الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

الأنبا دانيال في حوار لـ"البوابة نيوز": الإدمان سبب رئيسي لفشل الزيجات.. سكرتير المجمع المقدس: أرسلنا قانون الأحوال الشخصية لمجلس الوزراء بعد التوافق عليه

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الكنيسة المصرية الأرثوذكسية تمتلئ بالعديد من القضايا، والتى تشغل المنازل المصرية القبطية والتى دائما ما تتساءل ما رأى الكنيسة في هذه المشكلات، وهل حقا تتجاهل الكنيسة مشكلات أولادها، هذا ما يظنه البعض ولكن الحقيقة غير ذلك، فكل شيء يهم البيت المسيحى هو موضع انشغال في الكنيسة الأرثوذكسية وعن عدد من الملفات الشائكة دار حوار «البوابة نيوز» مع الأنبا دانيال، أسقف المعادى وتوابعها وسكرتير المجمع المقدس.. وإلى الحوار.


■ بداية كيف تشكلت شخصية جمال جاورجى؟
- أول من أثر على حياتى، كان والداى واللذان كانا متدينين وكانا يصطحباننى للكنيسة دائمًا، أبى قد ربانى على الصدق والاستقامة، وكان يغرس بى مساعدة البسطاء والتواضع أمامهم، كما أن نشأتى في حى شبرا والذى كان ذا طابع خاص، فالبيت الواحد فيه عائلات مسيحية وعائلات مسلمة وكلنا نأكل مع بعض كل ذلك أثر كثيرا في حياتى، أيضًا من أكثر المؤثرات في حياتى هو خدمتى في كنيسية الأنبا أنطونيوس بشبرا، إذ كانت مشهورة بالعبادة والصلاة، وكان الخدام ممتلئين من الروحانية وقد طبعوا هذا في حياتى، وقد أثر في حياتى الأنبا أنطونيوس الذى على اسمه كنيستى. 
■ ما أهم الكتب التى أثرت في حياة الأنبا دانيال؟ 
- كنت أحب القراءة وقد قرأت الكثير، وعندما دخلت الدير قرأت جميع الكتب في مكتبة الدير وكانت تجذبنى، كتب تفاسير الكتاب المقدس وكانت تؤثر فىّ كتب فضائل القديسين، وكانت تعطى الحماس للحياة الروحية، وأيضا أحب قراءة كتب التاريخ الكنسى والمدنى لأن التاريخ عبارة عن قصص مهمة للتعليم، لأن التاريخ دائما ما يعيد نفسه وهكذا أستطيع الربط بين الحاضر والماضي. 


■ في ظل رياسة نيافتك لملف الأسرة المصرية حتى عام ٢٠١٥.. ما أهم الأسباب التى رأيتها سببا للانفصال في الأسرة؟
- الأسباب عديدة، ولكن هناك أسباب بدأت في الانتشار في السنوات الأخيرة، حتى بعدما تركتُ المجلس الإكليريكى العام وهى الأمانات بكل أنواعها، وهى من أحد الأسباب الرئيسية وتساعد على فشل الكثير من الزيجات في هذه الأيام، بالإضافة إلى كثرة الأتعاب والضغوطات النفسية مثل تأخر سن الزواج والمشكلات المادية، لذلك إن لم يكن لدى الزوج قوة إرشاد وفكر منضبط ودراسات تمكن الشخص من التعامل مع هذه الضغوطات سيحدث الكثير من الصدامات بين الزوجين، ولذلك أقول من الخطوات الناجحة التى اتخذتها الكنيسة، أنها جعلت إلزامية أن تكون هناك دراسة قبل الزواج، لتساعد الزوجين لكى يفهموا ما هو الزواج.
في القديم كان الآباء والأمهات والأجداد يعلمون أولادهم كيف يتعاملون مع الزواج، وما مشكلاته التى من الممكن أن تقابلهم وكانوا كلهم موجودين في بيت واحد، وعندما كانت تحدث مشكلة يتدخلون لحلها وينصحون هذا وهذه، الآن كل شخص ينفصل بقوة شخصيته والزوجة تطلب منه أن ليس لها «دعوة» بأهله وهو بالتالى يعاملها بالمثل، وأنهم سوف يحلون مشكلاتهم بأنفسهم وهم بدون خبرة، كل هذه تمثل ضغوطا بالكامل على عاتق الأسر الحديثة لأنهم سوف يجربون حلولًا قد تنجح أو تفشل.
واحدة من الضغوط أيضًا الحالية أن العلاقة مقطوعة بين الزوجين، لأن المحمول دخل بين الزوجين، فكل منهم يتمسك بالمحمول الذى له، فأصبحت الأحاديث والود مقطوعين، وربما لا يأكلان مع بعضهما أو حتى يتقابلان، حكى لى ذات مرة طفل فقال لى «أنا متضايق جدا لأن بابا لا يقابل ماما» فقلت له لماذا؟ فقال لى إن أباه يعمل في الليل وأمه في الصباح فلا يريان بعضهما البعض. 


■ البعض يرى بعض الأحكام المسيحية خاصة المتعلقة بالزواج والطلاق أنها قوانين ظالمة.. ما تعليق نيافتك على هذا؟
- نحن نستمد قوانيننا من الكتاب المقدس والقوانين الكنسية المثبتة على مر التاريخ من الآباء الأولين ولا نستطع تغييرها، ولكن المشكلة تكمن في التفسير الخاص بها، أحيانا التفسير يكون ضيقا، ولكن هناك تفسيرا آخر لنفس الآيات ولكن بتوسع، نحتاج فقط استنارة في الفكر وهذا ما فعله المجمع المقدس منذُ سنتين بشأن القرار الذى أخذه وحاليا تم إعداده في صورة قانون وذهب إلى رئاسة مجلس الوزراء، في انتظار القرار وعرضه على مجلس النواب، لكى ما تستطيع المحكمة أن تأخذ به، ولكن من يتزوجون يعرفون أن هذه هى «جيزه النصارى» فهذا يساعد على التقبل والتأقلم. 
ولكن الآن أصبح التأقلم والتقبل غير مُجد، الأمر أصبح عندما يختلف الاثنان يذهب كل منهما في اتجاه وهكذا ينتهى الأمر. 
أتمنى بعد الدراسة الأخيرة التى تم وضعها بالإضافة إلى معهد المشورة، أن يقبل الناس عليه وتتعلم منه، أن تتغير هذه النظرة والناس تنظر إلى الموضوع بجدية.
■ هناك البعض يعتبرون الخيانة حقا مشروعا لعدم استطاعتهم الرجوع عن اختياراتهم الخاطئة؟ 
- هل يتم تصليح الخطأ بخطأ أكبر، هذه نظرة قاصرة، لأنه بدل من يصلح الشخص الذى واقع فيه، ويحاول التأقلم ويرى عيوبه وسلبياته ويحاول إصلاحها ويحاول الرجوع إلى الطرف الآخر يفعل الخطأ بخطأ أكبر، هذا الخطأ يعمق ويزود الخلاف، وأيضًا يزيد من التعب النفسى بداخله، لأن بشعوره بالخطأ سوف يبتعد عن الطرف الآخر وعن المجتمع وعن الله، وفى النهاية سوف يصل إلى طريق مسدود، وفى الحقيقة هذا الشخص لن يستطيع التأقلم حتى مع طرف آخر حتى غير شريكته، لأنه لو أدمن هذا الطريق فسوف يكمل فيه حتى لو أعطت له الكنيسة تصريحا للزواج، فسوف يفشل بسبب نفس الموضوع، لأنه تعود على أسلوب معين وطريقة عيش معينة وهذه ليست هى الحياة الطبيعية. 


■ إذا أتت إليك امرأة تشكو زوجها وتقول لنيافتك إننى لا أطيق العيشة معه.. كيف تتعامل مع هذه الحالات؟ 
- جاءت بالفعل ولكنها حالات قليلة وصوتها عال، ومنهم من تأتى ويأخذون الإجراءات، لدرجة أن هناك زوجة ذات مرة رفعت قضية وحُكم لها بالطلاق وحصلت على انفصال رسمي، وبعد مدة رجع الاثنان وقالا لى نريد أن نرجع إلى بعضنا البعض وفعلا رجعا إلى بعضهما وأتيت لهما بهدية. وأحيانا يدخل العند الطفولى بين الزوجين، لكن عندما يختلى كل شخص بنفسه، ويفكر في أطفاله، فيتساءل بينه وبين نفسه عن أوضاعه والحياة والمستقبل والأطفال، وهناك الكثير من الزيجات تتم في السنة ولكن حالات قليلة جدا لا تتعدى ٤-٥ ٪ التى لديها مشكلات وصوتها عال، لأنه ببساطة التعبان يشتكى طوال الوقت لكل من حوله، ولكن السليم يلزم الصمت ولا يقول شيئا، لذلك التعبانين صوتهم عال، ويبدو بالصوت العالى أن العدد كبير وهذه ليست الحقيقة. 
■ هل شجعت أحدا على الانفصال من قبل؟ 
- نعم شجعت في حالات العنف الشديد عندما أشعر بخطورة، على طرف من الطرفين، وليس المقصود بها المرأة فقط، ولكن الرجل أيضًا، فجاءنى ذات مرة رجل قد رفعت عليه امرأته السكين وقد جُرح، وقد عمل محضرا لامرأته، ومرة أخرى تم تجبيس يديه، في هذه الحالات لا ننتظر لئلا تقضى عليه، فهى خطورة أن يستمر الطرفان في هذه العلاقة، لأنه إذا حدثه لأحدهما مكروه سوف أكون غير مرتاح الضمير، لأن العنف هنا سوف يؤدى إلى جريمة، هذا مثال على الحالات التى شجعتها على الانفصال. مثال آخر الشخص المدمن الذى يخرب البيت، ويقضى على موارد البيت، أين المحبة والتلاقى هنا؟ خصوصا إذا كان هناك أولاد، سوف يعلمهم هذا، هذه بعض الحالات، إن لم يكن انفصالًا رسميا، فعلى الأقل يبتعدان عن بعضهما على أمل أن ينصلح الحال سواء هو أو هى أو مع الزمن يستطيعان الرجوع مرة أخرى. 


■ هل هناك حالات حدثت قبل ذلك؟ 
- نعم كثيرا، لكن لا أقطع الأمل أبدًا ولم ينتابنى اليأس أبدًا، وبعد سؤالهما عن إمكانية أن يحتملا بعضهما، فإن كان هناك عدم احتمال لبعضهما، هنا نأخذ الإجراء، أما إذا كان هناك طرف يستطيع أن يحتمل ولكن يبتعد فترة، ربما الحياة تتغير، لأن الحياة متغيرة، وهناك فعلًا من تغيروا ورجعوا لبعضهم مرة أخرى بعد تفكير أو بعد علاج إذا كان مدمنا.
■ ما أهم النقاط التى تود أن تتعامل معها شخصيا؟
- نحن الآن قمنا بإقرار عدة أحداث على سبيل المثال الكشف الطبي، والدورة المشورية قبل الزواج، فقد أصبحا إجباريا في الكنيسة، وهذا يساعد على تفادى الكثير من المشكلات، والقانون سوف يُقر نهائيا، وأيضا التعهد الذى يقال قبل الزواج وسوف يقال قبل مراسم الزواج، وسوف يأخذان هذا التعهد لإعادة قراءته مرات عديدة لكى ما يكون دائما مُذكر لهم، فكل هذه المشكلات نتعرض لها، والحقيقة المجمع المقدس لأنه وعى بالمشكلات الموجودة ونحاول إتمام حلّها كلنا معًا.
■ منذ أن بدأت كورسات المشورة وأصبحت إجبارية.. هل قلت نسبة الانفصال؟ 
- نسبة فك الخطوبات زادت، لأنهم الآن يحضرون مع بعض، فهناك نسبة على الأقل نحو ١٠٪ يقولون إنهم غير مطابقين لبعضهم البعض، فينفصلون الآن، وهذا شيء إيجابي، أما بالنسبة إلى المتزوجين ومدى فعالية الكورس لا نستطيع عمل إحصائية الآن، لأن الكورس ما زال حديث العهد منذ سنتين فقط، لأن في بيت المشكلات تبدأ منذ السنة الأولى ولكن تزيد مع الوقت، فلا نستطيع حسمها الآن، نحتاج على الأقل ١٠ سنوات لكى نستطيع حسمها، لأنه في كثير من الأحيان تهدأ المشكلات مع الوقت وأحيانا يحدث العكس.


■ قانون الأحوال الشخصية اتفقت الكنيسة الأرثوذكسية والإنجيلية على بنود القانون، ثم جاءت الكنيسة الكاثوليكية بقانون آخر؟ ما مدى صحة هذه المعلومات؟ وهل قانون منطقة الشرق الأوسط سوف يتناسب مع مصر؟ 
- المعلومات صحيحة، ولكن هو ليس بقانون كامل، لأن معظم البنود موحدة ومتفق عليها، ١٠٪ تختلف من طائفة إلى أخرى، فعملنا مُلحق في الآخر للطائفة الإنجيلية وآخر ملحق للكنيسة الكاثوليكية.
■ وهل سينظر القاضى للملة في هذه الحالة إذا كان كاثوليكيا أو إنجيليا أو أرثوذكسيا؟
- أكيد، عندما يتم الزواج يتم لمُتحدى الملة، فهو يرى منذ البداية إلى أى طائفة هم ينتمون. 
■ متى سوف يتم التوافق على القانون؟ 
- منذ نحو شهر أرسل إلى رئاسة مجلس الوزراء، ومن المفترض أن يتم دراسته، ثم يُحول إلى مجلس النواب ويتم التصديق عليه من قبل رئاسة الجمهورية.


■ ما الرسالة التى تم توجيهها إلى الأسرة المصرية خصوصًا العلاقة بين الزوجين وعلاقتهما بالأولاد؟ 
- أعتبر تربية الأولاد الهّم الرئيس للزوجين، لأن الأولاد عطية جميلة من قبل الله للزوجين، عليهما أن يستفيدا منهم، وإذا تمت تربيتهم جيدًا، سوف ينالا عنها أجرا عظيما أمام الله، وسوف يفرحان بهم، أما إذا أهملا أو قصرا في تربية أولادهما سوف يكونان مُدانين أمام الله، لأنهما تعهدا في المعمودية أن يربياهم تربية جيدة، فأعتقد أن تربية الأولاد هى الوظيفة الرئيسية للزوجين، وليس فقط الأكل والشرب ولكن التربية، وتشمل التربية أنواعها المختلفة سواء كانت تربية تعليمية أو أدبية، لذلك انشغال الزوجين عن تربية الأولاد هو تقصير، وأهم شيء في تربية الأولاد هو الحب، وهذه المشكلة لأن الذى ليس لديه حب فماذا سوف يعطى، لذلك للأسف اليوم نرى الكثير من القصص لأولاد فاقدين الحب ويتحولون بعد ذلك إلى عنف وإلى جريمة نتيجة أنه لم يذق الحب أو يشبع به، وفاقد الشيء لا يعطيه، إذا كان الأب أو الأم فاقد هذا الحب فكيف يعطيه لأولاده، وهذه نقطة مهمة وبالذات في الطفولة.
■ هل هناك خطة لإعادة تأهيل الأسرة؟
- جميع الكنائس بها اجتماع للأسرة ويتكلمون فيها عن أهمية كل الموضوعات الأسرية، وأيضا معهد المشورة به العديد من الدورات التدريبية من أول الإعداد للزواج وتربية الأولاد، والمشكلات الزوجية ودورات متنوعة لكل مرحلة، ودورات للرجال والشباب والمراهقين وكيفية التعامل مع الوالدين، كل هذه تعاليم تضعها الكنيسة لكى ما تساعد أولادها لكى يعرفوا المعرفة الحقيقية السليمة، ونساعدهم حتى لا يحصلوا على معلوماتهم من الإنترنت ومن الكتب المزيفة، ولكن مساعدة بطريقة علمية منضبطة.


■ مع تزايد أعداد المنفصلين.. ما خطة الكنيسة للتصريح للزواج الثانى؟ 
- معظم الذين انفصلوا لم يطلبوا زواجا ثانيا خصوصًا المرأة، وحتى التى تطلب تصريحا للزواج الثانى تطلبه لكرامتها ومن حقها، ولكنها لا تتزوج ثانيًا، أما في الرجال فتقل النسبة، ولكن هناك أيضًا بعض الرجال لا يتزوجون ثانيًا، نحن نسمح به في الحالات المبنية على قانون الكنيسة والمذكورة بالكتب المقدس.
■ مثل ماذا؟
مثل تغيير الدين والخيانة، والغياب مدة طويلة مما يُعرض الطرف الثانى للخطأ، الكنيسة ليس لها علاقة بالطلاق، لأن الطلاق يتم بالمحكمة، ولكن الكنيسة دورها أن تعطى السماح بالزواج الثانى أو لا، فلو الكنيسة مثلا رأت شخصا من حقه زواج ثان ولكنه غير مؤهل لزواج ثان، فتشترط عليه أن يتعلم ويأخذ بعض الدورات التدريبية، لكى لا يكرر الخطأ مرتين.
■ هل سيأتى يوم تسمح فيه الكنيسة بوجود قانون مدنى للزواج؟
- لا أعتقد، نحن نعترض على الزواج المدنى لأن بالنسبة إلى الكنيسة الزواج سر مقدس، ونؤمن أن الله يبارك في الزواج، فالزواج المدنى يعنى أن كل شخص حر، وأن الكنيسة بعيدة تماما عن هذا، ولا تعترف به، فالزواج سر من أسرار السبعة داخل الكنيسة، فكيف يتزوج مدنى ونعترف بهذا الزواج، فإيماننا أن الله يبارك الزواج ويحل في هذا البيت وهذا الزواج ببركة ونعمة خاصة من عنده.
 
انتظرونا في الجزء الثانى من حوار سكرتير المجمع المقدس.