان آخر الخرافات ما اقترحه رجل دين الثلاثاء الماضى بالتجمع فى المراقد والمزارات الدينية فى العراق، قائلًا: «إن المرض لن يتفشى لو تجمع الناس بشكل كبير فى المراقد الدينية، لأنها ستكون حامية لهم، معتبرًا أن هذا الفيروس لا يصيب أصحاب الإيمان».
وانتشر مقطع فيديو لـرجل الدين العراقى قاسم الطائى يقول فيه: إن «فيروس كورونا لا يصيب المؤمنين المخلصين، بل لعله لا يصيب المسلمين الملتزمين بأحكام الشريعة والفيروس عقاب للبشر على ما كسبت أيديهم».
وطالب الطائى بالاستمرار بالشعائر الدينية من صلوات الجمعة والجماعة وزيارة المراقد الدينية فى النجف وكربلاء وقم، على الرغم من أن السلطات العراقية أوصت بعدم التجمع والتجمهر فى أماكن مكتظة.
فيما ظهر رجل دين عراقى آخر يدعى حازم الأعرجى بمقطع فيديو تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعى وهو يسلم مسئول صحة الكرخ جاسب الحجامى راية، طالبًا رفعها على مستشفى الفرات المخصص للحجر الصحى لمرضى كورونا.
وقال الأعرجى: إن «العلماء يوصون بزيارة الإمام الكاظم عند المرض، وأن قبر موسى بن جعفر ترياق، هو مكان مجرب ودواء مجرب، وهو طبيب بغداد، مؤكدا أنه الأمان لأهل بغداد، وبالتالى المرضى».

يأتى هذا على الرغم من أن المرجع الشيعى الأعلى فى العراق، على السيستاني، أصدر الثلاثاء الماضي، قرارًا بضرورة الابتعاد عن إقامة صلاة الجمعة والجماعة فى ظل انتشار كورونا.
وعلى الرغم من قرار مكتب السيستانى بمنع التجمعات للحد من انتشار الفيروس، والتشديد على ضرورة الالتزام بهذا المنع وأخذه على محمل الجد، فتح فى النجف ضريح المراقد الدينية أمام الزوار بسبب ضغوط شديدة من مقتدى الصدر بعدما تجمع الآلاف من مناصريه لإقامة صلاة الجمعة فى مسجد الكوفة، وكان متوقعا حضوره إلى الصلاة، لكنه أرسل ممثلا عنه ولم يحضر شخصيا.
وفى أربيل، استغل بعض المرضى ساعات الحجر الصحى بالدبكات والرقصات الكردية تحديا للمرض.
كما انتشرت شائعات كثيرة يروج لها بعض الشركات المتخصصة فى الأدوية والعقاقير أو الأعشاب الطبيعية، تقوم بتقديم أدوية لمعالجة هذا الفيروس غايتها تحقيق أرباح مادية، لكن فى الحقيقة لم يتوافر حتى الآن أى علاج أو دواء أو لقاح لفيروس كورونا.
ويخشى العراق بشكل خاص انتشار الوباء فى أماكن الأضرحة والمقامات الشيعية التى يقصدها ملايين الزوار، خصوصا من إيران التى تعد بين أكثر البلدان تضررًا بالوباء.

أما فى إيران، والتى أصبحت واحدة من أكبر بؤر انتشار المرض، لا سيما فى قم أول مدينة انتشر فيها الفيروس، عمد عدد من زائرى المزارات الدينية فى البلاد خلال اليومين الماضيين إلى تصرفات «متهورة»، معتقدين أنهم يتحدون بذلك كورونا مثبتين قوتهم على محاربته، عبر لعق بعض الأضرحة فى مدن دينية، ما دفع السلطات إلى التحرك، خوفًا من زيادة انتشار الفيروس جراء هذه الممارسات.
وأعلن المركز الإعلامى للسلطة القضائية الإيرانية اعتقال الشخص الذى لعق سابقًا «ضريح الإمام الثامن لدى الشيعة وهو الإمام الرضا»، فى مدينة مشهد.
ووصف القضاء الإيرانى هذا التصرف بأنه «غير مألوف»، مضيفًا أن «التحقيقات جارية بشأن تلك القضية».
وكان ناشطون إيرانيون نشروا سابقًا مقاطع مصورة تظهر هذا الشخص، وهو يعرب عن حزنه بسبب المطالب المتداولة بشأن إغلاق الأماكن الدينية، ويقول إنه يلعق ضريح الإمام الرضا كى ينتقل إليه فيروس كورونا.
كما نشرت مقاطع أخرى لأشخاص يقومون بلعق وتقبيل بوابات الصحن الرضوى فى مشهد، وآخرين فى قم.
كما أن وكالة أنباء العمال الإيرانية (إيلنا) نشرت فى وقت سابق نص تعليق المرجع الشيعي، ناصر مكارم شيرازي، الذى أكد أن الأشخاص الذين لا يلتزمون بالمعايير الصحية ويتسببون فى تفشى الأمراض المعدية إلى الآخرين، يتوجب عليهم دفع «الدية» وتكاليف العلاج الطبي.