الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

جولة رابعة من الانتخابات تلوح في أفق «الكيان المُحتل»

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أعلنت لجنة الانتخابات المركزية الإسرائيلية فى 10 مارس الجاري، نتائج انتخابات الكنيست، لتسفر عمليات الفرز عن فوز كتلة اليمين وحصولها على 58 مقعدا ) 36 الليكود، 9 شاس، 7 يهدوت هاتوراه، 6 يمينا( ما يعنى أنها كانت على بعد ثلاثة مقاعد من الظفر بتشكيل الحكومة، أما كتلة اليسار فتمكنت من الحصول على 55 مقعد ) 33 كاحول لافان، 15 القائمة العربية المشتركة، 7 العمل- جيشر- ميرتس(، فى حين حصل حزب «يسرائيل بيتينو» بزعامة «افيغدرو ليبرمان» على 7 مقعد، ليصبح «ليبرمان» بذلك صاحب القرار النهائى بتشكيل الحكومة فى حالة تزكيته لكتلة اليمين لتنال بذلك أغلبية تصل إلى 65 مقعدا تسمح له بتشكيل الحكومة، فى المقابل يمكن أن يزكى حزب ليبرمان كتلة اليسار لتنال 62 مقعدًا اللازم لتشكيل الحكومة دون الحاجة للاتحاد مع الليكود.

فوز يمينى بطعم الخسارة
تمكنت كتلة اليمين بزعامة «بنيامين نتنياهو» من الفوز فى الانتخابات الثالثة والعشرين للكنيست، ورغم انتصار «نتنياهو» على منافسه «بينى غانتس» زعيم حزب «أزرق أبيض»، إلا أنه لم يتمكن من الحسم فالمؤشرات الأولية تنذر باحتمالية العودة للمربع الأول مرة أخرى لاسيما وأن النسبة التى حصل عليها الليكود لن تؤهله لتشكيل الحكومة فى حالة عدم الوصول لاتفاق مع كتلة اليسار أو حزب ليبرمان العلماني، ومن جهة أخرى نجد أن محاكمات «نتنياهو» بالفساد، والمقرر انعقادها منتصف مارس الجارى تنذر بأزمة تلوح فى الأفق. فبقراءة نتائج الانتخابات، نجد أن كتلة اليمين حصلت على 58 مقعدا من إجمالى 120 من مقاعد الكنيست مقابل 55 لكتلتى اليسار والوسط، وبناء على ذلك يبدو أنه لم يتم حسم الأمور، حيث إن النسبة التى حصل عليها «نتنياهو» لن تؤهله لتشكيل الحكومة، بل هى أقل من النسب التى حصل عليها فى الانتخابات الأولى والثانية التى أجريت خلال العام الماضي، وهو ما يثير علامات استفهام بشأن أسباب تراجع شعبية اليمين. ومن ناحية أخرى يبدو أن وضع المعارضة الإسرائيلية بلغ حالة من السوء لاسيما بعد الخلافات التى نشبت بين أحزاب الوسط «أزرق أبيض» و «العمل جيشر ميرتس» و «حزب إسرائيل بيتنا» اليمينى برئاسة «أفيغدور ليبرمان» والقائمة المشتركة وهى تحالف أربعة أحزاب عربية، وهو ما يلوح بانتخابات رابعة. جدير بالذكر أن الانتخابات التى تم إجراؤها فى الثالث من مارس هى الثالثة، بعدما أجريت جولتان سابقتان الأولى فى أبريل 2019 والثانية فى سبتمبر 2019 ، فى حين فشلت الأحزاب فى تشكيل الحكومة لذلك كان لا بد من عقد انتخابات ثالثة، كان الهدف منها تمكن أى من المرشحين من الحصول على تأييد 61 عضوا على الأقل، إلا أن نتائج الانتخابات الثالثة لم تغير الأمر لكنها عقدته أكثر، مقارنة بالأمور بعد الانتخابات التى جرت فى أبريل 2019 ، حيث تمكن «نتنياهو» خلالها من الحصول على 60 مقعدا، فى حين تراجع عدد تلك المقاعد بمعدل مقعدين.

معوقات تكليف «نتنياهو» بتشكيل الحكومة
يطرح وضع «نتنياهو» عدة تساؤلات لعل أبرزها، موقف الرئيس الإسرائيلى «رئوبين ريفلين»، فهل سيكلفه بتشكيل حكومة مع علمه وإدراكه بعدم قدرة «نتنياهو» القيام بتلك المهمة وأن الوضع أصبح يمضى فى دائرة مغلقة لا يبدو لها أى ملامح تذكر، وهذا ما ستبرزه المشاورات التى يقوم بها «ريفلين» مع الأحزاب الفائزة بالانتخابات لتحديد هوية المكلف بتشكيل الحكومة. جدير بالذكر أنه بتحديد هوية المكلف بتشكيل الحكومة يصبح أمامه فترة 28 يوما لإنجاز تلك المهمة، ويمكن بموافقة الرئيس تمديدها 14 يوما إضافيا، ولعل الوضع الراهن يجعل من الصعب تشكيل حكومة، لاسيما فى ظل التناحر المتصاعد
بين الكتل السياسية وهو ما ينذر بإمكانية فتح الطريق مجددا لانتخابات جديدة. فرغم تمكن «نتنياهو» من إنقاذ مكانة اليمين الإسرائيلى ووقف تدهورها على مدى السنوات الماضية، إلا أن ذلك لم يكن شفيعا له فى الانتخابات السابقة فلا زال «نتنياهو» فى مأزق كبير، لاسيما وأن كتلة اليمين ليست ذات حجم كبير بالشكل الذى يؤهلها لتشكيل حكومة، ولعل تهم الفساد وتلقى الرشاوى والاحتيال بحق نتنياهو والتى قدمها المستشار القانونى للحكومة الإسرائيلية «أفيخاى ماندلبليت» فى فبراير 2019 عززت من صعوبة موقفه، فى حين من المقرر أن تبدأ محاكمته فى 17 مارس الجاري) 2(. ورغم أن المحكمة العليا يمكن أن تستغرق فترة طويلة فى المحاكمة قد تصل لعامين، إلا أن تداعيات المحاكمة ستكون ذات تأثير سلبى على المستقبل السياسى «لنتنياهو»، فالمحاكمة ستضمن شهادات لشهود عيان ووثائق ومستندات وأدلة إدانة، الأمر الذى يمكن أن يؤثر على نظرة المواطنين الإسرائيليين «لنتنياهو .» وفى سياق الحديث عن مأزق نتنياهو، فإننا نكون بصدد الحديث عن مساعى أحزاب المعارضة الإسرائيلية واتفاقها على وجوب تمرير مشروع قانون بالكنيست يتمحور حول ضرورة منع أى شخص توجه ضده تهم بالفساد من تشكيل أو ترؤس الحكومة، ومن أبرز الأحزاب المؤيدة لهذا المشروع «حزب أزرق أبيض» وحليفه «العمل جيشر ميرتش»، كذلك الكتلة العربية، وحزب «إسرائيل بيتنا .» ورغم أن تفاصيل المشروع لا تزال غير واضحة الملامح، إلا أنه يتوقع البدء بتشريع هذا القانون خلال مارس الجاري، وفيما يتعلق بمعرقلات مشروع القانون فإننا نكون بصدد الحديث عن صيغة مشروع القانون وفترة تطبيقه، أى ما إذا كان تطبيقه سيكون بشكل فورى بعد إقراره مباشرة أى سيطبق على «نتنياهو» ويمتنع عن تشكيل الحكومة أم سيؤجل تطبيقه لما بعد الانتخابات القادمة. وبعيدًا عما إذا كان تطبيقه فى حالة إقراره سيكون قريب المدى أم بعيد، إلا أن بلورة مواقف شبه مجمعة من قبل أحزاب المعارضة على مشروع القانون سيكون بمثابة ضربة «لنتنياهو ،» وأيضا مؤشر على فشل مرتقب له فى حالة تكليفه بتشكيل حكومة. جدير بالذكر أن هناك بعض المنظمات غير الحكومية الإسرائيلية «كحركة من أجل نزاهة ،» قامت برفع التماس للمحكمة الإسرائيلية العليا تطالبها بحظر إسناد الرئيس «رئوفين رفلين ،» مهمة تشكيل الحكومة إلى «نتنياهو»، واستنكرت الحركة فى التماسها، كيفية إسناد مهمة تشكيل الحكومة لشخص - فى إشارة إلى نتانياهو- قدمت بحقه ثلاث لوائح اتهام، فمن المستحيل أن يجلس رئيس وزراء فى ساعات الصباح على مقعد المتهمين، ثم يقوم فى ساعات المساء بإدارة جلسة للمجلس الوزارى للشئون الأمنية والسياسية. ومما سبق نصل لنتيجة مفادها أن السيناريو الأقرب هو اللجوء لانتخابات برلمانية رابعة، حينذاك يصبح أمام نتنياهو عدة تحديات لضمان وصول معسكره إلى المنطقة الآمنة وهو حصوله على عدد 61 من المقاعد البرلمانية فى الكنيست من أصل 120 مقعدا، ولعل هذا الرقم هو الهدف الرئيسى الذى يسعى نتنياهو منذ انقلاب زعيم حزب «يسرائيل بيتينا» أفيغدور ليبرمان فى أبريل 2019 ، ورفض الدخول فى ائتلاف يقوده «نتنياهو» بشراكة مع أحزاب «الحريديم»، مما جرّ إسرائيل فى نهاية المطاف إلى انتخابات ثالثة.

أبرز التحديات أمام كتلة اليمين
تتعدد التحديات أمام كتلة اليمين لاسيما الليكود بزعامة «نتنياهو»، تبرز أولى التحديات فى التصعيد الأمنى بعد قتل الجيش الإسرائيلى للشهيد «محمد الناعم» بالقرب من السياج الحدودى مع غزة، وتتبع ذلك قصف متوالى من حركة «الجهاد الإسلامي» على مواقع ومستوطنات جنوب إسرائيل، حيث تزامن هذا التصعيد مع انتهاج «نتنياهو» استراتيجية انتخابية تعتمد على تشجيع وحث جمهور اليمين التقليدى للخروج من أجل التصويت والتركيز الشديد على قرابة 250 ألف ناخب، حيث أظهرت لوائح الليكود أنهم من ناخبيه التقليديين إلا أنهم امتنعوا عن التصويت فى الانتخابات الأخيرة وهو ما تسبب فى وضع حرج لليكود ربما يدفعه لانتخابات رابعة فى حالة الفشل فى تشكيل الحكومة إذا كلف «نتنياهو» بذلك.
فالتصعيد الأمنى مع كل من «حماس» و «حركة الجهاد» تسبب فى تراجع نسبة التصويت، لاسيما وأن الناخبين التقليديين الذين كان يراهن عليهم «نتنياهو» من سكان البلدات الإسرائيلية فى الجنوب، فى المقابل خدم التصعيد بشكل كبير الدعاية الرسمية لحزب «كاحول لفان» بقيادة غانتس، حيث أثبت فشل «نتنياهو» فى تأمين القطاع الجنوبى الإسرائيلى من جهة، واستمرار رضوخه لشروط المقاومة الفلسطينية، ووفق وصفهم قيامه بدفع -إتاوة- لهم من جهة أخرى. وأخيرًا انضمت لجملة تحديات «نتنياهو» تحد آخر وهو انتشار فيروس كورونا، واستشراء حالة من الهلع فى البلاد عقب انتشار حالات مصابة بالمرض فى إسرائيل، فى حين لم يتم التوصل بعد إلى علاج، ولعل إعلان وزارة الصحة الإسرائيلية رسميًا استقبال مجموعة من السياح الكوريين لزيارة إسرائيل والضفة الغربية ممن كانوا يحملون المرض، هو الأمر الذى زاد الطين بلة، لاسيما بعد أن زار أفرادها مناطق عدة والتقوا مجموعات من الطلبة الإسرائيليين كانوا فى رحلة إلى متنزهات وحدائق عامة فى الجنوب. لذلك تم وضع نحو 200 إسرائيلى فى الحجر الصحي، لتتعالى الانتقادات بشأن ضعف الإجراءات الصحية وتجاهل الحكومة لحالة الطوارئ الطبية العالمية، ومن جهة أخرى فإن ترويج الأخبار والمعلومات عبر وسائل التواصل الاجتماعى تسبب فى حالة من الهلع أثرت بشكل كبير على سير العملية الانتخابية ونسب المشاركة السياسية.

سيناريوهات مستقبلية
بناء على القراءة السابقة، نصبح أمام عدة سيناريوهات يمكن أن يسلكها نتنياهو فى حال تكليفه بتشكيل الحكومة، وهى إما أن يشكل حكومة وطنية مع «أزرق أبيض» برئاسة «بينى غانتس»، أو ربما يلجأ إلى ضم حزب «إسرائيل بيتنا» برئاسة «أفيغدور ليبرمان» فى حالة الوصول لمساومة معينة، وهنا توجه آخر يمكن أن يسلكه «نتنياهو» وهو ضم نواب من المعارضة إلى ائتلافه، ولعل تلك الاحتمالات هى نفسها التى سبق وحاول نتنياهو سلكها لكنه لم يفلح فى تحقيق أى منها، وهو ما ينذر بخيبة أمل قريبة ربما تفضى إلى انتخابات رابعة.