الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

عميد المعهد القومي للتغذية: وجبة الفطور "عماد التغذية".. نسبة كبيرة من السرطان بسبب ممارسات غذائية خاطئة.. العمليات الجراحية للتخسيس تؤثر سلبا على الصحة.. وأمراض السكر والقلب تصيب أصحاب الوزن الزائد

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«لن نغير من نظامنا الحياتى والغذائى إلا إذا أصبحنا مرضى وهلكنا التعب»، تلك المقولة القديمة تنطبق على حالنا بعدما وصلت معدلات الإصابة بأمراض كثيرة، متعلقة بالغذاء، إلى أرقام مقلقة، على رأسها السمنة والسكرى والقلب والضغط، والشرايين والمفاصل، وصلت إلى حد إطلاق الرئيس عبدالفتاح السيسي، إلى مبادرة لمكافحة السمنة.
«البوابة نيوز» حاورت الدكتورة عفاف عبدالفتاح، عميد المعهد القومى للتغذية، عن أسباب تفشى الأمراض وعلاقتها بالغذاء وطرق مكافحتها.



■ ما دور المعهد في توعية المجتمع غذائيًا؟
- دور المعهد الخدمى لم ينفصل نهائيا عن توجيهات وزارة الصحة، فلدينا عيادات عامة للكشف عن أمراض مرتبطة بالتغذية، سواء زيادة أو نقص وزن، أو قصر قامة للأطفال، وأيضا عيادات تخصصية كعلاج غذائى لمرضى السكرى والكلى والكبد، والأمراض المرتبطة بالتمثيل الغذائى للأطفال، ونحن شركاء مع وزارة الصحة، لصناعة منتجات خالية من المواد التى تسبب أمراض التمثيل الغذائي.
وأيضا المعهد ينفرد بجزء كبير وهو عمل تثقيف غذائي، وتوعية بالأمراض على هيئة حلقات مناقشة ودروس عملية للأمهات، لصناعة أكلات صحية لأسرتها، ونركز تماما على الأطفال من عمر ٦ أشهر إلى عامين، فضلا عن دورات وحلقات توعية بالمجان للعاملين بمجال التغذية العلاجية. ونعمل على مراجعة المنتجات الغذائية التى مقرر أن تدخل السوق التجارية، عبر لجان خاصة وهو حق أصيل لوزارة الصحة، لمعرفة سلامة المنتج الغذائى ومطابقته للمواصفات الصحية السليمة. كما نعمل على الاكتشاف المبكر والتنبيه بالأمراض المرتبطة بالتغذية، عبر الأبحاث والمعامل، منها السمنة وسوء التغذية ونقص وقصر القامة، والنحافة، وذلك منذ التسعينيات من القرن الماضي، وأطلقنا حملات توعية سواء على صفحات المعهد أو في الإعلام للرد على تساؤلات المواطنين، بخصوص هذه الأمراض.
■ رغم هذا إلا أن السمنة وصلت لـ٦٠٪ من المصريين.. أين مجهودكم في المكافحة منذ سنوات؟
- نحن أحد المعاهد المتخصصة والفريدة في الشرق الأوسط، التى تعمل دراسات عن أنماط التغذية الشعوب، وكل ٤ سنوات نجرى دراسة تحت عنوان «دراسة النمط الاستهلاكى لتصرف المواطن تجاه التغذية»، وكلها تنحصر حول كميات شراء الغذاء واستهلاكه وتخزينه، في كل محافظات مصر، ومنذ التسعينيات كنا أوائل من حذر من تفشى السمنة في المجتمع، عبر بحث تم إجراؤه في عينة تقدر بـ٣٦ ألف نسمة من عمر عامين إلى سن الستين، واكتشفنا نسب مقلقة وصلت لـ٦٠٪ بين البالغين، و١١٪ بين المراهقين، لكن لا يوجد معهد يحارب هذا المرض، هذا يحتاج إلى منظومة قومية، يعتبر الإعلام فيها خط دفاع أساسي، وأيضا وزارة الشباب والرياضة، ووحدات رعاية الشباب والأم الحامل والمرضع والأطفال التابعة لوزارة الصحة، بمعنى أننا لا نستطيع أن نقول إن هناك علاجا سريعا للسمنة، لكن نحتاج تغيير النمط الغذائى للمصريين، وبدأنا هذا بعد وجود توجه سياسى من الدولة كلها، وعلى رأسها الرئيس عبدالفتاح السيسي، ونتمنى ألا يتوقف الأمر على تغيير في نمط الغذاء فقط، لكن أن لا بد أن يصل الأمر إلى تغيير حياة المواطنين، وعادتهم الخاطئة، ففئات الشباب اليوم لا تعرف ثقافة المشى أو الرياضة، فالآن الأطفال تستقل السيارات لمسافات قصيرة لا تتعدى أمتار صغيرة، علينا أن نغير هذا ونحسهم على المشي.

■ ما النمط الصحى الخاطئ الذى يتبعه المصريون في غذائهم؟
- طبقا للدراسات، المصريون يتناولون الطعام بصورة زائدة عند الحد، خاصة في المواد الغنية بالطاقة من الكربوهيدرات، مثل الأرز والبطاطس والمكرونة، وأيضا زيادة الاستهلاك في المنتجات الحيوانية من اللحوم، والمنتجات الغنية بالبروتين النباتي، منها الفول المدمس، الذى حمى المواطن من أمراض كثيرة، لإعطائه وجبة غذائية متكاملة للجسم. واستهلاك المصريين من الدهون تخطى الحد المسموح به عالميا، ومعظمها من الدهون المشبعة، والمصنعة، التى تمثل خطورة كبيرة على الصحة، وابتعدوا تماما عن الدهون الطبيعية الحيوانية. وفى المناسبات والأعياد، يسرف المصريون بشكل خطير في اللحوم يصل إلى تناول ٤ وجبات لحم يوميا طول فترة احتفال بموسم، وأيضا إسراف كبير في تناول السكريات والحلويات، والأسماك المملحة بصورة كبيرة، وكل هذا يمثل خطورة على الجسم.
■ ما الحل لتقليل خطورة هذا النمط؟
- الامتناع ليس الحل، الجسم يحتاج إلى كل عنصر موجود، لكن بقدر معقول، فأى إنسان يعلم أن لديه خطورة في تناول هذا عليه الامتناع عنه، أو عدم تناوله بصورة مفرطة، فالتناول الوسطى المعقول لا يؤثر سلبا على الجسم. أيضا هناك تصرفات خاطئة كثيرة، لا بد من وقفها فورا، منها عدم تناول وجبة الفطور التى تعتبر «عماد التغذية»، وللأسف معظم الشعب يتجاهلها حتى الأمهات لا تنتبه لهذا مع أطفالهن، هذه الوجبة تعطى الجسم ٤٠٪ من الطاقة طوال اليوم، تعطى حركة ونشاط، ولهذا لا بد أن تكون أكبر وجبة حجما، والوجبتان الأخريان يكونان أقل بكثير. فالنمط الغذائى الآن معكوس، نتجاهل وجبة الفطور، ونتناول كميات كبيرة جدا من الطعام بعد الساعة السادسة مساء، وهذه كارثة صحية تسبب أمراضا، لأنها تخزن جميعها في الجسم، على هيئة دهون، لعدم وجود حركة ونشاط، وسيظهر هذا على مدى فترات العمر. والاعتماد بشكل كبير على تناول الوجبات السريعة التى تحتوى على دهون مشبعة، فضلا على المنتجات التى على مواد حافظة وألوان صناعية، بصورة كبيرة، دون الاعتماد على الطعام الصحى المصنوع من مواد طبيعية. ولدينا كارثة في النمط الغذائى، البعض استبدل المياه، بالمشروبات الغذائية، مما يؤثر سلبا على الكبد والكلى، وآخرون يمتنعون عن شربها نهائيا، في حالة كبيرة من الجهل بفوائدها وقيمتها الغذائية على الجسم.

■ ما دور المعهد لتوعية المصريين بالطرق الصحيحة؟
المعهد بصدد تدشين حملة توعية لأطفال المدارس، بالتعاون مع وزارة التعليم، خلال ٣ أشهر، بواسطة مواد تربية يتم وضعها على «التاب» المدرسي، و«بوسترات ورسوم» تعلق في المدرسة، ودورات للمعلمين وأولياء الأمور، لزيادة الوعى بخطورة تناول منتجات تحتوى على مواد حافظة وألوان صناعية، وسكريات عالية ودهون، منها البطاطس المقلاة بمكسبات طعم، والحلوى المصنعة من ألوان صناعية، وكلها لها أضرار إذا خرجت عن نسبة الأمان، وإذا كانت موجودة، لكن مكمن الخطورة في أن هناك أطفالا تتناول أكثر من ٢٠ كيس بطاطس مقلاة بمكسبات طعم. وأيضا ثبت علميا أن تعبئة المواد الغذائية في الأكياس البلاستيكية، مثل الفول المدمس والعصائر، لها تأثير سلبى وتتفاعل مع هذه المواد الغذائية، وتسبب أمراضا مختلفة منها السرطان، واختلال في جسد الإنسان.
■ بعض الدول تمنع نهائيًا بيع المنتجات المسببة للأمراض بالقرب من المدارس أو داخلها.. لماذا لا نأخذ هذه الخطوة؟
- منهج الأسرة في هذه الدول مترابط، الأساس هو الأسرة لأنها تعتبر الركيزة الأساسية في التربية السليمة غذائيا، فإذا عاد دور الأسرة، في التربية السليمة على العادات الغذائية الصحيحة، فككل الأمور ستصبح جيدة، لكن الآن الأطفال تربى على أطعمة تحتوى على كميات كبيرة من الدهون أو الألوان ومكسبات الطعم الصناعية، فلهذا المعهد يركز الآن على التربية السليمة الغذائية للأطفال، ليخرج أجيال لديها ثقافة الغذاء الجيد، على المدى البعيد.

■ لكن أنتم جهة تمنح التصريح الصحى للمنتج المباع في السوق.. لماذا لا تحدون من انتشارها تجاريا؟
- نحن جهة نمنح التصريح للمنتج ونعطى له مطابقة للمواصفات وفقا للمعايير الدولية، لكن وجوده في السوق هذا دور جهات رقابية أخرى، وأمان وسلامة الغذاء منوط بها أجهزة رقابية في مصر، تسأل عنها. الغذاء في مصر آمن بنسب، لكن هناك متلاعبون ومافيا تجارية، تهمها تحقيق مكاسب من الغذاء بصورة خاطئة، فلهذا لا بد من تغليظ العقوبات في هذا الأمر وفقا للقانون.
■ انتشرت برامج وإعلانات عن عمليات جراحية لمكافحة السمنة.. ما مدى علمية هذه الجراحات؟
هذه الجراحات تجرى للوزن الذى يتعدى مؤشر كتلة الجسم المرضى، لا يعقل أن يجرى شاب عملية جراحية دون أمان وضمان، ويقطع جزء من عضو مهم في جسمه، لكى يخس، والحل بسيط ٦ أشهر غذاء صحى وممارسة صحيحة للحياة.
أنا تعرضت لتجربة مريرة، فاقترحت أن نعمل وفق نظام صحى، فوفرنا أطعمة صحية بديلة للوجبات السريعة، وأيضا أوقفت «المصعد»، لأن مبنى المعهد ٥ أدوار، وفتحت وحدة «الجيم»، مجانا، إلا أننى فوجئت بشكاوى من شباب لا يتعدى عمرهم ٣٠ عاما ضدى لوقف الأسانسير.
■ كيف نصل للمفهوم الصحيح للتغذية والصحة في المجتمع؟
- يجب أن يكون للإعلام دور كبير لانه حاليا بعيد عن المتخصصين، وبعض من يظهرون على الشاشات يقومون بعمل فرقعة وسبق أن حذرت أساتذة تابعين للمعهد من هذا الأمر، وهددتهم بالتحويل للتحقيق، وذلك حفاظا على المجتمع. أيضا كيف نتحدث عن مكافحة السمنة، ولدينا برامج «الطبخ»، التى تروج لمواد غذائية مرتبطة بإعلانات تجارية، لمنتجات تحتوى على مواد ضارة.