انتاب أهالي منطقة صحاري بمدينة أسوان، حالة من الغضب والاستياء؛ بسبب قيام الهيئة العامة للسد العالي وخزان أسوان بإصدار قرارات إخلاء إداري للوحدات السكنية التي يقطنون بها، موضحين أنهم أفنوا أعمارهم في خدمة الوطن خلال عملهم في بناء السد العالي، وتم تكريمهم من قبل الرئيس جمال عبدالناصر لمساهمتهم في هذا المشروع العملاق، متسائلين: "هل يكون جزاؤنا أن يتم طردنا من منازلنا بعد 60 عاما دون توفير أي سكن بديل؟". وبعثوا برسالة للرئيس عبدالفتاح السيسي، يستغيثون فيها لحل مشكلتهم.
والتقت "البوابة نيوز" بعدد من بناة السد العالي بمنطقة صحاري، فيقول محمد رضاوي حسين، محال على المعاش، ومن العاملين في السد العالي، إنه تم تعيينه عام 1960 بالهيئة، وكانت تسمى هيئة بناء السد العالي، وأصيب في حرب 73 بـ3 شظايا في الرجل، وخدم في الهيئة 40 عاما، متسائلا: "هل يكون جزائي الطرد من المنزل بعد هذه السن، وبعد أن أفنيت عمري في خدمة الوطن، فمنا المسنين والمرضى والأرامل، وجميعنا دفعنا من عمرنا سنوات في خدمة الدولة".
وأضاف محمود إدريس محمد، أحد أبناء العاملين، ويعمل موظف فني تشغيل بالهيئة: "والدي من بناة السد العالي، ومن أوائل العاملين بالمرحلة الأولى بالسد العالي، وكرمه الرئيس جمال عبد الناصر لمساهمته في أعمال المرحلة الأولى من مشروع السد العالي تحويل مجرى النيل عام 64".
فيما أوضح أحمد أبو الوفا حسن، من أبناء العاملين، أنه عمل في الهيئة ميكانيكي سيارات منذ عام 88، ويعول أربع أخوات بعد وفاة والده ووالدته، ومنهم أخ معاق، ولديه عجز نصفي، وثلاث أخوات قصر، موضحًا أن هيئة السد العالي فقط هي التي تطالبنا بإخلاء الوحدات السكنية حيث إن هيئة تنمية البحيرة قامت بتمليك الوحدات السكنية للعاملين بها ولا توجد أي مشكلات معهم.
وقالت هدية فتحي، من أهالي منطقة صحاري: "زوجي المهندس عبد الله جمعة عبد المجيد، متوفى، وكان يعمل في الهيئة، ونسكن في المنطقة من 50 عاما، ولا يوجد لدي أي بديل آخر"، موضحة أن شركة كيما تقوم بتوقيع العامل قبل أن يسكن في السكن الإداري لديها على إقرار قبل الخروج بتوفير سكن بديل له، مشيرة إلى أنهم في السكن الإداري يدفعون مقابل انتفاع ويتم تسديده لسنة قادمة.
واستطردت يسرا على عبد المجيد صبري، من أهالي منطقة صحاري: "فوجئنا بخطابات وإنذارات من الهيئة تطالبنا بالإخلاء من الوحدات السكنية بعد 60 عاما دون توفير أي سكن بديل، لافتة: "إحنا عايشين مهددين، وأخاف أخرج من بيتي ارجع ألاقي العفش مرمي في الشارع".
وتابعت: "يجب معاملتنا بالمثل أسوة بالعاملين بالعاملين بهيئة تنمية بحيرة ناصر والري ومستعمرة كيما والسيل"، موضحة أن مرتبات الهيئة كانت ضعيفة، ومكافأة نهاية الخدمة تتراوح ما بين 30 و40 ألف جنيه، وتصل لـ50 ألف جنيه على حسب الدرجة الوظيفية، والتي لا تكفي لشراء منزل بديل، مشيرة إلى أن منطقة صحاري كانت منطقة صحراوية لا يوجد بها أي خدمات "وإحنا اللي عمرناها".
ويقول الحاج أحمد عبد الحفيظ عبد المجيد، موظف يعمل سائقًا في الهيئة: "عاصرت جميع رؤساء الهيئة، وتعينت منذ عام 76، وتربينا في الهيئة، ومازلت أعمل فيها حتى الآن، وأخاف عند خروجي على المعاش أن يتم طردي مثل زملائي".
وناشدت صفية عوض الله بكري، موظفة بالهيئة، الرئيس السيسي أن يقف بجانب السيدات المسنات، قائلة "يا ريس متعشمين فيك خير"، مشيرة إلى أن الرئيس لن يرضيه أن ترمى أي سيدة في الشارع، واصفة قرارات الهيئة بالتهجير لأنهم أتوا إلى أسوان منذ 50 عاما للعمل في هيئة السد العالي، وتربينا فيها، وتزوجنا وانقطعت صلاتنا بعائلاتنا مع مرور الزمن.
ومن جانبها، رفضت الهيئة العامة للسد العالى وخزان أسوان الإدلاء بأى تصريحات صحفية وإعلامية حول هذه المشكلة، واكتفت بإصدار بيان توضح فيه، بأنه تطبيقا للقرار الوزاري رقم 45 لسنة 2018 الصادر بتاريخ 8 /2/2018 بإصدار لائحة الانتفاع بوحدات السكن الإدارى وملحقاتها التابعة لوزارة الرى بشأن إخلاء الوحدات السكنية، قامت الهيئة بإصدار قرارات الإخلاء الإداري للوحدات السكنية التي انتفت صفة قاطنيها الوظيفية بالهيئة، واتخاذ الإجراءات القانونية للحصول على تلك الوحدات السكنية للهيئة سواء بالإحالة على المعاش أو الوفاة.
وتابع بيان الهيئة، بأنه ورد للهيئة ثلاثة خطابات من مأمور قسم أول شرطة أسوان بتاريخ 15 يناير 2019 و12/12/2019 و12/2/2020 تفيد بجاهزية قسم أول لتنفيذ جميع قرارات إخلاء السكن الإدارى الصادرة من الهيئة، حيث أشار الخطاب الأخير بأنه تقرر قيام الحملة في يوم 18/2/2020، وبتاريخ 19/2/2020 قامت الهيئة بالتنسيق مع مأمور قسم أول شرطة أسوان بإخلاء الوحدات السكنية التى لا يوجد بها ساكنين وعددها ثلاث وحدات سكنية، وتم إرجاء التنفيذ لإخلاء الوحدات التى توجد بها عائلات مقيمة بالفعل طبقًا للدراسة الأمنية.
