السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

جورج شاكر يكتب: أصحاب الفكر والرسالة لا يرحلون

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بادئ ذي بدء معذرة يا قلمي وأنا أقسو عليك وأطالبك في ذكرى رحيل قداسة البابا شنودة أن تترجم مشاعرى وعواطفى إلى حروف وكلمات، وذكرياتى وخبراتى إلى عبارات وسطور، أعتقد أنك تلتمس لي العذر يا قلمي فالخسارة التى نشعر بها كبيرة للغاية.
قداسة البابا شنودة إنجازاتك الخالدة ستبقى كالأهرامات في تاريخ الكنيسة، شامخة على مر الأجيال والعصور، وخدماتك ستظل علامات بارزة مضيئة تشهد عن غنى نعمة القدير وقد صاغت منكم شخصية عملاقة فذة، متعددة المواهب والوزنات.
وتساءلت ما السر الذي يكمن وراء رسالتك التي جاءت بأطيب الثمار وأينعها، وكيف أصبحت نموذجاً فريداً، ومقياساً رائعاً للنجاح الباهر في ميدان الخدمة المقدسة.
وأدركت أن السر يكمن في أنك قدمت حياتك سكيباً وقرباناً على مذبح التكريس وعندئذ تفجرت من حياتك طاقات الخدمة التي بلا مثيل، وفاضت منك ينابيع العطاء الذي يفوق حد التصور.
قداسة البابا شنودة لقد ترجمت الإيمان إلى أعمال وجسدت الصلوات في تضحيات وإنجازات، وربطت بين العبادة والشهادة، وعشت الفكر الدينى في السلوك اليومي، فكانت حياتك كنهر دافق فياض، الإيمان منبعه، والخدمة مجراه، ومجد الله مصبه، لذلك أرسلت روافدك هنا وهناك لتملآ الدنيا بأسرها بمآثرك.
قداسة البابا شنودة أستاذ الجيل ... لا بل أستاذ الأجيال كانت قصة حياتك فصول متصلة وحلقات متتابعة من النضال المستميت، والكفاح الصلب الذي لا يلين في خدمة الله والوطن فجاءت بأبلغ الدروس وأروعها.
ومن ذا الذي يتردد في القول أن حياتك كانت كشعلة نشاط فرفعت راية الرسالة حتى آخر لحظة من حياتك وإلى آخر نبضة من نبضات قلبك الكبير، فأضحيت مثلاً متميزاً يحتذى ويقتدى به.
قداسة البابا شنودة كانت سفينة حياتك تتمتع بالسلام الذي يفوق كل عقل، بالرغم من المتاعب والآلام التي تحتمها أمانة الخدمة ومسئولية الرسالة ولا عجب ... فلقد كان الله ربانها، والتقوى شحنتها، والسماء مقصدها ومرماها.
قداسة البابا شنودة
لقد فقدنا برحيلك قلباً كبيراً، ورأياً شجاعاً واضحاً، وفكراً خلاقاً مستنيراً، وقائداً نبيلاً محنكاً، وسنداً قوياً وحصناً حصيناً منيعاً للجميع.
كيف لا؟! وقداسته صاحب المواقف الوطنية النبيلة التي يسجلها التاريخ بحروف بارزة من نور .
كيف لا؟! وقد جاهد على الحفاظ على الوحدة الوطنية بكل ما حباه الله من وحكمة وحنكة. 
كيف لا؟! وقد وضع حجر الأساس لمجلس كنائس مصر بالاشتراك مع رؤساء الكنائس المصرية.
كيف لا؟! ومواقفه العربية الجسورة لاسيما في قضية القدس يفخر بها كل مواطن مصري على قراره التاريخي بعدم دخول أي مسيحي مصري إلى القدس إلا مع إخوتنا المسلمين.
قداسة البابا شنودة برحيلك عن أرضنا شعر الوطن كله بخسارة فادحة، ستظل دواماً محفوراً في قلوبنا، ومنقوشاً على وجداننا ، وماثلاً في فكرنا . 
وهل انتهت الرواية، أو توقفت المسيرة. لا وألف لا فلقد أسس مدرسة، ورسم منهجاً، وأصبح مرجعاً.
نعم! لقد أدى قداسة البابا شنودة الثالث الرسالة بأروع ما يكون الأداء والعطاء ... ولم تنته بعد... فرسالته باقية، وممتدة، ومستمرة في أبناءه، وتلاميذه، ومحبيه في كل أرجاء المسكونة.
هذا وقد استلم لواء الخدمة قداسة البابا تواضروس الثانى، وهو بالحق خير خلف لخير سلف ... وهو يواصل مسيرة العطاء والخدمة بكفاءة واقتدار، وبحكمة إلهية فوق حد التصور، وبحب منقطع النظير... وهو قامة وقيمة، وعلم وعلامة، وقائد وقدوة... شخصية نادرة الوجود نعتز به كثيراً لدوره غير المسبوق في الخدمة الأمينة المضحية، ودوره الوطنى الرائد والرائع ... حفظه الله في خدمة الكنيسة والوطن.