الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

تحليل اقتصادي يكتبه أبوبكر الديب: "كورونا" يهز اقتصاد العالم ويدخل البورصات "المنطقة الحمراء" .. تريليونات الدولارات فاتورة الخسائر .. وانهيار الأسهم في أسواق المال

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
** "الأحد الأسود" يضرب آمال المستثمرين في بورصات أمريكا وأوروبا والعالم العربي 
** الرقابة المالية تتدخل في الوقت الحاسم بإجراءات استثنائية لوقف التدهور في الأسهم بالبورصة المصرية
** حالة الهلع من الفيروس تهدد أسعار النفط والشركات متعددة الجنسيات والنقل والطيران .. ولم ينجُ منها حتى "الذهب"
** "صناديق السندات" الرابح الوحيد من الأزمة ومكاسبها تصل لـ 20 مليار دولار باعتبارها الملاذ الآمن حاليا



لم يتوقف خطر فيروس كورونا عند تهديد حياة البشر، بل أصبح مهددا كبيرا لاقتصادهم، وظلت أخباره تتداول في مقصورات البورصات العالمية وقاعات البنوك والمؤسسات الدولية، وأصبح رجال الأعمال والمؤسسات الاستثمارية الكبرى يترقبون أخبار ومسار هذا الفيروس الفتاك، في محاولة منهم للبحث لأموالهم واستثماراتهم عن ملاذ آمن بعيدا عن المناطق الموبوءة أو المرشحة لانتشار المرض، وهو الأمر الذي لم يشهده العالم، منذ الأزمة المالية في 2008.
وخلال الأسبوع الماضي، هبطت البورصات العالمية، وسجلت مؤشراتها خسائر زادت عن 6 تريليونات دولار، ولم تنج إلا القليل من أسواق المال.. وعلى سبيل المثال لا الحصر، بلغت خسائر الأسهم الأمريكية حوالي 3.18 تريليون دولار من القيمة السوقية لها، وظهر الانهيار واضحا في "وول ستريت"، في أكبر خسارة منذ 12 عاما، فيما فقدت أسهم أوروبا، ما يقرب من 1.5 تريليون وسط عمليات بيع مكثفة، وفي آسيا، سجل المؤشر الياباني "نيكي" خسارة 9.6 %، في أكبر هبوط منذ 4 أعوام، كما تجاوزت خسائر البورصة الصينية 5 %، أما مؤشر الأسواق الناشئة فهبط 7.4%، وذلك لأول مرة منذ 2011، وتجاوزت خسائر كبرى الشركات فى هذه الأسواق 600 مليار دولار، خوفا من تداعيات كورونا والركود الاقتصادي العالمي.

وجاء "يوم الأحد" كيوم أسود على أغلب البورصات العالمية، وكذلك العربية، ليدخل الكثير منها في المنطقة الحمراء، حيث سارع المستثمرون للبيع المضطرب والعشوائي، في محاولة للفرار بأموالهم للملاذات الآمنة، بعد الانتشار السريع لـ"كورونا" خارج الصين، ليكون شبيها بالثلاثاء الأسود قبل 17 عاما. 
وسجلت الأسهم المصرية والخليجية، تراجعا حادا في المعاملات الصباحية، وان كان بعضها قلل من خسائره في نهاية تعاملات اليوم، إلا أن البعض الآخر استكمل الخسائر الكبيرة، خوفا من الأضرار المحتملة للفيروس، والتي تهدد الاقتصاد العالمي، وكانت السوق الكويتية الأكثر تضررا.
وهبط المؤشر الرئيسي للبورصة المصرية إلى مستوى مقاومة 12473 نقطة، مع الدقائق الأولى من بداية تعاملات اليوم الأحد، بعد أن كانت الآمال ترتفع به إلى مستوى 15 ألف نقطة، وأوقفت البورصة التداول في بداية تعاملات اليوم على مجموعة كبيرة من الأسهم بعد أن تعدت خسائرها 5 %، وفي نهاية اليوم هبطت مؤشرات البورصة المصرية، لأدنى مستوى لها منذ 15 شهرا، بسبب البيع الكثيف للأسهم.
وحسنًا فعلت هيئة الرقابة المالية، لوقف التدهور في الأسهم، عندما وافق مجلس إداراتها على إجراءات استثنائية في ضوء موجة الهبوط الحادة التي شهدتها البورصات العربية والأجنبية، وذلك حرصاً على حماية الأسواق المالية وحقوق المتعاملين في البورصة المصرية، ومن هذه الإجراءات تعديل الأحكام المنظمة للتعامل على أسهم الخزينة من خلال الشركات المقيدة، والسماح لهذه الشركات بإخطار البورصة في ذات اليوم لتنفيذ شراء أسهم خزينة، مع تعهد الشركات بعدم التلاعب في الأسعار، والإفصاح للهيئة والبورصة في نهاية كل يوم عمل بما وصلت إليه نسبة أسهم الخزينة المشتراة. 
ولم تتوقف حالة الهلع من الفيروس، على أسواق المال فقط بل تخطتها، الأنشطة الاقتصادية الأخرى، مثل الأسعار العالمية للنفط ، ما أثر سلبا على معدلات النمو العالمي جراء آثار الفيروس الذي أثر سلبا على الإنتاج في الصين التي تمثل أحد أهم محركات نمو الاقتصاد العالمي، والاقتصاد الثاني على مستوى العالم، فضلا عن أنها السوق الاستهلاكية الأكبر في العالم، وبدوره قال محافظ بنك إنجلترا المركزي: "إنه يتعين على بلاده الاستعداد لضربة اقتصادية مع تزايد تداعيات تفشي الفيروس".


وهبطت أسعار البترول العالمية بفعل مخاوف انتشار كورونا، بالمزيد من دول العالم وهو الأمر الذي دفع إلى تراجع تعاملات العقود الآجلة للنفط.
وأكد استطلاع رأي أجرته "رويترز"، أن أسعار النفط ستتعرض لضغوط هذا العام بسبب كورونا، وهناك الكثير من أسواق المال العربية مرتبطة بأسعار النفط سلبا وإيجابا، وبالتالي زادت عمليات البيع في عدد من البورصات العربية.
وأعلنت كبرى الشركات العالمية والمتعددة الجنسيات أنها ستتأثر بشكل مباشر من انتشار فيروس كورونا، معلنة عن تحقيق خسائر محتملة بسبب تراجع المبيعات، وبالتالي الإيرادات والأرباح.
وفي تصريح لاتحاد النقل الجوي الدولي الخميس الماضي، أكد أن إجمالي خسائر شركات الطيران قد تصل إلى 29.3 مليار دولار، بسبب فيروس كورونا، كما تنتظر شركات النقل الدولي بشكل عام مصاعب كبرى خلال العام الجاري لنفس السبب، ولجأت صناديق الأسهم العالمية إلى عمليات التخارج الكثيفة من الأصول مرتفعة المخاطر، بأرقام وصلت إلى 20 مليار دولار، متجهين إلى صناديق السندات، باعتبارها الملاذ الآمن حاليا، والغريب أنهم لم يتوجهوا إلى الذهب هذه المرة باعتباره ملاذا آمنا في في مثل هذه الأوقات، حيث تراجع الذهب أكثر من 1 % إلى أدنى مستوياته في أسبوع أمس الجمعة.
ولم يترك الفيروس، الدولار الأمريكي، يتمتع بمعاملة الملاذات الآمنة ليهبط به إلى منطقة الخسائر، مقابل اليورو، بعد أن وصل إلى أعلى مستوياته في 3 سنوات، كما قضى الفيروس على أحلام البيتكوين وغيرها من العملات الإلكترونية، لتكون أحد الملاذات الآمنة، حيث حطم هذه الآمال لتشهد العملات الرقمية خسائر ملحوظة.
ويبدو أن كورونا يتجه بالاقتصاد العالمي إلى مرحلة التراجع الحاد في النمو أو الانكماش، والركود خلال النصف الأول من العام الحالي.